مهارة تنويع المثيرات

تركز هذه المهارة على تنمية مهارة المُعلِّم في كيفيَّة اعتماد التنوُّع في درسه وذلك لتلافي ملل التلاميذ والعمل على شدّ انتباههم إليه



لقد أصبح معروفاً أن التلاميذ في المدرسة لا يُركِّزون انتباههم في النشاط الواحد إلا فترةً قصيرة، فغالباً ما نلاحظهم يفقدون اهتمامهم بعد فترة وجيزة من بداية النشاط المُحدَّد. فلذا يلجأ المُعلِّم الكفء إلى تنويع الأنشطة التعليميَّة التعلميَّة كما أنه ينوع سلوكه داخل الصف وذلك بغية تنويع المثيرات للحفاظ على اهتمام التلاميذ طوال الدرس.

المُعلِّم الماهر لا يأسر انتباه التلاميذ فحسب بل يمسك به طوال الوقت في كل درس وهو سريعاً ما يلاحظ علامات الشغف أو الملل أو الفهم أو الارتباك أو التعب من خلال تحريك الكراسي والتثاؤب والهمس والتنهد والتعبيرات التي تظهر على الوجه وميل الرأس والوضع الجسمي.

إن التحدي الكبير الذي يواجه المُعلِّم هو كيفيَّة الاحتفاظ بانتباه التلميذ طوال مدة الدرس مما يجعل من الممكن تقويم أداء صفه تبعا لردود فعل تلاميذه فيستطيع في تلك اللحظة تغيير سرعته، وتنويع الأنشطة، وتقديم استراتيجيات جديدة في تدريسه على وفق ما يتطلَّب الموقف.

 

وقد تم تحليل مهارة تنويع المثيرات إلى المهارات الفرعية الآتية:

  • حركة المُعلِّم والتلميذ.
  • إيماءات المُعلِّم.
  • التغيُّر في نبرات الصوت.
  • تغير النشاط الحسي.
  • الصمت.
  • التفاعل ويتضمَّن (تفاعلاً بين المُعلِّم والتلميذ، المُعلِّم وتلميذ واحد، أو التلاميذ أنفسهم).
  • استخدام أكثر من طريقة للتدريس.

 

أولاً: حركة المُعلِّم والتلميذ

تعني حركة المُعلِّم أن يغير المُعلِّم وضعه داخل الصف، فلا يظل طوال الوقت جالساً أو واقفاً في مكان واحد، وإنما ينبغي له أن ينتقل داخل الصف بالاقتراب من التلاميذ أو التحرك قرب السبورة، إن مثل هذه الحركات البسيطة من المُعلِّم يمكن أن تقضي على الرتابة التي تسود الدرس وتساعد على جذب انتباه التلاميذ، على أنه ينبغي للمعلم ألا يبالغ في حركاته أو تحركاته مما قد يؤدي إلى تشتت انتباه التلاميذ بدلاً من جذبه.

فضلاً عن أن استجابات التلاميذ وتقبلهم للمُعلِّم تتوقف على طريقة المُعلِّم ونهجه في إلقاء دروسه، فالمُعلِّم الذي يسير على وتيرة واحدة بعيداً عن جو التجديد والتنوُّع يتسبَّب في شرود تلاميذه الذهني وابتعادهم عن جو الدرس، كما أن المُعلِّم الجيد هو الذي لا يجعل الملل ينتاب تلاميذه، فتراه تارة يغير طريقة إلقائه وأخرى يغير أفعاله وتحركاته وتصرُّفاته. حتى يتمكَّن من شد انتباه التلاميذ إليه ويستحوذ على ميولهم وتركيزهم في أثناء شرحه للدرس وهذه الحركات والأفعال يجب أن تكون مدروسة وهادفة حتى تحقق الغرض منها.

أما حركة التلميذ فتعني انتقال التلميذ من مكان إلى آخر، من مقعده مثلا إلى السبورة أو منصة التجارب في العمل ...الخ.

 

ثانياً: إيماءات المُعلِّم

وهي الإشارات التي يستعملها المُعلِّم للتعبير عن انفعالاته، كتحريك أجزاء من جسمه كاليدين أو أصابع اليدين مثلاً وذلك بغرض جذب الانتباه أو لتأكيد أهمية الموضوع أو التعبير عن رأي أو انفعال معين أو لتوضيح أشكال أو أحجام أو حركة جسم ما.

ويستخدم المُعلِّم هذه الإشارات للتحكُّم بتوجيه انتباه التلاميذ ويتم هذا التحكُّم عن طريق استخدام لغة لفظية أو مزيج منهما. من أمثلة التعبيرات اللفظية: أنظر إلى السبورة أو أنظر إلى الشكل الأتي أو لاحظ الفرق في اللون. ومن أمثلة التعبيرات غير اللفظية: هز الرأس والابتسامة وتقطيب الجبين وتحريك اليدين.

 

ثالثاً: التغيُّر في نبرات الصوت

التغيُّر الفجائي في نبرات الصوت أو قوته أو سرعته بما في ذلك تكرار بعض الكلمات أو التعابير أو الجمل على أن ذلك لا يعني أن يكون للمُعلِّم لازمة (أي يكرر الكلمة باستمرار) مثل كلمة طبعاً، في الحقيقة، للأمانة...الخ.

وعليه فإن من الممارسات التي تبعث الملل السريع في نفوس التلاميذ التحدُّث بصوت رتيب وعدم تغير نبرات الصوت أو قوته أو سرعته أو تكرار بعض الجمل أو التعابير. كل هذه الممارسات تؤدي إلى عدم اهتمام التلاميذ بالدرس وضعف انتباههم إليه بعد مرور فترة قصيرة من بدايته. والمطلوب من المُعلِّم أن يبتعد عما يبعث الملل والسأم في نفوس التلاميذ من خلال استخدام نبرات صوت مُتنوِّعة ومختلفة الشدة تأسر انتباه التلاميذ وتحافظ على استمراريته طول فترة الدرس.

 

رابعاً: تغير النشاط الحسي

يتم عندما ينتقل المُعلِّم من نشاط محسوس إلى نشاط محسوس آخر كالانتقال من الاستماع إلى المشاهدة أي الانتقال من حاسة السمع إلى حاسة البصر أو إلى النشاط اليدوي مثل إخراج طالب للكتابة على السبورة أو إعطاء التلاميذ بعض الملاحظات ليدونوها في كراساتهم…الخ.

وتعد الحواس القنوات الرئيسة للاتصال بالعالم الخارجي. إذ تشير البحوث في مجال الوسائل التعليميَّة إلى أن إشراك أكثر من حاسة واحدة في عمليَّة التعلُّم له فاعليَّة أكثر في بقاء المعلومات في الذهن وثباتها، وإن قدرة التلميذ على الاستيعاب يمكن أن تزداد على نحو جوهري إذا اعتمد في تحصيل المادة على استخدام السمع والبصر على نحو متبادل، ذلك لأن تنويع وسائط الاتصال الحسي (السمع، البصر، اللمس، الشم) يساعد على المحافظة على اهتمام التلاميذ وانتباههم ولكن استخدام الوسائل البصريَّة مرارا لغرض الاحتفاظ باهتمام التلاميذ أمر ربما يشتت انتباههم إذ لا يبقى لديهم أي مجال للتفكير فيما يقال في أثناء الدرس.

 

خامساً: الصمت

يعد الصمت من الممارسات الجيدة التي تساعد على إثارة اهتمام التلاميذ ذلك الصمت الذي يتخلل عرضاً لموضوع معين مما يشكل تقسيما طبيعيا للمادة المعروضة يسهل على التلاميذ استيعابها كما يمثل مثيراً جديداً يساعد التلاميذ على التفكير أو الانتقال إلى فكرة جديدة.

فضلاً عن ذلك فإن الصمت يشجع المُعلِّم على الاستماع لاستجابات المُتعلِّمين ويمنح التلاميذ فرصة بتقديم المادة والإصغاء إليهم. وفي إمكان المُعلِّم استخدام الصمت لإظهار عدم الموافقة على سلوك غير مرغوب فيه من جانب التلاميذ أو يستخدم الصمت للتركيز على جزء مُحدَّد من المادة.

 

سادساً: التفاعل

يُعَدُّ التفاعل داخل الصف من أهم العوامل التي تؤدي إلى زيادة فاعليَّة العمليَّة التعليميَّة. وهناك ثلاثة أنواع من التفاعل يمكن أن تحدث داخل الصف.

  • تفاعل بين المُعلِّم والتلاميذ.
  • تفاعل بين المُعلِّم وتلميذ واحد.
  • تفاعل بين التلاميذ أنفسهم في الصف.

 

والمُعلِّم الماهر لا يقتصر على نوع من الأنواع الثلاثة خلال الدرس، بحيث يكون نمطاً سائداً في تدريسه وإنما يحاول أن يستخدمها في الدرس الواحد على وفق ما يتطلَّبه الموقف، وهذا الانتقال من نوع من أنواع التفاعل إلى نوع أخر يؤدي وظيفة مهمة في تنويع المثيرات، مما يساعد على انغماس التلاميذ في الأنشطة التعليميَّة ويعمل على جذب انتباههم. وعليه يجب على المُعلِّم أن يحث التلاميذ على التفاعل معه من خلال المشاركة الصفيَّة ويعمل على زيادة تفاعله مع التلميذ المشارك فضلا عن تشجيع المُعلِّم التلاميذ على التفاعل فيما بينهم.

إذ إن عمليَّة التعليم تعد عمليَّة تواصل وتفاعل دائمتين ومتبادلتين بين المُعلِّم وتلاميذه من جهة، والتلاميذ بعضهم ببعض من جهة أخرى، ويتطلَّب هذا أن يكون المُعلِّم مكتسبا لمهارات تدريسيَّة بعينها، إذ إن افتقاد المُعلِّم لهذه المهارة يؤدي إلى صعوبة تحقيق الأهداف التربويَّة. وإضافة معرفة المُعلِّم إلى الممارسات والعمليات التي تحدث داخل الحجرة الدراسيَّة في إدارة الصف بكفاءة وفاعليَّة تساعده على الوقوف على الفروق الفرديَّة بين التلاميذ، وعلى أساليب تفكير التلاميذ ويسهم في تحقيق التفاعل التام بين المُعلِّم والتلاميذ. ولكي يحافظ المُعلِّم على تفاعله مع التلاميذ فإن في إمكانه استخدام بعض المهارات العلميَّة مثل مفاجأة التلاميذ.

بطرح أسئلة بين فترة وأخرى وتوزيعها عشوائيا على جميع التلاميذ وتفضل مناداتهم كلُّ باسمه، مع الاهتمام بتغيُّر أجواء الدرس حتى يُقلِّل من الملل وشرود الذهن مثل سرد موقف طريف، أو خبر تلفزيوني، أو قصة قصيرة...الخ.

 

سابعاً: استخدام اكثر من طريقة في التدريس

إن طريقة التدريس تعد وسيلة لنقل المعلومات والمعارف والمهارات إلى المُتعلِّم، وكذلك تعد وسيلة مُتقدِّمة للاتصال به والتفاعل معه، وكونها مثيرة تعليميَّة لسلوك المُتعلِّمين، وتنظيم النشاط المعرفي لهم. وأن اختيار طريقة تدريس لتلائم أفرادا معينين لتعلم شيء ما يعد علما وفنا.

لا يجيده إلا المؤهلون لذلك. وعندما نتحدَّث عن التدريس عموماً فإننا نشير في الواقع إلى عمليَّة تفاعليَّة ذات ثلاثة أبعاد أو عوامل تنتج معا عمليَّة تربويَّة تطلق عليها عادة التدريس أو التربية الصفيَّة هذه العوامل هي المُعلِّم، والتلميذ، والمنهج. فيما يتعلَّق بالمُدرِّس نجد أن الطريقة التدريسيَّة تعينه على الوصول إلى أهدافه بوضوح وتسلسل منطقي، أما أهميتها بالنسبة إلى التلاميذ فإنها تتيح لهم إمكانيَّة متابعة المادة الدراسيَّة بتدرج مريح كما أنها توفر لهم فرص الانتقال المنظم من فقرة إلى أخرى بوضوح تام، وبذلك يتحقَّق الاتصال الجيد بين المُعلِّم والتلاميذ.

أما من حيث أهميتها للمادة الدراسيَّة فإن الهدف الأساس من التعليم كما هو معروف هو نقل المادة أو المعلومات إلى التلاميذ بصورة مُحدَّدة في أثناء الدرس بحيث لا يخرج المُعلِّم عن موضوع الدرس مع مراعاة التدرج المنطقي والانتقال في عرض المادة بتدرج يبدأ من السهل إلى الأكثر صعوبة وهكذا مع مراعاة الوقت والسرعة المناسبة. وفي إمكان المُعلِّم استخدام أكثر من طريقة تدريسيَّة في التدريس إذ إن الاقتصار على طريقة واحدة ربما يؤدي إلى الملل وشرود الانتباه فمثلا يستطيع المُعلِّم أن يدرس التلاميذ بطريقة المحاضرة ثم ينتقل إلى استخدام طريق الاستجواب وهكذا ويفضل كذلك ربط المادة بالحياة اليوميَّة مما يساعد على جذب انتباه التلاميذ في أثناء الدرس.