الدافعيَّة والتعلُّم

مكانة الدوافع في سلوك الإنسان: تمثل الدوافع المحرك الأساسي والأول لكل سلوك يقوم به الإنسان، والدوافع هي طاقة الدفع الكامنة وراء كل فعل يصدر عن الإنسان حيث تؤدي إذا كانت على درجة كافية من القوة إلى الاستثارة والتحريك والتنشيط والتوجيه، والمحافظة على مستوى من الفاعليَّة والنشاط، إلى أن يتم الوصول إلى الهدف، وإشباع الحاجة التي ولدت عمليَّة الدفع.



هدف، وإشباع الحاجة التي ولدت عمليَّة الدفع.

إن دراسة الدوافع تتيح إمكان التنبؤ بما سيكون عليه السلوك في كل موقف من المواقف، وإمكان ضبطه وتوجيهه والتحكُّم به، أي أن فهم الدوافع هو أحد المفاتيح الرئيسة لفهم شخصيَّة الإنسان، وتوجيهها وإنمائها.

إن كل مجال من مجالات نشاط الإنسان له دوافعه الخاصة، فهناك دوافع ناشئة عن حاجات الجسد ووظائفه الفيزيولوجية، ودوافع ناتجة من تفاعل الفرد مع الناس في المجتمع، ودوافع تتصل بالعمل السياسي والإنتاجي والتجاري، والعسكري والفني والتعليمي. مما يشير إلى أن هناك دوافع بقدر ما يوجد من أنواع الجهد البشري في شتى ميادين الحياة، وفي مختلف مراحل نمو الكائن الإنساني ومختلف المواقف التي يتعرض لها.

 

العلامات الدالة على السلوك المدفوع:

  1. الطاقة: إن الطاقة المتولدة من الدافعيَّة تتناسب طرداً مع قوة الدافع ودرجة إلحاحه.
  2. التوتر واستمراره: إن السلوك المدفوع بقوة تحريك كبيرة، يترافق بدرجة ملحوظة من التوتر والحماسة. وإن هذا التوتر لا يتوقف أو يهدأ إذا ما لقي الفرد إخفاقاً في سعيه لتحقيق هدف معين أو إشباع حاجة معينة، بل إن التوتر قد يتعاظم ويزداد قوة كلما طالت فترة الحرمان.
  3. تنظيم السلوك وتوجيهه: أي أن الدافع لا يمكن إشباعه بطرائق عشوائية أو بجملة من الأفعال الانعكاسية، بل يحتاج في معظم الأحيان إلى قدر من التنظيم والتنسيق، وإلى وعي وتمييز.

 

الدوافع والتعلُّم:

تؤثر عوامل كثيرة في تعلم الإنسان المتواصل، منها ما هو خارجي يختص بالبيئة المحيطة به: كالطبيعة، والأسرة والأصدقاء، ومنها ما هو داخلي يتعلَّق بالدوافع: الميول والاتجاهات والقيم لدى الإنسان.

 

وقد أجريت تجارب كثيرة حول هذه العلاقات بين الدوافع والتعلُّم ويمكننا إجمال نتائج التجارب والبحوث بما يأتي:

  1. إن التعلُّم يصل إلى أقصى درجات الكفاية حين تكون الدوافع موجودة بدرجات متوسطة.
  2. إن وجود الدوافع وزيادتها إلى حد معين تؤدي إلى تسهيل التعلُّم والأداء.
  3. الدرجات المتطرفة من الدافعيَّة قوة أو ضعفاً قد تؤدي إلى نوع من التدهور والتعطيل.

 

إن أهم مشكلة يتعرض لها المُعلِّمون داخل الصف هي الإخفاق في توجيه دوافع طلابهم واستغلالها في عمليَّة التعلُّم. فمشكلة الانضباط داخل الصف، وكسل بعض الطلاب، وعدم إجادة بعض الاختبارات والقلق والاضطراب الذي يبدو على بعضهم، وإلقاء اللوم والنقد على المادة الدراسيَّة والإدارة والمدرسة بشكل عام والتماسهم الأعذار لكل ذلك ليس ببساطة إلا إخفاقاً في توجيه دوافع الطلاب.

 

 وظائف الدوافع:

وتقوم الدوافع في التعلُّم بأربع وظائف أساسيَّة هي:

  1. الوظيفة الاستثارة: حيث تؤدي الإثارة المتوسطة إلى القضاء على الملل والرتابة ويتم ذلك بإثارة دوافع التعلُّم المُتعدِّدة عند المُتعلِّم أو بوضع المثيرات المناسبة وتنظيمها في الصف.
  2. الوظيفة التوقعية: وهي تتعلَّق بمستوى الطموح لدى المُتعلِّم وخبرته السابقة في النجاح أو الإخفاق وتوجيهها إلى درجات النجاح في الصف.
  3. الوظيفة الباعثية: مثل الحصول على شيء مرغوب فيه بعد عمليَّة التعلُّم أو التخلص من وضع سيّئ وقع فيه المُتعلِّم حيث تعمل على تقويَّة السلوك الذي يحدث قبلها مباشرة.
  4. الوظيفة العقابية: حيث يمكن للعقاب أن يقوي السلوك ويعمل على توجيهه ويعتمد ذلك على شدة العقاب وارتباطه بالسلوك مباشرة وإيجاد السلوك البديل أيضاً.

 

تعريف الدافع (الدافعيَّة):

تستخدم كلمة دافع (Motive) في الحياة بمعانٍ أوسع وأشمل من معناها السيكولوجي، فتشمل بذلك: الحاجات، والحوافز، والمثيرات، والبواعث، والعادات، والأهداف، والانفعالات... الخ. ويمكن تعريف الدافع بأنه طاقة فسيولوجيَّة وسيكولوجيَّة داخل الفرد تجعله ينزع إلى القيام بأنواع معينة من السلوك في اتجاه معين وذلك بهدف خفض حالة التوتر لدى الكائن الحي وتخليصه من حالة عدم التوازن أو أنه استعداد داخلي يثير السلوك ذهنياً كان أم حركياً ويواصل ويسهم في توجيهه إلى غايات وأهداف معينة.

 

الدافعيَّة: حالة توتر داخلي أو استثارة داخليَّة لسلوك موجه نحو هدف.

وقد حدد للدافع ثلاث وظائف أساسيَّة هي:

  1. تحريك السلوك وتنشيطه.
  2. توجيه السلوك نحو وجهة معينة.
  3. المحافظة على استدامة السلوك.

وقد يخلط بعضهم بين معنى الدافع ومعاني كل من الحاجة والباعث اللذين يسببان دوافع مختلفة.

 

تعريف الحاجة (Need):

حالة تنشأ لدى الكائن الحي عند إنحراف أو حيد الشروط البيولوجيَّة أو السيكولوجيَّة اللازمة لحفظ بقاء الفرد عن الوضع المتزن والمستقر. إن الحاجة إنما هي بمنزلة خلل أو نقص نشأ لدى الكائن الحي، مثل نقص الملح أو السكر في الدم. كما توجد حاجات نفسيَّة أيضاً مثل الحاجة إلى الراحة والدفء والحنان وغيرها تؤدي إلى اضطراب فسيولوجي يعبر عنه الجسم على شكل توتر انفعالي متتابع ومستمر ولكننا على الرغم من ذلك لا نستطيع أن نفصل بين الدافع والحاجة فصلاً تاماً، وذلك للصلة الوثيقة بينهما، فوجود الحاجة أمر ضروري لتوليد الدافع وفرزه وإظهاره.

 

تعريف الباعث (Incentive):

يتداخل الباعث مع المثير كثيراً. كما أن الباعث يقوم بالتأثير في قوة الدافع وتوجيهه. تعريف الباعث: البواعث أشياء تثير السلوك وتحركه نحو غاية ما عندما يقترن بمثيرات معينة.

 

تصنيف الدوافع وأنواعها:

 

كما يوجد تقسيمات أخرى للدوافع نذكر منها تصنيف ماسلو:

تصنيف ماسلو: سماها التطوُّر التتابعي للدوافع، وهي تشكل هرماً تصاعدياً:

 

 

المرجع: منصور، علي: التعلُّم ونظرياته. مديرية الكتب والمطبوعات الجامعيَّة، منشورات جامعة تشرين، اللاذقية، (1421هـ-2001م).