تعليم القيم: صعوبات وعقبات

والتربية السكانية والتربية المرورية وغيرها أدت إلى إثقال كاهل المناهج بموضوعات كثيرة، ولكنها لم تؤدِّ إلى تحقيق الغرض المرجو فيها، بحيث تكون القيم والاتجاهات جزءاً من المواد الدراسيَّة، أو جزءاً من كل مادة دراسيَّة.



ينادي بعض المهنيين بأن يكون موضوع القيم وخاصة القيم الأخلاقيَّة موضوعا دراسيا، يضاف الى موضوعات المنهج المدرسي، وهؤلاء أنفسهم الذين يرون أنّ الاهتمام بأي موضوع يعني إدخاله في المنهج المدرسي بصفته موضوعاً مستقلاً، إنّ التجارب السابقة في موضوعات مماثلة مثل تعلُّم التفكير، والتربية السكانية والتربية المرورية وغيرها أدت إلى إثقال كاهل المناهج بموضوعات كثيرة، ولكنها لم تؤدِّ إلى تحقيق الغرض المرجو فيها، بحيث تكون القيم والاتجاهات جزءاً من المواد الدراسيَّة، أو جزءاً من كل مادة دراسيَّة.

 

فالرياضيات مثلا تعلمنا أنّ هناك أكثر من طريقة، وأكثر من حل واحد للمشكلة، كما تعلمنا قيما مثل الدقة والقياس والتوقع ووضع الفروض وقراءة المعطيات والافتراضات والبناء على المسلمات والحقائق. وتعلمنا العلوم أيضاً قيماً مثل مدى الثقة بالحواس والتجريب والموضوعية وضبط المُتغيِّرات واتخاذ القرار وحل المشكلات. إنّ مثل هذه القيم لا تحتاج إلى مناهج خاصة أو مناهج مستقلة، وكل ما تحتاج إليه هو تنمية مهارة المُعلِّم على تأكيد هذه القيم وتنميتها لكونها نتاجاً علمياً أو رياضياً، أو لكونها أهدافاً أصيلة للعلوم والرياضيات.

 

إنّ الاستراتيجيَّة التي تقوم على أساس وضع منهج مستقل خاص بالقيم والاتجاهات يمكن أن تعاني من السلبيات الآتية :

 

  1. إثقال اليوم المدرسي بموضوعات مُتعدِّدة ،وفتح الباب أمام موضوعات أخرى ،وترسيخ مبدأ خاطئ يقوم على أنّ المناهج المدرسيَّة هي الحل السحري لجميع مشكلات المجتمع الاجتماعيَّة والمعيشيَّة اليومية.

 

  1. إنّ تخصيص فترة خاصة لتدريس القيم والاتجاهات يقود الى نتيجة خاطئة ،وهي أنّ الدروس الأخرى أو المناهج الأخرى لا علاقة لها بتنمية القيم والاتجاهات في اختصاص مُعلِّم آخر وليس للمدرسة أو لسائر المُعلِّمين.

 

  1. إنّ تدريس القيم أو الاتجاهات بصفتهما موضوعاً مستقلاً، قد يؤدي إذا ما قدم بطرائق التدريس التقليديَّة إلى نفور الطلبة من بعض هذه القيم والاتجاهات، لكونها واجباً تدريسياً إضافياً فُرض عليهم.

 

  1. هناك تناقض واضح بين تخصيص دروس خاصة للقيم والاتجاهات ،وبين الأهداف العامة للتربية التي تسعى إلى تنمية شخصيَّة الطالب بشكل متكامل ، ومن خلال البرنامج المدرسي كله. إنّ هذه التحفظات تقودنا إلى الاستراتيجيات الآتية التي تبنى على أساس إدماج القيم والاتجاهات ضمن جميع المواد الدراسية.