ما التغذية الراجعة

التغذية الراجعة ليست مصطلحاً من مصطلحات علم النفس أصلاً، وإنما هي مفهوم ومبدأ أساسي من مفاهيم علم السبرنيتيك.ويعود الفضل في تطوير هذا المفهوم وتطبيقه على ظواهر السلوك الإنساني إلى العالم الأمريكي "ويتر" ومن عاصروه أو أتوا من بعده أمثال "شينسون" و"آنوخين" و"بيرتا لانفي" وغيرهم.

 



تعريف التغذية الراجعة:

أصبحت التغذية الراجعة مصطلحاً تتداوله التربية وعلم النفس، والفيزيولوجيا، وعلوم الاتصال، والعلوم الاجتماعيَّة والفيزياء والكيمياء، والجيولوجيا، والهندسة والفنون... الخ. وقد أدى هذا بدوره إلى تعدُّديَّة في تعريفاتها وإلى تنوُّع كبير فيها. ومن أهم التعريفات الشائعة للتغذية الراجعة نذكر ما يأتي:

  1. هي تأثير إشارات مخرج نظام معين في مدخل هذا النظام.
  2. هي أية معلومات راجعة من مصدرها تفيد في تنظيم السلوك وضبطه.
  3. إشارات يتلقاها الفرد عن نتائج سلوكه أو اتصال بصورة مباشرة أو غير مباشرة تتيح له معرفة أثر أو نتيجة سلوكه أو اتصاله.
  4. معلومات راجعة شفويَّة أو غير شفويَّة تسمح للمرسل في عمليَّة الاتصال معرفة إذا ما كانت رسالته قد استقبلت وكيف تم هذا الاستقبال والكيفيَّة التي فهمت بها هذه الرسالة.
  5. مفهوم يستخدم لوصف التأثير المتبادل بين نوعين أو أكثر من الأحداث حيث يستطيع حدث معين مثل: استجابة المُتعلِّم أن يبعث نشاطاً لاحقاً مثل (تقويم الاستجابة). وهذا الأخير يؤثر بدوره بطريقة راجعة في الاستجابة السابقة، فيعيد توجيهها وضبطها إذا حادت عن الهدف.

 

أهمية التغذية الراجعة:

إن لهذا المبدأ علاقة وثيقة بموضوعات مثل: التلاؤم، والتكيُّف، والتعلُّم، والتعليم، والاتصال، وبأي نوع من نشاطات المنظومات الموجهة ذاتياً.هذا وتتجلى أهمية التغذية الراجعة بصورة عامة وفق ما قاله "ويتز" إنها "سر الحياة"، وفيما أطلقه البيولوجي الفرنسي "لاتيل" "سر الانتظام العام"، وما أكده العالم المعروف (باليتايف) في أنها "المبدأ العام في السبرنتيك والطبيعة الحية".

أما في مجال التعلُّم فتعد التغذية الراجعة من بين أهم العوامل المؤثرة فيه، لأنها تمكن المُتعلِّم من إدخال التعديلات اللازمة على الاستجابات التي يصدرها بحيث تصبح هذه الاستجابات بفضل التغذية الراجعة أكثر اقتراباً من الاستجابات المرغوب فيها. وبعبارة أدق تيسر التغذية الراجعة التعلُّم، وتقوي الارتباطات المناسبة، وتصحح الأخطاء، وتُوضِّح المفاهيم غير الدقيقة، وتبين مدى التعلُّم السليم للأجزاء المختلفة من المهمة التعلُّميَّة. إضافة إلى أن التغذية الراجعة التي يتلقاها المُتعلِّم تزيده ثقة في صحة نتائج تعلمه، وتوحد جوانب هذا التعلُّم، وتجعلها أكثر تكاملاً. وبذلك يصبح أكثر قدرة على التركيز الانتقائي لجهوده وتوجيهها إلى تلك النواحي التي تتطلَّب عملاً أكبر ومعالجة أشمل وأعمق.

ويستطيع المُعلِّم عن طريقها إيصال المعلومات اللازمة إلى المُتعلِّمين، وبوساطتها يعرف إذا ما كانت طريقته في التدريس سليمة وفعَّالة أم العكس. وبالاعتماد عليها تتوافر لديه معلومات عن سير عمليَّة التعلُّم لدى كل مُتعلِّم.

وهكذا يعد وجود قناة تتدفق عبرها المعلومات الراجعة بين أطراف أية عمليَّة اتصالية، والتعلُّم والتعليم شكل من أشكال الاتصال  أحد أهم الضمانات لنجاح عمليات التعليم والتعلم، لأنها تسمح للمُعلِّم وللمُتعلِّم بأن يكيف كل منهما سلوكه لسلوك الآخر وأن يتفاعلا بصورة إيجابيَّة لتحقيق أهداف العمليَّة التعليميَّة / التعلُّميَّة.

 

السيرنتيك: هو علم التوجيه والتحكُّم بالآلات، ولا سيما الأتوماتيكيَّة (المعقدة كما هو الحال في الآلات الحاسبة الإلكترونيَّة "الحواسيب" والطائرات الأسرع من الصوت والطائرة بدون طيار، والصواريخ الموجهة، والمراكب الفضائية والأقمار الصناعيَّة... الخ). وقد غدا السبرنتيك منهجاً أو مدخلاً علمياً إلى دراسة الظواهر شديدة التعقيد وذات الطابع المنظومي أكثر منه فرعاً علمياً مُتخصِّصاً في دراسة ظواهر مُحدَّدة.

 

المرجع: منصور علي: التعلُّم ونظرياته. مديرية الكتب والمطبوعات الجامعية، منشورات جامعة تشرين، اللاذقية،(1421هـ)، (2001م).