ورقة عمل بعنوان التعلّم الذاتي عن طريق "حلّ المشكلات "

والمدارس التي تستعمل أسلوب التعليم الفعَّال النشط تصبح أكثر مرونة وتعطي الحريَّة للمُدرِّس والطالب كي يصمّموا مسابقاتهم الخاصة، وهم يستطيعون أن يعرفوا كيف يوجهون الطلبة إلى حلّ المشكلات والقدرة على النقد والتحليل المعلل واكتساب المهارات المطلوبة للبحث عن حلول للمشكلات المطروحة



نموذج من تدريس "المهارات اللغويَّة"

 

ما المقصود بالتعليم عن طريق حلّ المشكلات؟

أن يطرح المُدرِّس مشكلة هامة ورئيسة على الطلاّب للبحث عن حلّها عن طريق مصادر التعلُّم المختلفة، يتخلل ذلك متابعة مستمرّة من المُدرِّس مقرونة بتوجيه فني ينتهي بحلّ هذه المشكلة.

 

يعود استخدام هذا الأسلوب في التعليم إلى حوالي منتصف الستينيات من القرن الماضي وكان تطبيقه على طلبة الكليات والمعاهد التي تدرّس الطب، ثمّ انتقل إلى مساقات الثقافة العامة ومنها النقد الأدبي والتحليل. وهو الآن يطبق بشكلٍ واسعٍ في جامعات ومعاهد ومدارس الدول الغربية، وعلى نطاقٍ واسع. وقد ثبت بالتجربة العملية أنّ هذا النظام يناسب مختلف المجالات الدراسيَّة وهو ضرورة ملحّة في القرن الحادي والعشرين، لما له من أثرٍ في مساعدة الطالب على التصدي للمشكلات التي قد تستجدّ نتيجة التقدُّم الهائل في التكنولوجيا.

 

يعود هذا المنهج إلى (John Dewey) ووفقاً لهذا المنهج يستطيع المُدرِّس أن يرشد الطلبة إلى التعلُّم، ويزيد من قدرتهم على الاعتماد على النفس ويقّلل من أهمية الكتاب المُقرَّر بوصفه أحد مصادر المعرفة فقط وليس المصدر الوحيد. وبذلك ينتقل الدور من المُدرِّس إلى الطالب
(داخل الصف).

 

والمدارس التي تستعمل أسلوب التعليم الفعَّال النشط تصبح أكثر مرونة وتعطي الحريَّة للمُدرِّس والطالب كي يصمّموا مسابقاتهم الخاصة، وهم يستطيعون أن يعرفوا كيف يوجهون الطلبة إلى حلّ المشكلات والقدرة على النقد والتحليل المعلل واكتساب المهارات المطلوبة للبحث عن حلول للمشكلات المطروحة. ويجب أن نذكر هنا أنّ الهدف من هذا ليس إيجاد الحلّ الأمثل للمشكلة وإنّما تدريب الطلبة على فهم المشكلات والاعتماد على النفس في حلّها، وذلك من أجل القدرة على التعامل والمشكلات التي تعرض لهم مستقبلاً سواء في مجال العمل أم في مجالات الحياة المختلفة.

 

تجربتي في هذا المجال:

نظراً لإيماني بأهمية اتباع منهج التعلُّم الذاتي، وذلك من خلال إرشاد الطلبة إلى إعداد البحوث والمشروعات الجماعيَّة، والتعليم من خلال المجموعات والمناقشة الجماعيَّة وتحفيزهم إلى التفكير الناقد فقد حاولت اختيار موقف تعليميّ قابل للتنفيذ في المدارس بعد أن كنت قد جرّبته على طلبتي في المرحلة الجامعيَّة الأولى، وذلك في إطار تنمية المهارات اللغويَّة المختلفة، والقدرة على النقد الأدبي وتحليل النصوص، من خلال اطّلاعي على بعض الكتب باللغة الإنجليزية والبحوث وخلاصة تجاربهم في هذا المجال. وكانت لهذه الطريقة آثار إيجابيَّة واضحة. وقد اخترت فن القصة (القصيرة) نموذجاً للتدريب على حلّ المشكلات.

 

الخطوات المتبعة:

اختيار مجموعة من القصص القصيرة ذات مواصفات معينة، وكنت قد تعاملت مع ثلاثة أشكال من هذه القصص:

  • قصص ذات نهاياتٍ مفتوحة، يترك للطلبة إكمالها عن طريق الإفادة من المعطيات مثل: الشخوص، والمكان، والزمان، والأحداث، والعلاقات، والأرقام، وما بين السطور من المعاني. كلّ ذلك بهدف تنمية المهارات اللغويَّة لدى الطلبة عن طريق إيجاد المفردات المناسبة وصياغة جمل وتراكيب جديدة، وزيادة القدرة على النقد والتحليل الأدبي.
  • قصص قصيرة تحتوي على جانبٍ غامض، يتيح للطلبة محاولة تفسير الغموض، وإيجاد حلول منطقية للمشكلات الموجودة فيها اعتماداً على المعطيات الواردة في النقطة السابقة.
  • قصص قصيرة عادية كاملة: يطلب من الطلبة اقتراح نهاية مختلفة لها مع محاولة تعليل وتفسير النهاية المقترحة.
  • مشكلة اجتماعيَّة من خلال أحد الدروس المقالية، والبحث عن حلول لهذه المشكلة لدى الطالبات.

 

يراعى في اختيار هذه القصص أن تكون قصيرة، وذات موضوعات مثيرة ومشوّقة، وقريبة من واقع الطلبة، والبيئة المحيطة، وأن تكون ذات أحداث متشعبة، فيها بعض المواقف الغامضة أو المشكلة بالنسبة إلى القارئ العادي، من أجل شحذ الأذهان.

 

الإجراءات:

  1. تقسيم الصف إلى مجموعات صغيرة (5 طلاب في المتوسط).
  2. توزيع القصة مطبوعة على طلاب الصف جميعاً.
  3. يطلب من الطلبة قراءة القصة بشكل فردي قراءة صامتة في حدود عشر دقائق.
  4. تكلّف المجموعات تحديد المشكلة.
  5. بتصنيف المشكلة (ضمن أيّ نوع من المشكلات).
  6. ببدء البحث عن حلول مقترحة لحلّ المشكلة.
  7. تدوّن الحلول في أوراق.

 

في هذه الأثناء يكون دور المُدرِّس مقتصراً على المشاهدة وضبط الصف حتى لا يحدث نوع من الفوضى التي تمنع الطلبة من التركيز.

 

ملاحظة مهمة: على المُدرِّس أن ينبه الطلبة منذ البداية على عدم طرح الأسئلة لأنهم لن يتلقوا أية إجابة.

يُعطى الطلبة الوقت الكافي لتحديد أبعاد المشكلة، ووضع مقترحات لحلّها، وأخيراً يتمّ تجميع الإجابات، وتطرح للمناقشة الجماعيَّة.

 

وبذلك تكون الأهداف المطلوبة قد تحققت، فالطالب يقرأ ويفكّر ويتحدَّث ويناقش ويكتب، ونستطيع من خلال ذلك التركيز على المهارات اللغويَّة وتنميتها.

ملحوظة: قدّمت ورقة العمل هذه إلى إحدى ورش العمل لمُعلِّمات المرحلة المتوسطة والثانوية.

 

د. هناء إسماعيل

 

المصدر: مجلة المقالات