المنتورينغ في العمل: كيف تنفِّذه في المؤسسة ولماذا يجب عليك أن تفعل ذلك؟

"لقد جرَّبنا المنتورينغ ذات يوم، لكنَّه لم ينجح، على أي حال، يجد الناس منتورز بشكل غير رسمي، وما أحتاج إلى معرفته هو كيفية تنظيم مسار قيادتي".


هذه عبارة شائعة نسمعها من كبار قادة الموارد البشرية، ومع ذلك تُظهر الدراسات حول القادة ذوي الإمكانات العالية أنَّ المنتورينغ في المؤسسات أمر مثالي للمساعدة على الاحتفاظ بأفضل المواهب وبناء مسار للقيادة.

تعدُّ العديد من المؤسسات عالية الأداء المنتورينغ كفاءة أساسية بين قادتها، وأنَّ القادة الذين يأخذون المنتورينغ على محمل الجد ويتعاملون معه بفاعلية يتمتعون بتأثير كبير.

يُفيد المنتورينغ في العمل جميع المعنيين: المنتور ومتلقي المنتورينغ والمؤسسة التي تدعم المنتورينغ، سواء مُورِسَ ممارسةً رسميةً أم غير رسميةٍ؛ حيث يُطوِّر المنتورز الفاعلون القدرات القيادية للمتدربين، بالتزامن مع تنمية مهاراتهم الخاصة، ويُعزِّزون المواءمة بين تطلعات الموظفين والضرورات التنظيمية، ويخلقون ثقافة الولاء داخل مؤسساتهم، وينقلون معرفتهم وخبراتهم مرة أخرى إلى مؤسساتهم.

فيما يلي بعض نتائج الدراسات، والرؤى، والتوصيات حول المنتورينغ في المؤسسات لمساعدتك على تصميم برنامج منتورينغ فعَّال.

أولاً: ما هو المنتورينغ في العمل؟

المنتورينغ هو علاقة تنموية مدروسة يقوم فيها شخص أكثر خبرة ومعرفة بتنمية الحياة المهنية والشخصية لشخص أقل خبرة ومعرفة.

عادةً ما يعمل المنتور في مؤسسة أو مهنة فترةً طويلة ولديه سلطة أكبر داخل المؤسسة أو المهنة مقارنة بمتلقي المنتورينغ؛ حيث يُمكِّن مزيج الخبرة والوظيفة المنتور من إحداث تأثير كبير في متلقي المنتورينغ، ونقول "عادةً" لأنَّ ترتيبات المنتورينغ العكسي تعمل بعكس طريقة عمل هذا النموذج، وهو مفيد للغاية أيضاً.

يُحفِّز المنتورينغ في العمل الأفراد على التعلُّم والنمو، ويوفر لهم فرص التعلُّم، ويدعمهم في التعلم والنمو، وفي كثير من الحالات، تكون هذه العلاقات تنموية للطرفين؛ المنتور ومتلقي المنتورينغ.

من يستفيد من المنتورينغ في المؤسسات؟

تستفيد المؤسسات كثيراً من برامج المنتورينغ؛ حيث يساعد المنتورينغ في العمل الشركات على جذب المواهب والاحتفاظ بها، وتعزيز الالتزام التنظيمي بين الموظفين الذين يبحثون عن فرص التطوير، كما ينخفض ​​معدل الدوران، ويتسارع التطور.

عادةً ما يكون لدى المنتورز رؤية ناضجة عن الإدارة والديناميكيات التنظيمية التي ينقلونها إلى متلقي المنتورينغ، ويمكنهم جهود متلقي المنتورينغ مواءمةً أفضل مع الأهداف التنظيمية، مما يُعزِّز القدرة التنظيمية.

يستفيد متلقي المنتورينغ من المنتورينغ من عدة نواحٍ: الوصول إلى فرص قيادية، والتنقل الوظيفي، والمكافآت الأفضل والأجور الأعلى، وزيادة القدرة على التكيف عند مواجهة مواقف جديدة، وتحسين الهوية المهنية، وزيادة الكفاءة المهنية، والرضا الوظيفي، والقبول داخل مؤسساتهم، وتقليل ضغوط العمل والصراع على الأدوار، وبالإضافة إلى ذلك، يكتسب متلقي المنتورينغ مصداقية وتأثير المنتور من خلال عملية المنتورينغ.

ويستفيد المنتورز كذلك؛ حيث أظهرت العديد من الدراسات أنَّ المنتورز أكثر رضاً عن وظائفهم وأكثر التزاماً بمؤسساتهم من أولئك الذين ليسوا منتورز، ووجدت الدراسات أيضاً أنَّ القادة الذين ينظر إليهم موظفوهم كمنتورز فاعلين يحظون بتقييم أداء أعلى من قِبل رؤسائهم؛ باختصار يحتاج القادة العظماء إلى تقديم المنتورينغ وتلقِّيه.

برامج المنتورينغ وتطوير القيادة:

يُعَدُّ المنتورينغ في العمل هامَّاً للمديرين الجدد

عند ترقية المساهمين أو المهنيين الفرديين إلى مناصبهم القيادية الرسمية الأولى، لا يتوقع الكثير منهم أن يكون الانتقال بهذه الصعوبة، لكنَّ الانتقال إلى منصب يتطلب قيادة الآخرين هو تحوُّل في الهوية، والعديد من المديرين الجدد ليسوا مستعدين لذلك، والأسوأ من ذلك أنَّهم غالباً ما يفتقرون إلى الدعم والتطوير اللازمَين للمساعدة على تحقيق هذا الانتقال بنجاح.

عندما لا يتلقَّى المديرون الجدد دعماً كافياً خلال هذا الانتقال، فإنَّهم يعانون على المستوى الشخصي، وكذلك فرقهم وموظفوهم، ومن ثم يؤثر هذا في مسار قيادة المنظمة، والذي قد يؤثر سلباً في النهاية في أرباحها.

نظراً للدور الهام الذي يلعبه المديرون الجدد في تنمية المواهب وإدارة التعاقب، يجب على المؤسسات المساعدة على تسهيل انتقالهم من خلال تزويدهم بإمكانية الوصول إلى تطوير القيادة - وخاصة الدورات التي تستهدف احتياجات المديرين الجدد - ومن خلال استكشاف برامج المنتورينغ التنظيمي الرسمية من أجل دعمهم.

يساعد المنتورينغ الموظفين المتمرسين أيضاً

يمكن للمنتورينغ أيضاً توفير فرصة ممتازة للموظفين الأكثر خبرة الذين يرغبون في أن يصبحوا مديرين، وواحدة من أكبر فجوات المهارات التي يعاني منها العديد من المديرين هي القدرة على تقديم الكوتشينغ والمنتورينغ وتطوير موظفيهم، وعلى الرغم من أهمية تطوير المديرين لموظفيهم، إلا أنَّ معظمهم غير قادرين على فعل ذلك، ولكن من خلال العمل كمنتورز، فإنَّهم يساعدون متلقي المنتورينغ بالتزامن مع تحسين أدائهم ورضاهم، واكتساب المهارات الإدارية الأساسية، وفي الواقع يتمتع المنتورز بالصفات التالية:

  • ينظر إليهم الآخرون على أنَّهم قادة أكثر فاعلية.
  • لديهم التزام أقوى بمنظماتهم.
  • يتمتعون بإحساس أكبر بالرفاهية، بما في ذلك الرضا الوظيفي والشخصي.
  • يُعزِّزون علاقاتهم الشخصية ويصلون بسرعة إلى الأخبار المتعلقة بالوظائف والمؤسسات.

الكوتشينغ مقابل المنتورينغ في المنظمات: ما الفرق؟

يرتبط الكوتشينغ والمنتورينغ في العمل بأدوار مترابطة لكنَّها مختلفة على الرغم من تداخلهما في بعض الأحيان، وقد يؤديهما القائد نفسه؛ لذا يجب على كل من المنتور ومتلقي المنتورينغ فهم هذه الفروق.

بينما يُركِّز الكوتشينغ عادةً على تحسين الأداء الوظيفي الحالي، يُركِّز المنتورينغ على المسار الوظيفي، ويميل الكوتشينغ إلى التركيز على مساعدة شخص ما على حل مشكلة حالية بمفرده.

من ناحية أخرى، يُركِّز المنتورينغ على مساعدة متلقي المنتورينغ على أن يصبح أكثر قدرة في المستقبل القريب، مما يمنح المنتور وقتاً لإرشاد متلقي المنتورينغ وتقديم المشورة له بشأن المشكلات التي ستظهر، والتي ربما لم تظهر بعد.

في بعض الأحيان، يلعب المنتورز دور الكوتش عندما لا يكون لديهم متسع من الوقت لإعداد متلقي المنتورينغ إعداداً كاملاً للمستقبل؛ إذ عليهم مساعدتهم على تقديم أداءٍ جيِّدٍ الآن، كما يمكنهم إجراء محادثات كوتشينغ لتوجيه متلقي المنتورينغ وتحفيزه وإلهامه من خلال الاعتماد بدرجة كبيرة على مهارات طرح الأسئلة والإصغاء.

يمكن للمنتورز أيضاً الاستفادة من مناصبهم لدعم متلقي المنتورينغ في التجارب التنموية، واستكشاف البيئة بحثاً عن عوامل التهديد والفرص، كما يمكنهم الاستفادة من خبراتهم لنقل المعرفة والمساعدة على توسيع العلاقات.

يمكن للمنتورينغ في المؤسسات بناء ثقافات أقوى وأشمل

أثبتت الأبحاث أنَّ الفِرق المتنوعة تُقدِّم أداء أفضل في العمل، وأنَّ المؤسسات ذات التنوع الأكبر تصبح أكثر مرونة وابتكاراً، ومن الناحية المثالية، يُقدِّم القادة في مناصب السلطة المنتورينغ للمواهب ويقومون برعايتها بغض النظر عن الجنس أو العرق أو أي هويات اجتماعية أخرى، ولكن نظراً لأنَّ الكثيرين لا يفعلون ذلك، فإنَّ مسار قيادتهم يتضرر، وتفقد منظماتهم إمكانات قادتها الموهوبين وخاصة النساء وذوي البشرة السمراء.

يحتاج هؤلاء القادة تحديداً إلى مجموعة من الأبطال، وقد تكون برامج المنتورينغ والرعاية التنظيمية خطوة نحو بناء مسار قيادة أقوى وأكثر تنوعاً.

3 توصيات لقادة الموارد البشرية الذين يُصمِّمون برامج المنتورينغ في المنظمات

حتى بدون وجود برنامج منتورينغ تنظيمي رسمي، ما يزال في إمكان المتخصصين في إدارة المواهب جذب المزيد من المواهب والاحتفاظ بها من خلال:

  • بناء المنتورينغ ورعاية جهود تطوير القيادة وعمليات التأهيل.
  • تصميم برامج رسمية لجمع ذوي الإمكانات العالية مع منتورز ورعاة مُحدَّدين.
  • تشجيع ثقافة توفر المنتورينغ للمواهب وترعاها.

إنَّ مفتاح نجاح برامج المنتورينغ الرسمية في المنظمات تحديدُ الأدوار والمسؤوليات بوضوح، ووضع أهداف واضحة لإنشاء ترتيبات الكوتشينغ أو المنتورينغ أو كليهما، ولتحقيق هذه الأمور، ضع في حسبانك هذه التوصيات الثلاث:

  1. افهم ووضِّح العقبات التي تواجهها النساء ويواجهها ذوو البشرة السمراء، كيف يمكنك مساعدة كبار القادة على فهم الممارسات أو الإجراءات أو الأعراف أو السلوكات التي يمكن عدها داعمة أو رافضة للأشخاص الموهوبين الذين ينتمون إلى الأقليات أو المجموعات المهمَّشة؟ هل يمكنك زيادة ممارسات القيادة الشاملة عبر المنظمة؟
  2. اطرح أسئلة تحث أنظمتك على التطور، وتحدَّ الافتراضات عندما تسمعها، وأفسح المجال أمام أساليب ومهارات مختلفة، واسأل ما الذي يمكن تجاهله عند شغل الوظائف: "إليك ملف آخر شخص شَغَل هذه الوظيفة... ولكن ما هي القدرات التي قد نحتاجها الآن؟".
  3. درِّب المديرين والقادة على المنتورينغ والرعاية، ولا تفترض أنَّ كبار القادة يَعون بوضوحٍ دورهم في مساعدة القادة الآخرين، أو أنَّهم يعرفون كيفية إجراء محادثات تنموية، لا سيَّما مع متلقي المنتورينغ أو من يقومون برعايته.

إذا كان "المتوقع" من كبار القادة تقديم المنتورينغ للمبتدئين من ذوي الإمكانات العالية ورعايتهم، فتأكد من أنَّ هذه التوقعات واضحة وصريحة، ومدرَجة في إدارة المواهب، أو تخطيط التعاقب، أو عمليات مراجعة الأداء؛ لذا حضِّر المديرين التنفيذيين لما هو غير متوقع من خلال تزويدهم بالإرشادات والأدوات وتطوير القيادة والدعم لتعزيز مهاراتهم في الكوتشينغ.

هناك العديد من الطرائق لتنظيم المنتورينغ في المنظمات، فقد تكون مبادرة موارد بشرية أو منظمة، مع تنظيمٍ رسميٍّ ومراقبةٍ رسمية، وأهداف متوافقة تنظيمياً، أو قد تكون مجرد عملية غير رسمية تتفق عليها الأطراف المعنية.

مهما كان شكل برنامج المنتورينغ الذي تختاره، تذكَّر أنَّ برامج المنتورينغ الأكثر نجاحاً تتضمن تخطيطاً استراتيجياً دقيقاً؛ لذا استخدم هذه الموارد لبدء تطوير برنامج المنتورينغ ورؤية نتائج تحسين التفاعل، والاحتفاظ، والأداء العام.