بينما تُمكِّن عملية التعليم والتطوير الموظفين من النمو في أدوارهم، فهي أيضاً أداة احتفاظ فعَّالة بالموظفين، وفي الواقع يشير 93% من الموظفين إلى الاستثمار في التطوير الوظيفي كسبب للبقاء في مناصبهم الحالية، ومع التفكير في هذا الأمر؛ لا يُمكِنُ التقليل من أهمية التعلُّم والتطوير في المنظمات.
لكنْ ما الذي تعنيه عملية التعليم والتطوير، ولماذا يجب على مؤسستك تطبيقها؟ في هذا المقال سنلقي نظرة على الحقائق والأرقام الأساسية التي تُسلِّطُ الضوء على أهمية تطوير التعليم.
ما هو التعلُّم والتطوير؟
التعلُّم والتطوير هو وظيفة هامة في مجال الموارد البشرية، والتي تُزوِّدُ الموظفين بالمهارات التي يحتاجون إليها للنجاح؛ إذ إنَّها أداة ذات منفعة مزدوجة؛ حيث تعمل على رعاية التطوير الفردي للموظف مع تحسين أداء العمل في نفس الوقت.
إنَّ مصطلح التعليم والتطوير هو مصطلح واسع، ويُمكِنُ أن يختلف تطبيقه اعتماداً على حجم المنظمة، ففي الأساس يتعلَّقُ الأمر بجميع الجهود المبذولة لتشجيع التطوير المهني. من الدورات التدريبية إلى نشاطات التطوير؛ يُوجَدُ العديد من الأساليب المختلفة التي يُمكِنُ للشركات استخدامها.
سواء كان تطوير المهارات لتحسين الأداء في المناصب الحالية أم التعامل مع الثغرات في المهارات في أماكن أخرى من الشركة، فإنَّ التعلُّم والتطوير هو الأساس للنمو المحسوس، وهذه البرامج مُصمَّمة لرعاية المواهب وتعزيزها داخل مؤسستك.
لماذا تُعَدُّ عملية التعلُّم والتطوير هامة؟
التعلُّم والتطوير هامَّان لحاضر ومستقبل المنظمة، ويُمكِنُ أن يكون لهما تأثير جذري في النتائج المباشرة مع تعزيز الأهداف طويلة الأمد، وفيما يلي 4 أسباب رئيسة لأهمية التعلُّم والتطوير:
1. تحسين أداء الشركات:
عادةً ما يكون أداء الشركات هو الهدف الرئيس لبرنامج التعلُّم والتطوير، وبصورة أساسية تُدرِّبُ البرامج الموظفين على أداء وظائفهم وفق مستوى عالٍ. إنَّ تحسين أداء الموظفين هو بمنزلة تحسين أداء الشركات؛ حيث ستُجهَّز القوى العاملة لديك لتلبية مؤشرات الأداء الرئيسة واكتساب المهارات التي يحتاجون إليها لتحقيق الأهداف.
يُمكِنُ أن يؤدي توفير التدريب أيضاً إلى زيادة الإنتاجية؛ إذ وجدَت دراسة أجرتها شركة آي بي إم (IBM) زيادة في الإنتاجية بنسبة 10% بين الفِرَق التي خضعت إلى التدريب، ويُمكِنُ أن يُعزى ذلك إلى سعة المعرفة والاطِّلاع لدى الموظفين الذين يُسنَد إليهم تنفيذ المهام.
يجذب التدريب الفعَّال انتباههم ويحافظ عليه؛ ممَّا يوفِّرُ معرفة مفيدة طويلة الأمد، وبالمثل يُظهِرُ التدريب استثماراً في الموظف؛ ممَّا يُعزِّزُ التزامه بقيَم الشركة.
2. رضى الموظف:
الاستثمار في التعلُّم والتطوير هو استثمار حقيقي في القوى العاملة لديك، ويُظهِر تقديراً لتطورهم وأنَّهم موضع تقدير، فلا أحد يحب الشعور بأنَّ تطوُّره ليس جزءاً من نجاح الشركة، ويؤدي التعامُل مع الثغرات المتعلقة بالمهارات والمعرفة من خلال التدريب إلى خلق بيئة عمل أكثر فاعلية.
عندما يكون المتعلمون سعداء سيكون العمل جيداً، في حين من المُحتمَل أن يُقدِّمَ الموظفون المصابون بخيبة الأمل عملاً بجودة سيئة، وبالمثل يُمكِنُ أن يزداد التوتر في مكان العمل دون الحصول على الدعم المناسب، ويجعلُ التدريب المُناسِب الموظفين يشعرون بالراحة والرضى في عملِهم اليومي.
من المُحتمَل أيضاً أن يؤدي تقديم التعلُّم والتطوير بطريقة مثيرة للتفاعل إلى رغبة الموظفين في الحصول على المزيد من المعلومات، وتَفتَح برامج التدريب النوعية الباب أمام رحلة تعلُّم تستمر طويلاً، على عكس دورات التدريب الإلزامية التي تركِّز الاهتمام في الوقت بدلاً من اكتساب المعرفة.
3. الاحتفاظ بالموظفين:
إنَّ فرص التعلُّم والتطوير تؤثِّر تأثيراً كبيراً في الخيارات الوظيفية، وهذا هو السبب بأنَّ معظم الشركات تُسلِّطُ الضوء على خطط التطوير والتدريب في الوصف الوظيفي، ويُقدِّرُ الناس فرصة صعود السلَّم الوظيفي والارتقاء بمهاراتهم إلى مستوى مُتقدِّم، وتُعَدُّ الشركة التي تُوفِّرُ الدورات وأنظمة إدارة التعلُّم أكثر جاذبية من الشركات التي لا تُقدِّم ذلك.
يساعد تصميم التدريب وفقاً للمتطلبات الفردية على الاحتفاظ بالموظفين، ومن خلال توجيه التدريب نحو الطموحات الشخصية، تُظهِرُ شركتك بوضوح بأنَّها المكان المُناسِب للتطوُّر المهني.
وجدَت دراسة أنَّ إعادة التوظيف يُمكِنُ أن تُكلِّفَ ما يصلُ إلى 30% أكثر من إعادة التدريب؛ لذلك يُمكِنُ تجنُّب التكاليف العالية في عملية التوظيف من خلال تحسين عملية التدريب.
4. اكتساب أفضل المواهب:
بالإضافة إلى المنافع التي تُقدِّمها للموظفين الحاليين، تجعل استراتيجية التعلُّم والتطوير الفعَّالة علامتك التجارية أكثر جاذبية للموظفين المُحتمَلين، وفي سوق العمل التنافسية تكون السمعة هي كل شيء، ومن المنطقي أن ترى كبار الشركات تفخر بالمبادرات التي تقدِّمها لتنمية الموظفين.
يُمكِنُكَ أن تتفوَّق على المنافسين في المجال وتجذب أفضل المواهب من خلال تعزيز سمعتك كشركة تهتم بتطوير الموظفين.
طرائق تحديد احتياجات التعلُّم والتطوير الفردية:
إنَّ تحديد الاحتياجات التدريبية هو نقطة الانطلاق لجميع برامج التطوير، ويُوجَدُ عدد من الخطوات التي يُمكِنُك اتِّخاذها لمعرفة التدريب الذي يحتاج إليه فريقك دون أيَّة نقاشات محرجة.
1. إجراء تحليل فجوة المهارات:
يكتشف تحليل فجوة المهارات التباين في مجموعات المهارات على مستوى الفريق، ويُمكِنُ استخدامه للعثور على عناصر التدريب التي يجب التركيز فيها. لإجراء مثل هذا التحليل يجب عليك أن تقيس مستوى المهارة الحالي مقابل مستوى المهارة المطلوب، ويُمكِنُ أن يُشكِّلَ هذا جزءاً من مراجعة الأداء لمعرفة النتائج الملائِمة والتدريبات الضرورية.
2. إجراء استطلاع لرضى الموظفين:
طريقة بسيطة ولكنَّها فعَّالة لتجميع أفكار فريقك؛ وهي من خلال إجراء استطلاع، وباستخدام هذه الأداة يُمكِنُك معرفة كفاءاتهم والأمور التي يشعرون فيها بثقة أقل، وبالمثل يُمكِنُك تحديد إجراءات التدريب والتطوير التي يرغبون فيها ولم يُفصِحوا عنها.
أمثلة عن التعلُّم والتطوير:
لا يُوجَدُ حلٌّ واحد يناسب الجميع عندما يتعلَّقُ الأمر بتطوير القوى العاملة لديك؛ إذ يتعلَّمُ كل فرد وفق وتيرته وطريقته الخاصة، ومن الهام أن تكون لديك بعض الأدوات المختلفة، ويعتمد تطوير الموظفين على الاحتياجات المُحدَّدة للمنظمة.
على الرغم من وجود العديد من الأساليب المتعلقة بالتعلُّم والتطوير، إلَّا أنَّ دمج تجربة التعلُّم في ثقافة المؤسسة يُمكِنُ أن يساعد على إنشاء ثقافة تعلُّم قوية. تستثمر العديد من الشركات الكبيرة في قواعد بيانات التدريب التي يُمكِنُ الوصول إليها عبر الشركة بأكملها، والتي تتضمَّنُ ورش العمل التفاعلية والدروس.
يُعَدُّ نموذج 70:20:10 أحد أكثر نماذج التعلُّم والتطوير تأثيراً، وضمن هذا النهج يكون 70% من التعلُّم عملياً، و20% يأتي من الزملاء أو المديرين، و10% تتعلمه من التدريب المُنظَّم، ويُشجِّعُ هذا النهج التعلُّم المباشر والتغذية الراجعة الفعلية، ويسمح هذا النهج للموظفين بالتعلُّم من أخطائهم وهو مناسب تماماً لأولئك الذين يتعلَّمون من خلال الممارسة.
في الختام:
تُعَدُّ برامج التعلُّم والتطوير الفعَّالة ضروريةً لأرباب العمل الذين يتطلَّعون إلى النجاح على نطاق واسع، ولن يؤدي ذلك إلى تعزيز أداء العمل فحسب؛ وإنَّما سيؤدي أيضاً إلى رضى الموظفين والاحتفاظ بهم، وكل ذلك من خلال جذب أفضل المواهب إلى مؤسستك، وهذا بدوره سيخلق ثقافة عمل أكثر إيجابية ويُعزِّز الروح المعنوية.
أضف تعليقاً