نموذج التعلم بالمحاولة والخطأ أو النظرية الربطية لثورنديك "Learning by Trial & Error -Thorndike's Connectionism "

يصنف نموذج التعلم بالمحاولة والخطأ ضمن النظريات السلوكية الترابطية ولا سيما الوظيفية منها، ويعرف هذا النموذج بمسميات أخرى مثل التعلم بالاختيار والربط " Learning by Selecting & Connecting"، وربطية ثورنديك "Thorndike's Connectionism " نسبة إلى عالم النفس الأمريكي المعروف إدوارد ثورنديك الذي طور أفكارها.

وينطلق هذا النموذج في تفسيره لحدوث عملية التعلم وفقاً لمبدأ المحاولة والتجربة؛ أي أن الارتباطات بين الاستجابات والمثيرات تتشكل اعتماداً على خبرات الفرد بنتائج المحاولات السلوكية التي يقوم بها حيال المواقف المثيرة التي يواجهها ويتفاعل معها، بحيث بتعلم الاستجابة المناسبة من خلال المحاولة والخطأ.

واضع النظرية هو الأمريكي إدوارد ثورنديك (Edward Thorndike (l1874 _ 1949.



الافتراضات والمفاهيم الأساسية لنظرية المحاولة والخطأ:

تقوم نظرية ثورنديك على عدد من الفرضيات الأساسية ومنها:

  1. قوانين الاستعداد والأثر والتدريب تحكم جميع عمليات التعلم.
  2. كل تعلم قابل للزيادة.
  3. في التعلم حالات يقبل عليها المتعلم, ولا يحاول تجنبها وتلك هي حالات إشباعه.
  4. القدرة العقلية والمهارات عند الإنسان هي نتاج ميول أصيلة لديه, ونتيجة لما تلقته هذه الميول من مران وتدريب.
  5. يزداد التعلم بانتشار الأثر.

قوانين ثورنديك:

يؤكد ثورنديك مبدأ التعلم من خلال الخبرة والممارسة والتجريب؛ أي أن الفرد يتعلم السلوك المناسب من خلال الخطأ. وصاغ عدداً من مبادئ التعلم نعرض الرئيسة منها فيما يلي:

مبادئ التعلم الرئيسة:

  1. إن تشكيل الارتباطات يتم وفق مبدأ المحاولة والخطأ.
  2. قانون الأثر Law of effect: تعتبر نتائج السلوك أو المحاولة التي يقوم بها الكائن الحي بمثابة التغذية الراجعة لهذه المحاولة، فالمحاولات التي تفشل ولا تحقق الغرض المقصود منها عادة ما ينتج عنها حالة من الانزعاج وعدم الرضا، في حين أن المحاولات التي تحقق غرضها ينتج عنها حالة من الرضا والارتياح.وبالرغم أن ثورنديك لم يستخدم مصطلحات التعزيز والعقاب بشكل مباشر وصريح في معرض حديثه عن حالة الرضا وعدم الرضا، إلا أنه يمكن اعتبارها على أنها نتائج تعزيزية أو عقابية. فهو لم يستخدم مفهوم التعزيز أو العقاب في تفسيره لقانون الأثر، وإنما عمد إلى تفسير نتائج المحاولات بدلالات فسيولوجية وفق مبدأ تحقيق اللذة وتجنب الألم. وتوصل إلى أن لحالة الرضا أثراً أعمق بالسلوك من حالة عدم الرضا.
  3. قانون المران أو التدريب "Law of exercise": يرى ثورنديك أن العادة تزداد قوة بالممارسة وتضعف بعدم الممارسة.
  4. قانون الاستعداد "Law of readiness": يقصد بالاستعداد حالة التهيؤ أو النزعة إلى تنفيذ استجابة متعلمة ما حيال موقف مثيري معين. فسر ثورنديك مبدأ الاستعداد بدلالة حالة الوصلات العصبية من حيث قابليتها للتوصيل أو عدم التوصيل.


أنماط التعلم الإنساني عند ثورنديك:

ميز ثورنديك في سلوك الإنسان العلمي مستوياتٍ أو أنماطاً في ضوء طبيعة الروابط التي تميز هذا النمط أو ذاك، وفي ضوء نوعية النشاط العقلي وعمليات التفكير التي يقوم عليها كل نمط، ويتخذ منها وسيلة لتكوين الارتباطات بين المثيرات والاستجابات. فخرج بتنظيم هرمي هو:

  1. تكوين الرابطة: وهو أدنى أنماط التعلم، ويوجد لدى الإنسان والحيوان. ويتجلى في الطريقة التي يتعلم بها طفل عمرة عشرة أشهر الدق على الباب.
  2. تكوين الرابطة مع الأفكار: يمكن تمثيله بطفل يقول حلوى وهو ينظر إلى قطعة من الحلوى أمامه.
  3. التعلم عن طريق التحليل والتجريد: يعتمد على تحليل عناصر موضوع التعلم، والتمييز بين هذه العناصر، واكتشاف العلاقات بينها، ومعرفة ما هو أساسي ومشترك فيها.
  4. التعلم عن طريق التفكير الانتقائي أو الاستدلال:ويتمثل في تعلم الطالب معنى جملة من الجمل في لغة أجنبية عن طريق استخدام قواعد النحو والصرف ومعاني الكلمات. وكذلك حل الطالب لمسألة هندسية والبرهان عليها.

 

مساهمات ثورنديك في مجال نظريات التعلم:

  1. لقد نبّه ثورنديك على نحو مبكر إلى الدور الذي يمكن أن يسهم فيه حقل علم النفس في مجال التربية من حيث تخطيطها وتنفيذها وتقويمها، وقد أوضح الكيفية التي من خلالها يمكن تحسين عملية التعلم والتعليم لدى المتعلمين بالاستفادة من المبادئ والقوانين النفسية. ومن التوجيهات التي تكفل الوصول إلى تعلم جيد:
    • تحديد عناصر الموقف التعلمي وشروطه، ومساعدة المتعلم على إدراك حاجة يمكن إشباعها فيه.
    • تحديد الاستجابات المطلوب تكوينها في الموقف التعليمي.
    • تحديد الأنشطة والفعاليات التعلمية اللازمة لحدوث الارتباطات بين المثيرات والاستجابات وتقوية الارتباطات المرغوب فيها.
    • تجنب تكوين أكثر من ارتباط في وقت واحد.
    • صياغة المادة التعليمية بحيث يتقبلها المتعلم على أنها هامة وذات معنى بالنسبة إليه.
    • استثارة انتباه المتعلمين على نحو يمكنهم من تحليل مادة التعلم وإدراك العناصر الهامة فيها.
    • تحديد خصائص الأداء الجيد.
    • توفير الشروط المناسبة بجعل المواقف التعلمية تشبه مواقف الحياة لتكون أكثر قابلية للانتقال.
  2. لقد أسهم ثورنديك في تطوير أفكار نظريات التعزيز التي ظهرت فيما بعد.
  3. ساهم ثورنديك في إدخال طرق علمية في دراسة التعلم تقوم على المشاهدة والتجريب والتحليل الإحصائي كمّاً.

المراجع:

  1. منصور، علي: التعلم ونظرياته. مديرية الكتب والمطبوعات الجامعية، منشورات جامعة تشرين، اللاذقية، 1421هـ-2001م.
  2. الزغول، عماد: نظريات التعلم. دار الشروق، عمان- الأردن، 2003م.