لابد أن يكون الجمهور قادراً على سماعك حتى يستطيع أن ينصت لأفكارك، وحجم صوتك يعني مدى ارتفاعه أو انخفاضه أثناء كلامك -حزمة كلام-ويوصف الشخص المتكلم بصوت عالٍ في الصف بالصراخ، وبالمقارنة فإننا ندعو المتكلم الذي لا يمكن سماعه بالجبان أو المقلق، والحقيقة أنك قد تتكلم بصوت عالٍ بسبب سمعك الضعيف وخوفك من أن يكون صوتك غير مريح بالنسبة لمستمعيك، ولكن جمهورك لا يعرف شيئاً عن تاريخك... ما يعرفه فقط هو أنك تصرخ أو تهمس أثناء إلقائك، وسيصدرون حكمهم عليك من خلال سلوكك. تذكر أن السماع هو الخطوة الأولى لعملية الإنصات، فإذا كان حجم صوتك غير مناسب وأدى إلى تشتيت الجمهور فإنك ستفشل في جذبهم لسماع رسالتك بعناية. لذا تأكد من أن صوتك ملائم للغرفة التي تتكلم فيها، بحيث تتكلم في غرفة الصف بصوت أعلى بقليل من حجم صوتك الذي تستخدمه في المحادثة العادية.
عندما تتكلم أمام مجموعة كبيرة سيكون المكبر الصوتي مفيداً وضرورياً، ومن الأفضل أن تتمرن عليه مسبقاً كي لا يؤدي صوتك المكبر إلى إجفالك. قد يُطلب منك التحدث أمام جمهور كبير من دون مكبر، وهذا ليس صعباً، لأن صوتك سيكون جيداً إذا كان تنفسك من عضلة الحجاب الحاجز. كي تختبر تنفسك ضع يدك على بطنك وردد الجملة التالية: "هذه القوارب القديمة لا تطفو" ورددها بصوت أعلى وأعلى، فإذا كنت تتنفس من الحجاب الحاجز، فإنك ستشعر بأن عضلاتك البطنية تتوتر، وبدون هذه الطريقة في التنفس ستحاول زيادة حجم صوتك من حنجرتك وهذا خطأ يمكن أن يجهد صوتك.
قد يكون عليك أحيانا التغلب على الضجة الخارجية كثرثرة الأشخاص في الرواق أو صوت جهاز التكييف، قد يتطلب هذا منك عملاً شاقاً، في هذه الحالة يمكنك استخدام مكبر الصوت، تكلم بصوت طبيعي واطلب من الإدارة أن تتكفل بالباقي، وإذا لم يكن مكبر الصوت ضرورياً فلا تستخدمه لأن استخدامه في غرفة صغيرة يؤدي إلى خلق حاجز بينك وبين الجمهور.
أما طبقة الصوت فهي مصطلح موسيقي نشير عند استخدمه إلى مدى ارتفاع وانخفاض نبرة الصوت -قد تكون على كلمة-كما هي الحالة بالنسبة لعلامات المدرج الموسيقي. لكل متكلم مجال أفضل لطبقة صوته، وفي هذا المجال يكون المتكلم في حالة ارتياح عظمى وتكون الفرص كبيره لسماعه بارتياح. يقوم المتكلمون المتوترون أحياناً برفع طبقة أصواتهم، بينما يعتقد متكلمون آخرون أنهم إذا تكلموا بصوت أقل انخفاضاً، فإنهم سيحصلون على مصداقية أكبر. في الحقيقة سيبدو الأشخاص الذين لا يستخدمون طبقتهم –النبرة-الطبيعية في الكلام مُتكلفين.
قد يساعدك التمرين التالي في استعادة النغمة الطبيعية لإلقائك -نغمة المحادثة العادية لديك-ابدأ التمرين وأنت بحالة جلوس، تخيل أن صديقاً عزيزاً يجلس بجانبك، وأنه يسألك عن إلقائك، أجبه -وبصوت مسموع وكأنه جالس بقربك-عن أسئلته من خلال عرض أفكارك الرئيسية وبعض الملخصات عن إلقائك، استمع جيداً لنبرة صوتك وأنت تتكلم، فأنت تقوم بمحادثة عادية، مرتاح وغير متوتر.... الآن وباستذكار هذه النبرة الطبيعية قف واتجه نحو المنضدة، وابدأ الإلقاء، ستتغير كلماتك، ولكن يجب أن تكون نبرة صوتك مرتاحة -كما كانت سابقاً-، أي عليك الإلقاء على شكل محادثة مع جمهور أكبر. إن هذه الطريقة فعّالة بالنسبة للمتدربين ذوي الإلقاء الصوتي المصطنع، حيث تمكنهم من التوصل إلى المجال الطبيعي لصوتهم ومن تجسيد التوقفات بشكل معبّر.
وهناك مشكلة أكبر من مشكلة طبقة الصوت غير الطبيعية وهي عدم وجود التغيير الملائم في الطبقة أثناء الإلقاء الصوتي أو عدم حدوث تغييرات في طبقة الصوت، مما يؤدي إلى جمل رتيبة وذات نغمة واحدة، لذا فإن تغيرات طبقة الصوت هي أداة رئيسية لإعطاء المعنى الدقيق للجملة. من الممكن أن تعطي جملة من أربعة كلمات أربعة معان مختلفة عندما نقوم برفع الطبقة –النبرة-والحجم لكل كلمة في كل مرة نقول فيها الجملة، أقرأ الجمل التالية وأكد بنبرة صوتك على الكلمات السميكة:
- "كان أصيل يأكل التفاح."
- "كان أصيل يأكل التفاح."
- "كان أصيل يأكل التفاح."
- "كان أصيل يأكل التفاح."
هل تراها بنفس المعاني؟ تذكر أيضاً أن للنساء قدرة على استخدام طبقات أصواتهم بأريحية وعفوية أكثر من الرجال، ولهذا كان على الرجال تعويض هذه القدرة المحدودة من خلال عناصر الإلقاء الصوتية والفيزيائية الأخرى.
نوعية الصوت: العنصر الأقل مرونة بين عناصر الإلقاء الصوتي، وهي الصفة الفريدة –بصمة-التي تميّز صوتك عن أصوات الآخرين، فقد لا تميز أحياناً بين صوت زميلك وأبيه على الهاتف، ولكنك في معظم الأوقات وحتى على الهاتف -الآلة التي تسبب الكثير من التشويه -يمكنك تمييز أصوات أصدقائك بسهولة. قد يتأثر وضوح صوتك ورنينه في بعض الأحيان بشكل مؤقت بسبب الزكام أو الحساسية أو بسبب التوتر الناجم عن ساعات من تشجيع فريقك المفضل، ولكن هذا التغيير المؤقت ليس مرعباً، إلا إذا استمر الناس بوصف صوتك على أنه حاد أو أجش أو خشن أو يخرج من الأنف بشكل لاهث ولفترة طويلة، فعندها عليك استشارة أخصائي في قضايا الصوت.
أما النطق واللفظ: فيُعد عنصر النطق العملية الميكانيكية لتشكيل الأصوات الضرورية للاتصال -أو التواصل-بلغة معينة، تحدث معظم أخطاء النطق بسبب العادة، أي حتى إذا كنت تعرف الطريقة الصحيحة لنطق الكلمة، فإنك تلفظها بالطريقة التي يلفظها الناس من حولك وكما تعودت عليها أنت. أحياناً يؤثر المرض أو التعب على النطق بشكل مؤقت. ولأخطاء النطق أربعة أشكال وهي: الحذف، والإضافة، والإبدال، والقلب. الحذف: يكون بحذف حرف من الكلمة وعدم نطقه، والإضافة: تكون بإضافة حرف غير موجود في الكلمة، والإبدال: يكون بالتبديل بين حرف في الكلمة وحرف آخر خارجها، والقلب: يكون بقلب مواقع حرفين متقاربين في الكلمة. وتستمر هذه الأخطاء بحيث أنك لا تنتبه إليها بسبب العادة. يمكنك الاستماع إلى كلامك المسجل على شريط كاسيت، لتحدد مواقع الأخطاء والعمل على تصحيح نطقك.
وبالمقارنة مع النطق يُعد اللفظ مسألة معرفة صوت أحرف الكلمة ومعرفة مواقع التشديد فيها، ولجميعنا نوعين من المفردات: مفردات الكلام ومفردات القراءة، ومفردات الكلام هي مجموعة الكلمات التي تستخدمها في المحادثة اليومية، وهي أقل بكثير من مفردات القراءة، ولكي تختبر هذا، فكّر بالكلمات التي تقرؤها أحياناً في حين أنك لم تلفظها مسبقاً أو لم تسمع لفظها سابقاً، ولكنك قد تعتقد أنك تعرف معناها ضمن سياق الجملة، تعد مثل هذه الكلمة من مفردات القراءة. يرتكب العديد من الناس أخطاء لفظية وخاصة عند محاولة استخدام كلمة من مفردات القراءة في الكلام دون البحث عنها في المعجم، وقد تعتبر الأخطاء الناجمة عن اللفظ أثناء الإلقاء مشكلةً ثانويةً أو رئيسيةً وفقاً لحجم الخطأ وعدد مرات ارتكابه، فإذا كان لديك شك حول لفظ كلمة تنوي استخدامها في الإلقاء ابحث عن لفظها الصحيح، ثم تمرن على لفظها الصحيح بصوت عالٍ قبل الإلقاء. عليك تطبيق هذه القاعدة بالنسبة لكل كلمة تختارها لكي تتجنب الأخطاء اللفظية المحرجة.
أما بالنسبة للفظ أسماء أشخاص معينين أو أسماء أماكن أو حتى بعض الأشياء، فقد تعرضك لبعض الصعوبات. حيث يجب أن تلفظ أسماء الأشخاص بالطريقة التي يلفظ بها كل شخص اسمه، وإذا أردت الإشارة إلى أشخاص معروفين تأكد من لفظ أسمائهم بالطريقة المشهورة، أما إذا كنت تشير إلى شخص غير معروف بالنسبة للجمهور فإنهم لن ينتبهوا إلى الخطأ اللفظي الذي قد ترتكبه إلا إذا تلعثمت، وبالنسبة لأسماء الأماكن عد إلى مرجع المصطلحات الجغرافية أو إلى قائمة الأسماء الجغرافية الموجودة في نهاية معظم المعاجم.
عندما تتقن عناصر الإلقاء الصوتي سيكون إلقاؤك خالياً من أخطاء النطق واللفظ غير السليم، وسيكون سماع صوتك المُميّز مستساغاً، مستخدماً تغيرات كافية في الطبقة لإيصال أفكارك بوضوح، وستتمكن من التكلم بصوت عالٍ بحيث يمكن لجميع المستمعين سماعك بسهولة، كما ستكيّف معدل سرعتك وفقاً لمضمون رسالتك، وباختصار سيكون صوتك عالياً وواضحاً.
اقتراح: تستطيع تسجيل إلقائك على شريط وأن تسمعه: حلل معدل سرعتك، وتوقفاتك وحجم صوتك وطبقته وطريقة نطقك ولفظك... ماذا يمكن أن تفعل للتأكد من حيوية إلقائك وتعزيزه لرسالتك؟
تستطيع الان أن تقوم باستبانة: التقييم الذاتي لمهارات الإلقاء والعرض
- Mihaly Csikszentmihalyi, Flow: The Psychology Of Optimal Experience (New York: Harper Perennial, 1990).
- Mihaly Csikszentmihalyi, How To Shape Our Selves,'' Psychology Today January/ February 1994:38.
- Ray Birdwhistell, Kinesics And Context: Essays On Body Motion Communication (Philadelphia: U Of Philadelphia P,1970)8.
أضف تعليقاً