رؤى حول التربية والإعلام وأدوار المناهج لتنمية التفكير

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا وحبيبنا سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين. "سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم" (البقرة/ 32)، وبعد:



فلقد أعلن معالي وزير التربية والتعليم في المملكة العربية السعودية (د. عبدالله بن صالح العبيد) عن تنظيم وزارة التربية والتعليم بالتعاون مع المُنظَّمة الدوليَّة للتربية الإعلاميَّة ومُنظَّمة اليونسكو للمؤتمر الدولي الأول للتربية الإعلاميَّة، الذى تتمثل أهدافه فى تعزيز الوعي الإعلامي كجزء من تكوين المواطن المستنير؛ مما يشجع على المشاركة الفاعلة في المجتمع. فالتربية الإعلاميَّة تُمكن الناشئة من حسن تفسير المواد الإعلاميَّة، والاستقبال الناقد لها، وتكوين آراء واعية عنها بوصفهم مستهلكين لها، وأن يصبحوا منتجين للمضامين الإعلاميَّة. فالغاية التي تتوخاها التربية الإعلاميَّة هي تطوير الملكات النقديَّة والإبداعيِّة لدى الشباب. وأكد معاليه أن وزارة التربية والتعليم تولي اهتماماً كبيراً لتوعية النشء والشباب بكيفيَّة التعامل وهذا الكم الهائل من المضامين والمواد الإعلاميَّة، التي توجَّه إليهم عبر الأفق المفتوح أمامهم، من خلال وسائل الإعلام المقروءة والمرئيَّة والمسموعة إضافة إلى الإنترنت (الجزيرة، 2006).

 

كما أوضح سمو نائب وزير التربية والتعليم لتعليم البنات (د.خالد بن عبد الله بن مقرن المشاري آل سعود، رئيس اللجنة العليا لتنظيم المؤتمر) أن هذا المؤتمر يبحث في مفهوم متجدد، يُعنى بإمكانات استخدام أدوات الاتصال لتحقيق منافع ملموسة. حيث تطوَّرت العلاقة بين التعليم والإعلام والتكنولوجيا، واصبح مفهوم التربية الإعلاميَّة جانباً من جوانب المعرفة الإنسانيَّة الأساسيَّة، غير أن هذا المفهوم قد أخذ بُعداً آخر من حيث إنه مشروع دفاع يتمثل هدفه في حماية الأطفال والشباب من مخاطر وسائل الإعلام، وانصبّ التركيز فيه على كشف الرسائل المزيفة، والقيم غير الملائمة، وتشجيع النشء على رفضها وتجاوزها (الجزيرة، 2006).

 

لقد أثار الإعلان عن هذا المؤتمر الرائد طرحاً لتساؤل رئيس من قِبَلِ أعضاء فريق الدراسة الحالية، وهو: ما العلاقة بين التربية والإعلام من المنظور التخصصي فى المناهج الدراسيَّة لما يمكن أن تقوم به المناهج من دور تنموي فى التفكير بمضامين الإعلام لتحقيق التربية الإعلاميَّة ؟

وتفرع عن هذا التساؤل الأسئلة الفرعية الآتية:

  1. ما التربية؟ وما الإعلام؟ وما العلاقة بينهما؟
  2. ما التربية الإعلاميَّة؟
  3. ما أدوار وسائل الإعلام والمدرسة والأسرة فى تلويث البيئة التربويَّة العربية؟
  4. ما أدوار المناهج فى تنمية أنماط التفكير المرغوب فيها لدى المُتعلِّمين؟
  5. ما أدوار المناهج لتنمية التفكير فى المضامين الإعلاميَّة؟
  6. ما آليات تضمين التربية الإعلاميَّة فى المناهج التعليميَّة؟
  7. ما التصور المقترح للتكامل التربوي الإعلامي لتحقيق التربية الإعلاميَّة؟

 

لقد ساهمت الكلمات الجامعة لكل من معالي وزير التربية والتعليم وسمو نائبه لتعليم البنات – بشأن غايات المؤتمر الدولي الأول للتربية الإعلاميَّة- فى تحقيق قدر من الارتواء المعرفي المبدئي لإجابات الأسئلة المطروحة. لكن ثمة جوانب أخرى ظلت في حاجة إلى البحث والاستقصاء في بقية جوانبها.

 

ولذا كانت هذه الورقة التي تسعى إلى استكمال بعض جوانب إجابات تلك الأسئلة المطروحة، وذلك بانتهاج المنهج الوصفي، بمراجعة مضامين عدد من الأدبيات التي تناولت التربية والإعلام والعلاقة بينهما، والتربية الإعلاميَّة، وتلوث البيئة التربويَّة بفعل تأثيرات المُؤسَّسات التربويَّة والإعلاميَّة، وأدوار المناهج في تنمية أنماط التفكير المرغوب فيها لدى المُتعلِّمين التي تساعدهم على نقد المضامين الإعلاميَّة.

 

وتُعد مراجعة الأدبيات مرحلة أولى من مراحل الإجابة العلميَّة عن الأسئلة المطروحة،  أما المرحلة الثانية؛ فستتم – بمشيئة الله تعالي- خلال النقاشات والحوارات (فى المؤتمر) لاستكمال العديد من الجوانب حول الرؤى الواقعيَّة، وذلك فى ضوء الإفادة من خبرات المشاركين التي ستعمق الرؤيا العلميَّة لأدوار المناهج فى تحقيق التربية الإعلاميَّة.

 

ويتوقع أن تأتى– بمشيئة الله تعالى-  المرحلة الثالثة لطرحنا هذا على هيئة دراسات ميدانيَّة وتجريبيَّة مستقبليَّة، وفق ما سيتم التوصُّل إليه من استنباطات فى هذا المجال، التي ستكشف مدى الحاجة إلى التربية الإعلاميَّة. ولعل ذلك يكون لبنة من لبنات الجهود التربويَّة لتدعيم التواصل بين رجالات التربية والإعلام فى مجتمعنا العربي، أملاً فى جعل الواقع العربي أقل عرضة للمؤثرات الملوثة للبيئة التربويَّة، وتطلعاً إلى تفعيل مضامين التربية الإعلاميَّة فى المناهج التعليميَّة.

 

وفيما يأتي عدد من المحاور على هيئة أسئلة استفسارية، يتبعها عرض لإجاباتها من واقع مضامين الأدبيات ورؤى أعضاء الفريق، وجميعها آراء في حاجة إلى المزيد من التحاور بشأنها .