التدريس بوساطة الأهداف

إن مفهوم التدريس بواسطة الأهداف يعني التعليم النسقي الذي تحول إلى نظرية الأنساق والتي ترفض مبدأ الصدفة في التعليم والتدريس وتهتم بالنهج التخطيطي العقلاني للتعليم.

 



الهدف لغويا معناه القصد: أو المرمى أو الغرض الذي نسعى إلى تحقيقه (الأهداف السلوكيَّة ص14). وفي الاصطلاح التربوي يعبر بــه عن مجمـــوع السلوكيات والتغيُّرات والإنجازات التي يراد تحقيقها عند تعلُّم ما.

ومعنـــى ذلك أن التلميذ لا يراد من تعلُّمه إلا تحقيـق مجموعة من الأهداف التي ينبغي أن تظهر فـــي ممارسات سلوكيَّة على مسـتوى الفعل واللفظ والحركــة وتغيُّرات تـحدث على مسـتـــوى الاتجاهـات والمواقف والأفكار والقدرات المختلفة، أو إنجاز أعمال معينة تكون في شكل آليات تكسبه خبرات تكون مستهدفـــة لكونها أنماطاً من الممارســات التـــي تقوي دافعيَّة التفاعل مع مجموعة الخبرات التي يتعامل بها. ويمكن أن نحصــــر ذلك فــي العناصر الآتية:

  1. إنجـازات سلوكيَّة معيــنة.
  2. تحقيــق نتائــج مستهـدفة.
  3. تحقيق تغير في سلوك عام يراد بلوغه.

ومـن هنا نجد أن الأهـداف احتلـت مكانة بارزة في النظـام التربـوي في نمـوذج التعليـم بوساطة الأهداف، لأنها تُعَدُّ نقطـــة الــبداية والنـهاية في العمليَّة التعليميَّة التعلُّميَّة. فهي تُعَدُّ المقياس الحقيــقي الذي نقيس به قدرات المُتعلِّمـين ومهاراتهم واتجاهاتهم ومواقفهم.

 

فمـــــا التعليـــم بوساطة الأهـــــداف؟

إن التعليم بوساطة الأهداف نموذج يختلف اختلافاً كبيراً عن التعليم بوساطة المضامين. فهو نسق يعتمد على نظريَّة من نظريـــات التعليم التي يقصد بها ذاك النسق من الأطروحات والتأويلات والمفـــاهيم المنسجمة منطقيـــــاً، حيت تكون تلك العناصــــر والمُكوَّنــات التي ينتظم بها النسق التعليمي غير متناقضة فيما بينها، وعند ملاحظة هذا التعريف نجـــــده يتكون مــن ثلاثة عناصر أساسيَّة تجتمع لتـؤلف النمـوذج، وهـــي:

  1. مجموعة من المفاهيم تنتظم في نسق تربطه علاقات منطقيَّة.
  2. حيث ترتبـط تلك المفــــــاهيـم فـي مجـــــال واقعــــــي.
  3. وتكـــــــون قابلـــــة للتمحيـــــص والتجـريــــــــــب.

وهذه العناصـر التي تكـون نظريَّة التعليـم بالأهـداف تقود إلى إطار نظري يجسد به هذا النمـوذج حتى تكـون صورتــه واضحة في الأذهان، ويسمى هذا النموذج التعليم النسقي، الذي يقوم على فلسفة نظريَّة واضحة تدعى ( نظريَّة الأنساق ).

 

مراحل التدريس بوساطة الأهداف

تتلخَّص مراحل التدريس بوساطة الأهداف، في أربع مراحل رئيسة تتضمَّنالتصميم والتحليل والتنفيذ والتقويم.وتقسم كل مرحلة إلى خطوات، ويتم تعديل التدريس وفقا لما تمد به مرحلة التنفيذ أو خطواتها مـــن تغـذية راجعة عبر موازنة الأهـداف التي تم تصميمـها بالأهـداف التي تـم تحقيقـها، بما يمكـن المُدرِّس من تطوير تدريسـه للوصـول بالمُتعلِّم إلى التعلُّم المتقـن الـذي يحقـق أهـدافه بنجــــاح تــام.

 

  1. مرحلة التصميم: يقوم المُدرِّس في هـده المرحلـة بتحـديد أهدافـه الخاصـة بدروسه، ذلك لأن لكل درس هدفاً خاصاً يمكن تجزئته إلى مجموعة من الأهداف الجزئية والإجرائيَّة (كل ذلك في ضوء الهدف العـام من المادة أو المنهـج) بكتابة فعل العمل وتحديد شروط ومعايير الأداء (اختيار المحتوى التربوي الملائم وتحديد المبادئ وتحديد الوسائل المساعدة).
  2. مرحلة التحليل: تتضمَّن هده المرحلة تحليل الوضعية التي يجري فيها التعلُّم, أي تحليل الموقف التربوي بإدراك العلاقاتالتي تربط بين جميع مُتغيِّراته من ناحية، وتحليل المحتوى التعليمي (المادة الدراسيَّة) من ناحية أخرى، وذلك عن طريق تجزئة المادة إلى عناصرها ومُكوَّناتها الأساسيَّة بالاستناد إلى معايير خاصة بتنظيم المحتوى التربوي مـع مراعاة مبدأ التدرج من العام إلى الخاص، ومن البسيط إلـى المعقد، مراعاة معايير الطرائق المخـتارة ومدى ملاءمتهـا للهدف من الدرس والفئة المستهدفة، ثم مراعاة الضغــوط الـتي يفرضها الموقف التربوي، واقتراح البدائل الملائمة للتعديل والتغيير.
  3. مرحلــة التنفيـذ: تضم هـذه المرحلة سـيرورة التدريس، أي جمـلة الخطوات الرئيسة التي يتبعـها الـمُدرِّس لنقــل معـارفـه وتحقيـق أهدافه، وبمفهـومآخر تمثـل هذه المرحلة إجراءات التدريس الفعليـــة التي يتبعها المُدرِّس في تقديم دروسه وتتضمَّن هذه المرحلـة جملـة مـن الخطوات كمـا يأتي:
    • بناء مركز الاهتمام: وذلك بتوجيه أذهان التلاميذ إلى الدرس الجديد والهدف منه، من خــلال إثـــارة فكـــرة أو قضيــة أو مناسبة لها علاقة بالهدف بما يمكن من وضع جميع التلاميذ أمام وضعية الانطلاق بتوحيد اهتماماتهم نفسها.
    • الوضع أمام الصعوبة: وتتم هذه الخطوة بطرح جملة من الأسئلة التي تشعر التلاميذ بأهمية الدرس الجديد, والصعوبـات التيتواجههم بخصوصها، فيجدون أنفسهم أمام وضعية جديدة (مشكلة) لم يسبق أن اطلعوا عليها. وأنهم سيكونون قادرين على تجاوزها بعد مرورهم، بخبرة الدرس التعليميَّة التي سينصب الجهد فيها على تدليل الصعوبة، وهو مــا يزيد في تشويقهم، وتحفيزهم إلى متابعـــة الــدرس.
    • الشرح والبرهنة: في هذه الخطوة يشرع المُدرِّس في شرح محتويات الدرس، انطلاقا من مفاهيمه الأساسيَّة ووفق ترتيب منهجي منطقي ينطلق فيه عادة من الأسهل إلى الأصعب، ومن المحسوسات إلى المجردات، ويتم الاقتصار في كل مـرة على شرح المفهوم أو التعريف أو القانون الجديد.. دون الانتقال من الشرح إلى البرهنة علـــى عنصـــر آخـــر إلا إذا تأكـد أن التلاميذ قد استوعبوا الشرح والبرهنة، والتعرُّف علـى ذلك يكون عبر جملــة من الأسئلـــة التشخيصية تمـده بتغذية راجعة عن عمله يتخذ من خلالها وفي ضوئها قرار الانتقال إلى الشرح الموالي أو إعادة شرح العنصـــــرنفسه بأسلوب أخر. وتتكرر العمليَّة بالنسبة إلى أجزاء الدرس بالوتيرة نفسها حسب استراتيجية في التدريــــس.
    • التقويم الجزئي: تتضمَّن هذه الخطوة إجراء تقويم جزئي للعناصر المقدمة والتحقق من مدى فهمــها واستيعابها، ويمكن أن يكون ذلك عن طريق تكليف التلاميذ بالاستظهار، أو الإجابة عن أسئلة مطروحة.
    • التطبيــق: وتتضمَّن هذه الخطوة دعوة التلاميذ إلى تطبيق المبادئ والقوانين والتعليمات التي تم شرحها لمعرفة مدى قدرتهم على التحكُّم بها وتمكنهم من فهمها.
    • التقويم النهائي: وهنا يقوم المُدرِّس بإجراء تقويم نهائي لجميع عناصر الهدف على شكل خلاصة للدرس أو عن طريق تمرينـات تطبيقية أو أسئلة تقويمية بما يمكنه من الوقوف على تحقق الهدف أو عدم تحققه، ومعرفة ما ينتظر منه من تأكيـــد أو تعديل أساليــب أو الطرائــق المتبعـة.
  4. مرحلة التقويم: تتعلَّق هذه المرحلة بجملة الإجراءات التي يتبعها المُدرِّس لإصدار حكم بخصوص فاعليَّة طرائقه وأهدافه ووسائله وأسلوبه، فيتعرف بذلك على مواطن الخلل بما يمكنه من تعديل سلوكه ومراجعته. وكل ذلك في ضوء الحكم المُتعلِّق بالهدف الخاص من الدرس ومدى تحققه، حيث تمده المعلومات التي يحصل عليها في هذا التقويم بالأساليب التي ساعدت أو عرقلت تحقيق أهدافه.

 

خاتمــــــة                 

فإذا اعتمد المُدرِّس بصفة دقيقة هذه المراحل (الخطوات) في التدريس يكون قد حدد لنفسه وللتلاميذ المسار الذي يقطعانه بدقة ووضوح للوصول إلى أهدافه التي رسمها في أول مرحلة من مراحل التدريس بوساطة الأهداف.