دليل تعليم حقوق الانسان

مُقدِّمة:

إنّ هذا الدليل موجَّه إلى المُعلِّمين وغيرهم ممن يتعاملون مع الأطفال الصغار والأطفال الأكبر سناً ويرغبون في إدماج حقوق الإنسان في المناهج التعليميَّة، وقد صُمم ليكون بمنزلة مُقدِّمة أساسيَّة. ويتضمَّن أنشطة تتعلَّق بمراحل عمريَّة معينة للأطفال. كما يتضمَّن إرشادات بشأن الأساليب المنهجيَّة، ويقدم المساعدة إلى من يودون التعمق في هذا الموضوع. ويُؤكِّد المنهج المتَّبع في الدليل على الجانب العملي أكثر مما يُؤكِّد على الجانب النظري. وقد أُعدّ الدليل تلبيةً لحاجة أعرب عنها أعضاء مُنظَّمة العفو الدوليَّة ونشطاء آخرون في مجال تعليم حقوق الإنسان في أوروبا الوسطى والشرقية. ولذلك تم تكييف المادة كي تلائم حاجة إقليم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى حد ما. ويرجى وضع هذا الأمر في الحسبان لدى استخدام الأنشطة في أي إقليم آخر.



ومن هنا، فإن هذا الدليل ليس كتاباً وافياً شافياً صالحاً لكل زمان ومكان، بل هو مرشد للعاملين في مجال تعليم حقوق الإنسان. ونحث مستخدميه على التعامل معه بمرونة وتنفيذه بما يتلاءم مع ثقافتهم القوميَّة وبيئتهم المحليَّة، مع المحافظة على جوهر هدفه المتمثّل في تعليم حقوق الإنسان والتوعية بها والتربية عليها، تلك الحقوق التي تتسم بالعالميَّة والثبات وبعدم قابليتها للتجزؤ وارتباط بعضها ببعضها الآخر.

 

الجـزء الأول

الخطوات الأولى

ما حقوق الإنسان؟

يمكن تعريف حقوق الإنسان بأنها المعايير الأساسيَّة التي لا يمكن للناس، من دونها، أن يعيشوا بكرامة بوصفهم بشراً. إنّ حقوق الإنسان هي أساس الحريَّة والعدالة والسلام، وإنّ من شأن احترام حقوق الإنسان أن يتيح إمكان تنمية الفرد والمجتمع تنمية كاملة.

وتمتد جذور تنمية حقوق الإنسان في الصراع من أجل الحريَّة والمساواة في كل مكان من العالم. ويوجد الأساس الذي تقوم عليه حقوق الإنسان، مثل احترام حياة الإنسان وكرامته، في أغلبية الديانات والفلسفات.

 

وترد حقوق الإنسان في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. وتحدد بعض الصكوك الدوليَّة، كالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنيَّة والسياسيَّة، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصاديَّة والاجتماعيَّة والثقافيَّة، ما ينبغي على الحكومات أن تفعله، وألا تفعله، لاحترام حقوق مواطنيها.

 

خصائص حقوق الإنسان

  • حقوق الإنسان لا تُشترى ولا تُكتسب ولا تورث، فهي ببساطة ملك الناس جميعاً لأنهم بشر، فحقوق الإنسان "متأصلة" في كل فرد.
  • حقوق الإنسان واحدة لجميع البشر بغض النظر عن العنصر أو الجنس أو الدين أو الرأي السياسي أو أي رأي آخر، أو الأصل الوطني أو الاجتماعي. وقد وُلدنا جميعاً أحراراً ومتساوين في الكرامة والحقوق، فحقوق الإنسان "عالميَّة".
  • حقوق الإنسان لا يمكن انتزاعها، فليس من حق أحد أن يحرم شخصاً آخر من حقوق الإنسان حتى لو لم تعترف بها قوانين بلده، أو عندما تنتهكها تلك القوانين، فحقوق الإنسان ثابتة "وغير قابلة للتصرُّف".
  • كي يعيش جميع الناس بكرامة، فإنّه يحق لهم أن يتمتعوا بالحريَّة والأمن، وبمستويات معيشة لائقة، فحقوق الإنسان "غير قابلة للتجزؤ".

 

فئات الحقوق

يمكن تقسيم الحقوق في ثلاث فئات:

  1. الحقوق المدنيَّة والسياسيَّة وتسمى أيضاً "الجيل الأول من الحقوق"، وهي مرتبطة بالحريات، وتشمل الحقوق الآتية: الحق في الحياة والحريَّة والأمن، وعدم التعرُّض للتعذيب والتحرُّر من العبودية، المشاركة السياسيَّة وحريَّة الرأي والتعبير والتفكير والضمير والدين، وحريَّة الاشتراك في الجمعيات والتجمعات.
  2. الحقوق الاقتصاديَّة والاجتماعيَّة وتسمى أيضاً "الجيل الثاني من الحقوق"، وهي مرتبطة بالأمن وتشمل: العمل والتعليم والمستوى اللائق للمعيشة، والمأكل والمأوى والرعاية الصحية.
  3. الحقوق البيئية والثقافيَّة والتنمويَّة وتسمى أيضاً "الجيل الثالث من الحقوق"، وتشمل حق العيش في بيئة نظيفة ومصونة من التدمير؛ والحق في التنمية الثقافيَّة والسياسيَّة والاقتصاديَّة.

 

وعندما نقول إن لكل شخص حقوقاً إنسانيَّة، فإننا نقول، كذلك، إن على كل شخص مسؤوليات منها احترام الحقوق الإنسانيَّة للآخرين.

 

الإعلان العالمي لحقوق الإنسان:

الإعلان العالمي لحقوق الإنسان هو بيان حقوق الإنسان المقبول على أوسع نطاق في العالم. والرسالة الأساسيَّة لذلك الإعلان هي أن لكل إنسان قيمة متأصلة. وقد اعتمدته الأمم المتحدة بالإجماع، في (10) ديسمبر كانون الأول (1948) على الرغم من امتناع ثماني دول عن التصويت. ويحدد الإعلان الحقوق الأساسيَّة لكل شخص في العالم بغضِّ النظر عن عنصره أو لونه أو جنسه أو دينه أو رأيه السياسي، أو أي رأي آخر، أو أصله الوطني أو الاجتماعي، أو ثروته أو مولده، أو أي وضع آخر. وينص الإعلان على أن تتعهد الحكومات بتأييد حقوق معينة، ليس فقط بالنسبة إلى مواطنيها، بل أيضاً بالنسبة إلى الأشخاص في بلدان أخرى. وبعبارة أخرى، إنّ الحدود الوطنيَّة لا تمثِّل عائقاً يحول دون مساعدة الآخرين على التمتع بحقوقهم. ومنذ العام (1948)، أصبح الإعلان العالمي هو المعيار الدولي لحقوق الإنسان. وفي العام (1993)، عُقد مؤتمر عالمي ضم (171) دولة تمثل (99%) من سكان العالم، وأكد المؤتمر التزامه من جديد إحقاق حقوق الإنسان.

 

الوضع القانوني:

على الرغم من أنّ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان هو الذي أوحى بالجزء الأكبر من القانون الدولي لحقوق الإنسان، فإنه لا يمثل في ذاته وثيقة لها قوة القانون. غير أنّ لهذا الإعلان، بصفته إعلان مبادئ عامة، قوة كبيرة في أوساط الرأي العام العالمي. وقد تُرجمت مبادئ الإعلان إلى مبادئ لها قوة قانونية في صيغة العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنيَّة والسياسيَّة، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصاديَّة والاجتماعيَّة والثقافيَّة. وقد التزمت الحكومات التي صادقت على هذين العهدين أن تسنَّ في بلدانها قوانين لحماية تلك الحقوق. غير أنّ ما يزيد على نصف بلدان العالم لم تصادق على العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنيَّة والسياسيَّة أو على العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصاديَّة والاجتماعيَّة والثقافيَّة.

وهناك، أيضاً، صكوك إقليميَّة لحقوق الإنسان، وهي صكوك أوصى بها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، منها الميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب، والاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، والاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان، وهناك الكثير من المدونات القانونية الوطنيَّة التي تكفل حقوق الإنسان.

 

الأفكار الأولى عن الحقوق:

لمساعدتك على التفكير في حقوق الإنسان، اكتب قائمةً بما يجب أن تشمله حقوق الإنسان في اعتقادك، وإذا كنت ضمن مجموعة، فقُم بإعداد القائمة بمفردك، ثم اعرض أفكارك على بقية أفراد المجموعة. عُد إلى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الوارد في الجزء الخامس من هذا الدليل، ووازن قائمة حقوق الإنسان التي أعددتها بما ورد في الإعلان. هل يشمل الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الحقوق التي وردت في القائمة التي أعددتها؟

 

ما تعليم حقوق الإنسان؟

  • إنّ تعليم حقوق الإنسان ليس تعليماً حول حقوق الإنسان فحسب، وإنّما هو أيضاً تعليم من أجل حقوق الإنسان.
  • إنّ تعليم الناس حول القانون الدولي أو حول انتهاكات حقوق الإنسان، كالتعذيب والتطهير العرقي، مثلاً، هو تعليم حول حقوق الإنسان.
  • وتعليم الناس كيفيَّة احترام الحقوق وحمايتها، هو تعليم من أجل حقوق الإنسان.
  • ويتعلَّق تعليم حقوق الإنسان بمساعدة الأشخاص على تنمية إمكاناتهم إلى الحد الذي يمكِّنهم من فهم حقوق الإنسان والشعور بأهميتها وبضرورة احترامها والدفاع عنها.

 

ويمكن لهذا الدليل أن يُساعدك على مزاولة التعليم حول حقوق الإنسان، ومن أجلها. ومن شأن الأنشطة الواردة فيه أن تُكسب الأطفال ما يحتاجون إليه من مهارات ومعارف ومواقف للعمل في سبيل عالم خال من انتهاكات حقوق الإنسان. ويشتمل كل نشاط من الأنشطة على هذه الجوانب من خلال منهجيَّة تعليميَّة تقوم على المشاركة والتفاعل. وقد تبين للمربين في مجال تعليم حقوق الإنسان أنّ أسلوب المشاركة في التعليم هو أكثر الأساليب كفاءة وفعاليَّة بالنسبة إلى تطوير المهارات والمواقف والمعارف لدى الأطفال والبالغين، على حد سواء.

وقد يساعدك الشكل الوارد في الصفحة (8) على رؤية هذه العلاقة القائمة بين المهارات والمعارف والمواقف والمنهجيَّة.

 

المهارات

من قبيل الإصغاء إلى الآخرين، إجراء تحليل أخلاقي، التعاون، الاتصال، حل المشكلات، والاعتراض على الوضع القائم. وتساعد هذه المهارات الطلاب في المسائل الآتية:

  • تحليل العالم المحيط بهم،
  • تفهُّم أن حقوق الإنسان هي طريقة لتحسين حياتهم وحياة الآخرين،
  • العمل من أجل حماية حقوق الإنسان.

 

المعارف

من قبيل معرفة وجود وثائق لحقوق الإنسان، ومعرفة الحقوق التي تتضمَّنها تلك الوثائق، وأنّ هذه الحقوق غير قابلة للتصرف بها وتنطبق على جميع البشر، ومعرفة عواقب انتهاك حقوق الإنسان. وتساعد هذه المعارف الأطفال على حماية حقوقهم وحقوق الآخرين كذلك.

 

المواقف

من قبيل أنّ حقوق الإنسان ذات أهمية، وأّنّ الكرامة الإنسانيَّة متأصلة في جميع البشر، وأنّه ينبغي احترام الحقوق، وأنّ التعاون أفضل من الصراع، وأننا مسؤولون عن أفعالنا، وأنّنا نستطيع أن نحسِّن عالمنا إذا حاولنا ذلك. وتساعد هذه المواقف على تنمية الأطفال أخلاقياً، وتعدُّهم للمشاركة الإيجابيَّة في المجتمع.

 

المنهجيَّة

إنّ منهجيَّة المشاركة والتفاعل تُشرك الأطفال في عملية التعلُّم إشراكاً كاملاً، فيصبحون مع مُعلِّمهم مكتشفين نشيطين للعالم المحيط بهم، بدلاً من أن يكونوا مجرد متلقين سلبيين لخبرة المُعلِّم. وهذه المنهجيَّة ملائمة بصفة خاصة عند تناول مسائل حقوق الإنسان، حيث تنطوي في كثير من الأحيان على العديد من وجهات النظر المختلفة حول مسائل معينة، وليس على إجابة واحدة "صحيحة".

 

تستطيع تحميل الملف المرفق