لماذا لا يقوم مديروا المبيعات ذو التدريب الجيد بتطبيق الكوتشينغ ؟

أثناء محاضرة حديثة قامت امرأة من الجمهور بطرح سؤال بسيط لكنه هام. فقد قالت: "كما تعلمون نحن دائماً ما نخبر مديري المبيعات لدينا أننا نريدهم أن يقوموا بتطبيق الكوتشينغ على مندوبيهم ، لكننا لسنا متأكدين أنهم يفهمون ماكان قصدنا وراء ما قلناه. ففي رأيك، ماذا يعني الـ"كوتشينغ" بالضبط؟"

 



لقد كان سؤالها ثاقباً وفي موضعه حقاً. ليس هناك تعريف محدد للكوتشينغ وبالتأكيد ليس هناك إجماعاً حول المصطلح المحدد الذي تشير إليه. لكن الوسيلة الوحيدة لإيجاد تعريف عملي هو مراقبة الطريقة التي تتخذها المنظمات في تدريب مديري المبيعات لديها على الكوتشينغ. على الرغم من أن عملنا قد عرضنا إلى الكثير من برامج الكوتشينغ المختلفة إلا أننا جميعاً لدينا فكرتين أساسيتين متماثلتين بشكل ملحوظ: الأولى أن كل واحد من البرامج التي وجدناها والذي يحمل مصطلح الـ "كوتشينغ" في عنوانه يمشي على منهجية معينة لإغلاق فجوة معينة بين حالة أداء البائع الحالية أو المرغوبة. أما الفكرة الأساسية الثانية فهي التركيز على حوار بين الأشخاص يستثير طرح الأسئلة فيما بينهم. وفي الأصل تقوم هذه البرامج بتحضير المدراء لإغلاق فجوات الأداء وللحصول على محادثات جيدة بينهم وبين موظفيهم. هل هذا يبدو جيداً؟ حسناً، واحدٌ من عملاءنا اعتقد ذلك أيضاً، إلى أن اكتشف أن كل هذا التدريب الرائع لم يثمر في الكوتشينغ الفعلي المطلوب.

 

يبدو بديهياً أن المدراء الذين تم تدريبهم بشكل جيد (حتى أولئك الذين أخذوا برامج متنوعة للتدريب على الكوتشينغ) لا يقومون بتطبيق الكوتشينغ بالشكل الصحيح. و لفهم هذه الظاهرة الغريبة أكثر، من المفيد أن يتم اختبار أنواع المحادثات التي قام بها المدراء مع موظفي المبيعات لديهم بشكل متكرر جداً. عندما نقوم بتتبع مديري المبيعات–وهو ما نقوم به بدقة مخيفة – نجد أن نسبة 95 بالمئة من محادثاتهم على أقل تقدير تكون حول السعي وراء المبيعات الفردية. وهذا ربما لا يكون مفاجأة كبيرة، بما أنهم يعتبروا "مدراء مبيعات" يقومون بإدارة "موظفي مبيعات" مسئوليتهم الوحيدة في "الحصول على المزيد من المبيعات." إذاً لماذا لا تثمر هذه النقاشات حول المبيعات الفردية في محادثات الـ "كوتشينغ"؟ لماذا لا يقوم التدريب الذي يتلقاه مديرو المبيعات بالإثمار في المحادثات اليومية بين المدراء ومندوبيهم؟

 

لنقوم بربط ما يحتويه التدريب على الـ "كوتشينغ" بالمحادثات اليومية التي تحدث فعلياً. فعندما يسعى بائعٌ ما إلى البيع الفردي فهو يبحث عن الإرشاد والخبرة من مدير المبيعات لمساعدته على الربح بهذا البيع. إن ما لا يقوم به البائع هو البدء بمحادثة مع مديره عن كيفية إغلاق فجوة معينة في الأداء. يتم البدء بهذه المحادثات حول الأداء عادةً من قبل سياسة الشركة ويتم إجراؤها في فترات محددة مسبقاً ومرتبطة بعملية رسمية لتقييم الأداء. إن الفترة الأكثر شيوعاً للمحادثات حول تقيم الأداء هي مرة واحدة في كل ربع سنة. الدافع الآخر للمحادثات حول الأداء هو ضعف الأداء. فعندما لا ينجز من يقوم بالبيع الفردي حصة مبيعات معينة تتطلب الشركات خطة منظمة لتحسين الأداء. إن هذه الخطط عادةً ما تكون توجيهية ولا تترك مساحة كبيرة ليتم تفسيرها من قبل مدير المبيعات.

 

قم بمقارنة هذه المحادثات حول "الأداء" مع أكثر المحادثات شيوعاً والتي تتعلق بالمبيعات الفردية. و تتطلب المبيعات الفردية بحثاً في حاجات الزبون والمظاهر التنافسية والحلول القابلة للتطبيق واستراتيجيات التسعير والكثير من التفاصيل التكتيكية الأخرى الضرورية من أجل السعي وراء البيع والربح فيه.

إذا أعرت الانتباه مجدداً إلى الشرح الذي سبق وذكرناه حول محتوى أغلب برامج التدريب على الكوتشينغ فلا يمكن العثور على أحاديث تناقش المبيعات الفردية في أي مكان كان. لقد قمنا الآن بالتخلص من مشكلة رئيسية واحدة على الأقل، و هي أن محتوى التدريب على الكوتشينغ كان مناسباً لأقل من 5 بالمئة من المحادثات الواقعية التي يقوم المديرون بإجراءها مع مندوبي المبيعات الفردية لديهم.

 

بعضكم ممن هو من جماعة العلم والمعرفة وممن هم داخلين في مجال التدريب الذي يتم توفيره لمديري المبيعات لديكم يمكن أن يقفوا عند هذا الوصف المحدود للتدريب على إدارة المبيعات وأن يشعروا أنكم تقومون بتقديم أنواع أخرى وأكثر أهمية من التدريب على الكوتشينغ كذلك. وكما يفعل الكثير من عملائنا يمكنكم أيضاً أن تقوموا بتقديم تدريب على الكوتشينغ لمدراء المبيعات لديكم والذي بدوره يرتبط بمنهجية مبيعات محددة. يقول لنا العميل مثلاً: "إننا نستخدم طرق البيع بتقنية SPIN والبيع الاستشاري والبيع الاستراتيجي وغير ذلك، ولقد قمنا بتقديم تدريب ليوم إضافي لمدراء المبيعات لدينا لتزويدهم بطريقة تطبيق الكوتشينغ على البيع بتقنية SPIN والبيع الاستشاري و البيع الاستراتيجي وهكذا". أو "لقد اجتزنا خطوة إضافية لتمكين مدراءنا على النجاح في تطبيق الكوتشينغ." و للأسف، عندما نقوم بمتابعة مدراء المبيعات لديهم ونراقب يقومون به نجد غياباً بائساً للكوتشينغ. يمكن أن يخطر ببالك سؤال: "إن كان هذا التدريب على الكوتشينغ متعلقاً بشكل مباشر بالسعي وراء المبيعات الفردية والتي تمثل 95 بالمئة مما يجريه المدراء من محادثات مع بائعيهم، إذن لماذا لا تحدث عملية الكوتشينغ؟"

 

حسب خبرتنا فإن أغلب مدراء المبيعات قد تم تدريبهم على كيفية الحصول على تعليمات جيدة و بناءة لتطبيق الكوتشينغ مع مندوبيهم، وهم يعلمون كيف يتم ذلك. لكن ما لم يتم تدريبهم عليه هو الوقت المناسب والسبب المناسب والمكان المناسب لإجراء هذه المحادثات المتعلقة بالكوتشينغ.

 

خذ مثلاً عملية تخطيط المكالمات الهاتفية. فأكثرية مدراء المبيعات الذين قد عملنا معهم قادرون بشكل أكثر مما تتصور على تطبيق الكوتشينغ على بائع ما ليقوم بالبيع عبر المكالمات الهاتفية بشكل أفضل. بإمكانهم مساعدة مندوبيهم على تحديد أهداف معينة لهذه المكالمة والتفكير في احتياجات المشتري و توقع الانتقادات و غير ذلك.

 

ما لا يعلمه المدراء هو سبب الحصول على جلسة تعليمية لتخطيط المكالمات الهاتفية. هل على مندوبيهم أن يقوموا بالتخطيط لجميع مكالماتهم الهاتفية المحتملة؟ أو ربما عليهم فقط التخطيط للمكالمات الهاتفية مع الزبائن المهمين لأنه من الصعب جداً أن يبدو منهم خطأ ما مع هؤلاء الزبائن؟ أو ربما فقط المكالمات الهاتفية من قبل المندوبين عديمي الخبرة لأنهم بحاجة إلى شدة زائدة؟ أو ربما مع جميع مكالماتهم فقط لأنهم قادرون على ذلك؟

يقع المدراء كذلك على صراع دائم مع الوقت المناسب للدخول في عملية تطبيق الكوتشينغ مع إجراء المكالمات الهاتفية. هل تكفي بيعتان عبر مكالمات الهاتف أسبوعياً؟ أو كلما طلب مندوب المبيعات ذلك؟ أو أبداً؟

 

وماذا عن المكان المناسب للحصول على هذه التعليمات حول تطبيق الكوتشينغ على المكالمات الهاتفية؟ هل من الممكن أن يتم ذلك في السيارة في الطريق إلى العميل المحتمل؟ أو في المكتب؟ أو على الهاتف؟ أو أثناء مكالمة جماعية في مؤتمر؟

 

بإمكانك أن ترى أين يتم ذلك. في أغلب الأحيان يملك مديرو المبيعات تلك المهارة على تطبيق الكوتشينغ على مندوبيهم، فهم ليسوا ملتزمين بقواعد ارتباط بالوقت المناسب و السبب المناسب والمكان المناسب الذي يجب تطبيق الكوتشينغ فيه. وعند غياب التوجيهات الواضحة نادراً ما يأتي الوقت المناسب ليفكروا "نعم! إنه الوقت المناسب لتطبيق الكوتشينغ على هذا المندوب! ولهذا السبب هو بحاجة إليه! وهذا هو المكان المناسب لتطبيقه." وهذا لا يحصل أبداً بالطبع.

 

لذلك يكون التدريب على إدارة المبيعات بحاجة إلى التركيز بشكل أقل على مهارة مدير المبيعات وبشكل أكبر على قواعد الارتباط لمدير المبيعات. إنهم ربما يعرفون كيفية البيع عبر الهاتف وكيفية السعي وراء الفرصة المناسبة وكيفية زيادة حساب معين وكيفية إدارة إقليم معين، لأن هذه الأشياء هي ذاتها التي قاموا بها مسبقاً بشكلٍ ناجح عندما كانوا هم نفسهم مندوبين من قبل. وربما ما لا يعرفونه هو كيف تكون مديراً، فلا أحد يدربهم ليكونوا كذلك. فإن كنت تريد الكوتشينغ على يد مديري المبيعات لديك، بالإضافة إلى كيفية إجراء محادثة جيدة حول الكوتشينغ، من الممكن أن تضع في اعتبارك تزويدهم بالإرشادات حول الوقت المناسب و السبب المناسب والمكان المناسب لإجراء هذه المحادثات، فلقد وجدنا أنه عند تنظيم هذه التفاصيل التكتيكية يتم تطبيق الكوتشينغ بشكل كبير.

المصدر

ترجمة عبادة سبيعي
تدقيق مالك اللحام