التغيير في قلب العمليَّة التعليميَّة، أكبر تحديات المُعلِّم في العالم الرقمي الحديث

التعليم الإلكتروني يرى ضرورة اللجوء إلى أساليب إبداعيَّة في حل المشكلات. فلقد أضحى التحوُّل من التعليم الورقي التقليدي إلى التعليم الرقمي أبرز المشكلات والتحديات التي تعترض المُعلِّم في الوقت الراهن (الشرق الأوسط).



أكَّد خبير دولي في مجال التعليم أن أبرز المشكلات التي تعترض المُعلِّم في العالم الرقمي تكمن في كون المُعلِّم مطالباً بإعداد جيل مُتعلِّم في عصر المعرفة، ومشدداً على ضرورة إحداث تغيير في العمليَّة التعليمية، لافتاً إلى أن يكون ذلك التغيير في قلب عمليَّة التعليم وبعيدا عن الأطراف.

وتحدث دونالد كنز، الرئيس التنفيذي للجمعيَّة الدوليَّة لتكنولوجيا التعليم، عن السياسات الاستراتيجيَّة والتطبيقات الفعَّالة لبناء كفاءات المُعلِّم في عصر المعرفة، لـلشرق الأوسط قائلاً إن عمليَّة التعليم تحتاج إلى بذل كثيرٍ من الجهد، ولافتاً إلى أن يكون هناك إصرار على التطوير وتنمية المهارات، وكذلك ينبغي أن يكون هناك مدرسة جاذبة وعناية متفانية بتدريب القوى العاملة في المدرسة وفرق التعليم.

وأشار إلى أن ثمة مشكلات في التعليم، يَعُدُّ وقوعها أمراً متوقعاً، ولكنه شدد على ضرورة أن يدرك الجميع ما يجب عليهم فعله لحلّ المشكلة، وداعياً لاتخاذ الأسلوب الإبداعي لكيفيَّة الحلول من خلال تناول المشكلة بالحلول البسيطة.

وفي السياق ذاته، تحدث كنز عن عمليَّة التقويم في المدارس، مُؤكِّداً أهميتها وسبل التعامل معها وفق المنهج الحديث، وقال إن الطلاب يتعرضون لمشاكل قد لا يجدون حلاً لها في الكتاب المدرسي، وهنا يجب أن يكون دور المُعلِّم بارزاً لاحتواء مثل هذه المشكلات.

وركز كنز على دور المُعلِّم وأهمية أن يكون مهنياً متصلاً بالعالم الخارجي خارج المدرسة، إذ لا بد من أن يكون ملما بالتقنيَّة وأساليبها وطرائقها، ومتابعا لسير التطوُّر التعليمي وفق المنهج التقني، خاصة أن العالم اليوم أصبح رقميا.

من جانبه، قال الدكتور خالد الظاهري، وهو أكاديمي سعودي مُتخصِّص بالإدارة التعليميَّة، إن البحث العلمي من الأمور التي ظلمت في مدارسنا وضرب لذلك مثلا في عمليَّة بحث الطفل عن لعبته تحت السرير، ثم ينتقل إلى البحث في مكان آخر، وأن هذه الفرضية تُؤكِّد ما لدى الصغار من مواهب وقدرات يتم إهمالها في المدارس وعدم رعايتها، وأكد أن البحث العلمي هو أساس التعليم، فالأنظمة التعليميَّة في الدول المُتقدِّمة تخضع لعمليَّة البحث العلمي، وتساءل د. خالد: هل نفرح أكثر بالإجابة الجيدة أم بالتساؤل الجيد؟

وأكد الظاهري أن العمل يتطوَّر بالأسئلة وليس بالإجابة، طالباً من المُعلِّمين عدم التخوف من طرح الأسئلة من قِبَلِ طلابهم وأن عليهم أن يقنعوا الطلاب بعدم معرفتهم وإلمامهم بكل شيء، وهذا أكبر تشجيع ودافع إلى عمليَّة البحث لدى الطلاب.

وحول سؤال عن التحديات التي تعترض التطوير المهني، قال د. كيب سونق، من كوريا، ينبغي للمُعلِّمين أن يكون لديهم مزيد من الإلمام بجوانب المعرفة، ودعا سونق إلى تمديد الجامعات فترة الدراسة للمُعلِّمين من 4 إلى 6 سنوات، في محاولة لتأهيل المُعلِّمين بشكل أفضل.

وأشار الظاهري، إلى أن الحكومة الكورية حاولت جاهدة تطوير المُعلِّمين من خلال عمليَّة تقويم شاركت فيها عدة جهات، وقد استطاعت الحكومة توفير دورات تدريبيَّة لكل مجموعة من المُعلِّمين، وأن الحكومة وضعت اختبارات لتأهيل المدرسين، وأعتقد بأن تقويم المُعلِّمين هو الأهم. وفي ختام الحلقة، فتح رئيس الجلسة الدكتور نزار الصالح المداخلات للحضور التي تركزت على أهمية تمكين مجتمع المعرفة في الوسط التعليمي وسد الفجوة الحاصلة بين المُعلِّم والمُتعلِّم، حيث أصبح المُتعلِّم يتعلَّم أكثر من المُعلِّم، وقال أحد المداخلين انظروا ماذا فعل (تويتر) في المجتمع السعودي ودوره في التعلُّم الاجتماعي، وفي مداخلة أخرى شدد أحد الحضور على أننا في حاجة إلى سنوات طويلة للوصول إلى المعرفة حتى نحقق حرية المعرفة. 

من جهته، قال جون كيلر إن لدي تجارب ناجحة لعدد من المُعلِّمين خلال فترة عملي في اليابان في قياس مستوى فائدة أجهزة الحاسب الآلي. لافتاً إلى أن هذا النموذج الفريد والمبتكر يتخطى الثقافات نحو إدماج الطلاب في التعليم بطريقة مبتكرة، وطالب د. جون المُعلِّمين بالحصول على المعلومات الكافية لتطوير بيئة التعلُّم الرقميَّة، وقال إن أحد طلابي في نيويورك كان يستخدم شبكة التواصل الاجتماعي (تويتر) كوسيلة للمحادثات التي تتعلَّق بالموضوع، مما أتاح للجهات الأخرى التداخل في مواضيع دراسيَّة من خارج قاعات الدراسة.

وفي إجابة عن سؤال وجه إلى الدكتور جون كيلر حول كيفيَّة الإسهام إذا كانت البيئة غير تفاعليَّة، قال إن هناك الكثير من الوسائل التي يمكن أن يستخدمها المُعلِّم كي يفكر الطلاب في طريقة ذكية لإشراكهم في حل المسائل، وأستمع إلى المجموعات المختلفة لكي أوفر تغذية راجعة، وأكون مشرفا على المعرفة بدلا من أن أكون ناقلا لها، وعن استخدام الألعاب في تطوير العمليَّة التعليميَّة، قال د. خالد الظاهري إن هذه الألعاب مهمة في عمليَّة التعليم إذا ما استخدمناها بشكل جيد، خاصة في المسائل الرياضيَّة وأن على المُعلِّمين إدخال الألعاب لتنشيط أذهان الطلاب.