محافظة المستشار الخارجي على المرونة

لنأخذ بعين الاعتبار الحالة الخاصة بسوزان، حيث تقوم بتعلم وممارسة الاستشارة الخارجية وقد بدأت ممارستها للاستشارة الخارجية منذ عدة سنين و حققت نجاحا  سريعا بخصوص إرضاء الزبائن وزيادة الدخل.

فعلى الرغم من الانكماش في النشاط الاقتصادي العالمي وفترة الركود والذي قد سبب خسارة بعض الأعمال والعملاء لكن كان لديها قاعدة قوية من الزبائن الرئيسيين الذين تابعت العمل معهم، ورغم هذه الالغاءات فقد استغلت سوزان هذا الوقت الفارغ للعمل على كتابة كتاب، إعادة اتصالها مع زملائها وزبائنها القدامى. أعطاها هذا الوقت الإضافي المزيد من الفرص للتمرّن والعمل على مشاريع فنية، والقيام ببعض الأعمال تطوعية.



وعلى النقيض من نجاح سوزان لدينا فيليب وهو أيضا مستشار خارجي حيث انه قد بدأ عمله تقريبا في نفس الوقت الذي بدأت فيه سوزان وقد حقق أيضا نجاحاً سريعاً. ولكن قد القى به هذا الانحسار إلى حالة من الاضطراب، فقد الغى العديد من زبائنه مشاريعهم التدريبية وترك ذلك أثر سلبي على  دخله. فقد جعله لا يستطيع النوم ليلا ليستيقظ بحالة من الرعب لخوفه على مستقبله المالي، فبينما كان يحاول أن يسوّق لنفسه ادى انغماسه إلى فقدانه العديد من عملائه المهمين. أصبح فيليب أكثر انعزالا واحباطا مع عملائه المحتملين حيث أنهم لم يتخذوا قرارا باختيارهم استشاريين أخرين. هذا جعل فيليب يفكر بشكل جدي بدراسة ترك عمله الاستشاري والحصول على وظيفة اعتيادية في أي منظمة.

هل تجد نفسك في هذه القصة القصيرة ؟ الحق يقال فإن كلا الشخصين يمثلانني بمختلف مراحلي عبر السنوات الـ 11 الماضية والتي امضيتها اعمل لحسابي الخاص.

 

التحديات التي نواجهها كمستشارين خارجيين

تقول الحكمة الشائعة أن العديد من الأشخاص الذين قد بدأوا عملهم الخاص لا يتمكنون من الاستمرار.

وقد أكد الانكماش في النشاط الاقتصادي خلال السنوات الماضية هذه الحكمة كواقع وخصوصاً في مجالات تعليم وأداء الاستشاريين.

وبالاستناد إلى استطلاع غير علمي عفوي يقوم به الزملاء والاصدقاء الذين يعملون لصالحهم الخاص فإن الاستشاريين الخارجيين يواجهون يواجه العديد التحديات:

● قيام الزبائن بإلغاء مشاريع التدريب والتنمية.

● أصبحت المنظمات حذرة حول الاستثمار في الجهود التنموية هذا ما جعلها تتأخر باتخاذ القرارات للمشاريع الجديدة.

● زيادة الضغط على المهنيين ليقوموا بتخفيض اجورهم وخاصة لهذا العدد الكبير من الاستشاريين الجدد والذين قد طردوا من دورهم المهني.

● زيادة المنافسة في مقابل العرض القليل لمشاريع الزبائن.

العديد من المستشارين الخارجيين تأثر بشكل سلبي من فترة الركود الاقتصادي العالمي على مدار السنوات القليلة الماضية. لكن وعلى الرغم من هذا الانكماش الاقتصادي - أثبتت فترة الركود أن لديها جانب مضيء لبعض المستشارين الخارجيين. من استطاع ان يكون مرناً تمكن من التكيف بشكل فعال مع الظروف المتغيرة والحفاظ على استمرارهم كمستشارين خارجيين.

 
المبادئ الرئيسية في المرونة.

تعد القدرة على المواجهة والتكييف مع المحن بشكل فعال مفتاح النجاح كمستشار خاص وهي اهم من زيادة المعرفة التقنية.

تتضمن المرونة الحالة او الصفات النفسية كما تتضمن عملية معقدة للنهوض من المحنة. استخدم هذا المفهوم في مجال علم النفس منذ عام ١٩٥٠. ولكن تراجع بشكل كبير مع الحركة الايجابية لعلم النفس في خلال العقد الماضي. وكنتيجة لهذا فإن عدد المنظمات يتزايد من ناحية تحديد ان المرونة هي من كفاءات القيادة الأساسية، وقد تضمنت هذه المنظمات المكتب الامريكي لإدارة شؤون الموظفين حيث قام بتعريف المرونة على انها واحدة من الكفاءات الرئيسية للمسوؤلين التنفيذيين.

 

تتأثر معرفتنا بكيفية بناء ودعم الأشخاص للمرونة من خلال دراسة عدد من الميادين. فعلى سبيل المثال نعرف أن قدرتنا على الحفاظ على مرونتنا هي نتيجة ثانوية من الموارد الداخلية كالتفاؤل والشجاعة بالإضافة الى الموارد الاجتماعية من الأشخاص الذين يهتمون بنا. يلعب الذكاء العاطفي والتنظيم الذاتي دوراً مهما في الحفاظ على قدرتنا على دعم مرونتنا.

علمتنا البحوث الرائدة عن المشاعر أن الأشخاص المرنيين يستخدمون مشاعر إيجابية للحفاظ على مرونتهم.

وتتضمن البحوث ايضا أن استنتاج المعنى من الظروف المعاكسة له  دور فعال في نمو تحدياتنا.

تساعدنا نظرية الثبات والعزم الذاتي في فهم كيف نستطيع الحفاظ على حوافزنا رغم التحديات. وبالاعتماد على هذا البحث الدائم التطور، دعونا نقوم بالتركيز على الاستراتيجيات والذي يمكن للمستشارين الذي يعملون لصحا لهم الخاص ان يستعملوها لبناء وللإبقاء على المرونة.

استراتيجيات لبناء المرونة

نستطيع استخدام العديد من الاستراتيجيات قبل وخلال وبعد التحديات الهامة (كالانكماش في النشاط الاقتصادي) والتي من الممكن أن يواجهها المستشارين الذين يعملون بمفردهم.

تعتمد هذه الاستراتيجيات على خبرتي كمستشار مستقل ل ١٠ سنين، كان عملي كممارس كوتش على الاشخاص الذين تم تسريحهم والبحوث التي أجريتها على النجاح خلال أزمة إعصار كاترينا.

ساعدتنا الاستراتيجيات التوقعية في الحفاظ على المرونة بحمياتنا ضد التحديات المستقبلية التي من الممكن أن نواجهها:

·        بناء احتياطات للموارد و ذلك يشمل المدخرات المخصصة للحالات الطارئة  و الاستثمارات في الشبكات المحترفة .أحدى أكثر الاوقات غرابة في بناء الاتصالات المحترفة عندما نكون مفلسين.

حيث يبني و يحافظ رواد الاعمال المرنين بكفاءة عالية على شبكات علاقات قوية وداعمة قبل أن يحتاجوا إلى أي شيء.

·         تنويع قاعدة العملاء حتى إذا حصل و خسرنا عميل فذلك لن يقوم بتهديد المعيشة المالية. حسب ما مررت به من تجارب مسبقة، فقد قمت باختبار الافتراض الغير الدقيق و المرعب أن عميلاً مهماً سيبقى دائما يتعامل معنا حتى قامت ظروف غير متوقعة بتدمير هذا الافتراض .

·         عليك أن تستبق حدوث سيناريوهات تتعلق بجدوى قطاعاتنا الصناعية وعملائنا الحاليين لتلغي أي افتراضات غير منطقية قد تكون قمت بتكوينها عن عملائنا الحاليين. استخدم هذه السيناريوهات لتطور نفسك حتى تستطيع أن تتخذ القرار المناسب لبناء قاعدة أكثر تنوعا عن العملاء.

·         أبتكر رؤية محددة لحياتك و ممارستك المهنية لتواصل بناء الامل و يجب أن ترتكز هذه الرؤية بشكل مثالي بقيمنا الشخصية التي تحدد ما يجعلنا فريدين من نوعنا. فالرؤية المحددة لا تقودنا فقط نحو العمل و إنما تعتبر أيضا أداة حاسمة تساعدنا للعودة نحو المسار عند مواجهتنا للعقبات.

·         قم ببعض العمل المجاني وذلك كوسيلة لبناء علاقات مع اقرانك واصدقائك، عُرض عليّ في الكثير من الاحيان لكي أعمل اعمالاً لا ترقى إلى مستوى خبراتي وقدراتي وكنت سعيداً بأن اقبل بهذا العمل مجاناً، هذا لا يُشعرني فقط بالبهجة بل إن هذا العمل يبني علاقة داعمة قوية.

·         عليك الإدراك أن ما بعد الصعود إلا الهبوط، فالاقتصاد و العملاء يصعدون و يهبطون و هذه مجازفة فطرية نأخذها بعين الاعتبار عند القيام بأي عمل. في الواقع،بدلا من النظر إلى العقبات الاقتصادية كتوقعات، على رجال الأعمال المرنيين تقبل حقيقة أن هذه طبيعة العمل الاقتصادي وعليهم الاستعداد لهذا.

·         أبتكر حياة متوازنة و غنية ،فالمتفائلون مهيئون بشكل بارز على خلق مغزى من نواحي مختلفة في حياتهم، فهم لا يعتمدون بشكل كامل على الناحية المهنية من حياتهم و نتيجة لذلك فعند ظهور أي مشكلة في أدوارهم المهنية يكونون قادرين على إبقائها ضمن حدودها وذلك بسبب الإنجاز الذي حققوه من نواحي آخرى بما فيها العائلة ، الأعمال التطوعية ، و النشاطات الدينية .

 

اذا كنت في وسط المحن والصعوبات اعتبر هذه الاستراتيجيات كطريقة لاسترداد احساسك بالمرونة:

-         قم بالتحديد والاستنتاج بناءً على الدعم الاجتماعي. ينسى العديد من عملائي الدعم الذي لديهم عندما يواجهون الأزمات فأقوم بسؤالهم عادة بأن يقوموا بوضع قائمة لعشر أشخاص من الممكن دعمهم عندما يطلبون المساعدة. إضافةً ان تعلّم كيفية طلب المساعدة هي مهارة اساسية للأشخاص الذين يعملون لحسابهم الخاص.

-         قم بتغيير مفهوم الانكماش على انه فرصة للنمو والتعلم. من الممكن أن يكون الانكماش في النشاط الاقتصادي الذي تمارسه فرصة كبيرة لتعلم المزيد عن التسويق أو أن يحفزك  على تعلم كيفية ترويجك لنفسك. بالنسبة لي كنت في الماضي اتحدث باستمرار عن كتابة كتاب او مدونة ولكن من دون اتخاذ خطوات عملية، حيث اتاح لي الانكماش الاقتصادي استثماراً عظيماً وذلك لما انجزته في الكتابة والتدوين والمحاضرات وكتابة الكتاب الخاص بي.

-          إعادة النظر في رؤيتك. عندما تواجه الانكماش في النشاط الاقتصادي فهو الوقت المثالي للحفاظ على رؤيتك بشكل مستمر كوسيلة لتلهمك الأمل والقيام  بالأفعال. قمت بالبدء والاستمرار بالرؤية الخاصة بي وهي قراءة صفحة واحدة صباح كل يوم، ونشرت هذه الرؤية كل صباح في الصفحة الاولى من مخططي اليومي.

-         قم بالابتعاد واحصل على وجهة نظر جديدة. الابتعاد عن الشدائد التي من الممكن أن نواجهها في بعض الأحيان مفيد جدا حيث يكسبنا  الأفكار. فعلى سبيل المثال يمكنك فعل أي شيء من الممكن أن يبعدك عن الشدة، مارس تمارين رياضية، شاهد فيلم، ارقص، صلي، اخترع عمل فني. استنتجت من خبرتي أن الركض اليومي والعمل على الفخار يوفر استراتيجيات مفيدة تساعدني في الحصول على القدرة وتحمل المسؤولية في ممارساتي المهنية. أثبتت هذه الاستراتيجية بعد التجربة أن لديها فائدة اضافية التي ينشأ عنها مشاعر إيجابية لمساعدة الناس لكسب مرونتهن.

-          التفكير مليا بالمحن الماضية التي قد خضعت لها. لا يوجد شيء يضاهي اكتساب الرؤية من التحديات الحالية التي تواجهها وذلك من خلال التفكير ملياً في ما قد واجهته وتجاوزته من المشقات في الماضي، خلال الانكماش الاقتصادي الاخير قمت بالتفكير و لأكثر من مرة بأكثر التحديات صعوبة والتي واجهتها في السنوات الماضية وهو كتابة اطروحة التخرج.  ساعدني هذا بإعادة صياغة التحديات الحالية وجعلهم يظهروا بصورة أننا من الممكن أن نتغلب على تلك المصاعب.

 

وأخيرا، بعد التراجع الاقتصادي في ممارستك المهنية ، عليك الأخذ بعين الاعتبار الاستراتيجيات التالية والتي تساعدك على بناء مرونتك للتحديات المستقبلية:

-         قم بتحديد والتفكير ملياً في الدروس الأساسية التي تعلمتها. تقترح البحوث بشكل واضح انه عندما يقوم الأشخاص بجعل المحن ذات معنى، فهم يكونون أكثر ملائمة لينمو ويتغيروا بوجود تلك المحن.

-         قم بمشاركة هذه الدروس التي تعلمتها. يمكنك الاعتماد على الاستراتيجية السابقة. قم بتقوية الدعائم الاجتماعية وذلك من خلال مشاركتك للأمور التي استفدت منها وايضاً قم بمشاركة امتنانك لمساعدتهم في مسيرتك خلال تلك المحنة

-         احتفل بانتصارك في هذه المحنة، عليك ان تشعر بالاندهاش من الافكار والذكاء الذي قمت بتطبيقه خلال مسيرة تكيّفك مع هذا التحدي.

 

ناقش فيكتر فرانكل  Viktor Frankl في كتابه " Mans search for meaning  أنه من الممكن لأي احد يسلب منا كل شيء باستثناء شيء واحد وهو قدرتنا على اختيار موقفنا ومشاعرنا  في أي ظرف تتعرض لها.

تحدى الانكماش في النشاط  الاقتصادي العالمي في الماضي وما يزال يتابع تحدي العديد منا من الذين بدأوا عملهم مع حلمهم بأن يمارسوا عملهم المستقل. نستطيع أن نختار اختيارات واعية حول علاقاتنا مع المحن على الرغم من حالة التحد التي احدثها الانكماش في النشاط الاقتصادي للاستشاريين ذو العمل الحر.

المصدر
ترجمة مالك اللحام