دور الأسرة و المعلم في صقل موهبة الطفل

أم سلمى محافظي مليكة:

 يعد الطفل ملكة إبداعية يمكن تنميتها بأنواع من المعارف التي تزيد في نموه وتطوره الفكري والنفسي، بحيث يملك في داخله جملة من المواهب والمهن التي تجعله دائماً يتطلع إلى الأفق وإلى التفكير في المناصب العالية والمهمة في المجتمع.



ويعضد رأيي، أخي المعلم أختي المعلمة، أننا لو فتحنا الحوار مع تلاميذنا في القسم حول أحلامهم ومشاريعهم المستقبلية لوجدنا التلميذ يختار الأحسن والأجود والأصلح. ذلك لأنه يتمنى أن يكون فرداً صالحاً في هذا المجتمع. وهو بذلك يأتي إلى المدرسة وهو يحمل بداخله الكثير من الأحلام والأمنيات التي يريد تحقيقها خلال مسيرته الدراسية، ولكن سرعان ما تتلاشى هذه الأحلام وتلك الأمنيات لتصبح ضرباً من الخيال الذي يستحيل تحقيقه فيقف الطفل في بداية مسيرته عاجزا بدون حراك.

وإلى هنا حق لنا أن نتساءل من يتحمل المسؤولية عن كبت مواهب أطفالنا وهم في بداية الطريق؟ وما الدافع الذي يجعلهم ينفرون من المدرسة ويكرهونها؟ هل المسؤول هو المعلم أم الأسرة والمجتمع؟

يعد المعلم الحافز والدافع القوي لدفع التلميذ إلى تحقيق ما هو أفضل وأهم. فهو المرشد والموجه الأمين الذي يأخذ بأيدي أبنائنا إلى بحر العلم الوافر لينهلوا منه ويستقي منه كل ظمآن إلى أن يرتوي. كما يغرس في نفسية طفلنا الحب والإخلاص لرموز الوطن ومعالم سيادته ويكرهه في البغض والخيانة ضد الوطن الذي يحميه ويأويه، ويحاول أن يوفر له كل الإمكانات والحقوق التي تجعله فرداً صالحاً في مجتمعه من حق العلاج وحق التعليم... وغيرها من الحقوق.

وعليه، يصادف المعلم في قسمه أنواعاً وأشكالاً متعددة. فهو يكتشف الفنان والأديب والرسام والرياضي والمخترع و...  فإما أن يأخذ بيده ليسير به إلى الأمام وينمي فيه شعلة الإبداع الموجودة فيه، وإما أن يهمله ويتجاهله عنه فتنطفئ تلك الشعلة.

وحرص الأسرة وافتخارها بمواهب طفلها وتشجيعه على ذلك له دور كبير أيضاً في مساعدة الطفل المبدع على بلوغ هدفه المنشود وتحقيقه النجاح الذي يطمح إليه. وعلى عكس ذلك فإن إهمال الأسرة لهذا الطفل المبدع وعدم الاكتراث لمواهبه والأخذ بها يؤدي به لا محالة إلى الضياع والإستسلام للإخفاق والكسل وعدم المبالاة بدراسته وحتى بوجود أسرته في حياته. وهنا لا يحقق الطفل نفسه ويصبح لا يشعر بذاته فيخفق وهو في بداية طريقه وربما يلجأ إلى مصاحبة رفاق السوء لتعويض النقص الذي يشعر به حتى يحقق ذاته. وفي هذه الحالة يكتسب طبائع سلبية وغير سوية تجعل منه طفلا متشردا ومهملا.

إن عدم اهتمام الأسرة بطفلها وعدم إشباعها لحاجاته وانتباهها لمكنوناته يعرضه لإحباطات نفسية يرثى لها. كما أن عدم اهتمام المدرسة بميول ورغبات هذا الطفل وعدم توفير الجو المناسب والملائم له يجعله يهاب ويخاف من المدرسة. وقد يصل به الحد إلى أن يكرهها لأنها قتلت فيه حلماً جميلا كان موجودا في داخله.

فنصيحتنا للأسرة أن تنظر إلى طفلها على أنه فرد من أفراد هذه الأسرة، له حقوق خاصة به وأن ممارسة العنف ضده على سبيل التهديد لا تأتي بنتيجة وإنما تؤدي به إلى الضياع. فينبغي الاهتمام به ورعايته من جميع الجوانب النفسية والاجتماعية والفكرية بتشجيعه والوقوف إلى جانبه.

ونصيحتنا للمدرس أن ينمي هذه الطاقات الإبداعية ويخرجها إلى النور بفتح باب المطالعة والمنافسة بين هؤلاء الأطفال وإفساح المجال أمام التلميذ من أجل التعبير عما في داخله بتوفير الجو المناسب له في حصص الأشغال ومواد النشاط وحصص الرياضة والترفيه للأخذ بيد هذا الطفل إلى الإنتاج والتصنيع.

وإنني واثقة بأنه لو تعاونت كل من الأسرة والمدرسة على تنشئة وتنمية مواهب أطفالنا لحققنا نجاحاً عظيماً يخدم مجتمعنا خاصة وأمتنا عامة. وأختم كلامي بقول محمد الأحمد الرشيد: وراء كل أمة عظيمة تربية عظيمة... ووراء كل تربية عظيمة معلم متميز.

 

المصدر: مجلة المعلم - بقلم أم سلمى محافظي مليكة - الجزائر