مُكوَّنات وإجراءات الموقف التدريسي

في البداية تجد الإشارة إلي أن التدريس في مفهومه التقليدي كان يعطي المُدرِّس اليد الأولى في اتخاذ القرارات التي ترتبط إرتباطاً مباشراً مع مقتضيات المواقف التدريسيَّة لذلك يجب على المُدرِّس تحديد الطرائق والأساليب التي تساعده علي نقل المعلومات من ذهنه إلي عقول التلاميذ ومن ثمَّ كان المُعلِّم هو الطرف الإيجابي النشط في هذه العملية، لأنه يمثل مصدر المعرفة والناقل لها، وكان التلميذ هو الطرف السلبي، الذي يتلقى ألوان المعرفة فيحفظها، ليستظهرها عند الحاجه إليها.



ولكن مع تطور مفهوم التربية ذاتها، حدث تطور مماثل في التدريس بحيث بات مفهوماً عملياً واسعاً شاملاً، ولا يقتصر علي عملية نقل المعلومات من جانب المُدرِّس إلي عقول التلاميذ فقط، ولذلك أصبح التعليم نشاطاً مخططاً ما بين جميع الأطراف المعنية بالعملية التدريسيَّة بما فيهم الطلاب أنفسهم، وبهدف تحقيق مخرجات ومردودات تربويَّة معينة من خلال النشاطات والممارسات المشتركة بين المُدرِّس والتلاميذ، سواء كان ذلك علي مستوى التخطيط والإدارة أم علي مستوي التنفيذ والتقويم، وبذلك يصبح التلميذ ناشطاً وفاعلاً ومتفاعلاً.

 

مدخل التدريس (Teaching approach)

تختلف مداحل التدريس باختلاف طبيعة الموضوعات التي يتم تدريسها، إذ يكون لكل موضوع على حدة في أغلب الأحيان المدخل المناسب لتقديمه قبل تدريسه فعلياً، فالمدخل وفقاً لأصوله وقواعده اللغويَّة يعني التهيئة التي يقوم بها المُدرِّس قبل أن يقوم بعمله التدريسي في خطوات إجرائية وتنفيذية. فقد تقتضي تهيئة التلاميذ لموضوع الدرس أن يقوم التلاميذ ببعض الممارسات والأداءات، وأن يقدم المُدرِّس بعض العروض والمشاهدات، ورغم ذلك يظل المدخل بمنزلة العتبة الفارقة لما قبل التدريس وبعده، وذلك يعني: أنه بعد أن يحدد المُدرِّس موضوع الدرس، فالخطوة التالية بعدها هي التفكير في المدخل الذي سوف يتبعه لشرح هذا الموضوع. وبعد الانتهاء من تقديم العينات والمثيرات أو مناقشة التكليفات التي يتم تحديدها سلفاً، يقوم المُدرِّس بشرح أركان الدرس.

 

طريقة التدريس (Teaching method)

 خطوات متسلسلة متتابعة يقوم بها المُدرِّس من أجل تحقيق أهداف معينة سبق تعيينها سلفاً. مع مراعاة أنه خلال الموقف التدريسي قد تتحقق أهداف تعليميَّة أخرى لم تكن في الحسبان عند التخطيط لموضوع الدرس. ومما يذكر أنه تنفيذ خطوات التدريس في طريقة إجرائية موضوعيه تستوجب قيام المُدرِّس بمجموعة من الممارسات الجادة الفاعلة.  كما تتطلَّب المشاركة بين المُدرِّس والتلاميذ تحقيق بعض الأنشطة المنهجيَّة واللامنهجيَّة على حد سواء.

إذاً طريقة التدريس تعني ممارسات يقوم بها المُعلِّم منفرداً أو يشترك معه التلاميذ في العلم بهدف فهم وتمكن التلميذ من بعض الفنون وألوان المعرفة العلميَّة، وكذا اكتسابه. لبعض المهارات الأدائية العملية، وذلك في حدود الزمن المُخصَّص لها، وحسب توزيع العمل في الخطة التعليميَّة الشاملة على مدار السنة الدراسيَّة.

 

استراتيجيَّة التدريس (Teaching strategy)

الاستراتيجيَّة أكثر عمومية من الطريقة فهي أشمل، لأنها تتمثل في مجموعة من الأفعال (طرائق التدريس التي يمكن أن يستخدمها المُعلِّم في الحصة الواحدة)، وفي تتابع مخطط من التحركات بهدف تحديد أهداف تربويَّة تتسم بالشمول النسبي ..ومما يذكر، أنه يمكن تحقيق أفضل تعلُّم ممكن، إذا كانت هناك استراتيجيَّة تدريسيَّة سبق التخطيط لها على أساس علمي، وإذا تم تنفيذ هذه الاستراتيجيَّة بدقة متناهية، وهنا تبرز أهمية التخطيط والتنفيذ للاستراتيجيَّة في ضوء ظروف ومُتطلَّبات المواقف التعليميَّة التعلميَّة .

وبعامة ...تتضمَّن الاستراتيجيَّة التدريسيَّة: تحديد الأهداف التدريسيَّة، واختيار الأساليب العلميَّة والعملية لتحقيق الأهداف التدريسيَّة، ووضع الخطط التنفيذية التفصيلية، وأخيرا تنسيق النواحي المتصلة بذلك .. وخلاصة القول إن استراتيجيَّة التدريس بمنزلة الخطة العامة للتدريس، تشمل كل مُكوَّنات وإجراءات الموقف التدريسي من: أهداف، وطرائق تدريس، ووسائل تقويم المُعلِّم، ولذلك فإن طريقة التدريس مُكوَّن فعَّال من مُكوَّنات استراتيجيَّة التدريس ..

 

أسلوب التدريس (Teaching style)

من الصعب وضع خطوط فاصلة بين طريقة التدريس وأسلوب التدريس، للتداخل الكبير بين المصطلحين، لذا فإننا نقول مجازاً إن أسلوب التدريس بمنزلة إجراءات يتبعها المُعلِّم، لينظم عملية التعليم ويوجهها، بالنسبة إلى التفاعلات والمناقشات الصفية "هل المُدرِّس يتيح الفرصة للتلاميذ للتفاعل الصفي؟ هل المُدرِّس ديموقراطي في أثناء المناقشات الصفيَّة؟"

وبالنسبة إلى استخدام التقنيات التربويَّة "هل يؤمن المُدرِّس بقيمة وأهمية وفاعليَّة توظيف التكنولوجيا في التعليم؟ وهل يستخدمها بفاعليَّة؟"، وبالنسبة إلى تحقيق الأهداف المُحدَّدة للدرس. "هل يحدد المُدرِّس الأهداف التعليميَّة لكل درس بدقة حسب الأصول التربويَّة؟ وهل يراجع المُدرِّس نفسه بعد الانتهاء من الدرس للوقوف علي ما تحقق وما لم يتحقق من أهداف؟ وهل يراعي تلك الهفوات التي حالت دون تحقيق بعض الأهداف التعليميَّة في الحصة القادمة؟"

 

خلاصة القول: يقوم التدريس علي أساس التخطيط والتنفيذ وفق استراتيجيَّة بعينها يتم على ضوئها تحديد طريقة "أو طرائق" التدريس التي يمكن استخدامها لتحقيق أهداف بعينها، ومن خلال هذه الطريقة "أو الطرائق، يتم تحديد أسلوب أو أساليب التدريس التي يمكن تنفيذها إجرائياً داخل الصف، مع مراعاة إمكانية تعديل هذا الأسلوب أو تطويره حسب مقتضيات ومُتطلَّبات المواقف التدريسيَّة".

 

د. مجدي إبراهيم
من موقع المربي