التدريس الفعَّال

دواعي ومنطلقات التدريس الفعَّال: إن الناظر إلى مخرجات التعليم العام (الطلاب) في شتى دول العالم العربي يجد أن نسبة كبيرة منهم ليست في المستوى المأمول من ناحية امتلاكها للمهارات الأساسيَّة في القراءة والكتابة والقدرات الرياضيَّة والعلوم بمختلف الفروع فهنالك ضعف عام نتج عن عدة عوامل اقتصاديَّة وثقافيَّة وسياسيَّة، وعلى الرغم من الجهود المبذولة من قِبَلِ المُعلِّمين والمشرفين ومُؤسَّسات الدولة إلا أنها لم تحقق النتائج المرجوة، ولرأب الصدع وإنقاذ ما يمكن إنقاذه واللحاق بالركب، لزم أن يكون هناك علاج لمختلف العوامل المؤثرة، ومنها نوعيَّة التدريس المقدم إلى الطلاب أي أسلوب التعليم والتعلُّم، وجعل التدريس فعَّالاً قادراً على إحداث التغيير المطلوب.

 



تعاريف للتدريس الفعَّال:

هو ذلك النمط من التدريس الذي يفعّل دور المُتعلِّم في التعلُّم فلا يكون المُتعلِّم فيه متلقّياً للمعلومات فقط بل مشاركاً وباحثاً عن المعلومة بشتى الوسائل الممكنة.

وبكلمات أكثر دقة هو نمط من التدريس يعتمد على النشاط الذاتي والمشاركة الإيجابيَّة للمُتعلِّم والتي من خلالها قد يقوم بالبحث مُستخدِماً مجموعة من الأنشطة والعمليات العلميَّة كالملاحظة ووضع الفروض والقياس وقراءة البيانات والاستنتاج والتي تساعده على التوصُّل إلى المعلومات المطلوبة بنفسه وتحت إشراف المُعلِّم وتوجيهه وتقويمه.

 

ويقول نيفل جونسون في حديثه عن التدريس الفعَّال، من المتوقع من التدريس الفعَّال أن يربي التلاميذ على ممارسة القدرة الذاتيَّة الواعية التي لا تتلمس الدرجة العلميَّة بوصفها نهاية المطاف، ولا طموحاً شخصياً تقف دونه كل الطموحات الأخرى إنه تدريس يرفع من مستوى إرادة الفرد لنفسه ومحيطه ووعيه لطموحاته ومشكلات مجتمعه وهذا يتطلَّب منه أن يكون ذا قدرة على التحليل والبلورة والفهم ليس من خلال المراحل التعليميَّة فقط ولكن مستمرة يُنتظر أن توجدها وتنميها المراحل التعليميَّة التي يمر من خلالها الفرد.

ويمكننا أن نعرِّف التدريس الفعَّال بأنه ذلك النمط من التدريس الذي يؤدي فعلاً إلى إحداث التغيير المطلوب أي تحقيق الأهداف المرسومة للمادة سواء المعرفيَّة أو الوجدانيَّة أو المهاريَّة، ويعمل على بناء شخصيَّة متوازنة للطالب.وقال كولدول، إن التدريس الفعَّال يعلِّم المُتعلِّمين مهاجمة الأفكار لا مهاجمة الأشخاص. وهذا يعني أن التدريس الفعَّال يحوِّل العمليَّة التعليميَّة التعلميَّة إلى شراكة بين المُعلِّم والمُتعلِّم.

 

علاقة التدريس الفعَّال بطرائق التدريس:

إن اختيار الطريقة المناسبة لتدريس الموضوع لها أثر كبير في تحقيق أهداف المادة وتختلف الطرائق باختلاف المواضيع والمواد وبيئة التدريس، وعموماً كلما كان اشتراك المُتعلِّم أكبر كانت الطريقة أفضل، ومن طرائق التدريس التي ثبتت جدواها على سبيل المثال وليس الحصر في التعليم العام ما يأتي:

  • الطريقة الحواريَّة.
  • الطرائق الاستكشافيَّة والاستنتاجيَّة.
  • عروض التجارب العمليَّة.
  • التجارب العمليَّة.
  • إعداد البحوث التربويَّة المبسطة.
  • طريقة حل المشكلات.
  • الرحلات العلميَّة العمليَّة والزيارات.
  • طريقة المشروع.
  • طريقة الوحدات الرئيسة.

 

دور المُعلِّم في التدريس الفعَّال:

إنّ دور المُعلِّم كبير وحيوي في العمليَّة التربويَّة والتعليميَّة، ويجب أن يبتعد عن الدور التقليدي الإلقائيَّة، وألّا يكون وعاء للمعلومات بل إن دوره هو توجيه الطلاب عند الحاجة دون التدخُّل الكبير، وعليه فإن دوره الأساسي يكمن في التخطيط لتوجيه الطلاب ومساعدتهم على إعادة اكتشاف حقائق العلم.

وكمثال توضيحي لنفترض أن مُعلِّماً سيُدرِّس مادة العلوم للمرحلة الابتدائيَّة العوامل التي يحتاج إليها النبات لينمو فالطريقة التقليديَّة الإلقائيَّة تفيد بأن المُعلِّم سيخبرهم عن حاجة النبات إلى الضوء والماء والتربة الصالحة والهواء وينتهي الموضوع في أقل من عشر دقائق، ولكن لن يكون له تأثير حقيقي في معلومات الطلاب أو سلوكهم، بينما في التدريس الفعَّال سيطرح المُعلِّم على الطلاب السؤال الآتي: ما حاجات النبات أو ما العوامل الضروريَّة للإنبات أو نحو ذلك، ويترك الإجابة ليبحث عنها الطلاب ويقترح عليهم التجريب ويترك الفرصة للطلاب ليصمموا التجربة بشكل حواري جماعي أو فردي في الصف ويشجع الطلاب على ذلك، وفي نهاية الحصة الدراسيَّة يكون الطلاب قد اتفقوا على طريقة تنفيذ التجربة ووزعوا الأدوار بينهم في إجراء التجربة ومتابعتها وكتابة التقرير الذي سيستنتجون منه في النهاية معرفة حاجات النبات، وليكتشفوا الحقائق العلميَّة المُتعلِّقة بالموضوع، ومن العوائد التربويَّة من هذا كله نجد ما يأتي:

  • تدرب الطلاب على الأسلوب العلمي في التفكير.
  • تدرب الطلاب على أسلوب الحوار والمناقشة المُنظَّمة.
  • اكتساب الطلاب للمهارات العمليَّة المُتعلِّقة بالتجربة.
  • تعلم الطلاب أسلوب كتابة التقارير العلميَّة.
  • تكون مهارة الاتصال، وشرح الفكرة العلميَّة للآخرين بطريقة مقنعة.

 

دور مدير المدرسة حيال التدريس الفعَّال:

مدير المدرسة يهمه كثيرا أن تقدم مدرسته أفضل أساليب التعليم والتدريس وعليه حث مُعلِّميه على استخدام أفضل الأساليب التربويَّة لتعليم الطلاب، وأن يعمل جاهداً على التأكُّد من قدرات المُعلِّمين ومهاراتهم والعمل على تطويرهم وتذليل الصعوبات التي قد تعترض سبيلهم، والتنسيق بينهم وبين الإدارة التعليميَّة والمشرفين الذين قد ينفذون بعض الفعاليات في المدرسة أو غيرها بهدف رفع كفاية المُعلِّمين وتنفيذ خطة إشراقية تساعد المُعلِّمين على أداء العمل بجودة تربويَّة مناسبة، كما يلزم أن يكون المدير (الناظر) هو قدوة لمُعلِّميه في تدريسه ليقدم نموذجا يحتذي به بقية المُعلِّمين، وعليه أن يضطلع ببعض الحصص التدريسيَّة حسب تخصصه وأن ينمي مهارته في التدريس الفعَّال ويدرب مُعلِّميه عليها، أما المدير الفني الذي لا يستطيع أن يقدم تدريساً فعَّالاً، فلا يستحق أن يكون مديراً للمدرسة، ولا يرجى منه أو من عموم مُعلِّميه تربية صحيحة، ففاقد الشيء لا يعطيه. وهذه دعوة إلى جميع مديري المدارس بالاضطلاع بمسؤولياتهم تجاه مُعلِّميهم لينعكس هذا إيجاباً على أبنائهم الطلاب.

 

دور المشرف التربوي في التدريس الفعَّال:

المشرف التربوي هو مهندس العمليَّة التربويَّة والتعليميَّة وعليه تقع عمليَّة التخطيط للطرائق الفنيَّة والتربويَّة الفضلى لتنفيذ المنهج المدرسي في المدارس، فمن خبرته يستمد المُعلِّمون الطرائق والأساليب التدريسيَّة الفعَّالة وعليه أن يتيح لهم الفرصة ليشاركوه في التخطيط لها وتنفيذها على أرض الواقع في المدارس مع أبنائهم الطلاب.

ولتحقيق ذلك يتوجب على المشرف التربوي وضع خطة إشراقية في بداية العام الدراسي لتغيير المسار التقليدي والطرائق التقليديَّة الإلقائيَّة وجعل التدريس فعَّالاً، فالتدريس الفعَّال يحتاج أيضاً إلى توجيه وإشراف فعَّال، وأقترح على المشرف التربوي أن يضع خطة حسب الخطوط العريضة الآتية:

  • لقاء عام رقم (1) يشمل جميع مُعلِّمي المادة في بداية العام الدراسي (الأسبوع الأول) بهدف الاتفاق على تطبيق الأساليب الفعَّالة في التدريس، وتوزيع المنهج وتحديد الوسائل التعليميَّة اللازمة لتنفيذ المنهج وتوزع الأدوار على مختلف المُعلِّمين لجميع السنوات الدراسيَّة ويتفق على اجتماع قادم في الأسبوع التالي بعده لإحضار ما تم الاتفاق عليه.
  • لقاء عام رقم (2) للاطلاع على ما تم وتبادل الأوراق بين المجموعة ومناقشة ما تم عمله والاتفاق على التنفيذ بحسب الخطة التي رسمت للتدريس.
  • زيارة المُعلِّمين في المدارس لمعرفة مدى تطبيق الأساليب ولتوجيه المُعلِّمين.
  • لقاء عام رقم (3) للاتفاق على فعاليات إشراقية (دروس نموذجيَّة، ورش عمل، دورات تدريبيَّة للمُعلِّمين وغير ذلك) وتنفيذها، ومناقشة الصعوبات التي واكبت التطبيق، والعمل معاً على تذليلها.
  • تقويم العمل الذي تم، وكتابة تقرير للاستفادة منه مستقبلاً.

 

التدريس الفعَّال
ابراهيم بن عنبر علي

مدير إدارة التطوير التربوي بالإدارة العامة للتعليم في منطقة الرياض