التغذية الراجعة

إن الوظيفة الأساسيَّة للتربية المعاصرة هي العمل على تعديل سلوك الدارسين وفق أهداف تربويَّة مُحدَّدة، وخطة عمليَّة سليمة تحقق لهم النمو الشامل. ممـا يساعدهم على العيش في مجتمع مستمر التغير، ويكون ذلك عن طريق توفير ظروف مواتية للتعلُّم تمكنهم من الوصول إلى أقصى قدراتهم. وفي خِضَم فعاليات التعلُّم و التعليم تبرز التغذية الراجعة كأمر حيوي وهام فيساهم في تحقيق عمليات التعلُّم الفعَّالة.

 



فما المقصود بالتغذية الراجعة؟

هي معلومات حول الأداء الحالي تؤثر في الأداء اللاحق، وقد تكون عبارة عن استجابات من زميل في الصّف أو تعليقات أو تصويبات يقوم بها المُعلِّم، أو ملاحظات يقدمها أي طرف آخر له ارتباط بمن تقدم إليه الملاحظة.ويجمع التربويون على أن التغذية الراجعة ليست مهمة بالنّسبة إلى الطّالب فحسب،بل هي كذلك على جانب كبير من الأهمية بالنسبة إلى المُعلِّم أيضاً، إذ تمثل جوهر عمليات القياس و التقويم في التدريس البناء.

 

دور التغذية الراجعة في تعلم المفاهيم:

إن التعلُّم هو كل ما يكتسبه الإنسان عن طريق الممارسة والخبرة، لذا عندما يحاول الدارس أن يحقق أداء "معيناً" فإن الحافز الذي يدفعه إلى ذلك يكون هاماً جداً، و بناء على ذلك لابد من تقديم أسلوب ما في أثناء التعلُّم كي يدرك المُتعلِّم نتائج نشاطه فيستقبل بذلك من البيئة التعليميَّة نوعاً من التغذية الراجعة تمكنه من التأكُّد أن أداءه صحيح، وقد أكدت الدراسات أن التغذية الراجعة تساعد على التعلُّم خلال فترة وجيزة إذا ما روعيَت فيها حاجات المُتعلِّم المرتبطة بالحافز والاستجابة. وعند تعلم المفاهيم يُفضَّل تجنُّب استخدام الكلمات (صحيح أو خطأ) في الصّف، بل العمل على استمرار تقديم معلومات ترتبط بالنقطة التي أجاب عنها الطالب. وهناك العديد من أنماط التغذية الراجعة غير الملفوظة والتي يمكن أن تقدم  (كالابتسامة، علامات الاستحسان، هز الرأس بالموافقة أو بالمعارضة ...).

المفاهيم: هي المعاني المُجرَّدة التي تمثلها الكلمات وغيرها من المصطلحات اللغوية التي ترتبط بكلمة أو رمز في عقل الإنسان.

 

مصادر التغذية الراجعة:

  1. التغذية الراجعة الذاتيَّة (الحسيَّة): وتكون نابعة من الشخص نفسه الذي قام بالعمل، عندما يشعر بأنّ عمله أوجوابه يتفق مع معلومات سابقة قد درسها. فالطالب شعر هنا بالخطاء ويحاول جاهداً تصحيحه عن طريق إحساسه الداخلي. وتعرف بالحسيَّة لأنها تعتمد على حواس الطالب عبر تآزر الجهاز العصبي مع الحركي. مثال: يطلب من الطالب أن يكتب العدد (2) فبمجرد أن يقوم بالاستجابة يراجع عمله فإذا تبين أن الرقم معكوس مثل (6) فإنه يشطبه فوراً ويكتبه صحيحاً.
  2. التغذية الراجعة الخارجيَّة (المرتبطة بمعرفة النتائج): وفيها يعتمد المُتعلِّم على التوجيه الخارجي ليتبين له مدى نجاح عمله (قد يكون من قِبَلِ المُعلِّم،أو الزملاء في الفصل،أو زائر للصّف) وهذا النوع من التغذية يحث الطلاب على إبداء رأيهم وتقديم التغذية الراجعة المناسبة للموقف. ونحن في حاجة إلى كلا النوعين من التغذية الراجعة، فإذا لم تؤد الحسيَّة الهدف فلا بد من اللجوء إلى استخدام التغذية الخارجيَّة.

 

أنواع التغذية الراجعة

  1. التغذية الراجعة المحايدة: وفيها المعلومات المعطاة لا تقدّم "حكماً" على الأداء سلباً أو ايجاباً، بل تقدم مقترحات أو تقارير من أجل تحسين الأداء ولا تقدم بشكل صريح، وتنطوي التغذية الراجعة المحايدة على ثلاثة جوانب:
  • يخبر الطالب بالسبب إن كان عمله دون المتوقع.
  • يعرف ماذا سيعمل.
  • يُلمُّ بالظروف التي تؤدي إلى الاداء غير الصحيح.
  1. التغذية الراجعة الإيجابيَّة: وتُعَدُّ من الدعامات القوية للتغذية الراجعة المحايدة نظراً لأنها تهدف إلى التعزيز كأن نقول مثلاً (أجبت إجابة صحيحة،أو استمر على هذا الأداء،أو جزاك الله خيراً أو وجهة نظرك صائبة ...) كما يمكن أن تمثل بأشكال عدة كالدرجات، الترقيات، امتيازات خاصة. ولكن يبقى أفضل هذه الأساليب هو الثناء والمديح.
  2. التغذية الراجعة السلبيَّة: فيها نؤكد أن الطريقة الحاليَّة في الأداء غير مقبولة وعلينا استبدالها بطريقة أفضل للوصول إلى الحل الصحيح كقولنا مثلاً (لابد من أن تغير هذا السلوك مما كان عليه إلى الأفضل، يجب أن تدرس بصورة أفضل ...) وهذا النوع من التغذية يعتمد على تقديم الطرائق البديلة للطالب لتحسين أدائه من أجل ذلك يتعاون الطالب مع المُعلِّم لإيجاد البدائل المناسبة للنجاح في المستقبل. وإن تعددت أنواع ومصادر التغذية الراجعة إلَّا أن هناك نقاطاً يجب مراعاتها عند التعامل معها وهي:
    • اتصاف المُعلِّم ببعض المهارات منها (النزاهة،والجرأة،والاحترام،والتواصل مع الآخرين).
    • الدخول مباشرة في صلب الموضوع، وتحديد النتائج.
    • أن تصف التغذية الراجعة الحالة الراهنة.
    • تجنَّب الألفاظ المثيرة للانفعال.
    • الفورية في تقديم التغذية أولاً بأول دون أن ندعها تتراكم.
    • تعزيز السلوك بعد حدوثه وليس قبله.
    • عدم المبالغة بأهمية الأداء أو التقليل من شأن المشاركة، بل تقديم الثناء بكل موضوعيَّة.
    • العمل على نشر بعض النتائج وتعميمها مثل تعليقها على لوحة صفية.
    • البحث باستمرار عن فرص مواتية قائمة على أسس منتظمة لمدح الطالب والتعبير عن التقدير له.
    • على المُدرِّس دائما "التأكُّد من استيعاب المفهوم ويكون ذلك من خلال قيام" الطالب بإعطاء أمثلة جديدة أو أن يوازن بين المفاهيم.