الانضباط ذو الأبعاد الثلاثة

الضبط ذو الأبعاد الثلاثة هو بتعبير بسيط نظام متكامل وشامل من طرائق الضبط التي طورها المربون وعلماء النفس الذين يقدرون كرامة المُتعلِّم وتعليمه السلوك المسؤول.



ولأنّ طريقة الضبط ذات الأبعاد الثلاثة تشتمل على مجموعة مُتنوِّعة من النظريات والطرائق، فإنها ليست عمليَّة سهلة التنفيذ. وتحسين الضبط يتطلَّب عملا جاداً يتضمَّن فحص المشاعر والتعبير عنها واكتساب المعرفة وترسيخ إجراءات عمليَّة مُنظَّمة. وإن الأمر يحتاج إلى تكامل الكثير من الأفكار والأساليب كي نحقق تقدماً ملموساً. أما الأبعاد الثلاثة لهذا الأسلوب فهي:

  • الوقاية: وهو ما يستطيع المُعلِّم أن يقوم به لمنع حدوث المشاكل السلوكيَّة بشكل إيجابي بالإضافة إلى كيفيَّة التعامل مع التوتر المرتبط بالمخالفات الصفيَّة.
  • الإجراءات: وهي الإجراءات التي يتخذها المُعلِّم عندما يستمر حدوث المشاكل السلوكيَّة على الرغم مما اتخذ من خطوات لمنع حدوثها. وتشمل هذه الإجراءات طرائق لحفظ سجلات بسيطة وطرائق لتجنب تطور المشاكل الصغيرة إلى مشاكل أكبر.
  • القرار: ما يستطيع أن يقوم به المُعلِّم لحل مشاكل المُتعلِّم الذي يخالف القوانين باستمرار والمُتعلِّم المتطرف "غير الخاضع للسيطرة".

 

البعد الوقائي:

الهدف الأول من أهداف طريقة الأبعاد الثلاثة هو إعداد بيئة صفيَّة تساعد على منع المشاكل السلوكيَّة. إننا نرى أن البعد الوقائي يشبه المنهاج الدراسي، حيث إن المنهاج يزود المُعلِّمين والطلاب بخطة مدرسيَّة بشكل جيد لتوجيه تعلم درس أو مساق ما. وأفضل المناهج هي التي تكون مرنة بدرجة كافية تسمح بإجراء تغييرات على أساس يومي عند ظهور الحاجة إلى ذلك، وهي التي أيضاً تشتمل على تقويم مدى التقدُّم في الخطة.

إن البعد الوقائي يقدم البنية والتوجيه، غير أنه مرن بشكل كاف لاستيعاب التغييرات اليوميَّة والتغييرات طويلة الأمد كلما طورت أنت وطلابك احتياجات ومعرفة جديدتين. وكالمنهاج فإن البعد الوقائي يشتمل على خليط من العناصر المعرفيَّة والسلوكيَّة والعاطفيَّة، حيث تقود المعرفة إلى الفهم، والفهم بدوره يقود إلى الإجراء، والإجراء يؤدي بدوره إلى المعرفة. وإليك المراحل السبع للبعد الوقائي:

  1. اعرف ذاتك (المُعلِّم).
  2. اعرف الطلاب.
  3. عبر عن مشاعرك الحقيقيَّة.
  4. كن على معرفة جيدة بالنظريات البديلة.
  5. حفّز الطلاب إلى التعلُّم.
  6. رسخ فكرة العقود الاجتماعيَّة.
  7. نفذ العقود الاجتماعيَّة.
  8. قلل التوتر.

 

البعد الإجرائي (الإجراء):

على الرغم من كل الجهود التي تبذلها (يبذلها طلابك) لمنع حدوث المشاكل السلوكيَّة، إلا أنها ستحدث حتما في أي مكان يجتمع فيه (20 – 30) طالباً فترة طويلة من الوقت. إن الغرض من البعد الإجرائي مُكوَّن من جزأين. فعندما تحدث مشكلة سلوكيَّة، فإن شخصاً ما، عادة يكون المُعلِّم، يحتاج إلى أن يفعل شيئا بأقصى سرعة ممكنة لإيقاف هذه المشكلة.

وتتمثل الخطوة الأولى في هذا المجال بتنفيذ العقوبة المرتبطة بمخالفة القانون، كما هي موضحة في العقد الاجتماعي، ومع ذلك فإن المسألة لا تقتصر على تنفيذ العقوبة بقولك: "أحمد، إن مضغ اللبان ممنوع في غرفة الصف، وحيث إنك فعلت ذلك، فإنك ستبقى بعد انتهاء الدوام وتنظف المقاعد. لا تجادل في ذلك! فقد وافقت على هذا القانون وما يترتب عليه من عقوبات في بداية العام الدراسي" بل إن أسلوب التنفيذ لا يقل أهمية عن العقوبة نفسها. إن نبرة الصوت والمسافة بينك وبين المُتعلِّم، ووضع الجسم واستخدام الاتصال بالعين، والإشارات غير اللفظية الأخرى تُحدِّد فعاليَّة العقوبة بالقدر نفسه أو أكثر من المضمون الفعلي للعقوبة ذاتها.

ومع ذلك، فإن مجرد تنفيذ العقوبات عندما تخالف القوانين، يمكن أن يصبح عمليَّة آلية ويجرد الضبط ذا الأبعاد الثلاثة من الناحية الإنسانيَّة. وبالنسبة للمخالفات البسيطة للقوانين، فإنه يمكن تنفيذ العقوبات بسرعة وبدون ضجة كبيرة. وعلى الرغم من ذلك فإن مخالفات القانون تتيح الفرصة للمُعلِّم والمُتعلِّم للتفاعل بطرائق إيجابيَّة. ومن خلال إنهاء النزاع أو المشكلة باستخدام العقوبات وبالتفاعل الإيجابي، يدرك طلابك حيوية هذه الطريقة وفاعليتها.

أما الغرض الثاني للبعد الوقائي فإنه يشتمل على مراقبة فاعليَّة العقد الاجتماعي لصفك. ويجب ألّا ينظر إلى العقد الاجتماعي بوصفه مجموعة متسلسلة من العناصر الثابتة وغير المرنة، بل يجب أن ينظر إليهابوصفها قوانين وعقوبات تحكم السلوك الصفي أو المدرسي في أي وقت. وهذا يعني أنه يمكن بل يجب أن يتم تعديل أو إعادة كتابة العقد إذا كان العقد الحالي غير فاعل. وقد تتغيَّر احتياجات طلابك في أثناء العام الدراسي. فمثلا: إذا لاحظت أن أحد القوانين يتم مخالفته بشكل ملحوظ من قِبَلِ مجموعة من الطلاب، فعندئذ نقترح عليك أن تتشاور أنت وطلابك وتعيد كتابة هذا الجزء من العقد الاجتماعي.

إن البعدين الوقائي والإجرائي يعالجان معظم المشاكل السلوكيَّة الصفيَّة، وعندما يتم تنفيذ هذين البعدين، فإنك لن تتصدى سوى للمشاكل الأكثر حدة والمستعصية فقط.

 

بُعد القرار:

يتكوَّن بعد القرار من أنشطة مُخصَّصة لمعالجة الطلاب غير الخاضعين للسيطرة. ومعظم هؤلاء الطلاب فقدوا الأمل وتعرضوا كثيراً للعديد من التدخُّلات الضبطية الصفيَّة والمدرسيَّة وأصبحوا غير حساسين لها. وإذا هددتهم بالحجز فإنهم يقولون: "لا يهم، تطبق إجراءات الحجز علينا منذ خمس سنوات، ولا مانع من تطبيقها الآن". وإذا حذرتهم بأنهم سيخفقون في الاختبار إذا لم يدرسوا بشكل جيد فإنهم سيضحكون في وجهك، حيث إنهم أخفقوا في معظم الاختبارات التي أجريت لهم. وهم يتوقعون بشكل روتيني أن يُطردوا من الصف أو يرسلوا إلى مكتب المدير أو يفصلوا مؤقتًا من المدرسة.

 

إنّ الوصول إلى هؤلاء الطلاب يحتاج إلى جهد كبير في الوقت الذي لا نملك فيه إلا الشيء اليسير من الثقة بأن هذا الجهد سيثمر. هل الجهد يستحق المحاولة وخاصة إذا ما عرفنا الوقت غير المتناسب الذي يستهلكونه؟ من الواضح أنه يتعين على كل مُعلِّم أن يقرر مقدار الجهد الذي سيبذله مع المُتعلِّم الخارج عن السيطرة.

 وهنا فإننا نقدم لك بعض البدائل الجيدة التي يمكن أن توصل إلى هؤلاء الطلاب الذين يرغبون في أن تصل إليهم. وقد تم تكييف هذه الاستراتيجيات بعد أخذها من كتب علم النفس الإدراكي: مثل تقنيَّة المعالجة عن طريق الكلام "فيكتور فرانك" تقنيات التفاوض المقننة والتي تم تعديلها لتلائم التطبيق الصفي (المواجهة الإيجابيَّة مع المُتعلِّم) علم نفس المراهقة، بالإضافة إلى الأعمال المبدعة لكثير من المُعلِّمين.

 

إحدى الفوائد التي يجنيها المُعلِّم الذي يرغب في محاولة الطرائق المبدعة هي إتاحة الفرصة له لتجريب تقنيات تُعَدُّ بشكل عام جوهرية أو أساسيَّة جداً بالنسبة إلى الاتجاه السائد. إن الكثير من هذه التقنيات تثري معرفة المُعلِّم إمكانات لتعليم جميع الطلاب. وتولّد طاقة جديدة بسبب توافر التحدي للتجريب على الأشياء غير المتوقعة. إن المُعلِّمين الذين طوروا قدراتهم للوصول إلى الطلاب غير الخاضعين للسيطرة يصبحون غالباً مُعلِّمين ممتازين.