الكوتشينغ يبصر النور

الكوتشينغ يبصر النور

 

لقد جعل العمل مع كوتش يطفأ الضوء على وصمة الفشل وأصبح شعار العمل التقدم الطوعي. أهلاً بكم في عالم الكوتشينغ الجديد المنفتح.

في عام 1985، أُجبر الرئيس التنفيذي لإحدى الشركات الامريكية الناجحة بضغطٍ من مجلس الإدارة للخضوع إلى خدمات كوتش تنفيذي لتصحيح بعض سلوكياته الشنيعة التي تؤثر على قدرته على الإدارة. حيث قام الكوتش، وهو طبيبٌ نفسي، بجمع البيانات من أقرانه المدراء التنفيذيين ومن الموظفين. وتؤكد النتائج ما قد عاينه العديد: الرئيس التنفيذي يُرهب الأشخاص وينشر الخوف في جميع أنحاء الشركة. خلف الأبواب المغلقة، يبدأ الكوتش عملية طويلة لمساعدة المدير التنفيذي على تقبل وتصحيح نقاط ضعفه التي تبعده عن الإدارة.



في الوقت الحاضر سيكون هذا السيناريو مختلفاً بشكلٍ كبير، فلقد أصبح المدير التنفيذي يأخذ بنفسه زمام المبادرة للبحث عن كوتش بغرض التنمية الذاتية. حتى أنه قد يتباهى حول هذا الموضوع كما لو أنه احترف ذلك ليصبح أكثر ملائمة.

كان الخضوع للكوتشينغ سابقاً مصدر عار، وهو الآن استثمار تقوم به الشركات عن طيب خاطر لمدراءهم. ووفقاً لدراسةٍ استقصائية أجرتها شيربا Sherpa ، فإنه حتى في فترة الركود في عام 2009، واصلت معظم الشركات توفير الكوتشينغ لمدراءهم التنفيذيين والمدراء العامين.

القائد الجديد

يقول ستيفين رينسميث  Stephen Rhinesmith ، وهو كوتش قيادة عالمي، "إن ممارسة الكوتشينغ في نمو وتغير وذلك بسبب التغييرات الطارئة على القيادة نفسها. إذ أنه يتوجب على معظم المدراء الاستمرار في تعلم أشياء جديدة ليبقوا على اطلاعٍ بجميع عوالم القيادة الجديدة اليوم. **عندما يواجه اللاعبون من الفئة (أ) أوضاعاً جديدة فغالباً ما ينتقلوا ليصبحوا لاعبين من الفئة (ج) إلى أن يعودوا إلى وضعهم**. ومن المفيد في هذه الأوقات أن يتم التفاعل مع كوتش يملك خبرة في مساعدة الناس على مواجهة عالمٍ متغير".

ويشير رينسميث إلى أن صعود المنظمات ذات هيكل الماتريكس (Matrix )، مع تركيزهم على مهارات التعاون والتأثير قد جعل الجانب المتعلق بعلاقة الإدارة أكثر تحدياً. كما أن الإدارة الفردية قد تحولت إلى قيادة فريق، وهي نطاق يفتقر فيها العديد من المدراء التنفيذيين إلى المهارة والخبرة.

يقول رينسميث: "تقدم منظمات القيادة (الإدارة) ذات الهيكل المصفوفي، العالمية، وقيادة الفريق العديد من التناقضات والمعضلات. ففي أكثر الأحيان يتوجب عليك الاختيار بين الصواب والصواب، ليس هنالك أجوبة واضحة، فقط خيارات. إذ أنه يتوجب عليك عند مواجهة التناقضات أن تتعمق في الداخل أكثر لتجد من تكون وما هي الشجاعة التي يجب أن تُعرف بها". ففي الرحلة إلى إدراك الذات، انتقل العديد من المدراء إلى كوتش.

قام دايفيد دوتليتش، الرئيس والمسؤول التنفيذي عن "بيفوت ليديرشيبPivot Leadership" وهي مزود المتخصص بالبرامج التنفيذية، بتطبيق الكوتشينغ على كبار المدراء التنفيذيين لسنوات عدة. فكما يقول: " لقد اشتعل الكوتشينغ بسبب عمله. لقد أصبح ممارسة أكبر فعالية، ذات تخصيص عالي ومُرتبط بالأداء. إن الاشخاص الذين يطبقون الكوتشينغ اليوم يُركّزون سلوكياً ويعلمون كيف يساعدون الناس على تغيير السلوك ".

ويرى دوتليتش Dotlich تحولاً في استعداد الشركات لدفع تكاليف الكوتشينغ والقيام بالكشف أن المدراء التنفيذيين يملكون كوتش. لقد كان بيل جورج، الرئيس السابق والمدير التنفيذي لشركة "ميدترونيكMedtronic" ومؤلف عدة كتب عن القيادة الحقيقية، معروفاً بأسلوبه باستخدام الكوتشينغ، كما كان هنري كرافيسHenry Kravis المؤسس المساعد لشركة الأسهم الخاصة "Kohlberg Kravis Roberts and Co ".

لقد لاحظ مايكل هانسينMichael Hansen ، كوتش تنفيذي لـ15 عاماً، اتساعاً في قاعدة العملاء للكوتشينغ. "ليس فقط المدراء التنفيذيين من يستخدمون الكوتشينغ بل أيضاً الأشخاص الذين يريدون الوصول للقمة، إعادة تعريف عملهم ومن هم على مسار القيادة".

الكوتش الجديد

يوضح هانسينHansen: "يُعتبر الكوتش هذه الأيام الشريك الذي يساعدك على النجاح". كما أن الكوتشينغ قد تطور إلى علاقة بين النظيرين، فهنالك عدد قليل من الاشخاص الذين يطبقون الكوتشينغ من علماء النفس السريري وعدد أكثر ممن يملكون خبرة إدارة أعمال أو إدارة منظمة. كما وأصبح هنالك ازدياد في الاشخاص الذين يمارسون الكوتشينغ المشهورين الذين امتدت نماذج أعمالهم التجارية إلى الكتب والحلقات الدراسية والمناظرات. ويقول هانسين أيضاً: "إن الكوتش الناجح يفهم الأعمال التي يعمل بها العميل. وفي الوقت ذاته، يجب على الكوتش أن يكون قادراً على الاستماع والامتناع عن تقديم الحلول. فالكوتش الفعّال ينظر إلى السلوكيات التي تجعل الشخص أكثر فاعلية. إن عملائي بالفعل ناجحين. مهمتي هي مساعدتهم ليكونوا أكثر من ذلك".

ويضيف دوتليتشDotlich: "يتوجب على الكوتش الفعّال أن يخلق ظروفاً للتحفيز والعمل، ويبني علاقة بين عقلية العميل ومواقفه وسلوكه. كما ويتوجب على الاشخاص الذين يمارسون الكوتشينغ أن يكونوا فعّالين ويستندوا إلى نتائج. فإن السياق هو أساس كل شيءٍ في الكوتشينغ، اربط الكوتشينغ الخاص بك بالاستراتيجية المستقبلية وتوجه الأعمال".

إن الاشخاص الجيدين الذين يطبقون الكوتشينغ هم من يسارعون إلى تبيين متى يمكنهم أن يقدموا قيمة مضافة ومتى يتوجب عليهم رفض طلب الكوتشينغ. يقول هانسين: "لا تلتزم بوظيفة الكوتشينغ عندما تعتبر خدماتك الخاصة بمثابة الملاذ الأخير" ويضيف "إن الكوتشينغ الفعّال يلعب على نقاط القوة للأشخاص بدلاً من محاولته لتصحيح نقاط الضعف"، تلخيصاً للنهج المعاصر للكوتشينغ.

ويعتبر التغيير على أساس نقاط القوة ممارسةً أفضل في مجالات مثل العمل الاجتماعي والعلاج العائلي. وينظر العديد إلى أن هذا هو امتداد لحركة علم النفس الإيجابي في التسعينات.

صناعة في تغير مستمر

ويعتبر الكوتشينغ، وفقاً لدراسة أجرتها شركة برايس وترهاوس كوبرز  (PwC) لاتحاد التدريب الدولية(ICF)،صناعة بما يقارب 2 مليار دولار. تعامل صحافة الأعمال الكوتشينغ كصناعة متطورة، على الرغم من صعوبة تحديد مدى اتساعها أو ما يؤهل الشخص للعمل ككوتش.

في عام 2012 أفادت ICF بوجود 47500 كوتش محترف في جميع أنحاء العالم، و15000 في أمريكا الشمالية. ولكن هنالك جحافل تعمل بدون أوراق اعتماد. إن تطبيق الكوتشينغ على الحياة تخصصٌ فرعيٌ سريع النمو، أضاف عشرات الآلاف من الاشخاص الجدد الذين يطبقون الكوتشينغ إلى السوق. فالعديد منهم دخل إلى العمل من خلال الدورات غير المنظمة ومدارس الوصف الذاتي تطبيق الكوتشينغ على الحياة، الأكاديميات، والجامعات.

وقد أدى انتشار شركات بيع التدريب ومنح الشهادات في الكوتشينغ إلى ظهور العديد من الاشخاص الذين يمارسون الكوتشينغ، وخاصة من حملة شهادة الدكتوراه والماجستير في إدارة الأعمال، ويعزى إلى ذلك عدم وجود التنظيم في صناعة الكوتشينغ. توفر ICF الشهادات للكوتش، ولكن في واقع الأمر، يقول دوتليتش: "يمكن لأي شخصٍ أن يطلق على نفسه لقب كوتش. يخبرني مصففو الشعر ومعالجو التدليك بأنهم كوتش لأنهم يقضون الكثير من الوقت في تقديم النصائح".

ومن المرجح بأن كثيراً من الناس قد استلهموا أن يكونوا مطبقين للكوتشينغ على الحياة بسبب الوضوح والنجاح المالي للنجوم في هذه الصناعة.

يتقاضى مارشال غولد سميث Marshall Goldsmith ، كوتش تنفيذي يضم من بين عملائه آلان مولاليAlan Mullaly الرئيس والمدير التنفيذي لشركة فورد، ما يصل إلى 250 ألف دولار بعقد لمدة 18 شهراً و35 ألف دولار في اليوم للندوات، وفقاً للمقالة الأخيرة لمجلة نيويورك تايمز عن الكوتشز مرتفعي الكلفة.

دعا طوني روبنز إلى ندوة لمدة أربع أيام بعنوان "أطلق العنان لقوة الداخل" ضمن مجموعة من الأسعار تتراوح من 995 دولار للقبول العام إلى 2595 دولار لتذكرة "الألماس الرئيسي" وتدعى "مستوى المشاركة" التي تتضمن "الجلوس بالقرب من طوني".

تصف كوتش الحياة المشهورة مارثا بيك Martha Beck ، ومؤلفة عمود شهري في مجلة أوبرا وينفري Oprah Winfrey، تصف نفسها "مكتشفة الطريق" التي تركز ندواتها وكتبها على مساعدة الناس لترك علاقات أو أعمال "امتصاص الروح" لشيءٍ أفضل.

كالعديد من مشاهير الكوتشينغ، فإنها تنشر أعمالها عن طريق تدريب أشخاص آخرين على منهجها وأسلوبها. وكان إجمالي إيراد شركتها M.B.I. التي تدرب وتصادق على كوتشينغ الحياة في عام 2012 مليون و900 ألف دولار. كما وحصلت بيك على مليون ونصف دولار أخرى عن طريق بيع كتبها ومنتجات أخرى مثل القمصان.

إن الموقف الجديد تجاه الكوتشينغ مقرونا بضغوط العمل والحياة الشخصية يضمن تقريباً استمرارية الكوتشينغ ليصبح صناعة في نمو. يتبقى لنا أن نرى إن كان سيحصل النمو في قطاع منظم للصناعة أو في هامشٍ حر الشكل.

 
المصدر

ترجمة ثواب الميداني

تدقيق مالك اللحام