حل المشكلات أسلوب مميز لتعليم مهارات التفكير

محمود طافش
شهد العصر الحالي تفجراً معرفياً هائلاً وغير مسبوق، ولم يعد في وسع الإنسان أن يحيط إلا بالقدر اليسير من هذه المعارف المتدفقة، فبرزت الحاجة إلى تطوير أساليب التفكير المنطقي ليغدو الفرد قادراً على التعامل والمشكلات المصاحبة للتطور التقني العالي، وعلى اتخاذ قرارات صعبة في قضايا معقدة، لذلك فقد سعت الإدارات التربويَّة الواعية والملتزمة في البلدان المُتقدِّمة تربويا مثل فنزويلا واليابان والولايات المتحدة والمملكة المتحدة وكندا واستراليا وإيرلندا ونيوزيلندا إلى إعداد مناهج دراسيَّة لتعليم التفكير، وإلى تدريب المُعلِّمين على أنماط التفاعل النشط مع هذه المناهج بهدف تعليم التلاميذ أساليب التفكير السديدة بالحوار المُنظَّم، والإجابة عن الأسئلة السابرة، وإنجاز الواجبات البيتية.



وهكذا أصبح تعليم التفكير ضرورة تربويَّة ملحة لا تقبل التأجيل لأن الأمر يتعلَّق ببناء الجيل الذي تعده المدرسة لبناء المجتمع والدفاع عن الوطن.

 

مفهوم حل المشكلات:

يُعرّف الباحثان "كروليك ورودنيك" مفهوم حل المشكلات بأنه: "عملية تفكيرية يستخدم الفرد فيها ما لديه من معارف مكتسبة سابقة ومهارات من أجل الاستجابة لمُتطلَّبات موقف ليس مألوفاً لديه، وتكون الاستجابة بمباشرة عمل ما يستهدف حل التناقض أو اللبس أو الغموض الذي يتضمَّنه الموقف". ويرى غيرهما أنه: "النشاط الذهني الذي يتم فيه تنظيم التمثيل المعرفي للخبرات السابقة، ومُكوَّنات موقف المشكلة معاً، وذلك بغية تحقيق الهدف".

 

ويرى "عمر غباين" أنّه عملية تفكيرية يستخدم الفرد فيها ما لديه من معارف مكتسبة سابقة ومهارات من أجل الاستجابة لمُتطلَّبات موقف ليس مألوفاً لديه. وبناءً عليه فإنّ تعبير حل المشكلات يتضمَّن توظيف الخبرات والمعلومات لتحقيق الأهداف.

 

أهمية توظيف أسلوب حل المشكلات:

إنّ كل إنسان في حاجة إلى تعلُّم أساليب ومهارات التفكير لكي يتمكَّن من ممارسة التفكير السديد، وهذه المهارات يمكن إتقانها بتدريب خاص على هيئة مستقلة في منأى عن المناهج الدراسيَّة، ويمكن تعلمها من خلال المحتوى الدراسي في الموقف الصفي والأنشطة المصاحبة له. ومن المُعلِّمين المبدعين من يدمج الأسلوبين معاً ليحقق أكبر فائدة ممكنة لتلاميذه.

 

والمهارة كما هو معروف هي "نشاط حيوي يقوم به الإنسان، ويمارسه على مستويات متنوعة من التعقيد، كلما كُلّف أداء واجب، أو طلب منه اتخاذ قرار في موضوع ما، أو طلب منه إيجاد حلول مناسبة ومنطقية للمشكلات التي تعترض سبيله في الحياة العامة".
(دليل مهارات التفكير ص 19).

 

استراتيجيَّة حل المشكلات

اقترح "باير" (Bayer) استراتيجيَّة مُحدَّدة لتعليم مهارات التفكير تستند إلى ست خطوات هي:

  1. يقدم المُعلِّم مهارة التفكير المُقرَّرة ضمن سياق الموضوع الذي يدرسه، ويبدأ بذكر وكتابة اسم المهارة كهدف للدرس، ثم يعطي كلمات مرادفة لها في المعنى، ويعرف المهارة المستهدفة بصورة مبسطة وعملية، وينهي تقديمه بأن يستعرض المجالات التي يمكن أن تستخدم المهارة فيها وأهمية تعلمها.
  2. يستعرض المُعلِّم بشيء من التفصيل الخطوات الرئيسة التي تتبع في تطبيق المهارة والقواعد أو المعلومات المفيدة للطالب عند استخدامها.
  3. يقوم المُعلِّم بمساعدة الطلبة على تطبيق المهارة خطوة خطوة، مشيراً إلى الهدف والقواعد التي اتبعت في تنفيذ المهارة.
  4. يقوم المُعلِّم بإجراء نقاش مع الطلبة بعد الانتهاء من التطبيق لمراجعة الخطوات والقواعد التي اتبعت في تنفيذ المهارة.
  5. يقوم الطلبة بحل تمرين تطبيقي آخر بمساعدة وإشراف المُعلِّم للتأكد من إتقانهم للمهارة، ويمكن أن يعمل الطلبة فرادى أو على شكل مجموعات صغيرة.
  6. يجري المُعلِّم نقاشاً عاماً بهدف كشف وتعرُّف الخبرات الشخصيَّة للطلبة حول كيفيَّة تنفيذهم للمهارة ومجالات استخدامها داخل المدرسة وخارجها.

 

ويرى "يوسف قطامي" أنّ أهمية هذا الأسلوب في التعليم تأتي من أنّه: "يضع المُتعلِّم أو الطفل في موقف حقيقي يعمل فيه ذهنه بهدف الوصول إلى حالة اتزان معرفي. وتُعَدُّ حالة الاتزان المعرفي حالة دافعيَّة يسعى الطفل إلى تحقيقها. وتتم هذه الحالة عند وصوله إلى حل أو إجابة أو اكتشاف، ومن ثمَّ فإن دافعيَّة الطفل تعمل على استمرار نشاطه الذهني وصيانته حتى يصل إلى الهدف وهو: الفهم أو الحل أو الخلاص من التوتر، وذلك بإكمال المعرفة الناقصة لديه فيما يتعلَّق بالمشكلة".

 

ويخطط المُعلِّمون مشكلات لتدريب تلاميذهم على التعامل والقضايا المختلفة، ومواجهة المشكلة يتطلَّب تحليلها، والعمل المُنظَّم للتغلب عليها إجراء الخطوات الآتية:

  1. تحديد طبيعة المشكلة، وتحليلها إلى أجزاء بحيث يسهل تناولها وإيجاد حلول لها.
  2. التخطيط الدقيق، ويتضمَّن تحديد القوى البشريَّة، والموارد الماليَّة، والوسائل المعينة، والمهارات المطلوبة، والزمن اللازم.
  3. جمع المعلومات وتحديد مصادرها وكيفيَّة الحصول عليها.
  4. جمع وتوليد الأفكار للتعامل وإيّاها، وحصر الخيارات المتوافرة.
  5. تقويم الأفكار المقترحة والخيارات المتاحة وفق أسس موضوعية.
  6. اختيار الحل الملائم واختباره تمهيداً لقبوله واعتماده.

 

غير أنّ "جون هيني" يرى أن التعليم باستخدام أسلوب حل المشكلات يتم في سبع خطوات هي:

  1. تحديد المشكلة أو توليدها وفهم معناها.
  2. إعادة صياغي المشكلة في صيغة تسمح بالبحث عنها.
  3. التخطيط المُفصَّل للعمل التجريبي.
  4. تنفيذ العمل التجريبي.
  5. استخلاص البيانات وعرضها على شكل تقارير.
  6. تفسير البيانات.
  7. تقويم الخطوات المتبعة في حل المشكلة وتقويم النتيجة النهائية.

 

وقد تعرّض "هايس" (1981 Hayes) لهذه الخطوات بشيء من التفصيل كالآتي:

  1. تحديد المشكلة، وهذا التحديد يقتضي:
    • التعرُّف على موقع المشكلة في الموقف.
    • تحديد عناصر الهدف.
    • تحديد العناصر المسببة للعقبات.
    • تحديد المشكلات الأساسيَّة والثانوية.
  2. توضيح المشكلة من خلال:
    • تعريف المصطلحات.
    • تحديد العناصر الرئيسة.
    • توضيح عناصر المشكلة بالأشكال والصور وما شابه ذلك.
  1. بناء خطة الحل، ويتم بذلك بـ:
    • إعادة صياغة المشكلة بصورة واضحة ومُحدَّدة.
    • اختيار أفضل الأساليب ملاءمة لتنفيذ الخطة.
    • وضع استراتيجيَّة للتصدي للمعوقات المتوقعة.
  1. توضيح الخطة بـ:
    • مراقبة العملية التي يجري تنفيذها.
    • تذليل المعوقات الطارئة.
    • تعديل الخطة حسبما تقتضي الظروف الطارئة.
  1. الاستنتاج ويتضمَّن:
    • صياغة النتائج التي يتم التوصُّل إليها بصورة واضحة.
    • تعليل النتائج بالأدلة العلميَّة.
  1. التقويم ويكون من خلال:
    • التحقُّق من نجاعة الأساليب المتبعة.
    • التحقُّق من صحة النتائج التي تمّ التوصُّل إليها.

 

أما ستيرنبيرج (1992   Sternberg) فقد اقترح استراتيجيَّة تتألف من ثماني خطوات هي:

  1. الإحساس بوجود مشكلة.
  2. تحديد طبيعة المشكلة بوضوح والتعرُّف على عواملها وأسبابها.
  3. تحديد مُتطلَّبات الحل.
  4. وضع خطة الحل.
  5. بدء تنفيذ الخطة.
  6. متابعة عملية التنفيذ بصورة مُنظَّمة ومستمرة.
  7. مراجعة الخطة وتعديلها وتنقيحها.
  8. تقويم حل المشكلة والاستعداد لمواجهة مشكلة أخرى أو مشكلة مستقبليَّة تنجم عن الحل الناتج للمشكلة الأولى.

 

نخلص مما سبق إلى أن خطوات التعلُّم بأسلوب حل المشكلات تتلخص في:

  1. الإحساس بوجود مشكلة.
  2. تحديد طبيعة المشكلة وصياغتها بصورة تسمح بالتعامل وإيّاها.
  3. توظيف الخبرات وجمع المعلومات اللازمة للحل.
  4. صياغة الفرضيات ووضع خطة للحل.
  5. مناقشة الفرضيات واقتراح حل بناء على المعطيات.
  6. تقويم الحل.

 

ومن الجدير بالذكر أن المربين يُوجِدُون المشكلات لتدريب المُتعلِّمين على حلها في غرفة الصف، وهذه المشكلات ينبغي لها أن تكون مرتبطة بالحياة الاجتماعيَّة للمُتعلِّم، وتلقى اهتماماً منه لشعوره بأنه في حاجة إلى التعرُّف على كيفيَّة حلها.

 

ويجري التدرب على أسلوب حل المشكلات بصورة جماعيَّة أو فرديَّة، فالعمل التعاوني بروح الفريق أفضل، لأنّه يكسب المُتعلِّم مهارة الإصغاء إلى الآخرين واحترام آرائهم ونقدها ومناقشتهم فيها لتقويمها، وهكذا فإن المُعلِّمين يتفاعلون مع طلابهم بعد تقسيمهم زمراً. وهذا الإجراء يزودهم بتغذية راجعة ويشجعهم على الإبداع، وذلك ليحققوا مجموعة من الأهداف من أبرزها:

  1. تدريبهم على التصدي لمشكلات الحياة.
  2. تنمية روح الابتكار والإبداع لديهم.
  3. تنمية ثقتهم بأنفسهم.
  4. تربيتهم على الاستقلاليَّة في العمل.
  5. تدريبهم على مهارات صنع القرارات.

 

ويوظف المُعلِّمون أسلوب حل المشكلات لاكتساب المُتعلِّمين مهارة حلها، وهذا الأسلوب يتضمَّن عملية تعليميَّة تعلميَّة ذات فعاليَّة عالية وذات مستويات متفاوتة. لذلك انصبت الجهود الرامية لتطوير المنهاج على تنمية مهارات المُتعلِّمين في أساليب التفكير العلمي، خصوصاً الناقد والإبداعي، ليتمكَّنوا من التفاعل مع هذه المشكلات بكفاءة عالية، وذلك بإعطائهم حريَّة التفكير وحريَّة ممارسة مختلف أنواع الأنشطة بما في ذلك تجريب الأفكار المقترحة باستقلاليَّة تامة مما يكسبهم ثقة بالنفس وقدرة على اتخاذ القرارات وهما توأمان لا غنى لأحدهما عن الآخر.

 

ومن أجل تعزيز أداء المجموعات العاملة لتحقيق الأهداف تقوم المدرسة بـ:

  1. عرض النتائج التي تم التوصُّل إليها في معرض مدرسي خاص بالمدرسة أو في مجموعة من المدارس.
  2. تحويلها إلى ملصقات ولوحات توضيحيَّة تعلق في الممرات المدرسيَّة.
  3. دعوة أحد أعضاء الفريق لإلقاء محاضرة حول كيفيَّة التعامل والمشكلة.
  4. كتابة تقرير حول العملية ونشره في وسائل الإعلام.
  5. استضافة فريق العمل في برنامج ومناقشتهم في خطوات الحل والنتائج.

 

مُسوِّغات توظيف أسلوب حل المشكلات:

أصبح أسلوب حل المشكلات معتمداً في كثير من البلدان المُتقدِّمة تربويا مثل "فنزويلا" و"الولايات المتحدة" و"اليابان"، وقامت بعض الجامعات بتصميم مسابقات لتدريب الطلاب على توظيفه. ومن أبرز المشكلات التي تناولتها هذه المساقات، تلك المرتبطة بالمنهاج الدراسي وبحياة الطالب العملية، كذلك فإن بعض المناهج الدراسيَّة استفادت من الأحاجي والألغاز لإثارة تفكير المُتعلِّمين.

 

وقد صنف الباحثون التربويون المشكلات التعليميَّة في ثلاثة أصناف هي:

  1. المشكلات المعلقة، وتستند إلى طريقة واحدة في الحل ولا تقبل إلّا جواباً صحيحاً واحداً.
  2. المشكلات المفتوحة، وهذه يمكن أن يكون لهل أكثر من حل واحد كما يمكن التوصُّل إلى الحل الصحيح بأكثر من طريقة.
  3. المشكلات المتوسطة وهي التي يمكن التوصُّل إلى الحل الوحيد لها بأكثر من طريقة.

 

وهناك تصنيفات أخرى لحل المشكلات أهمها تصنيف "جرينو" (1978 Greeno) ويضم أربعة أنواع من المشكلات هي:

  1. مشكلات التحويل Transformation)).
  2. مشكلات التنظيم Arrangement)).
  3. مشكلات الاستقراء (Inductive).
  4. مشكلات الاستنباط Deductive)).

 

ومن حيث وضوح المعطيات والأهداف فقد صنّف "ديتمان" المشكلات في:

  1. مشكلات ذات معطيات وأهداف واضحة.
  2. مشكلات ذات معطيات واضحة وأهداف غير واضحة.
  3. مشكلات ذات أهداف واضحة ومعطيات غير واضحة.
  4. مشكلات ذات معطيات وأهداف غير واضحة.
  5. مشكلات الاستبصار.

 

أهمية أسلوب حل المشكلات:

إنّ توظيف أسلوب حل المشكلات في التعليم يجعل التعلُّم مشوقا وممتعا وفعَّالا وراسخاً، لأنه يستدعي الخبرات السابقة لدى المُتعلِّم فيربطها بالخبرات اللاحقة، إضافة إلى أنه يتم من خلال الممارسة العملية والمشاركة الفعليَّة. وهكذا فإن من أبرز مُسوِّغات توظيف أسلوب المشكلات في التعليم ما يأتي:

  1. إثارة دافعيَّة الطلبة إلى التعلُّم، حيث يولد لديهم الرغبة في التفكير من أجل التوصُّل إلى الحل السليم. يقول جون هيني (John Heaney): "إنّ اسلوب حل المشكلات يثير دافعيَّة التلاميذ إلى التعلُّم ويمكن توظيفه في تدريس المفاهيم والقدرات التكنولوجيَّة".
  2. تنمية المهارات والقدرات والمعلومات. فإذا أتقن المُتعلِّمون أسلوب حل المشكلات، وتدرَّبوا على استخدامه في المدرسة، فانهم سيستفيدون منه في حياتهم العملية للتغلب على المشكلات التي تواجههم. وهو يزود المجتمع بما يحتاج إليه من أفراد مُدرَّبين خصوصاً في مجال تكنولوجيا المعلومات، ويدرِّب التلاميذ على مهارات العمل الجماعي فينجزون أعمالهم بروح الفريق فيكتسبون قيماً، مما يحدث لديهم تغيراً اجتماعياً مرغوباً فيه إضافةً إلى تزويدهم بمهارات تطبيق النظريات، ويقودهم إلى الإبداع في العمل، يرى "كازنز"
    Cassans and Waltz)): "أن تدريس أسلوب حل المشكلات طريقة مؤثرة في تنمية المهارات العلميَّة والعمليات العملية والإبداع العلمي".
  3. وهذا الأسلوب كذلك، يشجع الاستقلاليَّة وتوجه الطلبة إلى التعلُّم الذاتي، فيقومون بدور ايجابي يتمثل في تحديد مشكلة الدراسة، ثم جمع المعلومات المُتعلِّقة بها، ووضع خطة عملية لحلها، ثم تقويم النتائج التي تم التوصُّل اليها، واختيار أفضل الحلول، فيزدادون بذلك علما ويكتسبون مهارة.
  4. تعديل المفاهيم السابقة، حيث إن المرجعية التي يستند اليها المُتعلِّم في النظر إلى قضايا الحياة لا بد لها من أن تكون صحيحة حتى يتوصل إلى نهاية حميدة، فاذا لم تكن هذه المرجعية راسخة فانه سيضل طريقه، لذلك وجب مساعدته على تحديدها لينظر إلى الأمور نظرة عملية ومحاكمتها بمنهجيَّة منزهة عن الهوى.
  5. تنمية القدرة على التفكير المنطقي وغيره من مهارات التفكير الأخرى كالتفكير الناقد والتفكير الإبداعي.
  6. تنمية ثقة المُتعلِّمين بأنفسهم وبقدرتهم على مواجهة العراقيل والصعاب مما يدخل السرور إلى أنفسهم ويعزز معنوياتهم.
  7. تنمية مهارات العمل التعاوني وترغيبهم في العمل بروح الفريق الواحد.
  8. يجعل المُتعلِّمين يدركون القيمة الوظيفية للعلم، وأهمية المعرفة للحياة، لأنها تساعدهم على تذليل المشكلات التي تعترض سبيلهم في حياتهم.
  9. يتيح للمُتعلِّمين فرصا حقيقيَّة لتطبيق ما يتعلَّمونه في مواقف عملية مما يجعل التعلُّم أكثر ثباتا. حيث يمارسون عملية حل المشكلات في الموقف الصفّي، وخارج البناء المدرسي من خلال القيام بأنشطة لا صفيَّة.

 

تحديد الهدف السلوكي:

إنّ تحديد الهدف يُعَدُّ من أول شروط تحقيقه، لذلك فإنّه ينبغي للزميل المُعلِّم أن يوضحه في تخطيطه. ويتم رؤية المشكلة والتعرُّف على عناصرها وهي:

  • الظروف الزمنيَّة والمكانية التي نشأت فيها المشكلة وأسباب نشوئها.
  • الصعوبات والعراقيل التي يمكن أن تواجه المُتعلِّم في أثناء حل المشكلة.
  • معرفة النتائج التي تترتَّب على حل المشكلة والأهداف المراد تحقيقها من خلال عملية الحل.

 

فإذا توافرت للمُتعلِّم هذه المعطيات الثلاثة فإنه يبدأ بالتخطيط لتحديد الوسائل والقيام بالأنشطة التي سيحقق من خلالها أهدافه.

 

وحل المشكلات كأسلوب تربوي يهدف إلى تزويد الطلاب بمعارف وإكسابهم مهارات، ومن هذه المهارات مهارة التصدي للصعوبات والتغلب عليها، غير أن العقبة الكأداء التي تواجه المُعلِّم هي أن المشاكل تتفاوت من طالب إلى آخر بسبب تفاوت بيئاتهم وثقافاتهم وأعمارهم العقليَّة، لذلك فإنه ينبغي للمعلم تدريب المُتعلِّمين على ممارسة التفكير الناقد والتفكير الإبداعي وغيرهما من أنماط التفكير الأخرى التي تسهل على المُعلِّم ممارسة مهمته.

 

وهناك العديد من البرامج المفيدة التي تهدف إلى تدريب المُتعلِّمين على مهارات التفكير التي توصل إليها العلم في العصر الحديث ومن أشهرها برنامج "هيا نفكر" الذي يرمي إلى تدريب الطلاب على التفكير الإبداعي، ويعد هذا الدليل، المترجم من الإنجليزية إلى العربية، والذي يوظف طاقات الحاسب الآلي توظيفاً مثمراً ومفيداً، أداة فعَّالة بين أيدي أولياء الأمور والمُعلِّمين الراغبين في تعليم التفكير وتدريب أبنائهم على مهاراته، والتي من أبرزها مهارة حل المشكلات.

 

مميزات التعلُّم بأسلوب حل المشكلات:

  1. في أسلوب حل المشكلات لم يعد المُعلِّم هو المصدر الوحيد للمعلومات، وإنما يعتمد المُتعلِّمون على أنفسهم في البحث عنها، ولم تعد جميع أوراق الموقف الصفي في يد المُعلِّم وحده وإنما يشارك طلابه في جميع مراحل التخطيط والتقويم من خلال مجموعات.
  2. ويكون التفاعل الصفي نشطا والتواصل مُتعدِّد الاتجاهات، ويشرف المُعلِّم على حفظ النظام في أثناء العمل بملاحظة من قد يحاول إحداث فوضى.
  3. يستطيع المُعلِّم أن يخطط للقيام بأنشطة تناسب مستويات طلابه وأعمارهم العقليَّة واستعداداتهم ضمن الامكانات المتوافرة.

 

عوامل نجاح التدريس بأسلوب حل المشكلات:

  1. أن يتم إعداد المُعلِّم وتدريبه تدريباً كافياً للعمل بهذا الأسلوب.
  2. أن يكون المنهاج الدراسي قابلاً للتطبيق من خلال هذا الأسلوب.
  3. أن تكون الأهداف المنوي تحقيقها واضحة ومُحدَّدة.
  4. أن تكون المفاهيم العلميَّة والمهارات العملية المراد التدرب عليها واضحة ومناسبة لاستعدادات المُتعلِّمين.
  5. أن يكون الوقت المتاح كافياً للتعامل مع المشكلة موضوع الدرس.
  6. أن تكون التجهيزات والوسائل المعينة اللازمة متوافرة وأن يتم تجهيزها واختبارها قبل البدء في العمل.
  7. أن تكون التعليمات التي توجه إلى الطلبة واضحة وكافية.
  8. أن يقوّم الأداء والعمل المنجز بموضوعية.
  9. أن يتوقع الطلاب مواجهة بعض الصعوبات التي يجب عليهم تذليلها.
  10. أن نجاح العمل بهذا الأسلوب يتوقف على نمط التفاعل الصفي الذي يعتمده المُعلِّم وعلى حسن إدارته له.
  11. أن يكون المُعلِّم مقتنعا بجدوى أسلوب حل المشكلات.

 

ومن العوامل المساعدة كذلك:

  1. وجود قابليَّة داخلية لدى المُتعلِّم للعمل من أجل حل المشكلات.
  2. وجود بيئة ملائمة لممارسة هذا الأسلوب تتسم بالأمن والاحترام والتقدير.
  3. تشجيع المُتعلِّم وتعزيز أدائه بتقدير أفكاره وجهوده ومنحه الثقة.
  4. تقديم الدعم للمُتعلِّم في التخطيط والبحث العلمي والتنفيذ.
  5. حسن استخدام المعلومات المختزنة في حل المشكلات.
  6. وضوح خطة العمل والتعليمات المُتعلِّقة بالتنفيذ للمُتعلِّم.
  7. وضوح أهداف استخدام اسلوب حل المشكلات للمُعلِّم.
  8. وضوح النتائج التي سيحصل عليها المُتعلِّمون من خلال توظيف هذا الأسلوب.

 

ومن مزايا توظيف أسلوب حل المشكلات في التعليم كذلك أنه يعمل على:

  1. زيادة أثر التعلُّم وجعله أكثر ثباتا.
  2. تدريب المُتعلِّمين على توظيف مصادر المعلومات كالحاسب الآلي والمكتبة وغيرهما.
  3. تمكين المُتعلِّمين من الاستفادة من خبراتهم التي حصلوا عليها من خلال الأسلوب في حياتهم العملية.
  4. زيادة ثقة المُتعلِّمين بأنفسهم.
  5. اقبال المُتعلِّمين على التعلُّم برغبة ومتعة.

 

فإذا استطاع المُعلِّم أن يحسن توظيف هذا الأسلوب في تدريب تلاميذه على مهارات التّفكير فإنه يكون بذلك قد نجح في تخريج أناس واثقين وقادرين على التعامل وقضايا الحياة بمنهجيَّة علميَّة عالية، الأمر الذي يكفل لهم حياة سعيدة.

 

حل المشكلات أسلوب مميز لتعليم مهارات التفكير محمود طافش