تحسين وتطوير الأداء

من أهم مفاهيم العصر الحالي أن المنافسة القويَّة والإبداع لا ينتجان من استخدام الآلات والأجهزة الحديثة والمُتقدِّمة ومحاولة تقليل النفقات فحسب وإنما باستخدام أهم مصدر على الإطلاق وهو: الأشخاص، المُوظَّفون، العاملون، وأصبح يحكم على نجاح أي مُؤسَّسة بمدى اهتمامها بقدرات مُوظَّفيها وكفاءاتهم، وحسن أدائهم لأعمالهم. وكيفيَّة استثمار رأس المال البشر.

 



التركيز على الأداء:

إن عمليَّة تحسين الأداء تتطلَّب نظرةً شموليَّة تبدأ من الجذور، وهذا أمرٌ بديهيٌ لأنك إذا قمت بمعالجة ظواهر المشكلة وقشورها الخارجيَّة فستظهر من جديد. على الرغم من أهمية التعليم والتدريب لزيادة الإنتاجية إلا أنه يبقى جزءاً من المطلوب، لأن الصورة تتكامل عندما نركز على كل الموارد الممكنة لتحسين الأداء، وإن عمليَّة تحسين الأداء ذاتها تُعَدُّ نوعا من أنواع التعليم المستمر، ومن ثم توفير مخزون مهاري محترف في المُؤسَّسة.

 

مظاهر ضعف الأداء:

  • الإنتاجية الضعيفة وغير الجيدة في مواصفاتها.
  • عدم إنهاء الأعمال في الوقت المُحدَّد.
  • الصدام المستمر بين الإدارة والمُوظَّفين، وخاصة الجدد.
  • عدم الانسجام مع ثقافة المُؤسَّسة السائدة.
  • فقدان الحافزية وازدياد حالة اللامبالاة لدى العاملين.
  • تجنب وفقدان روح المخاطرة والتأخير في اتخاذ القرارات.
  • عدم وجود الرغبة في النمو والتطوُّر الوظيفي.

 

تكنولوجيا الأداء الإنساني:

تسمى عمليَّة تحسين الأداء بتكنولوجيا الأداء الإنساني، ويمكن تعريفها بأنها طريقة مُنظَّمة وشاملة لعلاج المشاكل التي تعاني منها مُؤسَّسة ما، وهي عمليَّة مُنظَّمة تبدأ بموازنة الوضع الحالي وبالوضع المرغوب فيه للأداء الفردي والمؤسسي ومحاولة تحديد الفجوة في الأداء، وهنا يأتي تحليل المسببات لمعرفة تأثير بيئة العمل في الأداء.

حالما يتم معرفة وتحديد الفجوة الحاصلة في الأداء ومسبباتها يتم اتخاذ الإجراءات والخطوات المناسبة لتطوير الأداء، وهذا يمكن أن يتضمَّن قياسات ومراجعة للنظام ووسائل ومعدات جديدة، ونظام مكافآت، اختيار وتغيير مواقع المُوظَّفين وتدريبهم، وعند الاتفاق على أحد هذه الخطوات أو أكثر يتم تطبيقها فعليا، وبعد التطبيق يتم التقويم.

 

خطوات عمليَّة تحسين الأداء:

الخطوة الأولى: تحليل الأداء

ويرتبط بعمليَّة تحليل الأداء مفهومان في تحليل بيئة العمل وهما:

  • الوضع المرغوب فيه: ويصف الإمكانات والقدرات المتاحة في بيئة العمل واللازمة لتحقيق استراتيجيَّة وأهداف المُؤسَّسة.
  • الوضع الحالي/الفعلي: يصف مستوى أداء العمل والإمكانات والقدرات المتاحة كما هي موجودة فعليا.

 

وينتج من هذين المفهومين إدراك الفجوة في الأداء، ومن خلالها يمكن إدراك المشاكل المُتعلِّقة بالأداء والعمل على إيجاد الحلول لها ومحاولة توقع المشاكل التي قد تحدث مستقبلا.

لذا فإن الهدف من تحليل الأداء هو محاولة إغلاق هذه الفجوة أو على الأقل تقليصها إلى أدنى مستوى باستخدام أقل التكاليف.

 

الخطوة الثانية: البحث عن جذور المسببات:

يجب عند تحليل أي مشكلة أن نبدأ من جذورها. وهنا نبدأ بالسؤال لماذا توجد هذه الفجوة في الأداء؟ ونبدأ بجمع المعلومات الممكنة لتحديد وتعريف سبب ضعف الأداء قبل اختيار وسيلة المعالجة، ويجب ألّا نخجل من مواجهة ومصارحة أنفسنا أو المتسببين بضعف الأداء.

 

ويمكن عَدُّ أحد العناصر الآتية من أسباب ضعف الأداء:

  • قلة التغذية الراجعة عن الأداء.
  • ضعفٌ في التحفيز.
  • ضعفٌ في المعرفة والمهارات.
  • معداتٍ واحتياجاتٍ غير كافية أو غير ملائمة للعمل.
  • ضعفٌ في التركيز على الأنا والمجتمع المحيط.

 

الخطوة الثالثة: اختيار وسيلة التدخُّل أو المعالجة.

الخطوة الرابعة: تطبيق وسيلة أو طريقة المعالجة.

الخطوة الخامسة: مراقبة وتقويم الأداء.

 

طريقة (SWOT) لتحليل الأداء

التعريف (SWOT):

نقاط القوة (Strength)أية إمكانات داخليَّة ذاتيَّة موجودة فعلاً تساعد على استغلال الفرص المتاحة والممكنة وعلى مكافحة التهديدات.

نقاط الضعف (Weaknesses)أية ظروفٍ وعوامل نقصٍ داخليَّة موجودة فعلاً تضعف قدرة المُؤسَّسة على استغلال الفرص.

الفرص المتاحة(Opportunity) أيَّة ظروفٍ أو اتجاهاتٍ خارجيَّة ذات أثرٍ إيجابيٍّ في المجال الذي تتميَّز به المُؤسَّسة.

 

التهديدات (Threaten):

المخاطر أيَّة ظروفٍ أو اتجاهاتٍ خارجيَّة تؤثر سلباً في المجال الذي تتميَّز به المُؤسَّسة والتي قد تؤدي في ظل غياب الإجراءات المدروسة إلى خسارة.

 

عوائق الأداء

هي العوائق المتواجدة والمحيطة في البيئة التي يحصل فيها العمل، وتؤثر في العمل أو الأداء بشكلٍ سلبيٍّ أو بشكل يمنع من استخدام المُوظَّف لطاقته القصوى في الإنتاج، وأهمها العوائق الشخصيَّة للمُوظَّف، وعدم تقدير قيمة الوقت.

 

إنّ الخطوات اللازمة لتحسين الأداء على المستوى الفردي وفرق العمل تتبع الخطوات الأساسيَّة الآتية:

  1. حدد نقاط تحسين الأداء والفجوات المراد علاجها باستخدام التحليل.
  2. طور خطة لمعالجة القضايا والفجوات التي قمت بتحديدها.
  3. اعمل على تأسيس الطريقة المثلى في إنجاز العمل.
  4. التحق بالبرامج التدريبيَّة لتحسين مهاراتك.
  5. قم بقياس التقدُّم الحاصل في مهاراتك بعد الإجراءات المتخذة.
  6. يجب أن تُعلم برد فعل رئيسك وأن تعطيه تغذية راجعة عن أعمالك.
  7. الآن راجع كل العمليَّة التي قمت بها وقَوِّم نتائجها.
  8. حاول أن يكون لديك دائما خطط للتطوير والتحسين المستمر للأداء.

 

دور المدير في عمليَّة تطوير وتحسين الأداء:

يجب على المدير الحرص على تنفيذ استراتيجيات الأداء ومتابعتها، ويمكن تلخيص دوره بالخطوات الآتية:

  • تحديد المشكلة وتحليل الموقف.
  • طلب المشورة المُتخصِّصة وعمل التقويم اللازم.
  • وضع وتحديد الأهداف.
  • تحديد المدخلات اللازمة.
  • التطبيق والتعزيز (زيادة السلوك الإيجابي وتقليل السلوك السلبي).
  • المتابعة الدائمة وإعادة التقويم والمشورة.

دور المدير مهمٌ جداً في إدراك أهمية تحسين الأداء وإزالة العوائق وتعزيز النواحي الإيجابيَّة.

 

فرق العمل وتحسين الأداء:

فرق العمل: إحدى الطرائق الفعَّالة لتحسين الأداء وهي مجموعة صغيرة تضم عدداً من الأفراد تخصصاتهم مختلفة ولكنها متكاملة، مطلوبٌ منهم أداء مهمات وأهداف معينة في وقت معين وهم مسؤولون عن أدائهم. عادة ما يتراوح عدد أفرادها بين 5 و10.

وهذه الفرق تفيد في تبادل الخبرات والمهارات اللازمة، وجمع المعلومات وتكوين البدائل وتقويمها واتخاذ القرارات والإجراءات المناسبة، فتح آفاقٍ كبيرةٍ على حل المشكلات، وتوفير الوقت. ولكن يجب الحرص عند اختيار فريق العمل بحيث يكون متجانساً لأنه إذا كان غير متجانس وغير متكافئ فإن النتائج ستكون سلبيَّة.

هناك مُؤسَّسات تقوم بعمل (الدوران الوظيفي) وهو يعني باختصار أن كل مُوظَّف بعد أن يثبت مهارته في قسمه وعمله يتنقل بين الأقسام خلال فترات قصيرة ليأخذ فكرة عن طبيعة عمل الأقسام الأخرى، حتى تكون العمليَّة التي تمر بها المُؤسَّسة ماثلةً بشكل كامل أمامه.

 

الرضى الوظيفي وتحسين الأداء:

الرضى الوظيفي يعني أن توفر المُؤسَّسة المُتطلَّبات الأساسيَّة اللازمة لأداء العمل، وكل الوسائل اللازمة الماديَّة والمعنويَّة لأداء الأعمال. يوجد عدد من الدراسات يربط بين الرضى الوظيفي وبالأداء الجيد، وفي الوقت نفسه توجد دراساتٍ أخرى تبين أنّ الرضا الوظيفي لا يؤدي بالضرورة إلى الأداء الجيد بسبب تدخل العديد من العوامل. وعلى الرّغم من اختلاف الآراء و التفسيرات يقع على عاتق المؤسسة مسؤولية تجاه مُوظَّفيها بالقدر المعقول والمطلوب لتوفير الأجواء المناسبة للعمل مادياً ومعنوياً، ثم بعد ذلك تكون مسؤولية الأداء على المُوظَّف.

 

تعديل السلوك وتحسين الأداء

تعديل السلوك هو إحدى الوسائل لتحسين الأداء لأننا من خلاله نحاول إزالة أو تقليص السلوك السلبي وزيادة السلوك الإيجابي. ونبدأ بالوسائل الإيجابيَّة وقد ينتهي بنا المطاف إلى استعمال الوسائل العقابية، وذلك مرهونٌ بحسب استجابة المُوظَّف والظروف المحيطة، ويمكن إلزام المُوظَّف بكتابة تقرير يومي عن عمله، لأنه سيدرك أنّه إن لم يعمل في هذا اليوم فسوف لن يجد ما يكتبه، وهذا لا يعني أن يكون العمل منجزاً ومنتهياً فقد يستغرق إنجاز العمل عدة أيام.