التربية البيئية المدرسيَّة

تمثل التربية البيئية محوراً مهماً من محاور مناهج العلوم في التعليم العام، وهي من التجديدات التي ظهرت في السبعينيات من القرن الماضي نتيجة للممارسات الخاطئة للإنسان مع بيئته، وإساءة استغلال مواردها، ما أدى إلى العديد من المشكلات البيئية.

 



يقول شلبي (1990): "بدأت الحاجة إلى التعليم البيئي بصورة عالميَّة، حيث أقرها مؤتمر ستوكهولم الذي عقد تحت إشراف مُنظَّمة اليونسكو عام 1972، وكان من أهم توصياته: وضع برامج البيئة في مراحل التعليم المختلفة.  كما أوصى مؤتمر تبليسي 1977 بضرورة التصدي لمشكلات البيئة والعمل على النهوض بها من خلال توجه تربوي تعليمي". ويقول إبراهيم مطاوع (1995): "إن التعليم البيئي نمط من التعليم ينظم علاقة الإنسان ببيئته الطبيعيَّة والاجتماعيَّة والنفسيَّة، مستهدفاً إكساب الأطفال والشباب خبرة تعليميَّة واتجاهات وقيماً خاصة بمشكلات بيئية وواجبات ببيئته، تضبط سلوك الفرد إزاء الموارد البيئية، بحيث تصبح الإيجابيَّة والفعاليَّة سمة بارزة في سلوك الفرد".

 

كما يقول بدران والديب (1996: 17): "لم يعد من المستطاع حل مشكلاتنا البيئية بجهود ارتجالية، وإنما عن طريق جهود علميَّة جادة تقوم على الدراسة الصحيحة والتخطيط السليم، وهذا لا يكون من خلال الهدف أو المعلومات وحدها، بل يكون بتأثير ما يكتسبه الإنسان من مهارات واتجاهات وما يستخدمه من أسلوب تفكير في تفاعله مع البيئة.

ومن هنا نجد أن مناهج العلوم المطورة للمرحلة الإعدادية، قد اتخذت المنحى البيئي منطلقاً لها على الرغم من ضآلة المشكلات البيئية، التي أثرت في مجالات حياتنا الاجتماعيَّة والاقتصاديَّة والتربويَّة، والتأهيل البيئي الذي تكاد تفتقده هذه المناهج، ما سبب خللاً في ملاءمة هذه المناهج للمُتغيِّرات الحادثة في المجتمع الفلسطيني، وعلى العكس من هذا نجد في مناهج العلوم المصرية تركيز على الوضع البيئي بدرجة كبيرة.  لذلك، فإن الوضع يتطلَّب النظر في الموضوعات البيئية، وبخاصة في هذه المرحلة التعليميَّة التي تُعَدُّ بداية تكوين الاتجاهات والقيم البيئية حتى تتلاءم مع حاجات ومشكلات بيئتنا الفلسطينية، لتعمل على مساعدة الطالب الفلسطيني في السيطرة على بيئته، وتعرف مصادرها هو الأساس في تعويض التخلف الذي فرضته ظروف الاحتلال.

 

التربية البيئية: (المُنظَّمة العربية للتربية والثقافة والعلوم 1987: 71):

يتفق هذا التعريف مع تعريف التربية البيئية الذي نوقش في مؤتمرات دوليَّة عديدة منها: (مؤتمر ستوكهولم - تبليسي - بلغراد) وأقره أخيراً المجتمع الدولي للبيئة بجينيف وهو: "التربية البيئية منهج لإكساب القيم وتوضيح المفاهيم التي تهدف إلى تنمية المهارات اللازمة لفهم وتقدير العلاقات التي تربط بين الإنسان وثقافته وبيئته الطبيعيَّة الحيويَّة، وتعني بالتمرس في عملية اتخاذ القرارات، ووضع قانون للسلوك تجاه المسائل المُتعلِّقة بنوعيَّة البيئة".

 

حاجات التربية البيئية في المنهج الدراسي:

تمثل حاجات التربية البيئية في المنهج الدراسي شعور المربين بضرورة ارتباط المنهج الدراسي بحاجات الفرد والمجتمع وفقاً للتغيُّرات في ظروف البيئة من أجل الاستخدام الأمثل لمواردها، واكتساب المُعلِّم للقيم والاتجاهات والمفاهيم والمهارات البيئية المناسبة.

 

مدخل حل المشكلات البيئية:

ماهية حل المشكلات البيئة:

هي طريقة تعليميَّة لدراسة مشكلات البيئة وحلها مع التركيز على وعي المُتعلِّم للبيئة وتفهُّمه لها واحترامه إيّاها ومحافظته عليها، ونمو مهاراته في حل المشكلات وكسب القيم والاتجاهات البيئية وتقوم هذه الطريقة أساساً على قيام المُتعلِّم بنفسه وبتوجيه من المُعلِّم في تخطيط وتنفيذ المهارات الآتية:

  • الشعور بالمشكلة البيئية وتحديدها.
  • جمع البيانات والمعلومات المُتعلِّقة بالمشكلة البيئية وتحليلها.
  • فرض الفروض (الحلول البديلة) الممكنة واختيار أنسبها.
  • وضع خطة لاختبار صحة الفروض.
  • تنفيذ خطة العمل.
  • تفسير النتائج والوصول إلى حل للمشكلة البيئية.
  • تقويم تنفيذ خطة العمل.

 

في دراسة للملامح البيئية في قطاع غزة، قامت بها مجموعة العمل البيئية للمحادثات مُتعدِّدة الأطراف والمنبثقة عن عملية السلام في الشرق الأوسط، هدفت إلى إعداد منهج متين للتخطيط البيئي وإعادة التأهيل البيئي، والتحرك الفوري لحل المشكلات الأكثر إلحاحاً، وإلى إعداد وثيقة يمكن استخدامها لبناء وعي بيئي، وجد أنها تصف وضع التربية البيئية في المناهج التعليميَّة بأن المعاهد العلميَّة مثل: المدارس الإعدادية، والثانوية، والجامعيَّة، لا تحتوي على برامج مهمة في التربية البيئية، ففي المناهج التعليميَّة تم التعامل فقط من خلال ما يتعلَّق بعلوم الأرض.  هذا، ولم تتم كتابة أي وريقات أو كتيبات إرشادية أو كتب مدرسيَّة لاستخدامها في البرامج التعليميَّة.

 

التربية البيئية والأنشطة المدرسيَّة:

يحتل النشاط المدرسي مكانة مُتميِّزة من المنهج بمعناه الواسع، وعند النظر إلى المنهج المدرسي بكونه منظومة شاملة ومتكاملة تتكون من العديد من الأطراف أو العناصر، نستطيع أن نشعر بأهمية النشاط بكونه أحد هذه العناصر، ويقصد بالنشاط "كل جهد يقوم به المُتعلِّم مشاركاً به أقرانه بتوجيه وإرشاد المُعلِّم"، ومن ثم فإن النشاط الذي يمكن القيام به في مجال التربية البيئية هو أن:

  1. يعتمد على مادة علميَّة متضمنة الكتاب المدرسي.
  2. يجد القبول والتشجيع من المُعلِّم.
  3. توجد مجالات التطبيق والممارسة في البيئة المحليَّة.
  4. يكون موضع تقدير من جانب المُعلِّم.
  5. يعتمد على العمل الجماعي الذي يشارك فيه المُعلِّم تلاميذه.
  6. يخضع للتقويم المستمر من جانب المُتعلِّم والمُعلِّم.

 

ويتضح أن أمر النشاط في مجال التربية البيئية يكون هدفه هو المشاركة الفعَّالة من جانب المُعلِّم، وأن أنشطة التربية البيئية تختلف عن الأنشطة المرتبطة بالمناهج الدراسيَّة، إذ يغلب عليها الجانب الاجتماعي، أو العلمي، أو الثقافي، أو الاقتصادي، أو الصحي، وهذا يتطلَّب من المُعلِّم أن يكون قادراً على العمل في فريق، وأن يكون مدركاً لطبيعة النشاط الذي يمارس في الصف مع تلاميذه، فالعمل في فريق مهارة لا بد أن يتقنها المُعلِّم، ولا بد أن ينقلها إلى تلاميذه.

 

معايير اختيار الأنشطة المدرسيَّة البيئية:

  1. الأهمية.
  2. الإحساس بالخطورة.
  3. الانتشار.
  4. الإحساس الجمالي.
  5. الارتباط بالمستقبل.
  6. توافر البيانات والمعلومات.
  7. الارتباط بالأهداف العامة للمرحلة التعليميَّة والمناهج المدرسيَّة.

 

مُعلِّم التربية البيئية:

ضمن هذا النظام تحتاج غرفة الصف الشموليَّة إلى استبدال النموذج الأفقي في التعليم بالنموذج العمودي في نقل المعرفة، بحيث يصبح المُعلِّم مشرفاً على تبسيط الطريقة التي تعمل على:

  • تعزيز مفهوم تقدير الذات لدى التلاميذ، إضافة إلى تعزيز المسؤوليَّة الفرديَّة.
  • تشجيع التعلُّم الفريقي التعاوني وقبول الآخرين في فريق وتحمل الآخرين.
  • تنمية الخيال والحدس إضافة إلى الاستدلال والتحليل.
  • مساعدة التلاميذ على استكشاف ذواتهم وقيمهم ومناظيرهم وافتراضاتهم من خلال الآخرين.
  • حث التلاميذ على تقدير العلاقات المتداخلة في ميادين المنهاج، فضلاً عن تقدير العلاقات المترابطة والمتداخلة في الإنسان والعالم.

 

أهداف مشروع التربية البيئية:

يهدف هذا المشروع إلى: وضع وترسيخ منهجيَّة تربويَّة شموليَّة للعمل، وترافق هذه المنهجيَّة نماذج مستحدثة من الأنشطة مبنية على البرامج التعليميَّة المعتمدة حالياً "المناهج".  تساعد هذه الأنشطة التربويين والاختصاصيين في مسيرتهم لإعادة وضع مناهج وبرامج الإعداد والتدريب في دور المُعلِّمين والمُعلِّمات في القطاعين العام والخاص.

تفعيل أصحاب القرار في القطاع التربوي من رؤساء دوائر في المناطق التربويَّة، ومفتشين تربويين ومديري المدارس، ثم تنسيق وتكامل جميع الجهود في سبيل إنجاح التجربة والإسراع في تبنيها بصورة رسميَّة عند اكتمالها. وتطوير كفاءات الكادرات التدريبيَّة المنتشرة، بحيث تشمل جميع المناطق القريبة والبعيدة، المدنية منها والريفية. تنمية أفراد الهيئة التعليميَّة وتطوير قدراتهم ليتمكَّنوا من مواكبة التغيير والتطوير في المناهج وتقانة التربية، وتبني المقاربات التربويَّة الحديثة والفعَّالة.

 

تخطيط أنشطة التربية البيئية:

إنّ أي جهد يقوم به المُعلِّم في مجال تنفيذ المنهج المدرسي يحتاج إلى تخطيط سليم، ولا بد له من أن يكون مستنداً إلى الدراسة العملية والتفكير السليم، لذلك فإن المُعلِّم مطالب بما يأتي:

  1. دراسة المناهج الدراسيَّة التي يتولى مسؤوليَّة تنفيذها خلال العام الدراسي دراسة تحليلية نقديَّة يتعرَّف من خلالها النواحي البيئية المتضمنة فيها.
  2. التوصُّل إلى قرار بشأن ما يحتاج منها إلى الدراسة القبلية والدراسة التطبيقيَّة من خلال أنشطة معينة.
  3. تحديد أشكال النشاط المناسبة.
  4. مناقشة التلاميذ في تلك الأنشطة.
  5. وضع تصور شامل يقوم على المشاركة الجماعيَّة.
  6. الاختيار الجماعي لعدد مناسب من الأنشطة التي يمكن تنفيذها خلال العام الدراسي.
  7. وضع خطة زمنيَّة للتنفيذ.

 

تنفيذ الأنشطة البيئية وتقويمها:

تتطلَّب الأنشطة المدرسيَّة البيئية عدة إجراءات لتحقيق الأهداف منها:

  1. قيام المُعلِّم بدراسة استطلاعية لمجال الدراسة لتحديد المكان والأخطار المحتملة أو المشكلات.
  2. حصر جميع مصادر المعلومات والبيانات التي سيحتاج إليها التلاميذ في مرحلة التنفيذ.
  3. النظر إلى مصادر أخرى تختلف عن المناهج الدراسيَّة، ومدى الحاجة إلى الاستعانة بجهود الزملاء.
  4. تحديد المصادر البشريَّة التي قد يلجأ إليها التلاميذ.
  5. تحديد الحاجة إلى أنشطة داخل المدرسة مكملة للنشاط الذي سيقوم به التلاميذ خارج المدرسة.
  6. تحديد الأدوار والمسؤوليات.
  7. وضع خطة مناسبة للتقويم مع التركيز على أسلوب التقويم الذاتي والتقويم الجماعي.

 

المصادر التي تحتاج إليها الأنشطة المدرسيَّة البيئية:

  1. الصحف والمجلات العلميَّة.
  2. الندوات والمؤتمرات
  3. المواسم الثقافيَّة.
  4. برامج الكمبيوتر.
  5. وسائل الإعلام.
  6. دوائر المعارف.