كيف تقدم موقفا صفياً ناجحا؟

تنظيم الأنشطة الصفيَّة واللاصفيَّة التي يقوم بها تلاميذه داخل غرفة الصف وخارجها، والتي خطط لها لكي يحدث تغييراً محموداً في سلوكهم وفي طرائق تفكيرهم، بحيث يوزعها عليهم بعدل ودون إرهاق، في جوّ تسوده المحبة والإخاء، وتحكمه العلاقات الإيجابيَّة إضافة إلى تحديد أدوات التقويم المناسبة للأهداف.



 محمود طافش 

يؤدّي التفاعل الصفّي النشط الذي يستند إلى تخطيط تربوي سليم دوراً رئيساً في تحقيق أهداف التربية. ولعلّ من أبرز العوامل التي تجعل المُعلِّم قريباً من تلاميذه إدارته الصفيَّة الناجحة، وممارسته لمختلف أنماط التفاعل الصفي، ومقدرته على توظيف التقنيات التربويَّة الحديثة، وعلى تنظيم الأنشطة الصفيَّة واللاصفيَّة التي يقوم بها تلاميذه داخل غرفة الصف وخارجها، والتي خطط لها لكي يحدث تغييراً محموداً في سلوكهم وفي طرائق تفكيرهم، بحيث يوزعها عليهم بعدل ودون إرهاق، في جوّ تسوده المحبة والإخاء، وتحكمه العلاقات الإيجابيَّة إضافة إلى تحديد أدوات التقويم المناسبة للأهداف.

 

وتعدّ الإدارة الصفيَّة الناجحة شرطاً رئيساً لتحقيق الأهداف السلوكيَّة المُحدَّدة في التخطيط التدريسي، وهي تتحقق إذا استطاع المُعلِّم:

  1. التخطيط لإجراء تفاعل صفي نشط مُتعدِّد الأطراف، يستند إلى أسئلة سابرة وموضوعية، وذات نهاية مفتوحة تحفز إلى التفكير، هذا التخطيط ينبغي له أن يكون متكاملاً وقائماً على أهدافٍ سلوكيَّة واضحة وقابلة للملاحظة والقياس.
  2. توفير مناخ دراسي صحي حافز قائم على المودة والاحترام المتبادل، وعلى حفظ النظام في أثناء التعلُّم.
  3. توفير الوسائل التعليميَّة المعينة وعلى وجه الخصوص التقنيات الحديثة، وتوظيفها بعناية وبصورة مُنظَّمة.
  4. ملاحظة المُتعلِّمين في أثناء تنفيذ الأنشطة وتعزيز عملهم بألفاظ حافزة، وإسداء النصائح لمن يطلبها.
  5. تقويم أداء المُتعلِّمين تقويماً موضوعياً شاملاً وصادقاً يقيس التغيُّر في السلوك وفي طرائق التفكير وليس فقط المعلومات المكتسبة.

 

وتستند الإدارة الصفيَّة الناجحة كذلك إلى مجموعة من الأسس والقواعد الراسخة التي لا غنى عنها لتوفير موقف صفي مفيد ومن هذه الأسس:

  1. تنظيف غرفة الصف وتنظيمها بوضع كل شيء في مكانه، وبصورة تجعل الحركة سهلة.
  2. حرص المُعلِّم على ملاحظة الأنشطة التي تجري أمامه بوعي.
  3. ترتيب الوسائل المعينة بهيئة مُنظَّمة بحيث يسهل الوصول إليها وتوظيفها، ووضعها في مكانٍ معيّن، بحيث يتمكَّن جميع المُتعلِّمين من مشاهدتها دون الانتقال من أماكنهم أو تحريك مقاعدهم.

 

وفيما يأتي مجموعة من المقترحات التي تساعد الزميل على إعداد خطة درسية مُنظَّمة ومتكاملة:

  1. اقرأ النص موضوع الدرس قراءة واعية متأنية.
  2. اسأل نفسك الأسئلة الآتية:
  • ما الأهداف السلوكيَّة التي تنبثق من هذا المحتوى؟ وهل هي شاملة لجميع المجالات المعرفيَّة والمهارية والوجدانية والاجتماعيَّة؟ وهل هي متدرجة ومتنامية؟ وهل هي قابلة للملاحظة والقياس؟
  • ما المعلومات التي يجب أن يحصل عليها المُتعلِّمون؟ وما الأنشطة التي سيمارسونها؟ وما القيم التي ينبغي لهم أن يكتسبوها؟ وما المهارات التي يجب أن يكتسبوها أو ينموها؟
  • هل الأسئلة التي سأطرحها على المُتعلِّمين سابرة وذات نهايات مفتوحة ومتكاملة؟
  • ما الوسائل المعينة على تحقيق الأهداف التي سأوظفها؟ وهل تأكَّدت من صلاحيتها؟ وهل هي ملائمة للأهداف؟ وهل سأوظفها في الوقت المناسب؟ وهل سأخفيها عن الأنظار بعد الانتهاء من توظيفها؟
  • ما الأنشطة التي سيقوم بها المُتعلِّمون داخل الصف وخارجه؟ وهل يلي كل نشاط الهدف الذي وضع لتثبيته؟
  • ما أفضل الوسائل لتقويم الأنشطة العملية والتحصيل النظري والتغيُّر الحاصل في السلوك وفي طرائق التفكير؟
  • هل وقت الحصة كافٍ لتحقيق جميع الأهداف المخططة، ولما يتقدم عليها من تهيئة وتعليم قبلي؟
  1. نفذ تخطيطك بوعيٍ ونشاط، والتنفيذ السليم ينبغي له أن يتم وفق الخطوات الآتية:
  • التهيئة الحافزة وفيها يتم بيان أهمية الدرس، وجوّه العام، والإيجابيات التي تترتَّب على تعلُّمه، إضافة إلى مراجعة المعلومات والخبرات السابقة، مع ملاحظة الوقت المُخصَّص لذلك.
  • الشرح والتفصيل للمحتوى، وهناك عدة طرائق لتحقيق هذه المرحلة من أفضلها التفاعل الصفي القائم على الحوار الهادئ المُنظَّم مُتعدِّد الاتجاهات، والمعتمد على تحقيق التوازن بين الكلام المباشر وغير المباشر. وينصح الزّميل بأن يتناول المحتوى على هيئة مجالات متكاملة وأن يُتبع كل مجال بنشاط لتأكيده، وبتقويم يبين مدى تحقُّق الأهداف، ويزوِّد المُتعلِّمين بتغذية راجعة، وبأسئلة تكوينية تساعد على تثبيت التعلُّم، مراعياً الفروق الفرديَّة بين تلاميذه، وموظفاً وسائل التعزيز الماديَّة والمعنويَّة.
  • القيام بالأنشطة التي تهدف إلى تثبيت التعلُّم وإلى تنمية المهارات. ونُؤكِّد هنا على أهمية الهدوء والنظام في أثناء تنفيذ الأنشطة، وعلى أن يكون المُعلِّم في كامل حضوره خصوصاً حين توظيف الوسائل المعينة الثمينة أو الهشة أو التي يمكن أن تلحق ضرراً إذا أُسيء استخدامها.
  • تقويم التعلُّم الحاصل، وهو أنواع ينبغي للمعلّم أن يكون على دراية تامة بها، فيختار لكل موضوع ما يلائمه من أدوات مراعياً الفروق الفرديَّة حين توزيع الأسئلة الشفهيَّة، وكذلك التنوُّع والوضوح مع احتوائها على أسئلة تتحدى قدرات المُتعلِّمين حين استخدام الأسئلة التحريريَّة أو الأنشطة العملية، وينبغي أيضاً تأكيد أهمية الحوافز الماديَّة والمعنويَّة في أثناء عملية التقويم وفي جميع مراحل الدرس باستخدام دفتر الدرجات، وليكن لسانه رطباً بألفاظ التعزيز ولكن دون إفراط أو مبالغة لكي لا تفقد ألفاظه قيمتها، فلا يكرر كلمة ممتاز كثيراً، وليستخدمها للثناء على الإنجازات الباهرة فقط، وليستخدم بكثرة ألفاظ أخرى مثل جيد وجيد جداً وأحسنت.
  • التلخيص، حين يشرف الوقت على نهايته ينبغي أن تكون السبورة مزدانة بمعلومات مركزة ومفيدة معروضة بصورة مُنظَّمة.
  • والواجب البيتي على قدر كبير من الأهمية، وليكن قصيراً ومرتبطاً بالأهداف.

 

وعند الانتهاء من تنفيذ الوحدة المخطط لها من المفيد جداً أن يحث المُعلِّم تلاميذه على الاطلاع على الدرس الجديد الذي سيكون موضوع التفاعل الصفي في الحصص القادمة، لأنّ هذا الاستعداد يساعدهم على فهم الدرس بسهولة، ويطرح أمامهم مجموعة من التساؤلات التي ينبغي لهم أن يتنبهوا للحصول على إجابات لها في أثناء التعرُّض لها في الموقف الصفي الجديد.

 

ومن الأمور التي ينبغي للمُعلِّم مراعاتها في أثناء الإعداد للموقف الصفي:

  1. أن يكون التخطيط الدراسي متكاملاً قائماً على أهداف سلوكيَّة قابلة للملاحظة والقياس، هذه الأهداف ينبغي لها أن تكون:
  • منوعة معرفيَّة ومهارية ووجدانية واجتماعيَّة.
  • ذات مستويات مُنظَّمة وصاعدة تبدأ في المجال المعرفي من المستويات البسيطة كالمعرفة والفهم والتطبيق وتنتهي بالمستويات السامية كالتحليل والتركيب والتقويم. وهكذا يكون الحال في المجالات الأخرى.
  • مناسبة للوقت المُحدَّد لتحقيقها ولقياسها.
  1. طرح الموضوع بقدرة ولباقة وبأسلوب ملائم للمحتوى ولمستوى التلميذ المعرفي ولعمره العقلي.
  2. العناية بالتهيئة الحافزة بحيث تكون ملائمة للموضوع ومشوقة وحافزة وتتم في وقت لا يطغى على بقية مراحل الدرس.
  3. تحقيق التوازن بين الكلام المباشر وغير المباشر.
  4. تنويع الأنشطة وإسناد الدور الأكبر على المُتعلِّمين.
  5. اختيار الوسائل المعينة التي تخدم محتوى الدرس والملائمة لمستوى التلاميذ ومراعاة استخدام التقنيات الحديثة المتاحة.
  6. توظيف أدوات التقويم المنوّعة والمتدرجة الشفهيَّة منها والتحريريَّة، ومراعاة الفروق الفرديَّة عند توزيع الأسئلة.
  7. المحافظة على النظام وعلى الهدوء، ومواجهة المشاكل الطارئة بحكمة.
  8. الانتقال من الأهداف المعرفيَّة إلى الأهداف الوجدانية ثمّ إلى الأهداف المهارية فالأهداف الاجتماعيَّة بكفاءة عالية وتكامل.
  9. الربط بين أفرع المادة الواحدة، وبين مادته والمواد الأخرى، وبين مادته والحياة.
  10. توظيف وسائل التعزيز الماديَّة والمعنويَّة الملائمة لمستويات الطلاب والقادرة على بعث الحماسة والحيويَّة في نفوس المُتعلِّمين.
  11. طرح الأسئلة بلغة سهلة واضحة وفي زمن مناسب، وتوفير الوقت الكافي للطالب الذي يجيب بهدف ترتيب أفكاره والتعبير عنها، والمراوحة بين الأسئلة المباشرة والأسئلة السابرة وتعزيز إجابات التلاميذ معنوياً بالألفاظ أو مادياً بالدرجات.
  12. الحفاظ على ترتيب الأشياء في غرفة الصف ومراعاة الأبعاد السلوكيَّة المُتعلِّقة بالصحة العامة.

 

وفي أثناء التفاعل الصفي ينبغي للزميل المعلم أن يكون:

  1. متابعاً كل ما يجري داخل غرفة الصف بوعي واهتمام.
  2. قادراً على تحديد مصدر الخروج على النظام ومعالجته بحكمة قبل أن يستفحل.
  3. عاملاً على تنظيم الوقت بحيث ينتهي من أهداف حصته في الوقت المُحدَّد لها، فإذا لاحظ المُعلِّم بأن تلاميذه لم يحققوا واحداً من أهداف الحصة بصورة مرضيَّة فإنّ عليه أن يعود إليه في أثناء تخطيطه للحصة القادمة.
  4. غير منشغل عن النشاط الصفي بأي شيء آخر، لأن من شأن ذلك أن يعرقل النظام ويبدد الهدوء.
  5. محافظاً على انتباه التلاميذ وعلى مشاركتهم في الأنشطة دون الانشغال عنها بأشياء أخرى.
  6. مشاركاً جميع التلاميذ في الإجابة عن الأسئلة وعدم التمييز بين الطلاب، وتوزيع الأسئلة ذات النهايات المفتوحة، السابرة على الممتازين، بينما يستدرج الآخرين إلى المشاركة في التفاعل الصفي بأسئلة دون ذلك.
  7. حريصاً على أن تكون واضحاً في المعلومات متدرجة ومترابطة ومناسبة لمستويات التلاميذ.
  8. ألفاظه وتعابيره وأسئلته واضحة ودقيقة.
  9. مراوحاً بين المعلومات وبين التطبيق العملي عليها.
  10. مذكّراً المُتعلِّمين بالقواعد والقوانين بين الفينة والأخرى وكتابتها على لوحات وتعليقها على جدران غرفة الصف أو في أماكن تتيح للتلاميذ مشاهدتها.
  11. مستخدماً الألفاظ المهذبة والابتعاد عن الألفاظ غير اللائقة.
  12. محافظاً على الهدوء وعدم الانفعال في جميع الأحوال.
  13. غير سامحٍ للتلاميذ بالخروج من غرفة الصف إلا في الحالات الملحة.
  14. توظيف الإشارات باليدين وبالرأس وبالعينين في أثناء التفاعل الصفي.
  15. تقبل مشاعر وأفكار التلاميذ مهما كانت سطحية ولا تسخرْ منها.

 

ومن السمات المميزة لمُعلِّم المبدعين في الموقف الصفي أنه:

  1. يهتم بأسئلة التلاميذ ويصغي إلى إجاباتهم باهتمام.
  2. يشجع الاستقلاليَّة في التفكير والممارسة، ولا يتدخل في أعمال المُتعلِّمين إلا عند الضرورة.
  3. يلاحظ ميول المُتعلِّمين واهتماماتهم ويعمل على إشباعها.
  4. مثابر وصبور، يحترم آراء المُتعلِّمين ويشجعها ويتقبَّل الأفكار الجديدة.
  5. يهتم بتزويد المُتعلِّمين بتغذية راجعة.
  6. يعتمد التواصل مُتعدِّد الاتجاهات في أثناء التفاعل الصفي.
  7. بعد طرح السؤال يتيح الذي يجيب وقتاً كافيا للتفكير قبل الإجابة، وعيناه تلاحظ الآخرين كي لا ينصرفوا عن المتابعة.
  8. يحترم سلوك المُتعلِّمين مهما كان متواضعاً ولا يسخر من إجاباتهم مهما كان نوعها.
  9. يجتنب النزعة الفوقية في كل ممارساته.
  10. متفائل بالوصول إلى نتائج جيدة.
  11. متمكن من طرائق التعليم وعلى وجه الخصوص التي تقود إلى الإبداع.
  12. يسمح للمُتعلِّمين بالتفكير فيما هو خارج المُقرَّرات الدراسيَّة.
  13. يوفر جوّاً من الأمن والحريَّة للمُتعلِّمين.
  14. يهتم بتدريب المُتعلِّمين على مهارات التفكير المنطقي والناقد والإبداعي لمواجهة صروف الحياة.
  15. يراعي الفروق الفرديَّة بين المُتعلِّمين.

 

وبقدر التزام الزميل هذه الخطوات يكون تأثيره عميقاً في عقول المُتعلِّمين، وتحقق له السعادة في عمله، ويلقى القبول والاحترام من رؤسائه.

 

كيف تقدم موقفا صفياً ناجحا؟ محمود طافش