تجارب من دول العالم ... في مجال ... التعليم الإلكتروني

هناك عدد من دول العالم المتطوِّر وحتى دول العالم الثالث قامت بتجارب رائدة في مجال تطبيق أنظمة مختلفة للتعليم الإلكتروني بدأت باستخدام وسائل عرض مساعدة لتوضيح بعض المفاهيم والتجارب، وانتهت بتطبيق أنظمة متطوِّرة للتعليم عن بُعد، وفيما يأتي بعض هذه التجارب:



تجارب الدول المُتقدِّمة

التحوُّل من الأنظمة التقليديَّة في مجالات الحياة إلى الحياة الرقمية يُعدُّ من أهم سمات المجتمع المتحضر، وهذا دليل على رقي هذه المجتمعات، والمتتبع لتطور الحياة إلى العالم الرقمي يلحظ أن هذه المواضيع تحظى باهتمام الدول على أعلى مستوياتها ضمن تخطيط محكم لنشر مجالات المعلوماتيَّة بكافة مناحي الحياة، وفيما يأتي نستعرض تجارب بعض هذه الدول المُتقدِّمة:

  1. تجربة اليابان
    بدأت تجربة اليابان في مجال التعليم الإلكتروني في عام (1994) بمشروع شبكة تلفازية تبث المواد الدراسيَّة التعليميَّة بوساطة أشرطة فيديو للمدارس حسب الطلب من خلال (الكيبل) كخطوة اولى للتعليم عن بُعد، وفي عام (1995) بدأ مشروع اليابان المعروف باسم "مشروع المائة مدرسة" حيث تم تجهيز المدارس بالإنترنت بغرض تجريب وتطوير الأنشطة الدراسيَّة والبرمجيات التعليميَّة من خلال تلك الشبكة، وفي عام (1995) أعدت لجنة العمل الخاص بالسياسة التربويَّة في اليابان تقريراً لوزارة التربية والتعليم تقترح فيه أن تقوم الوزارة بتوفير نظام معلومات إقليمي لخدمة لتعليم مدى الحياة في كل مقاطعة يابانية، وكذلك توفير مركز للبرمجيات التعليميَّة إضافة إلى إنشاء مركز وطني للمعلومات، ووضعت اللجنة الخطط الخاصة بتدريب المُعلِّمين وأعضاء هيئات التعليم على هذه التقنية الجديدة وهذا ما دعمته ميزانية الحكومة اليابانية للسنة الماليَّة (1996-1997) حيث أقر إعداد مركز برمجيات لمكتبات تعليميَّة في كل مقاطعة ودعم البحث والتطوير في مجال البرمجيات التعليميَّة ودعم البحث العلمي الخاص بتقنيات التعليم الجديدة وكذلك دعم كافة الأنشطة المُتعلِّقة بالتعليم عن بُعد، وكذلك دعم توظيف شبكات الإنترنت في المعاهد والكليَّات التربويَّة، لتبدأ بعد ذلك مرحلة جديدة من التعليم الحديث، وتعد اليابان الآن من الدول التي تُطبِّق أساليب التعليم الإلكتروني الحديث بشكل رسمي في معظم المدارس اليابانية.

 

  1. تجربة الولايات المتحدة الأمريكية
    في دراسة علميَّة تمت عام (1993) تبين أنّ (98%) من مدارس التعليم الابتدائي والثانوي في الولايات المتحدة لديها جهاز حاسب آلي لكل (9) طلاب، وفي الوقت الحاضر يتوافر الحاسب متوافر في جميع المدارس الأمريكية بنسبة (100%) بدون استثناء، وتُعَدُّ تقنية المعلومات لدى صانعي القرار في الإدارة الأمريكية من أهم ست قضايا في التعليم الأمريكي، وفي عام (1995) اكملت جميع الولايات الأمريكية خططها لتطبيقات الحاسب في مجال التعليم. وبدأت الولايات في سباق مع الزمن من أجل تطبيق منهجية التعليم عن بُعد وتوظيفها في مدارسها، واهتمت بعمليَّة تدريب المُعلِّمين لمساعدة زملائهم ومساعدة الطلاب أيضاً، وتوفير البنية التحتية الخاصة بالعمليَّة من اجهزة حاسب آلي وشبكات تربط بعض المدارس ببعضها الآخر إضافة إلى برمجيات تعليميَّة فعَّالة كي تصبح جزءاً من المنهج الدراسي، ويمكننا القول إنّإدخال الحاسب في التعليم وتطبيقاته لم تعد خطة وطنيَّة بل هي أساس في المناهج التعليميَّة كافة.

 

  1. التجربة الماليزية
    في عام (1996) وضعت لجنة التطوير الشامل الماليزية للدولة خطة تقنية شاملة تجعل البلاد في مصاف الدول المُتقدِّمة وقد رمز لهذه الخطة (Vision 2020)، بينما رمز للتعليم في هذه الخطة (The Education Act 1996). ومن أهم أهداف هذه الخطة إدخال الحاسب الآلي والارتباط بشبكة الإنترنت في كل فصل دراسي من فصول المدارس. وكان يتوقع أن تكتمل هذه الخطة (المُتعلِّقة بالتعليم) قبل حلول عام (2000) لو لا الهزة الاقتصاديَّة التي حلت بالبلاد في عام (1997). ومع ذلك فقد بلغت نسبة المدارس المربوطة بشبكة الإنترنت في ديسمبر (1999) أكثر من (90%)، وفي الفصول الدراسيَّة (45%). وتسمى المدارس الماليزية التي تُطبِّق التقنية في الفصول الدراسيَّة "المدارس الذكية" (Smart Schools)، وتهدف ماليزيا إلى تعميم هذا النوع من المدارس في جميع أرجاء البلاد. أما فيما يتعلَّق بالبنية التحتية فقد تم ربط جميع مدارس وجامعات ماليزيا بعمود فقري من شبكة الألياف البصرية السريعة والتي تسمح بنقل حزم المعلومات الكبيرة لخدمة نقل الوسائط المُتعدِّدة والفيديو.

              

  1. التجربة الأسترالية
    يوجد في استراليا عدد من وزارات التربية والتعليم، ففي كل ولاية وزارة مستقلة، ولذا فالانخراط في مجال التقنية متفاوت من ولاية إلى أخرى. والتجربة الفريدة في أستراليا هي في ولاية فكتوريا، حيث وضعت وزارة التربية والتعليم الفكتورية خطة لتطوير التعليم وإدخال التقنية في عام (1996) على أن تنتهي هذه الخطة في نهاية عام (1999) بعد أن يتم ربط جميع مدارس الولاية بشبكة الإنترنت عن طريق الأقمار الصناعيَّة، وقد تم ذلك بالفعل. اتخذت ولاية فكتوريا إجراءً فريداً لم يسبقها أحد فيه حيث عمدت إلى إجبار المُعلِّمين الذين لا يرغبون في التعامل مع الحاسب الآلي على التقاعد المبكر وترك العمل. وبهذا تم فعليا تقاعد (24%) من تعداد المُعلِّمين واستبدالهم بآخرين. تعد تجربة ولاية فكتوريا من التجارب الفريدة على المستوى العالمي من حيث السرعة والشمولية. وأصبحت التقنية متوافرة في كل فصل دراسي، وقد أشاد بتجربتها الكثيرون ومنهم رئيس شركة مايكروسوفت (بل غيتس) عندما قام بزيارة خاصة لها. وتهدف وزارة التربية الإسترالية بحلول عام (2001) إلى تطبيق خطة تقنيات التعليم في جميع المدارس بحيث يصبح المديرون والموظفون والطلاب قادرين على:
    • إمكانية استخدام أجهزة الحاسب الآلي والإستفادة من العديد من التطبيقات وعناصر المناهج المختلفة.
    • الاستخدام الدائم والمؤهل في تقنيات التعليم وذلك في أنشطة الحياة العادية، وفي البرامج المدرسيَّة كذلك.
    • تطوير مهاراتهم في مجال استعمال العديد من تقنيات التعليم.

وبينما يمكن (91%) من المدارس الدخول إلى شبكة الإنترنيت فإن (80%) من المدارس تستخدم في الوقت الحالي شبكة محليَّة داخليَّة.

تجارب دول الخليج

وضعت دول الخليج العربي ممثلة بوزارات التربية والتعليم خططاً لدمج التقنية بالتعليم، وفيما يأتي نستعرض الجهود المبذولة في دولة الامارات العربية المتحدة وسلطنة عمان في هذا المجال:

  • تجربة دولة الامارات العربية المتحدة
    تبنت وزارة التربية والتعليم والشباب مشروع تطوير مناهج لتعليم مادة الحاسب الآلي في المرحلة الثانوية وقد بدأ تطبيق هذا المشروع عام (1989-1990) وقد شمل في البداية الصف الأول والثاني الثانوي، وكان المشروع قد بدأ بإعداد منهج للصف الأول الثانوي وتجريبه باختيار مدرستين في كل منطقة تعليميَّة إحداهما للبنين والأخرى للبنات، وفي العام التالي بعده تم تعميم التجربة لتشمل كافة المدارس الثانوية في الدولة.  ولقيت هذه التجربة قبولاً من قِبَلِ الطلاب وأولياء الأمور فضلاً عن الأهداف التي حددتها الوزارة فقد أسفرت التجربة عن النتائج الآتية:
    • ولَدت التجربة وعياً لدى أولياء الامور نحو أهمية الحاسب في الحياة المعاصرة.
    • شجعت التجربة مُعلِّمي المواد الاخرى على تعلُّم الحاسب الآلي.
    • ولدت لدى الإدارة المدرسيَّة الرغبة في استخدام الحاسب في مجالات الإدارة المدرسيَّة مما جعل الوزارة تتجه نحو ادخال الحاسب في مجالات الإدارة المدرسيَّة.
    • جعلت التجربة مُعلِّمي المواد الاخرى ينظرون إلى استخدام الحاسب كوسيط تعليمي لهذه المواد.

وبعد ذلك وفي ضوء هذه التجارب تم اعتماد تدريس الحاسب في المرحلة الاعدادية وتم طرح كتاب مهارات استخدام الحاسب ضمن مادة المهارات الحياتيَّة للصفين الأول والثاني الثانويين. وقد حُددت أهداف ومجالات استخدام التقنيات التربويَّة في التعليم في الدولة في ضوء أحدث المفاهيم التربويَّة المطروحة لتوظيف التحديات التربويَّة في عمليَّة التعليم، ويتضح ذلك في السياسة التعليميَّة للوزراة والخطط المستقبليَّة المنبثقة عن رؤيا التعليم حتى عام 2020 وفي وثائق المناهج المُطوَّرة، وتتمثل هذه الأهداف في:

  • تحسين وتطوير عمليتي التعليم والتعلم في مناهج التعليم العام.
  • إعداد الطلاب للتعامل بكفاءة مع عصر المعلومات وذلك بإكسابهم المهارات المتصلة بالتعليم الذاتي واستخدام الحاسب وشبكات الاتصال للوصول إلى مصادر المعلومات الإلكترونيَّة المحليَّة والدوليَّة.
  • تطوير شبكة اتصال معلوماتي فيما بين الوزارة والمناطق التعليميَّة والمدارس لمساعدة مراكز اتخاذ القرار في الوصول بسرعة إلى مختلف انماط المعلومات المتصلة بالطلاب والمُعلِّمين والهيئات الإشرافية والإداريَّة وغيرها.
  • تطوير عمليات تدريب للمُعلِّمين في أثناء الخدمة وإكسابهم الكفاءات التعليميَّة المطلوبة لتنفيذ المناهج الجديدة والمُطوَّرة، وذلك بإنشاء المراكز التدريبيَّة في كل منطقة تعليميَّة.
  • تطوير عمليات التقويم وذلك بإنشاء بنوك الأسئلة لكل مادة من المواد الدراسيَّة والتوسع في استخدام الاختبارات الإلكترونيَّة.

 

  • تجربة سلطنة عمان
    قامت وزارة التربية والتعليم في السلطنة في إطار تطوير التعليم بإعداد خطة شاملة وطموحة تسعى من خلالها إلى الانسجام مع المُتطلَّبات التنمويَّة للسلطنة، وقد نصت على تطبيق نظام التعليم الأساسي الذي يتكوَّن من مرحلتين الأولى للتعليم الأساسي ومدتها (10) سنوات تقسم إلى حلقتين الأولى (1-4) والحلقة الثانية (5-10)، والثانية هي المرحلة الثانوية ومدتها سنتان. وسعت الوزارة إلى إدخال الحاسب الآلي في مراكز مصادر التعلُّم بمدارس التعليم الأساسي لتحقيق الأهداف الآتية:
    • عَدّ مرحلة التعليم الاساسي القاعدة الأساسيَّة التي سوف يرتكز عليها إدخال الحاسب إلى المدارس.
    • إكساب الطلبة مهارات التعامل والحاسب.
    • توفير برمجيات حاسوبية تستخدم الوسائط المُتعدِّدة وتساعد على تنميَّة قدرات الطالب العقلية وتحتوي على كم هائل من العلوم والمعارف.
    • تنميَّة مهارة حب الاستطلاع والبحث والتعلُّم الذاتي والاعتماد على النفس في الحصول على المعلومات من مصادرها المختلفة.

وقد أصدر معالي وزير التربية والتعليم قراراً بتشكيل لجنة من ذوي الاختصاص في جامعة السلطان قابوس ووزارة التربية والتعليم لوضع مناهج مادة تقنية المعلومات لمرحلة التعليم الأساسي، الحلقة الأولى للصفوف (1-4) لتقوم بالمهام الآتية:

  • تحديد المرتكزات الفكريَّة لمناهج تقنية المعلومات (الأسس والمرتكزات.
  • دراسة الأهداف العامة من أجل اشتقاق الأهداف الإجرائيَّة وتحليلها.
  • مصفوفة المدى والتتابع لمادة تقنية المعلومات.
  • وضع وحدات مناهج تقنية المعلومات لكل صف من الصفوف (1-4) كتاب واحد لكل صف يشمل جزأين لكل فصل دراسي جزء.
  • تحقيق التكامل الرأسي والأفقي بين هذه الوحدات.
  • ربط مناهج تقنية المعلومات بمناهج المواد الدراسيَّة الأخرى.
  • اقتراح أسس لاستمرارية تحديث وتقويم مناهج تقنية المعلومات.

وبدأ التطبيق الفعلي من العام الدراسي (1998-1999) بإنشاء (17) مدرسة تعليم اساسي
(1-4) على مستوى السلطنة، أعقب ذلك افتتاح (25) مدرسة في العام التالي بعده (1999-2000). وجرى افتتاح (58) مدرسة في العام (2000-2001) وهي فكرة رائدة تعمل الوزارة على تطبيقها تدريجياً، وخصصت ميزانية كبيرة لإنجاحها، وتتوافر لهذه المدارس الإمكانية اللازمة لعمليَّة تعليميَّة ناجحة وفق أهداف التطوير.

وقد تم إنشاء مراكز مصادر التعلُّم في كل مدرسة من مدارس التعليم الأساسي في السلطنة وتم تزويدها بأحدث الأجهزة التعليميَّة والتكنولوجيَّة خاصة الحاسب الآلي.