دور الأنشطة غير الصفية في صقل شخصية الطالب

لنقف أخي القارئ برهة ونتأمل قول الخليفة عمر بن الخطاب (رضي الله عنه): علموا أولادكم القراءة والكتابة والسباحة وركوب الخيل فإنّهم مخلوقون لزمانٍ غير زمانكم، فهذا دليلٌ على أنّ لكلّ جيلٍ حاجاته وطموحاته تختلف عن حاجات الجيل السابق فالأبناء يعيشون في عصر التكنولوجيا والانفتاح المعرفي، فكيف نستطيع أن نربّي أبناءَنا على التعلُّم الذاتي والمستمر ليتعرفوا ما يدور حولهم؟



جاء في بيان (5) مؤتمر القمة العربيَّة عام (1980): "إنّ الإنسان العربي هو هدف التنمية ذاتها ومن ثم فإنّ البعد الإنساني للتنمية يجب أن يحتل أولوية خاصة في الاستراتيجيَّة الاقتصاديَّة العربيَّة وذلك لضمان مستوى الأداء الاقتصادي للإنسان وتطوير خبراته ومهاراته واكتسابه القدرة التقنيَّة مع التمسك بالشخصيَّة الحضاريَّة الأصيلة للمجتمع العربي".

 

إذاً لا بُدّ من أن تختلف الأنشطة غير الصفيَّة من زمان إلى آخر ومن مكان إلى آخر حيث إنّها تُعدُّ الناشئة للاندماج في المجتمع ومن ثم يتعرف مضامين المعرفة (مفاهيم، ومصطلحات، وحقائق) والأعمال الممارسة في المجتمع ولذلك تتنوع الأنشطة غير الصفيَّة في المدارس فتجد أنشطةً في مدرسة لا توجد في مدارس أخرى وفق البيئة المحيطة بالمدرسة، ورغبات الطلاب، وإمكانات المدرسة، والمجتمع، واحتياجات المنطقة إلى الكوادر.

 

فكلُّ ما يتعلَّمه المُتعلِّم داخل الصفوف الدراسيَّة، أو من القراءات الحرة، أو ممّن حوله، لا بدّ أن يعمل به لكي ينفع نفسه ومجتمعه والأمة العربيَّة الإسلاميَّة، حيث قال الإمام الغزالي (رحمه الله) في كتابه إحياء علوم الدين: "عِلْمٌ بلا عمل جنون، والعمل بغير علم لا يكون"، ولذلك وجدت هذه الأنشطة المُتعدِّدة والمُتنوِّعة في كل المجالات لتخرّج المدارس: العالم الفقيه، ومُرتّل القرآن، والدّاعية الإسلاميَّة، والمصلح التربوي، والمُعلِّم، والطبيب المتخصص، والصحفي، والشاعر، والراوي، والجُّندي، والكاتب، والمحاسب، والعالم الفلكي، والعالم الفيزيائي وغيرها من العلوم.

 

هذا كلّه لا يتأتى من فراغ، وإنّما من تخطيط مستنير، وعلمٍ بطبيعة المُتعلِّم والمجتمع فخطوة الألف ميل تبدأ بخطوة. فللنّشاط غير الصفي أهمية كبيرة لا تخفى على أحدٍ ولا سيّما في نظُم التعليم العربيَّة من أجل معالجة القصور: "النشاط الذي لا تبني المدارس الحقيقيَّة (مصانع إخراج أجيال المستقبل الطالعة لأُمتنا الفتية) إلا به".

 

دور الأنشطة غير الصفيَّة في صقل شخصيَّة المُتعلِّم

قال الإمام الغزالي (رحمه الله) في كتابه إحياء علوم الدين: "ينبغي أن يؤذن للطفل، بعد الانصراف من الكتاب بأن يلعب لعباً جميلاً يستريح من تعب الكتب فإنّ منع الصبي من اللعب وإرهاقه بالعلم يميت قلبه ويعطل ذكاءَهُ وينغّص عليه العيش، فممارسة النشاط غير الصفي تنقل المُتعلِّم من ثقافة الذاكرة إلى ثقافة الإبداع".

 

منقول للباحثتين

فاطمة عبد الله راشد الهاشمي

فضيلة حمد محمد المرهوبي