كيف نرى الموهبة؟

إنّ سرعة الفائزين ونجاحهم لا تُقلِّل بأي حال من الأحوال من أهميّة إنجازات المتسابقين الآخرين



النّظم التربويَّة اليوم كثيرا ما تعجز عن فهم ما يجري داخل الأطفال الموهوبين حينما تكون البرامج الدراسيَّة المُقدِّمة إليهم لا تراعي قدراتهم الفريدة، ولا تراعي حاجاتهم إلى التعلُّم في المجال الذي يحبون، وبالسرعة التي يريدون.

 

وفي كثير من الأحيان فإنّ عقد المشابهات توضح الأمور أكثر من الشروح المُفصَّلة، وفيما يأتي مجموعة من المشابهات نأمل أن تلقي بعض الضوء على مفهوم الموهبة:

 

  1. حجم الحذاء:

يقالُ إِنّ (موهوباً) وقف بباب دكان بيع الأحذية (المدرسة)، ولا يوجد في الدكان إلا أحذية نمرة (38) "المنهاج"، والموهوب يلبس أحذية نمرة (42).

رحب به صاحب الدكان (المُعلِّم) قائلاً: هل تلبس أحذية نمرة (38)؟

فقال له الموهوب: أنا ألبس أحذية نمرة (42)، هل عندك أحذية نمرة (42)؟

فقال له صاحب الدكان: جرِّب هذا الحذاء.

فقال له الموهوب: لا أستطيع أن ألبسه.

فقال له صاحب الدكان: ما المشكلة في الحذاء؟

فقال له الموهوب: لا مشكلة في الحذاء، إنه حذاء جميل، ولكنه لا يطابق "مقاسي".

فقال له صاحب الدكان: جرِّب الآن بعد وضع هذا الرباط الجميل للحذاء (مادة إثرائية).

فقال له الموهوب: أرى أن النمرة قد أصبحت (39)، ولم تصل إلى (41).

فقال له صاحب الدكان: ما المشكلة في قدمك؟

فقال له الموهوب: لا مشكلة في قدمي، إنّ قدمي جميلة، لكنّ حذاءك لا يطابق "مقاسي"، ثم هب أنني ضغطت قدمي في الحذاء، كيف سأمشي به؟ وكم سأمشي به؟

إنّ الحذاء الجميل لا يناسب القدم الجميلة إلا إذا تطابقا في "المقاس".

  1. سباق الماراثون:

انظر إلى سباق الماراثون، كم إنساناً يشارك فيه؟ الآلاف، وهذه الآلاف لكل واحد منها بارقة أمل في أنّه سيفوز، ولكن الذين يفوزون حقيقة هم من (8) إلى (15) شخصاً على أقصى تقدير، فماذا سيكون الحال بالنسبة إلى الآلاف التي لم تفز؟ وماذا سيكسبون من كونهم جزءاً من هذه المغامرة الميؤوس منها؟

إنّ القيمة والفائدة لهم هو كونهم جزءاً من العملية، وجزءاً من الحدث حيث أنّ كل واحد/ة قد تنافس هو ونفسه فكسب الثقة بالنفس، والقدرة على المنافسة من خلال التدريب.

إنّ سرعة الفائزين ونجاحهم لا تُقلِّل بأي حال من الأحوال من أهميّة إنجازات المتسابقين الآخرين.

أليس جديراً بالتقدير نجاح الفائزين؟ بالتأكيد نعم، إنّهم يستحقون إعجابنا وهتافنا، فالإنجاز الكبير دائماً ما يكون ثمرة العمل الجاد والتفاني المدعوم بالموهبة. وبتكريم الموهبة والنبوغ ينتعش المجتمع بأسره.

  1. كرة السلة:

تخيل أنّ طالباً في المرحلة الإعدادية يلعب كرة السلة في فريق المدرسة، وهذا الطالب هو نجم الفريق لأنّه هو الأطول قامةً، وهو على درجة معقولة من الذكاء، وهو يعشق هذه اللعبة ويستمتع بها.

أخذ يتراجع في مستواه لكثرة الثّناء والمديح الذي كان يتلقاه من الجمهور والزملاء، فانتبه المُدرِّب إلى هذا الوضع، اصطحب هذا الطالب معه إلى النادي ليتدرب مع الفريق هناك حيث اللاعبون الأكبر منه سناً، والأطول منه قامةً، والأكثر منه خبرةً، شعر بالضيق لأنّه لم يعد نجم الملعب، فكانت صدمة لثقته بنفسه ولغروره، ولكنه تعلَّم من التجربة.

احذر من الطفل الذي يعتز بنفسه من خلال إنجازاتٍ يحصل عليها بسهولة.

ترجمة: محمد أحمد مقبل

 

المصدر: مجلة المقالات