تمكن طلاب التعليم العام من مهارات وأساسيات الرياضيات: مسؤولية مشتركة

لا شك في أنّ تمكن طلاب التعليم العام من مهارات واساسيات الرياضيات مسؤوليَّة مشتركة بين البيت والمدرسة وجهات إعداد المُعلِّم والإعلام. ولكل دوره ومسؤوليته. وفي تصوري أنّ حلقة النقاش هذه انطلقت من الشعور بمشكلة عدم تمكن طلاب التعليم العام من مهارات واساسيات الرياضيات، ولن أتناول تحديد المشكلة وتشخيصها وتحديد حجمها وأدوات وإجراءات بحثها ونتائجها.



كذلك لن أتحدَّث عن أدوار ومسؤوليات الجهات الأخرى وسأحصر حديثي في إلقاء الضوء على دور وزارة التربية والتعليم في المملكة في تمكين طلاب التعليم العام من مهارات وأساسيات الرياضيات. فقد اتجهت وزارة التربية في السنوات الأخيرة إلى تبني عددٍ من البرامج والمشاريع والتنظيمات التي تهدف إلى تطوير العملية التربويَّة والتعليميَّة والتي لا شك في أنّها أثرت في مستويات التحصيل في مادة الرياضيات وقياس هذا الأثر إيجاباً أو سلباً لا يأتي من خلال الانطباعات بل من المفترض أن تسهم العملية البحثيَّة في قياسه. ومن بين هذه البرامج والمشاريع والتنظيمات على سبيل المثال:

  1. نظام تدريس الصفوف الأوليَّة.
  2. نظام التقويم المستمر للمرحلة الابتدائية.
  3. لائحة الاختبارات المدرسيَّة.
  4. برامج التربية الخاصة ومنها صعوبات التعلُّم.
  5. برامج الموهوبين.

 

وهذه البرامج والمشاريع المطبقة فعلاً ومنذ سنوات لم تكن موجودة من قبل فهل لها تأثير سلبي أم إيجابي؟ الأمر في نظري يخضع للدراسة والبحث والتقويم. والوزارة بدأت خطوات التقويم مؤخرا لهذه البرامج.

 

لذا فإنّ أدوار الوزارة من وجهة نظري تتمثل في المحاور الآتية:

  1. تهيئة البيئة المدرسيَّة المناسبة لكل من الطلاب والمُعلِّمين.
  2. إعداد المُقرَّرات المدرسيَّة والتقنيات المصاحبة ومصادر التعلُّم الأخرى ضمن إطار المنهج المعتمد.
  3. تطبيق نظام تقويم مناسب لقياس تمكُّن الطلاب من المعارف والمهارات واستخدامه كتغذية راجعة في عملية التطوير.
  4. توفير التدريب المناسب للمُعلِّمين والذي يساعدهم على أداء مهامهم بالشكل الأفضل.
  5. تطبيق نظام الحوافز لتشجيع المُتميِّز من المُعلِّمين.
  6. تطبيق نظام المحاسبة للمُعلِّمين المقصرين.
  7. تطبيق نظام رعاية السلوك للطلاب بما يضمن مشاركتهم الفاعلة في ممارسة حقوقهم وتأدية واجباتهم.
  8. توفير بيئات تربويَّة مُتعدِّدة تتناسب مع مستويات الطلاب المختلفة بحيث تشمل طلاب التربية الخاصة والطلاب العاديين والطلاب الموهوبين.
  9. الاستفادة من نتائج الدراسات البحثيَّة في تطوير عملية التعلُّم والتعليم.
  10. التعاون مع المُؤسَّسات الحكوميَّة والعامة والخاصة في الداخل والخارج والتي تسهم في تقويم العملية التعليميَّة وتطويرها.

 

وفيما يأتي سأتحدَّث عن كل محور باختصار ولعلنا نُعرج عليها تفصيلاً من خلال النقاش:

  1. تهيئة البيئة المدرسيَّة المناسبة لكل من الطلاب والمُعلِّمين:
    لا شك في أنّ البيئة المدرسيَّة في المملكة تتفاوت من مدرسة إلى أخرى فمن حيث المباني هناك الحكومي والمستأجر مع تفاوت آخر حتى بين المباني الحكوميَّة. ومن حيث توافر الهيئة الإداريَّة إذا استثنينا المدير والوكيل فهناك أيضاً تفاوت في وجود المرشدين الطلابيين ورواد النشاط.
    ومن حيث الأثاث والتجهيزات المدرسيَّة يكون التفاوت واضحاً بين المدارس الحكوميَّة والمدارس المستأجرة. وهذا ليس مقام تحديد الأسباب لهذا التفاوت وتأكيد أو نفي تأثيره على التحصيل في مادة الرياضيات وإنما لإيضاح تفاوت البيئات المدرسيَّة، وأن الوزارة تعمل على القضاء على هذا التفاوت من خلال المشاريع المتسارعة لبناء المدارس والتخلص من المباني المستأجرة، وتوفير الوظائف لإدارات المدارس ودعمها تربوياً بالمرشدين الطلابيين ورواد الأنشطة، وتأثيثها وتجهيزها بجميع المستلزمات المدرسيَّة بما فيها معامل الحاسبات الآلية في المختبرات العلميَّة. كما أنّ من أهداف مشروع "الملك عبد الله" لتطوير التعليم تحسين البيئة التعليميَّة وتأهيلها وتهيئتها لإدماج التقنية في النموذج الرقمي للمنهج، لتكون بيئة الصّف والمدرسة بيئة محفزة للتعلُّم من أجل تحقيق مستوى أعلى من التحصيل والتدريب.

 

  1. إعداد المُقرَّرات المدرسيَّة والتقنيات المصاحبة ومصادر التعلُّم الأخرى ضمن إطار المنهج المعتمد:
    لن أتعرَّض لتاريخ تطوير مناهج الرياضيات ومن ثمَّ مُقرَّراتها ومصادر تعلُّمها، وإنّما أشير إلى أنّ المناهج الحالية للرياضيات وكذلك مُقرَّراتها الدراسيَّة تتمثَّل في تغيير وتحسين للمناهج والمُقرَّرات التي اعتمدت منذ ما يقارب الثلاثين عاما تحت مسمى الرياضيات الحديثة. ولدى الوزارة مشروع لتطوير مناهج الرياضيات ومن ثمَّ مُقرَّراتها ومصادر وتقنيات تعلمها بدأت بتنفيذه وسيكون باكورة انتاجه في عام (2009). كما أنّ من أهداف مشروع "الملك عبد الله" لتطوير التعليم تطوير المناهج التعليميَّة بمفهومها الشامل لتستجيب للتطورات العلميَّة والتقنية الحديثة، وتلبي الحاجات القيميَّة والمعرفيَّة والمهنيَّة والنفسيَّة والبدنيَّة والعقليَّة والمعيشيَّة لدى الطالب والطالبة.

 

  1. تطبيق نظام تقويم مناسب لقياس تمكن الطلاب من المعارف والمهارات واستخدامه بوصفه تغذية راجعة في عملية التطوير:
    إنّ نظام القياس والتقويم له دورٌ فاعلٌ وتأثيرٌ مباشرٌ في مستويات التحصيل وتطوير العملية التعليميَّة. والوزارة طبقت منذ سنوات نظام التقويم المستمر لطلاب الصفوف الثلاثة الأوّل في المرحلة الابتدائية وبعد تقويم للتجربة خلال أربع سنوات رؤي تعميمها على المرحلة الابتدائية فطبقت هذا العام حتى الصف الخامس وستطبق في الصف السادس العام القادم. كذلك تم تغيير لائحة الاختبارات فتضمَّنت طرائق احتساب النهايات الصغرى للنجاح وتخفيضها في بعض الحالات. ولا بد من أن يكون لهذا النظام وهذه اللائحة تأثير في التحصيل وهنا يأتي دور البحوث والدراسات والتقويم لقياس أثرها الموجب منه والسالب. وفي هذا المجال بدأت الوزارة بتطبيق اختبارات وطنيَّة تشمل مادة الرياضيات لقياس مستوى التحصيل المعرفي والمهاري.

 

  1. توفير التدريب المناسب للمُعلِّمين والذي يساعدهم على اداء مهامهم:
    يحتاج المُعلِّم من فترة إلى أخرى إلى التدريب في أثناء الخدمة لطبيعة مهنة التعليم وتطورها في المعارف والمهارات. ولدى الوزارة برامج مُتعدِّدة للتدريب داخل الوزارة وخارجها. ومن أهم الدورات التدريبيَّة ما يتعلَّق بتنفيذ مشروع استراتيجيات التدريس في مادة الرياضيات. والآن بدأ تطبيق التدريب الالكتروني. كما أنّ من أهداف مشروع "الملك عبد الله" لتطوير التعليم إعادة تأهيل المُعلِّمين والمُعلِّمات، وتهيئتهم لأداء مهامّهم التربويَّة والتعليميَّة بما يحقّق أهداف المناهج التعليميَّة المطوّرة.

 

  1. تطبيق نظام الحوافز لتشجيع المُتميِّز من المُعلِّمين:
    يوجد عدد من عناصر المفاضلة بين المُعلِّمين من خلال إعطائهم الأفضلية بموجب معايير مُحدَّدة من ضمنها تقدير الأداء الوظيفي والمحافظة على الدوام وعدم الغياب والتقدير في المؤهل وغيرها وتستخدم هذه المعايير في حركة النقل والترشيح للوظائف الإشرافية وإكمال الدراسات العليا. وتعمل الوزارة على إيجاد نظام لرتب المُعلِّمين بما يضمن تجويد الأداء لدى المُعلِّم وتنافسه مع زملائه. ويحتاج هذا النظام إلى إعادة النظر في الصياغة والتطبيق بما يضمن تحفيز المُعلِّمين للتميز.

 

  1. تطبيق نظام المحاسبة للمُعلِّمين المقصرين:
    يوجد عدد من الإجراءات النظامية لمحاسبة المُعلِّمين المقصرين ولكنها تتركز في تطبيق سنة التجربة والغياب إضافة إلى بعض القضايا التربويَّة. ويحتاج هذا النظام إلى إعادة في الصياغة والتطبيق بما يضمن محاسبة المقصرين والرفع من مستوى إنتاجيتهم.

 

  1. تطبيق نظام رعاية السلوك للطلاب بما يضمن مشاركتهم الفاعلة في ممارسة حقوقهم وتأدية واجباتهم:
    توجد لائحة لرعاية السلوك للطلاب وتحتاج إلى زيادة في التفعيل مع استقصاء المستجدات التربويَّة في المجتمع وتعديلها على ضوء ما يتوصل من نتائج مع دعم المدارس بمزيد من المرشدين الطلابيين.

 

  1. توفير بيئات تربويَّة مُتعدِّدة تتناسب مع مستويات الطلاب المختلفة بحيث تشمل طلاب التربية الخاصة والطلاب العاديين والطلاب الموهوبين:
    يقدم تعليم الرياضيات في المدارس للجميع دون استثناء لأي فئة. لذا توجد برامج للتربية الخاصة يقدم من خلالها ما يناسب طلاب هذه الفئة من مادة الرياضيات من قِبَلِ مختصين بمادة الرياضيات والتربية الخاصة. كما يوجد برامج لتذليل صعوبات التعلُّم في الرياضيات. وبالمثل كما يهتم بالطلاب العاديين يتم الاهتمام أيضاً بالطلاب الموهوبين ولهم برامج خاصة تقدم من خلال مختصين في الرياضيات والموهبة. والوزارة في صدد التوسع بهذه البرامج بما يلبي حاجة المجتمع المدرسي.

 

  1. الاستفادة من نتائج الدراسات البحثيَّة في تطوير عملية التعلُّم والتعليم:
    لدى الوزارة إدارة متخصصة في البحوث والدراسات التربويَّة يطرح من خلالها سنوياً عدد من المشكلات التربويَّة التي تحتاج إلى البحث وتقوم بدعمها واستقطاب الخبرات التربويَّة والعلميَّة من داخل الوزارة وخارجها للقيام بدراستها وتقديم النماذج التطبيقيَّة المناسبة. وما زال هناك قصور داخل الوزارة وخارجها في إيجاد الحلول للمشكلات التربويَّة عن طريق البحث العلمي.


  2. التعاون مع المُؤسَّسات الحكوميَّة والعامة والخاصة في الداخل والخارج والتي تسهم في تقويم العملية التعليميَّة وتطويرها:
    شاركت الوزارة في اختبارات (TIMSS) لعام (2003) وكانت النتائج متدنية وشاركت العام الماضي مرة أخرى ونحن في انتظار النتائج. وتتطلع الوزارة إلى التعاون مع مُؤسَّسات داخل المملكة مثل مركز القياس والتقويم فيما يخص الاختبارات الخاصة بالمُعلِّمين والطلاب، وإيجاد رخصة المُعلِّم.

 

والله ولي التوفيق

د. عبد الله بن صالح المقبل

 

المصدر: موقع عبد الله بن صالح المقبل