تنمية المعلم وتطوير أدائه

من مهام الإشراف الأساسيَّة تنمية المُعلِّم وتطوير أدائه. فالمفهوم الحديث للإشراف يختلف عن أسلوب التفتيش وتتبع الأخطاء، أو حتى التقويم المجرد بل يجعل من الغايات الأساسيَّة مساعدة المُعلِّم لإيجاد الطرائق المناسبة للبناء العلمي والتربوي التي تيسر للمُعلِّم تنمية نفسه علمياً وتربوياً، فأساليب التدريس متغيرة والمجتمع مُتطوِّر وغير ثابت وخبرة المُعلِّم تزداد يوماً بعد يوم، وهذا يستلزم أن يكون المُعلِّم نامياً مُتطوِّراً في مهاراته وأساليبه.



إنَّه من الخطأ الفاحش أن يظن المُعلِّم أنَّه عقب حصوله على وظيفة التدريس فقد انتهى أمر التحصيل العلمي وبناء الذات وتطوير المهارات وبدأت عمليه التعليم فقط فالمُعلِّم الناجح هو الذي يرى أنه لا يزال مُتعلِّماً، ويرى أنه كلما ازدادت خبرته العمليَّة ازدادت حاجته إلى الاطلاع على الجديد والتدريب لتنمية نفسه وتطوير مهاراته فتطوير التعليم يعتمد أساساً على تطوير أداء المُعلِّم.

 

أهميتها:

وتنبع أهمية برامج تنمية المُعلِّم بشكلٍ عام كون عمليَّة التعليم عمليَّة ناميَّة متغيرة فالمناهج في تغيرٍ دائم، ووسائل التعليم وتقنياته في تطورٍ سريع، وبحوث التعلُّم والتعليم وطرائق التدريس لا تزال تطرح كل يوم آراءً جديدة تفيد في التعامل مع الطلاب وتحسين عمليَّة التدريس، فبقاء المُعلِّم في معزلٍ عن هذه الأمور أو اعتماده في التعامل وإيّاها على خبرته الشخصيَّة المحدودة وأدٌ لقدراته وحرمانٌ لطلابه من الاستفادة من تلك الأشياء.

            

ما المقصود ببرامج تنمية المُعلِّم:

هي أيّ خبرةٍ مُنظَّمة يتعرض لها المُعلِّم تزيد في معلوماته أو تنمي مهاراته أو تؤثر إيجاباً في اتجاهاته أو تصحح فهمه لعمله فيدخل ضمنها أي نشاطٍ منظم يقوم به المُعلِّم لتحديث مهاراته أو معلوماته. فهي أي عمليَّة تعليم تصمم لمساعدة المُعلِّمين على أداء أعمالهم بكفاءةٍ أكبر مما يكون له أثرٌ في تحسين نتائج الطلاب.

 

أساليب تنمية المُعلِّم:

تتنوع أساليب برامج تنمية المُعلِّم، وليس هناك أساليب مُحدَّدة لا يمكن الخروج عنها، بل المجال مفتوح لاستحداث أساليب مبتكرة تحقق الهدف المقصود من تلك البرامج، وأهم الأساليب المعروفة لبرامج تنمية المُعلِّم هي:

  1. التدريب في أثناء الخدمة (على راس العمل).
  2. اللقاءات التربويَّة.
  3. ورش العمل.
  4. القراءات الموجهة.

مع أنه يجب ملاحظة أن طريقة تنفيذ تلك الأساليب وتنظيمها تختلف بدرجةٍ كبيرة، وتتفاوت من حيث النمطيَّة والإبداع.

 

وتشير البحوث إلى أن نسبة (5%) من المُتدرِّبين ينقل ما تعلمه إلى التطبيق العملي في الصف في حالة كون التدريب فقط إلقاءً نظرياً، وتتضاعف هذه النسبة لتصل إلى (10%) في حالة وجود عرض للمهارة التي يراد التدرّب عليها. وتزداد لتصل إلى نسبة (20%) في حالة وجود إلقاءٍ وعرضٍ جيد بالإضافة إلى ممارسة المُتدرِّب عملياً لهذه المهارة، وتصل النسبة إلى (25%) في حالة وجود العناصر السابقة مع إضافة (تغذية راجعة) ((feedback وهي مجموعة ملاحظاتٍ يعطيها الزملاء للمُتدرِّب ليس المقصود منها النقد أو التقويم، بل فقط لإعطاء المُتدرِّب صورة عن رؤية الآخرين لعمله، وتدل البحوث على أن النسبة تقفز إلى (90%) في حالة إضافة التدريب العملي المتبادل بين الزملاء في المدرسة (peercoaching 1).

 

الصفات الأساسيَّة لبرامج تنمية الناجحة للمُعلِّم:

أجريت بحوث كثيرة لمحاولة معرفة السمات الأساسيَّة لبرامج التنمية الناجحة للمُعلِّمين ومن استعراض بعض تلك البحوث يمكن الخروج بالسمات الآتية:

1. أن يكون للبرنامج أهداف مُحدَّدة.

2. أن تعدّ تلك البرامج وفق حاجات المدرسة.

3. ألّا تهتم بحاجات المُعلِّمين أيضاً.

4. أن يكون للمُعلِّمين أنفسهم دورٌ فاعل في التخطيط والتنفيذ للبرامج.

5. أن تقوم على أسس تعليم الراشدين (الكبار).

6. أن ينظر إلى عمليَّة تنمية المُعلِّم على أنها عمليَّة مستمرة ومترابطة.

7. أن تحتوي البرامج أنشطة مُتنوِّعه بأساليب مُتعدِّدة، ولا تقتصر على أسلوب واحد، ويراعى فيها الفروق الفرديَّة.

8. وجود مُدرِّبين ومقدمين ذوي كفاءة.

9. أن تقام في أوقات مناسبة للمُعلِّمين.

10. أن يتواكب مع تلك البرامج تطوير للمدارس نفسها وما يرتبط بها من جهات رسميَّة.

11. أن تكون المدارس مهيأة لتطبيق نتاج تلك البرامج.

12. تحقق التوازن بين النظريَّة والتطبيق.

 

قواعد مهمة في برامج تعليم الكبار

من الأمور المهمة في إنجاح برامج تنمية المُعلِّم مراعاة قواعد تعليم الراشدين (الكبار). ومن الخطأ الفادح أن تطبق قواعد تعليم الصغار أو المراهقين التي تعلمها المشرفون في أثناء إعدادهم للتدريس على برامج تنمية المُعلِّمين، وإليك فيما يأتي القواعد الأساسيَّة في تعليم الكبار التي يجب مراعاتها عند إعداد برامج تنمية المُعلِّمين:

 

أولاً: فيما يتعلَّق بالتنظيم:

1. يفضل الكبار التنظيم المرن الذي يراعي أوقاتهم وضغط العمل لديهم.

2. يفضل الكبار تفريد التعليم، حيث يتعلَّم كل فردٍ على حسب قدرته وبالسرعة التي يريدها، ويحدد بنفسه حاجاته التعليميَّة والخبرات التي يريد اكتسابها.

3. يفضل الكبار غالباً أنشطة التعليم المباشر والخبرات الحيَّة كالمناقشة والزيارات، وليس الإلقاء ومشاهدة العروض المرئيَّة.

4. يفضل الكبار المجموعات غير المتجانسة، حيث يجدون الفرصة للتفاعل مع الآخرين والاطلاع على وجهات النظر المختلفة.

 

ثانياً: وضع التعلُّم (بيئة التعلُّم)

1. يفضل الكبار الجو الذي يسود فيه التعاون بين الزملاء في أنشطة التعليم.

2. يحجم الكبار عن المخاطرة ويتهيبون الخطأ، فلذلك فهم يميلون إلى الجو الذي يكون فيه ثقةٌ متبادلةٌ وقبولٌ للاختلاف.

3. يقدرون الفرصة لإبداء وجهة النظر، ولا يمانعون قبول وجهة النظر الأخرى.

4. يتوقعون أن تراعى وجهات نظرهم وتطلعاتهم.

 

ثالثاً: موضوع التعلُّم

1. يستفيدون أكثر من التدريس الذي يساعدهم على تفعيل خبراتهم من خلال التفكير والتحليل والنظر النقدي.

2. يقدرون التعليم الذي يزيد في حريتهم الشخصيَّة وقدرتهم على اتخاذ القرار.

3. يرغبون في الموضوعات العمليَّة التي يستطيعون تطبيقها على أرض الواقع