يُطلَب من قائد الفريق أو مدير المشروع أو المستشار أحياناً تدريب الموظفين على عملية أو مفهوم جديد، ويقتضي تصميم جلسات التدريب تحديد الهدف منها، وفهم التطبيق العملي للمعلومات في حياة المتدربين اليومية، ويتطلب تصميم الدورة التدريبية أولاً صياغة مخطط عام للجلسات يتضمن: الأهداف، وجدول النشاطات، والمواعيد، وقائمة المهام، والمصادر.
يبحث المقال في كيفية إنشاء خطط فعالة لإعداد جلسات تدريبية وتجارب تعلم ممتعة.
مفهوم جلسة التدريب
تعد جلسة تدريب عبارة عن تجمع منظَّم لتطوير معارف ومهارات المشاركين تحت إشراف مدرب خبير، وتُطلَق الدورات التدريبية أحياناً بناءً على تقييم يُظهر وجود فجوة في المهارات أو ضرورة لتعزيز الأداء الوظيفي، ويمكن أن تكون الدورات التدريبية جزءاً من عملية تأهيل الموظفين الجدد، أو تلقين مهارات جديدة ضرورية في مناصب معيَّنة.
توفر الدورات التدريبية فرصة للمتدربين لمشاهدة عروض توضيحية للمهارات الجديدة، وممارستها بعملية، بالإضافة إلى تلقي التغذية الراجعة والتوجيهات، ومن ثم تقييم مدى قدرتهم على تطبيق تلك المهارات بفعالية.
تُقدَّم الدورات التدريبية بأساليب متنوعة، مثل: الجلسات الفردية، والتدريب الافتراضي، وورشات العمل، والدورات التدريبية من خلال الإنترنت، ويُقدَّم التدريب بقيادة مدرب مباشرةً أمام مجموعة من المتدربين، في حين يتميز التعلم الإلكتروني بمرونته؛ إذ يتيح للمتدربين التقدم وفق وتيرتهم المخصصة.
يعتمد اختيار أسلوب جلسة التدريب على احتياجات الفريق، وأهداف التدريب، والمهارات أو المعلومات التي تُقدَّم، ولكن يجب أن تبدأ الجلسات التدريبية الناجحة دوماً بوضع خطة منظَّمة.
مفهوم خطة الدورة التدريبية
تُعرَّف خطة الجلسة التدريبية بأنَّها وثيقة منظَّمة تحدد إطار البرنامج أو الجلسة التدريبية وتفاصيلها، وهي بمنزلة خارطة طريق تساعد المدربين على تصميم وتقديم تجارب تعلم فعالة، وتضمن الخطط المدروسة تحقيق أهداف التعلم المرجوة، وتعزيز تفاعل المشاركين واندماجهم، وتقديم الجلسة غنية بالمعلومات والتفاعل الإيجابي.
تتضمن العناصر الرئيسة لخطة الجلسة التدريبية الناجحة ما يأتي:
- الأهداف: توضَع أهداف تعلم واضحة تحدد المعلومات التي يجب أن يحصل عليها المشاركون، أو المهارات التي ينبغي أن يكتسبوها في نهاية الجلسة التدريبية.
- جدول الأعمال: يُعَدُّ جدولٌ تفصيلي للنشاطات والموضوعات وأوقات كل محور في الجلسة، فعند التعاون مع مدربين آخرين، توزَّع الأدوار ويُحدَّد المسؤول عن تدريب كل قسم، والشخص الذي يساعده.
- المواد: تُختار المواد التدريبية والمصادر والأدوات اللازمة في الجلسة، مثل: العروض التقديمية، أو الكتيِّبات، أو دفاتر التمرينات، أو أدوات الوسائط المتعددة، ويمكن أن يشارك المدربون في الجلسات الافتراضية روابط للمصادر المستخدَمة.
- المتابعة: توضع خطط لجمع التغذية الراجعة من المشاركين، ويُقيَّم نجاح الجلسة التدريبية، عن طريق استخدام أداة لاستطلاع الآراء، أو نموذج يُوزَّع في نهاية الجلسة، أو إجراء نشاطات مخصصة لمتابعة المشاركين.
تُعد خطة الجلسة التدريبية أداة هامة للمدربين والمعلمين وأي شخص مسؤول عن تلقين المعلومات أو المهارات للآخرين؛ لأنَّها تنظم إجراءات التدريب، وتحقق نتائج التعلم المرجوة، وتقدم تجربة إيجابية وفعالة.
خطوات إجراء جلسات تدريبية فعالة
يجب وضع خطة واضحة لجلسات التدريب لنيل قبول العملاء وأصحاب المصلحة، وهذا التخطيط مفيد لتوضيح الأهداف، وكيفية تحقيقها، وجمع التغذية الراجعة، واتخاذ قرارات التغيير.
ابدأ الخطة بكتابة أهداف التدريب، ثم دوِّن بعض الأفكار حول النشاطات المراد إجراؤها، وعيِّن بعد ذلك مواعيد بدء وإنهاء هذه النشاطات ضمن جدول أعمالك، وذلك لتحديد مقدار الوقت الذي ستقضيه مع المشاركين.
على الرغم من أنَّ لكل مدرب أسلوبه في إنشاء مخطط جلسات التدريب، ولكن تُقسَّم عملية التخطيط إلى 8 خطوات بسيطة:
- وضع أهداف التعلم.
- استخدام إطار عمل.
- وضع مقدمة.
- إنشاء جدول الأعمال.
- استخدام عدة أساليب تعلم.
- تحديد طريقة إنهاء الجلسة والمتابعة مع المتدربين.
- إعداد المواد التدريبية.
- مشاركة الخطة.
سنتطرق في هذا الجزء من المقال إلى 3 من هذه الخطوات، ثم نكمل الباقي في الجزء الثاني.
1. وضع أهداف التعلم
تحدِّد الخطوة الأولى الهدف من إجراء التدريب، مثل تلقين معلومات أو مهارات جديدة، وتُصاغ أهداف التعلم عادةً في 2-3 جمل قصيرة توضح المهارات التي يجب أن يكتسبها المشاركون في نهاية التدريب، والتي يُذكَر من أمثلتها:
- يوضح المشاركون في نهاية التدريب الفرق بين عدة مفاهيم.
- يطبِّق المتدربون الإجراء على أرض الواقع.
يتطلب توضيح أهداف التعلم بدقة إجراء حوارات مع الأطراف المعنية، ومشاركة المتدربين أنفسهم إن أمكن، ولا يقتصر الأمر عند هذا الحد؛ بل ينبغي تخصيص وقت كاف لصياغة هذه الأهداف وصقلها؛ لكونها حجر الأساس الذي تستند إليه كل التفاصيل اللاحقة في عملية التصميم.
راجِعْ أهداف التعلم واعتمِدْ عليها في اتخاذ قرارات تضمن اتساق المحتوى والتصميم في حال واجهت صعوبة في اختيار النشاطات أو المواد التعليمية خلال مراحل التصميم اللاحقة.
2. استخدام إطار عمل
لعلَّ أشهر إطار لتصميم ورشات العمل في الدورات التدريبية هو "دورة التعلم" لعالم النفس "ديفيد كولب" (David Kolb)، فيصف نموذج التعلم التجريبي (Experiential Learning) الذي قدمه 4 مراحل تدعم التعليم والتدريب العملي.
تُستخدم "دورة التعلم" على نطاق واسع في تصميم دورات التدريب، لا سيما عند تقديمها للبالغين، ما عليك سوى إضافة النشاطات المناسبة إلى كل جزء من الأجزاء الأربعة لهذه الدورة.
- التجربة الملموسة (Concrete experience): إضافة النشاطات العملية والتجريبية.
- الملاحظة المتأملة (Reflective observation): اكتشاف نتائج التمرين ومناقشته مع المتدربين.
- المفاهيم المجردة (Abstract conceptualization): تقديم نماذج ونظريات وأطر تستوعب المفاهيم.
- التجريب العملي (Active experimentation): توجيه المشاركين لتطبيق الدروس الجديدة على المواقف الحقيقية من خلال تمرين أداء الأدوار أو المحاكاة مثلاً.
يعدُّ نموذج "كولب" إطاراً فعالاً في تصميم تجارب التعلم، إلَّا أنَّ السياقات المختلفة تستدعي اختيار نماذج تتناسب مع طبيعة الموضوع وأهدافه، ففي سياق "التعليم البيئي"، يوصى بنموذج "جوانا ميسي" (Joanna Macy) المعروف باسم "العمل الذي يعيد التواصل" (Work That Reconnects).
وهو منهجية مبتكرة تعزز الوعي البيئي وتحفز المشاركين على اتخاذ إجراءات ملموسة، أمَّا بالنسبة للجلسات القصيرة، فيُبدأ بنشاط يُناقَش من خلاله سبب الحاجة إلى استخدام أداة أو اعتماد عملية جديدة، ثم يُلقى عرض تقديمي لشرح آلية العملية الجديدة، وتُنهى الجلسة بمثال يوضح الاستخدام العملي لها.
يحافظ استخدام مثل هذه النماذج الفعالة على اتساق التدريب، ويقدِّم تجربة تعلم سلسة للمشاركين.
3. إعداد مقدمة
تؤكد مبادئ تعليم الكبار أهمية إعداد المتدربين للتعلم، وذلك من خلال تعزيز شعورهم بالراحة، وإتاحة فرصة التعرف إلى زملائهم، وتوضيح الهدف العملي من الجلسة؛ إذ يخصص المدربون أول 30-45 دقيقة من الجلسة للنشاطات التمهيدية التي تهيِّئ المتدربين للتعلم.
لا تعد المقدمة مضيعة للوقت؛ بل لها عدة أهداف، ويُعد الاطلاع على جدول الأعمال أو وصف الموقع الذي يُجرى فيه التدريب (مثل مكان شراء المشروبات) مفيداً؛ لأنَّه يتيح التعرف على بيئة التعلم، ويعزز الشعور بالراحة، بالتالي يجب تقديم نشاطات يتعرف من خلالها المتدربون على بعضهم؛ إذ يقول "جورج لاكي" (George Lakey)، مؤلف كتاب "تسهيل التعلم الجماعي" (Facilitating Group Learning)، "يشغل السؤال التالي بال المشاركين في الدورات التدريبية: ما هو دوري في هذه المجموعة؟ ولن يتمكنوا من التركيز على التعلم إلى أن يُجاب عن هذا السؤال".
حدِّد النشاطات التي ستقدمها في بداية الجلسة عند إعداد خطة التدريب، ووضِّح الأهداف العامة من الجلسة، وامنح الحاضرين الوقت اللازم للتفكير في أهدافهم، واستخدِمْ مخطط جدول الأعمال لإضافة المعلومات الهامة، وتنظيم الجلسة بسهولة.
أرسِلْ رسائل ترحب بالمتدربين من خلال البريد الإلكتروني قبل بدء الجلسة، وأضِفْ عناصر تفاعلية، مثل: استبيان سريع أو مقطع فيديو كي تشجعهم على قراءتها، أو أضف قائمة مرجعية بالإجراءات التي يجب اتخاذها قبل بدء التدريب إلى خطة جدول الأعمال.
في الختام
تحدثنا في الجزء الأول من المقال عن مفهومَي جلسة التدريب وخطة الدورة التدريبية، ثم تطرقنا إلى 3 خطوات لإنشاء جلسات تدريبية فعالة، وسنكمل الحديث في الجزء الثاني والأخير منه عن 5 خطوات أخرى.
أضف تعليقاً