نظرية التعلم الإجرائي

تعرف هذه النظرية بأسماء أخرى مثل التعلم الوسيلي أو الذرائعي " Instrumental Conditioning" أو الراديكلية السلوكية. وواضع النظرية هو الأمريكي بروس أن سكنر(Skineer) (1904-1990م). ويرجع إليه الفضل في الكشف عما أطلق عليه الإشراط الإجرائي، كونه أحد أساليب التعلم الشرطي. والسلوك هو الموضوع الأساسي في النظرية الإجرائية. ويستعمل سكنر المصطلح (إجرائياً) لوصف مجموعة من الاستجابات أو الأفعال التي يتألف منها العمل الذي يقوم به الكائن الحي. ساهم سكنر في إعادة صياغة الأهداف التربوية على نحو سلوكي قابل للتحقيق. ويمكن النظر إلى آلية التعلم عند ثورنديك على أنها تتم وفق المخطط التالي " مثير استجابة أثر بعدي (مثير)"، في حين أن آلية التعلم عند سكنر ليس بالضرورة أن تسير حسب هذا المخطط، وإنما قد تأخذ المنحى التالي " استجابة _ مثير". وقد ميز بين نوعين من التعلم وفقاً لمبادئ الاشراط ونوع السلوك الذي يصدر عن العضوية وهما:



أولاً: التعلم الاستجابي " Respondent Learning": ويشير إلى جميع الأنماط السلوكية المكتسبة وفقاً لمبدأ الإشراط الكلاسيكي لبافلوف. أي أن السلوك يقوم على الربط بين مثيرات واستجابات معينة في إطار ما يعرف بالفعل المنعكس الشرطي.

 

ثانياً:التعلم الإجرائي "Operant Learning":  ويشير إلى جميع الاستجابات الإرادية المتعلمة التي تصدر عن الفرد على نحو إرادي في المواقف الحياتية المتعددة. فهو يشمل كافة الأنماط السلوكية التي تؤثر في البيئة وتحدث تغيراً فيها. حيث أن أغلب أنماط السلوك تختلف عن نمط السلوك الاستجابي، فهي من نوع الإشراط الإجرائي حيث تكون الاستجابة غير محددة، وإنما هي إجرائية لأنه لا يوجد مثير معين استدعى الاستجابة الإجرائية.

والاستجابات الإجرائية بصفة عامة تستهدف إما الحصول على مكافأة أو الحيلولة دون مواجهة موقف مؤلم. أي أنها تحدث في واحدة من الحالات التالية:

  1. خفض مثير مؤذ أو الهرب منه.
  2. تجنب مثير مؤذٍ.
  3. توفير باعث إيجابي كالطعام والماء.
  4. إطفاء حالة ما لها ارتباط مع الحالات المذكورة أعلاه.

والجدول التالي يبين الفرق بين السلوك الاستجابي والسلوك الإجرائي:

لقد رفض سكنر فكرة اعتبار السلوك على أنه مجرد فعل حركي كما فعل جثري. واعتبر سكنر أن السلوك هو وحده الدراسة العلمية التي يجب التركيز عليها لفهم كافة جوانب النشاط الإنساني والحيواني، وبذلك فهو ينكر وجود عمليات داخلية مثل التصوير والتفكير وغيرها، ونظر إلى مثل هذه العمليات على أنها مجرد سلوكات داخلية. لقد اهتم سكنر بالوظيفة التي يؤديها السلوك أكثر من الشكل الذي يتم به. ومن هنا انطلق سكنر في تفسير السلوك من خلال القاعدة التالية: السلوك محكوم بنتائجه_" Behavior is Controlled by it Consequences".

 

 

 

توابع السلوك "Behavior Consequences"

 

أولاً : التعزيز " Reinforcement "

 

يعرف التعزيز على أنه أي حدث سار يتبع سلوكاً ما بحيث يعمل على تقوية احتمالية تكرار مثل هذا السلوك في مرات لاحقة. هذا وتقع المعززات الخارجية المصدر في عدة أنواع منها:

 

  1. المعززات المادية: وتتمثل بالطعام والألعاب والحلوى والمكافآت النقدية والشراب، والملابس وغيرها.

 

  1. المعززات الاجتماعية: وتتمثل في المديح والإطراء والثناء والابتسامة والاحتضان والتصفيق والاهتمام والحب والرعاية.

 

  1. المعززات الرمزية: وتتمثل في العلامات، والرموز، والصور، والقصص وشهادات التقدير، والأفلام وغيرها.

 

أما المعززات داخلية المصدر فتتمثل بحالة الإشباع والرضا وتحقيق المتعة والسرور والارتياح.

 

إجراءات التعزيز"Reinforcement Procedures" 

  • التعزيز الإيجابي " Positive reinforcement "

يعرف هذا النوع بالتعزيز من خلال الإضافة لأن الاستجابة تزداد قوة عندما يضاف مثل هذا التعزيز إلى بيئة الكائن الحي.

مثل الأجرة التي يتلقاها العامل بعد الانتهاء من عمل معين، وكلمات الشكر والامتنان التي نطلقها للآخرين عندما يقدمون معروفاً لنا.

 

  • التعزيز السلبي " Negative reinforcement "

يعرف هذا النوع بالتعزيز من خلال الإزالة، وفيه يتم استبعاد المثيرات المؤلمة أو غير المرغوب فيها من البيئة كنتيجة لقيام الفرد بسلوك مرغوب فيه. وهذا يعني بالطبع أن الفرد يقوم باستجابة ما بهدف تجنب مثيرات مؤلمة أو غير مرغوب فيها. مثل

إعفاء الطالب من الرسوم الجامعية نظراً لتفوقه الأكاديمي، وتخفيض عقوبة السجن عن السجين بسبب تحسن سلوكه.

 

ثانياً: العقاب "Punishment":

يمكن النظر إلى العقاب على أنه إجراء مؤلم أو مثير غير مرغوب فيه يتبع سلوكاً ما بحيث يعمل على إضعاف احتمالية تكرار مثل هذا السلوك لاحقاً. والمثيرات العقابية قد تكون داخلية المصدر أو خارجية. وتقع المثيرات العقابية خارجية المصدر في عدة أنواع هي:

1_ المثيرات العقابية المادية: وتشمل الجلد، الضرب، السجن، الغرامة المالية.

2_ المثيرات العقابية الاجتماعية: وتشمل التوبيخ، والتأنيب، والإهمال والتجاهل، والشتم والعزل.

3_ المثيرات العقابية الرمزية: وتشمل النقل، خسران الامتيازات، المنع من إجازة، الحرمان من لعبة ما، فقدان بعض العلامات.

 هذا وتتمثل المعاقبات داخلية المصدر في الشعور بالألم والندم ووخز الضمير.

 

إجراءات العقاب "Punishment Procedures"

  • العقاب الإيجابي "Punishment Positive"

يعرف هذا النوع بالعقاب من خلال الإضافة "Punishment Preventative " وفيه يتم إتباع السلوك غير المرغوب فيه بمثير مؤلم أو حالة غير سارة بهدف تقليل أو إضعاف قوة هذا السلوك وتقليل احتمالية تكراره لاحقاً.

ومن الأمثلة عليه عقوبة الحبس للمخالفين.

  • العقاب السلبي "Negative Punishment"

ويعرف هذا النوع من العقاب بالإزالة "Removal Punishmentوفيه يتم إزالة حدث سار أو مثير مرغوب من بيئة الكائن الحي كنتيجة لقيامه بسلوك غير مرغوب فيه. فقد يحرم الطالب من المشاركة في رحلة مدرسية بسبب مخالفته تعليمات المدرسة.

وتجدر الإشارة هنا، إلى ضرورة عدم الخلط بين إجراءات العقاب السلبي والتعزيز السلبي. كما ويجب عدم الخلط بين التعزيز السلبي والعقاب، فكلاهما يتضمنان مثيرات مؤلمة ولكنهما يختلفان من حيث الإجراء والغاية. وللتفريق بين إجراءات التعزيز والعقاب يمكن النظر إلى الجدول التالي:

في الجدول السابق اعتبرنا الإشارة داخل الدائرة على أنها تمثل الإجراء حيث + وحولها دائرة تعني إضافة، في حين أن –  وحولها دائرة تعني إزالة، واعتبرنا إشارة (+) على أنها مؤشر للسلوك المرغوب فيه والمثير المرغوب فيه، والإشارة (-) مؤشر للسلوك غير المرغوب فيه والمثير غير المرغوب فيه.