كيف لك أن ترفع أجورك أتعابك الاستشارية من خلال الترويج لقيمةٍ أعلى الجزء الثاني

النصيحة الثانية- المشترون يحبون الخيارات المتعددة (وأنت ستحبها أيضاً)

ثمة طريقةٌ أكيدةٌ تشعل زيادة إيراداتك، ألا وهي تقديم عروضك بطريقةٍ ملفتةٍ وتوفير خياراتٍ متعددة لزبائنك.

تخيل أنك تريد استئجار مهندسٍ معماريٍ لتصميم منزلك. حينها تقضي وقتاً وأنت تشرح له مدى أهمية الضوء الطبيعي إضافةً إلى مقدار المساحة المغطاة التي تريدها كي يلعب أطفالك خلال فصل الشتاء. يأخذ المهندس هذه المعلومات ويقدم إليك العرض. ويقول "ها هو ذا". "هذا ما أوصي به، وتكلفته ستكون 80 ألف دولاراً"

إذا كانت تلك هي الميزانية التي تضعها في حسبانك، وكانت توصية المعماري تروق لك تماماً، فإن كل شيءٍ على ما يرام. ولكن، ماذا لو لم يحقق عرض المهندس المعماري كل ما تفكر به- إما بسبب اختلاف الميزانية التي تخصصها لذلك أو بسبب رغبتك بشيءٍ مختلف؟

 

 



سواءٌ أكنت تعرض خدمةً كالمهندس المعماري، أو كنت تبيع منتجاً، فإن الفشل في تقديم خياراتٍ إلى المشتري من شأنه أن يحدّ بشكلٍ كبيرٍ من إمكانية نموّ عملك.

فإن كان الحال كذلك، فإنّه لمن الأفضل بالنسبة للمهندس أن يقدم خيارين أو ثلاثة. فحينما تقدّم خياراً واحداً إلى المشتري، فكأنك تقول بقصدٍ أو بدون قصد، "خذها أو اتركها."

إن من شأن تقديم خياراتٍ متعددةٍ إلى المشتري أن يزيد من احتمال قوله "نعم" لأحد تلك الخيارات.

حين يكون المشتري على ثقةٍ بأن كلّ دولار يستثمره معك سيعود عليه بقيمةٍ أكبر منه، فإن أي تردّد من جانبه في الشراء منك سيتلاشى على الفور.

لم يعد الحديث بعد الآن يتمحور حول عبارة "اشترِ هذا لأنه خيارك الوحيد." بل أصبح على الشكل "أي الخيارات هو الأفضل بالنسبة لك؟" إن هذا الفرق بسيط لكنّه شديد التأثير. وسأوضح لك السبيل إلى جني المزيد من الأموال من خلال تقديم الخيارات المتعددة.

الاستفادة من الخيارات

إن معظم الشركات تجد أن تقديم خياراتٍ ثلاثةٍ هو أكثر السبل فعاليةً. وفيما يلي أوجهك إلى كيفية تخطيط الخيارات التي تقدمها إلى المشتري:

الخيار الأول – هذا الخيار هو الأقل سعراً. وهو يتضمن عرض خدمةٍ في الحدود الدنيا أو إبراز ما يحتاج إليه المشتري لمجرد النجاح في تحصيل الدخل. ويوفر هذا الخيار قيمةً للاستثمار.

الخيار الثاني – يتضمن هذا الخيار الخدمات والميزات التي تنتمي إلى الخيار الأول، إضافةً إلى خدماتٍ أو ميزاتٍ أو منتجاتٍ إضافيةٍ توفر للمشتري المزيد من القيمة. فإن كان الخيار الأول هو كتاب، فقد يكون الخيار الثاني كتاباً مع قرص دي في دي. أو إذا كنت تعرض ورشةً وفق الخيار الأول، فإن الخيار الثاني قد يضم تقديم الورشة مع كوتشينغ لمدة ثلاثة أشهر. إن الحل يكمن في تقديم قيمةٍ إضافيةٍ أكبر بكثير تجتذب المشتري الذي يفكر في الخيار الأول نحو الخيار الثاني.

 

الخيار الثالث – هذا الخيار هو الخيار ذو القيمة الأعلى وذو السعر الأكبر. حين أتعامل على هذا الأساس مع عملائي، فإني أوصيهم بأن يبدؤا برسم ما يشاؤون على لوحة زيتية قماشية فارغة. حيث أخبرهم بأن يتصوروا أن لدى المشتري الكثير من الموارد وأن المال ليس مشكلةً بالنسبة له- وكأن المشتري يقول لهم: "لدي مالٌ أود استثماره، فما ذا بوسعكم أن تقدموا لي لمساعدتي في حل المشكلة التي أعاني منها أو في بلوغ النتيجة التي أسعى ورائها بأسرع وقتٍ ممكن؟" يتضمن الخيار الثالث في العادة كل ما يحتويه الخيار الثاني، مع خدماتٍ أو ميزاتٍ أو منتجاتٍ إضافية.

فإن كان سعر الخيار الأول هو 1000 دولار، فإن سعر الثاني قد يكون 1600 دولار، بينما يقدم الخيار الثالث بسعر 3000 دولار.

من الطرق شديدة الفعالية في الترويج للقيمة لدى الزبائن أن تبرهن بأن منتجك أو خدمتك سوف تنتج لهم عائداً هاماً على الاستثمار.

وسوف تلاحظ أن الخيار الثالث يمثل قفزةً كبيرةً من حيث السعر. ويعزى السبب في ذلك إلى كيفية اتخاذ المشترين للقرارات والنسبة المئوية من الأفراد الذين سيختارون كل خيار. ويشير البحث الذي أجراه عالما النفس تفيرسكي وكاهنمان Tversky and Kahneman إلى ما يلي:

يشكل الخيار الأول المدخل نحو العمل معك. ويخص هذا الخيار المشترين ذوي الموارد المحدودة أو الذين ليس لديهم ثقةٌ كاملةٌ بعلاقتهم معك. حيث يتيح لهم الخيار الأول أن يختبروا الشراء منك، وفي أغلب الأحيان يتجه أولئك ليشتروا منك بصورةٍ أكبر في المستقبل. وعادةً ما يتجه 15% من الزبائن نحو الخيار الأول.

يعد الخيار الثاني هو الأكثر شعبيةً. وعندما يتخذ الناس قرارات الشراء، لا يرغب معظمهم أن يرى وكأنه ينتقي الخيار الأقل تكلفة. إنهم ينشدون القيمة، ولكنهم لا يستطيعون تبرير اتجاههم نحو الخيار الأعلى كلفةً. وهذا يضعهم تماماً في موضع الوسط، حيث يمكن أن نجد أن 70-80% من المشترين تقريباً يختارون الخيار الثاني بنتيجة ذلك.

أما بالنسبة لخيارك الثالث، فإنه ليس للجميع، ولا ضير في ذلك. وهو مخصصٌ للمشترين الذين يرغبون بالحصول على الأفضل ويبحثون عن النتائج بشدّة. إنهم لا يرون السعر بمثابة تكلفة، بل بمثابة استثمار، وهم على استعدادٍ للدفع مقابل ذلك. يشكل هذا الصنف من المشترين عادةً 5% من إجمالي المشترين.

كما عرّف تفيرسكي وكانيمان Tversky and Kahneman عاملاً آخر يؤثر في عملية اتخاذ القرارات، ويدعى ذلك بالإرساء أو التثبيت. ومفاده هو أنه عندما يرى الشخص أو يسمع رقماً أكبر، ثمّ يرى أو يسمع مباشرةً رقماً أقل منه بكثير، فإنه سيدرك أن الرقم الثاني أصغر بكثير مما لو أن الرقم الصغير عرض عليه دون الرقم الكبير بدايةً.

ويعد ذلك هاماً في سياق التسعير. فحين تبيع منتجك مقابل 1000 دولار وكان ذلك هو عرضك الوحيد، فإن المشتري سوف يحكم على هذا الرقم فحسب. ولكن إذا بدأت بعرضٍ قيمته 3000 دولار، ثم عرضت خياراً ثانياً مقابل 1600 دولار ومن ثم ثالثاً مقابل 1000 دولار، فإن زبونك سيرى أن الخيارين الأخيرين معقولان من خلال المقارنة. إن الخيارين ذوي سعر 1000 دولار وسعر 1600 دولار لم يتغيرا فعلياً، ولكنها ثبّتا من خلال الخيار الأعلى ثمناً، ما يجعلهما يبدوان أقلّ بكثير مما لو تم عرضهما بمفردهما.

وحين أتّبع هذا الأسلوب مع عملائي، فإنّي أرى مراراً وتكراراً أنّ معظم البائعين يركزون على الخيار الأول. وإنّ توفير خيارين إضافيين اثنين للمشتري من شأنه زيادة إيراداتك بصورةٍ فورية. كما أن ثمة ناحيةٌ لا تقل أهميةً عمّا سبق، وهي أن المشتري سيزداد سعادةً حين تقدم له قيمةً أفضل.

المصدر

ترجمة: حسن الاشقر

تدقيق: مالك اللحام