الاتجاهات وتعلمها (الجزء الأول: تعريف الاتجاهات وأهميتها)

تعريف الاتجاه:

اختلف علماء النفس في تصورهم لمفهوم الاتجاه، ونتج عن اختلاف رؤيتهم العديد من التعريفات نكتفي منها بخمسة:

  1. الاتجاه "حالة استعداد عقلي عصبي، تنظم عن طريق الخبرة، وتباشر تأثيراً موجهاً أو ديناميكياً في استجابات الفرد نحو جميع الموضوعات أو المواقف المرتبطة بها".
  2. الاتجاه "تنظيم مكتسب، له صفة الاستمرار النسبي للمعتقدات التي يعتقدها الفرد، نحو موضوع أو موقف، ويهيئه للاستجابة، باستجابة تكون لها الأفضلية عنده".
  3. الاتجاه "نزعة الفرد أو استعداده المُسبَق إلى تقويم موضوع ما أو رمز يرمز له بطريقة معينة".
  4. الاتجاه درجة العاطفية الإيجابيَّة أو السلبيَّة المرتبطة بموضوع نفسي معين. ويقصد بالموضوع النفسي أي رمز أو شعار أو شخص أو موضوع أو مؤسسة أو فكرة يمكن أن يختلف الناس في عاطفتهم تجاهها إيجابياً أو سلباً.
  5. الاتجاه "استجابة غير ظاهرة نتيجة لحافز، وتعد ذات مغزى اجتماعي في مجتمع الفرد".


أهمية الاتجاهات

تؤدي الاتجاهات دوراً حاسماً في التعليم والأداء، لأنّ مشاعر المُتعلِّمين واتجاهاتهم نحو المواد الدراسيَّة والنشاطات المدرسيَّة الأخرى، وكذلك اتجاهاتهم نحو زملائهم ومُعلِّميهم وذواتهم تؤثر في قدرتهم على تحقيق الأهداف التعليميَّة أو التعلميَّة، لأنّ التعلُّم الذي يؤدي إلى تكوين اتجاهات نفسيَّة مناسبة لدى المُتعلِّمين يكون أكثر جدوى من التعلُّم الذي يؤدي إلى اكتساب المعرفة فقط. ويعود سبب ذلك إلى أن الاتجاهات النفسيَّة تبقى آثارها ويحتفظ بها مدة طويلة، بينما تخضع الخبرات المعرفيَّة بصورة عامة لعوامل النسيان. كما تؤثر الاتجاهات في قدرتهم على التفاعل الاجتماعي، والعمل المشترك مع الآخرين، وفي قدرتهم على تحقيق ذواتهم، ومن ثمَّ تؤثر في قدرتهم على التكيُّف والاستجابة للتغيُّرات المستمرة التي يتصدّون لها في المجتمع من حولهم.

       

يرى الباحثون في سيكولوجية الشخصيَّة، أنّ الشخصيَّة في جانب كبير منها ما هي إلا مجموعة الاتجاهات النفسيَّة التي تتكون عند الشخص فتؤثر في عاداته وميوله وعواطفه وأساليب سلوكه المختلفة. وأنّه على قدر توافق الاتجاهات النفسيَّة وانسجامها واتساقها تكون قوة الشخصيَّة، وعلى قدر فهمنا لاتجاهات الفرد يكون فهمنا لحقيقة شخصيته.

 

ومن وجهة النظر الاجتماعيَّة تكمن أهمية الاتجاهات في أنّها أحد المُحدَّدات الرئيسة الضابطة والموجهة والمُنظَّمة للسلوك الاجتماعي، وعلى ذلك فإن أي تغير اجتماعي يتطلَّب أولاً معرفة الاتجاهات السائدة بين أفراد المجتمع، ومعرفة مدى قابليتها للتعديل والتحويل نحو التغيُّر المرغوب فيه، إذ إنّ اتجاهاتٍ جديدة تتعارض مع ما قد يوجد من اتجاهات متأصلة وراسخة في النفوس، كثيراً ما يؤدي إلى التفكك والاضطراب، ويعوق حدوث ما نرمي إليه من تطور وتقدم.

 

من الأمثلة على الموضوعات التي يكون المرء اتجاهات نحوها:

  • النظام الاقتصادي الاجتماعي.
  • النظام التربوي.
  • الديموقراطية.
  • عمل المرأة.
  • اختلاط الجنسين.
  • الأفكار والمعتقدات الدينيَّة.
  • استخدام العقل والمنطق في حل المشكلات.
  • الزواج المُبكِّر.
  • مهنة التدريس.
  • الأعمال الحرة.
  • السلع والمواد الاستهلاكية على اختلافها.

 

وظائف الاتجاهات:

تنهض الاتجاهات بالكثير من الوظائف التي تيسر للفرد التكيُّف النفسي والاجتماعي، والاستجابة المناسبة والأوضاع المختلفة. ومن بين الوظائف التي تؤديها الاتجاهات تلك التي حددها (كاتز) ولخصها على النحو الآتي:

  1. الوظيفة الوسيلية التلاؤمية النفعية:
    تقوم هذه الوظيفة على أساس أنّ الناس يعملون من أجل الحصول على مزيد من المعززات التي يتلقونها من الوسط المحيط بهم، وفي الوقت نفسه يعملون من أجل تقليل المزعجات التي يحتمل أن يتعرَّضوا لها. فالاتجاهات تؤدي وظيفة تلاؤمية نفعية تكون وسيلة للوصول إلى هدف مرغوب فيه.
  1. وظيفة الدفاع عن الأنا:
    ويبدو ذلك واضحاً من خلال تمسك الفرد بأفكار عن نفسه وعن الآخرين، تحميه من التهديد وتبقيه، على الأقل من وجهة نظره في وضع آمن، بعيداً عن الشعور بالخوف والقلق والدونية.
  1. وظيفة التعبير عن الشخصيَّة ونموها وتحقيقها:
    أي أنّ بعض الاتجاهات التي تظهر في سلوك الفرد هي تعبير عن القيم والأفكار والمعتقدات التي يتمسّك بها.
  1. الوظيفة المعرفيَّة:
    تستند هذه الوظيفة إلى حاجة الفرد إلى معرفة العالم الذي يعيش فيه، واكتشاف ظواهره وأسراره.

 

ويمكن إجمال أهم هذه الوظائف فيما يأتي:

  1. الاتجاه يحدد منحى السلوك ووجهته.
  2. الاتجاه ينظم العمليات الدافعيَّة والانفعاليَّة والمعرفيَّة حول بعض الموضوعات الموجودة في المجال الذي يعيش الفرد فيه.
  3. الاتجاهات تنعكس على سلوك الفرد وأقواله وأفعاله.
  4. الاتجاهات تيسر اتخاذ القرارات في المواقف المختلفة مع توفير قدر من الوحدة والاتساق معها.
  5. تعد أساساً لبروز أنماط سلوكيَّة شبه ثابتة نحو الأشياء والموضوعات والأشخاص.
  6. تعد انعكاساً لمدى مسايرة الفرد لمعايير الجماعة التي ينتمي إليها ولقيمها ومعتقداتها.
  7. تحمل الفرد على أن يشعر ويدرك ويفكر ويسلك بطريقة أو طرائق مُحدَّدة.

 

المرجع:

منصور، علي: التعلُّم ونظرياته. مديريَّة الكتب والمطبوعات الجامعيَّة، منشورات جامعة تشرين، اللاذقية، (1421) هـ، (2001) م.

 

المصدر: زاد ترين

 

بقلم: ضحى فتاحي