نظرية التعلم بالملاحظة ( لباندورا ) او نظرية التعلم الاجتماعي

تركز هذه النظرية على أهمية التفاعل الإجتماعي والمعاير الإجتماعية والسياق الظروف الإجتماعية في حدوث التعلم، ويعني ذلك أن التعلم لا يتم في فراغ بل في محيط اجتماعي.



وقد أثبت للكثير من الناس أن الأنماط السلوكية والاجتماعية وغيرها يتم اكتسابها من خلال المحاكاة والتعلم بالملاحظة، وكما قال أرسطو “أن التقليد يزرع في الإنسان منذ الطفولة، وأحد الاختلافات بين الناس والحيوانات الأخرى يتمثل في أنه أكثر الكائنات الحية محاكاة، ومن خلال المحاكاة يتعلم أول دروسه” (غازدا،1980.

ويعود الفضل في الاهتمام بموضوع التعلم بواسطة المحاكاة إلى باندورا الذي لخص بحثا قدمه إلى ندوة نبرا سكا يحمل عنوان (التعلم الاجتماعي من خلال المحاكاة) كما اشترك مع ريتشارد ولترز وهو أول طالب يشرف عليه باندورا في دراسة الدكتورة، في نشر كتاب يحمل اسم (التعلم الاجتماعي وتطور الشخصية)، وقد أصبح هذان العملان سبب البحث حول موضوع المحاكاة خلال العقد التالي.

اهتم باندورا وولترز بالتميز بين اكتساب استجابات المحاكاة وأدائها، دون أن يتم تحديد وتحليل الآليات اللازمة للتعليم بالملاحظة (التعلم). ولقد أوضح باندورا أن عمليتي التمثيل الخيالية وللفضية ضروريتان كي يتم التعلم بالملاحظة (غازدا 1980). كما أكد على أن هذا النوع من التفاعل “التحديد المشترك” (ب اندوزا1977). ويمكن شرح ذلك بكون العوامل الشخصية والعوامل البيئية غير الاجتماعية تتفاعل فيما بينها، حيث يصبح كل عامل محددا للآخر. ويرى باندورا أن القوة في السلوك التفاعلي، تتميز بالنسبية حيث يمكن أن تتغير تبعا لتغير العوامل البيئية. كما يحدد باندورا السلوك الاجتماعي بكونه يميل دوما إلى التعميم والى الثبات لمدة زمنية غير محدودة، ويمكن أن ندرج المثال التالي للشرح: فالشخص الذي يميل إلى التصرف بعدوانية في موقف معين، سوف يميل دوما إلى العدوانية في الكثير من المواقف المشابهة.

 

 مفهوم التعلم بالملاحظة:

يفترض هذا النموذج من التعلم أن الإنسان كائن اجتماعي يتأثر باتجاهات الآخرين ومشاعرهم وتصرفاتهم وسلوكهم، أي يستطيع أن يتعلم منهم نماذج سلوكية عن طريق الملاحظة والتقليد. ويشير التعلم بالملاحظة إلى إمكانية التأثر بالثواب والعقاب على نحو بدلي أو غير مباشر وقد أفاد باندورا في إحدى دراسته على رياض الأطفال بتقسيم التلاميذ إلى خمس مجموعات كما يلي:

  • قام أفراد المجموعة الأولى بملاحظة رجل يعتدي جسديا ولفظيا على دمية كبيرة بحجم إنسان، مصنوعة من المطاط، ومملوءة بالهواء.
  • وقام أفراد المجموعة الثانية بمشاهدة الأحداث نفسها مصورة في فلم سينمائي.
  • وقام أفراد المجموعة الثالثة بمشاهدة المشاهد العدوانية السابقة نفسها، في فيلم كرتون.
  • أما أطفال المجموعة الرابعة فلم تعّرض لهذه المشاهد، فكانت المجموعة الضابطة.
  • أما المجموعة الخامسة فشاهدت شخص يعتبر مثالا للنوع المغلوب المسالم غير العدواني.

بعد الانتهاء من عرض هذه النماذج، تم وضع كل طفل في وضع مشابه للنموذج الملاحظ. وقام الملاحظون بتسجيل سلوك هؤلاء الأطفال من عبر الزجاج وتم استخراج معدل.

الاستجابات العدوانية كالتالي:

جدول رقم 1: توزيع معدل الاستجابات العدوانية.

المجموعة الخامسة المجموعة الرابعة المجموعة الثالثة المجموعة الثانية المجموعة الأولى المجموعات

42 52 198 92 183 معدل الاستجابات العدوانية من خلال هدا الجدول يتضح لنا من نتائج هذه الدراسة. أن متوسط الاستجابات العدوانية.

للمجموعات الثلاث الأولى التي تعرضت إلى نماذج عدوانية، يفوق كثيرا متوسط استجابات المجموعة الرابعة الضابطة، التي لم تتعرض لمشاهدة النماذج كما تبين نتائج المجموعة الخامسة التي تعرضت لنموذج مسالم غير عدواني أقل من متوسط استجابات المجموعة الرابعة. ويقترح باندورا ثلاثة أثار للتعلم بالملاحظة وهي:

تعلم سلوكيات جديدة: إن التمثيلات الصورية والرمزية المتوفرة عبر الصحافة والكتب والسينما والتلفزيون والأساطير والحكاية الشعبية، تشكل مصادر مهمة للنماذج، وتقوم بوظيفة النموذج الحي، حيث يقوم المتعلم بتقليدها بعد ملاحظتها والتأثر بها.

الكف والتحرير: قد يؤدي ملاحظة بعض السلوكيات التي تميزت بالعقاب إلى تجنب أدائها. إن معاقبة المعلم لأحد تلاميذه على مرأى من الآخرين، فينقل أثر العقاب إلى هؤلاء التلاميذ بحيث يمتنعون عن أداء السلوك الذي كان سببا في عقاب زميلهم. وقد يلجأ البعض الآخر إلى تحرير الاستجابات المكفوفة أو المقيدة، وخاصة عندما لا يواجه النموذج عواقب سيئة أو غير سارة.

التسهيل: تختلف عملية تسهيل السلوك عن عملية تحريره. فالتسهيل يتناول الاستجابات المتعلمة غير المكفوفة والمقيدة والتي يندر حدوثها بسب النسيان، والترك. أما تحرير السلوك، فيتناول الاستجابات المكفوفة التي ترفضها البيئة أو تنظر إليها على أنها سلوك سلبي.

تحليل التعلم الاجتماعي:

نلاحظ أربع مراحل للتعلم من خلال النموذج، الملخصة في الجدول رقم2.

الجدول رقم2: مراحل التعلم بالملاحظة وخصائصه.

خصائص التعلم بالملاحظة مراحل التعلم بالملاحظة.

شرط أساسي لحدوث التعلم، يتأثر بخصائص النموذج ومستوى النمو والنضج، والدافعية والحوافز والحجات. مرحلة الانتباه

ضرورة التواصل، وتمثيل الأداء في الذاكرة بواسطة التدرب وتكرار النموذج لإجراء المطابقة بين سلوك المتعلم وسلوك النموذج. مرحلة الاحتفاظ

أهمية التغذية الراجعة التصحيحية في تشكيل السلوك المرغوب فيه، حيث تحتاج إلى مراقبة دقيقة من قبل المعلم أو النموذج. مرحلة إعادة الإنتاج

تتشابه مع نظرية الاشتراط الإجرائي وذلك لأهمية التعزيز والعقاب وتأثرهما على الدافعية في أداء السلوك. يمل المتعلم إلى تكرار السلوك المعزز وتجنب السلوك المعاقب عليه.

مرحلة الدافعية:

 

العوامل التي تؤثر على التعلم بالنموذج:

تتلخص العوامل المؤثرة في دافعية تقليد النموذج أو عدم المثابرة في محاكاته حسب المخطط التالية:

 

فرضيات التعلم بالملاحظة:

تستند الفرضيات الخاصة لشر ح ا لتعلم بالنموذج إلى:

  • الكثير من التعلم الإنساني معرفي: يتميز تعلم الإنسان بالتصور أو المعرفة، وتتضمن هذه المعرفة النظم اللغوية والصور الذهنية والرموز الموسيقية والعددية، وتصبح المعرفة عمل رئيسي في مجلات وظيفية مثل الإدراك وحل المشكلات والدافعية.
  • نتاج الاستجابات مصدر التعلم الإنساني: يؤدي حدوث الاستجابة إلى نتيجة ايجابية أو سلبية ومحايدة فهي تمارس تأثيرها على رصيد السلوك وتأخذ هذه التأثرات ثلاث أبعاد كما يوضحها الجدول رقم 3

الجدول رقم3: يبين أبعاد التأثيرات لمختلف لاستجابات وخصائصها.

 

خصائص الأبعاد الثلاثة أبعاد التأثيرات لمختلف الاستجابات:

تكوين الفرضيات حول أي سلوك نتائجه ناجحة، تستخدم هذه الفرضيات كدليل للعمل المستقبلي القائم على الاحتمالات للاستجابة بمختلف أنواع السلوك. المعلومات

المعلومات المكتسبة من خلال الخبرة، تصبح باعثا للسلوك في الوقت الحاضر رغم عدم حضور شروط الباعث في

  • البيئة الدافعية زيادة التكرار الاستجابة السابقة يؤدي إلى تدعيم الاستجابة التعزيز.

التعلم عن طريق الملاحظة مصدر ثاني للتعلم: يكتسب الإنسان الكثير من السلوكيات عن طريق مراقبة ما يفعل الناس والذي يحدث عندما يفعلون ذلك، مثل اكتساب اللغة والعادات الثقافية والاتجاهات والانفعالات.

  • تتأثر عملية الانتباه بالنموذج والملاحظة وظروف الباحث: يتأثر الانتباه بالسن والجنس والمستويات الاقتصادية إلى جانب الجاذبية المتبادلة والقوة الاجتماعية التي يتم إدراكها.
  • الترميز والإعادة يساعدان عملية الاحتفاظ: يمكن تعزيز الاحتفاظ بعدد من استراتيجيات الإعادة والتدوين الرمزي اللفظي والتصوري، وهو الذي يفسرا لسرعة في الاكتساب والاحتفاظ الطويل المدى.
  • عملية الاستخراج الحركي تتضمن صورا عقلية وأفكار لتوجيه الأداء الظاهر: تعمل الصور العقلية والأفكار المكتسبة كمثيرات داخلية شبيهة بالمثيرات الخارجية التي يقدمها النموذج، حيث يتم اختيار الاستجابات على أساسها وتنظيمها على المستوى المعرفي.
  • تتأثر الدافعية بالتعزيز الخارجي والبديل والذاتي: يعتمد اكتساب السلوك على توفر البواعث الضرورية لذلك، المتمثلة في أنواع التعزيز المقدمة من طرف النموذج الملاحظ. فيؤدي ذلك إلى كبت السلوك أو عاداته.
  • تنتقل معلومات الاستجابة في التعلم بالملاحظة من خلال التوضيح المادي أو الصور: تعتبر المهارات اللفظية المكتسبة من الولدين أكثر الطرق في نقل المعلومات عن الاستجابات المراد نمذجتها، كما يعتبر التمثيل بالصور لسلوك النموذج مصدر آخر لاكتساب المعلومات من خلال وسائل الإعلام كالتلفاز وجهاز الكمبيوتر والسينما.
  • التعرض للنموذج قد يؤدي إلى آثار مختلفة: أكد باندورا، أن ملاحظة النموذج يؤدي إلى كف السلوك أو تحريره أو تعلم سلوكيات جديدة.
  • التعلم بالملاحظة مصدر لتعلم المبادئ والقواعد الاجتماعية:

يمكننا التعلم بالملاحظة من اكتساب القواعد والمبادئ الاجتماعية، وذلك من خلال ملاحظة النموذج وتقليده وفقا للتعزيز المقدم إليه. حيث يرسم المتعلم صورة مجردة للعناصر العامة في سلوك النموذج الذي يراد تطبيقه.

  • التعلم بالملاحظة مصدر للإبداع: إن التمايز والاختلاف المتباين في النماذج المقدمة، يؤدي إلى احتمال ظهور سلوك مستحدث.

التطبيقات التربوية:

يقدر اتجاه التعلم بالملاحظة، بكونه نموذجا للتدريس الحالي لما يوفر ه من خبرات تعليمية. حيث يخضع التعلم إلى الملاحظة وأداء ا لسلوك ثم الجزاء.