لابد من معرفة جمهورك ... مستمعيك ... متعلميك...

في التواصل الشخصي الذي يتم ما بين اثنين يعتمد مقدار التواصل وشكله على علاقتك بالشخص الآخر، ويزداد التحدي كلما زادت المجموعة التي تتواصل معها شخصاً إضافياً. وكذلك الأمر يزداد تنوع الجمهور كلما ارتفع عدد أفراده. ويختلف المستمعون عن بعضهم بعضاً بحسب العمر والجنس والخلفية الثقافية والمعتقدات والقيم ومجموعة أخرى من الصفات والمميزات. باختصار إن لكل فرد من الجمهور شخصية منفردة، ولا ينحصر دورك كمتكلم فقط في إدراك هذه الاختلافات وإنما الفهم والاحترام والتكيّف مع تنوع الجمهور أثناء عملية الإلقاء. عليك اعتبار التنوع الكبير للجمهور فرصة للتعلم عن الآخرين وعن نفسك بدلاً من التفكير به على أنه عائق.



إذا كنت تقدر جمهورك وتريد الاتصال معه بنجاح، فعليك التفكير بالإلقاء على أنه نشاط مركز على الجمهور، فكيف يمكنك القيام بذلك؟ على المتكلم التركيز على الجمهور وذلك بالقيام بثلاثة أشياء ضرورية وهي: أولاً: عليك الإدراك والاعتراف بأنك مجرد جزء من الجمهور مما يساعدك في الرغبة بالتعلم قدر الإمكان عن الآخرين، ثانياً: عليك احترام المستمعين من أجل تعزيز معرفتهم وفهمهم وذلك بتزويدهم بالمعلومات المفيدة والممتعة، وللقيام بذلك عليك إدراك وتقدير معتقداتهم وقيمهم وسلوكياتهم، وهذا بدوره سيؤدي إلى المظهر الثالث: من مظاهر التركيز على الجمهور وهو أنه عليك إدراك التغذية الراجعة من الجمهور والعمل عليها سواء كانت لفظية أو غير لفظية. وسيحاول المتكلمون المنسجمون مع جمهورهم اكتشاف وصقل اهتمامات المستمعين وتحديهم بأفكار جديدة ومفيدة.

سوف تقضي وقتاً في تحليل جمهورك قبل الإلقاء، وهو أطول من الوقت الذي ستقضيه أثناء أو بعد الإلقاء، وقد تستمر محاضرتك لمدة نصف ساعة أو ساعة، فإذا كنت ترغب في أن تقوم بعمل جيد فلابد أن يستغرق تحليلك لجمهورك مدة أطول من نصف ساعة أو ساعة. من الجيد معرفة بعض صفات الجمهور التي قد تؤثر في طريقة تطويرك لإلقاء معين، وبعض هذه الصفات اجتماعية وبعضها ثقافية والأخرى تتعلق بأفكار الجمهور ومشاعرهم وسلوكياتهم، وتحليل الجمهور ليس عبارة عن جمع الإحصائيات ووضع الاستنتاجات حول الجمهور فقط، فالتنوع هو أكثر من مجرد معلومات عن الجمهور، فعندما تأخذ صورة عن جمهورك، فإنك ستمرن مهاراتك في التفكير من خلال جمع المعلومات وتذكرها وتحليلها وتقييمها. وعندما تقوم بجمع البيانات لتكوين صورة أوضح عن مستمعيك فأنت تجمع المعلومات، وعندما تمرن مهارة التذكر فإنك ستحرك ذكرياتك حول ما سمعته من المستمعين، وستركز على عناصر الصورة المتعلقة بأهم نقاط الموضوع المرتبطة بهم في إلقائك، وعندما تقوم بجمع وتلخيص وإعادة بناء بعض المعلومات حول المستمعين، فإنك ستمرن مهارات التكامل، وأخيراً، ستحلل المعلومات التي جمعتها وذلك باختبار الميزات الشخصية لمستمعيك والعلاقات بينها.

ومن المؤكد أن تحليل الجمهور هو عملية تقولب عملية تحضير وإلقاء وتقييم أي محاضرة، وبكلمات أخرى: يتم تحليل الجمهور

قبل وأثناء وبعد عملية الإلقاء. يتطلب إعداد الإلقاء اليوم تحليلاً دقيقاً للجمهور، وهذا يساعد في تحديد الموضوع وطوله ومجاله. لذا على المتكلمين الأذكياء تحليل صفات الجمهور ونفسياتهم واحتياجاتهم، بالإضافة إلى تحليل حالات إلقاء خاصة.