الإشراف التربوي والمشرف المتابع تغيير وتطوير

مسعد محمد زياد



  1. الأخذ بمفهوم الإشراف التربوي الحديث:
    يختلف اليوم مفهوم الإشراف التربوي عن مفهومه في الماضي، فقد كان قديماً يعرف بالتفتيش ويعني، البحث أو التحري عن شيء، أو أشياء معينة يضعها المفتش نصب عينيه مُسبَقاً، بالإضافة إلى ما يخطر بباله عن طريق تداعي المعاني والأفكار. تم تطور هذا المفهوم وأصبح يقصد به، المجهود الذي يبذله المسؤولون عن هذا العمل لمساعدة المُعلِّمين على أداء وظائفهم كاملة، ودفعهم إلى تحقيق كافة الأهداف التربويَّة للمواد الدراسيَّة، وللمرحلة التعليميَّة، وتوجيههم إلى كيفيَّة التغلب على المشكلات والعقبات التي قد تعترضهم في أثناء أداء عملهم، علاوة على التنسيق بين جهود المُعلِّمين، ونقل الخبرات الجيدة إليهم، والأخذ بأيديهم إلى طريق النمو العلمي والمهني.
    تم تطور مفهومه ليكون أكثر شموليَّة، وفاعليَّة حتى أصبح يعرف بالإشراف التربوي، ويعني تقويم العملية التعليميَّة التعلميَّة وتطويرها، ومتابعة تنفيذ كل ما يتعلَّق بها لتحقيق الأهداف التربويَّة، وهو يشمل الإشراف على جميع العمليات التي تجري في المدرسة، سواء أكانت تدريسيَّة، أم إداريَّة، أم تتعلَّق بأي نوع من أنواع النشاط التربوي في المدرسة، وخارجها، والعلاقات والتفاعلات الموجودة فيما بينها. وفي تعريف آخر نجد أن الإشراف التربوي قد توسَّعت مفاهيمه بحيث أصبح يشمل إلى جانب زيارات المُعلِّمين، ونصحهم بأي طريقة تتم هذه النصيحة، تم رفع تقارير عنهم، وعن مستوياتهم، إلى أن أصبح الإشراف التربوي عملية شموليَّة تهدف في المقام الأول إلى الأخذ بيد المُعلِّم ومعاونته ومساعدته على رفع مستواه، ومن ثمَّ تحسين العملية التعليميَّة والتربويَّة في المدرسة، حيث إن عمل المشرف لا يقتصر على المُعلِّم فقط، بل إنه بصورة مباشرة وغير مباشرة يتعامل مع الكتاب، والوسيلة التعليميَّة، والمناشط المختلفة، ومن ثم التلميذ بوصفه محصلة نهائية. وهو يهدف في إطاره العام إلى تطوير وتحسين سير العملية التربويَّة، والتعليميَّة، والبيئة التربويَّة لمستجدات العمل التربوي.

  1. الإشراف التربوي، عمل جماعي تعاوني:
    أصبح الإشراف التربوي يتبع أسلوب القيادة الجماعي، وإشراك المُعلِّمين مع المشرف في اكتشاف ومناقشة مواطن الضعف ومواطن القوة في طرائق التدريس، ثم إشراكهم في استخلاص التوجيهات اللازمة لعلاج مواطن الضعف، وتدعيم مواطن القوة، مما يدفع المُعلِّمين إلى تفهم أهمية التوجيهات، فيقومون بتنفيذها عن قناعة تامة، لأنهم شاركوا في وضعها، إضافةً إلى مد جسور العلاقات الطيبة بين المشرف التربوي والمُعلِّمين مما يساعد على تحقيق أهداف الإشراف التربوي، ورفع مستوى كفاية المُعلِّم.

  1. نقل الخبرات المميزة بين المُعلِّمين:
    كان المفهوم السائد للتفتيش، والتوجيه التربوي غالباً ما يقوم على تدوين الملاحظات والتوجيهات وإعداد التقارير اللازمة حول العملية التربويَّة، ولكن المفهوم الحديث للإشراف التربوي أصبح يتمثل في الممارسة العملية التي يقوم بها المشرف ليستخلص منها هو والمُعلِّمون كافة التوجيهات المرتبطة بها، والتي تستهدف رفع مستوى كفاءة المُعلِّم. ويرتبط تحقيق الأهداف العلميَّة بنقل المشرف التربوي خبرات المُعلِّمين المُتميِّزين إلى غيرهم من زملائهم، مع تبادل المُعلِّمين الزيارات فيما بينهم، وتحت رعاية المشرف التربوي، إلى جانب قيامه بإلقاء الدروس النموذجيَّة المتنوعة، والتي يختارها من دروس المُعلِّمين المُتميِّزين، تم يطورها ويضيف إليها كل ما هو جديد في طرائق التدريس، وأساليبها، وفي المادة العلميَّة، وبذلك يكون عمله النموذجي حافزاً للمُعلِّمين إلى الاقتداء به عمليا وعلميا.

  1. مراعاة التخلي عن العبارات التقليديَّة:
    دأب المشرفون التربويون فيما مضى، وإلى اليوم إلى حد ما على ترديد كثيرٍ من العبارات التقليديَّة المألوفة، في ملاحظاتهم بعد زيارتهم للمُعلِّمين، ولا يكاد يفلت من هذه العبارات الرنانة التي لا تنطوي على مغزى تربوياً، واحد من المشرفين إلا من رحم ربي. ومن هذه العبارات على سبيل المثال قولهم: دفتر التحضير مرآة تعكس جهد صاحبه. ولا أظن أن هذه المقولة صحيحة المعنى، لأن جل المُعلِّمين إن لم يكن كلهم لا يهتمون بدفتر التحضير الاهتمام اللازم، بل ود الكثيرون لو يصدر قرار يخلصهم من هذا الهم القاتل الممل المضيع للجهد وللوقت.
    ومن العبارات أيضاً قولهم: مراعاة الفروق الفرديَّة، والنمو المعرفي عند المُعلِّم، والإكثار من المناقشة داخل الصف، وما إلى ذلك.
    ويفضل أن تستبدل بتلك العبارات عبارات أخرى أكثر جدةً وتطوراً، وأن تكون ذات دلالة يمكن تحقيقها من خلال الزيارة الميدانيَّة، واترك اختيار العبارة الجدية، والأكثر ملاءمةً للعمل التربوي للإخوة المجتمعين.

  1. تزويد المشرفين التربويين بالنشرات التربويَّة اللازمة:
    لكي يكون الإشراف التربوي أكثر تغييراً وتطوراً وفاعليَّة، ينبغي أن تزود الجهات المسؤولة عن الإشراف التربوي في الوزارة المشرفين التربويين في مختلف المناطق التعليميَّة بالنشرات التربويَّة، وخلاصات الأبحاث التي تعنى بالإشراف التربوي، وتعمل على تطوير آلياته، إضافةً إلى عقد الندوات واللقاءات والدورات التربويَّة التي تصقل الإشراف التربوي، وتجعله متجدداً فاعلاً.

  1. حريَّة الإشراف التربوي ومرونته:
    ينبغي على المشرف التربوي أن يكون مرناً غير روتيني، بحيث لا يتقيد بأسلوب إشرافي واحد يطبقه على جميع المُعلِّمين الذين يتولى الإشراف عليهم خلال عام، أو أعوام مُتكرِّرة، بل عليه أن ينوع في أساليبه حسب المواقف، وحالة المُدرِّس الذي يقوم بزيارته، بل وعليه أن يراعي حالته النفسيَّة، وتمكنه من مادته أو ضعفه فيها، أو أدائه، وهل هذا الضعف ناجم عن عدم الإعداد الكافي، أو الافتقار إلى الخبرة والممارسة التي تعد المُعلِّم إعداداً جيداً، أو إلى سوء استخدام الوسائل التعليميَّة المعينة، أو الجهل بطرائق التدريس الناجحة وأساليبه.

  1. الاهتمام بالأساليب التربويَّة الأخرى:
    يجب على المشرف التربوي أن يهتم بالأساليب التربويَّة الأخرى اهتماماً كبيراً لأنها تنمي وتطور العمل الإشرافي، ومن هذه الأساليب تشكيل ورشات، ورش عمل الدروس النموذجيَّة، وتبادل المُعلِّمين الزيارات في التخصص الواحد، وإقامة الندوات التربويَّة، والاجتماعات التي تناقش عملية تطوير الإشراف التربوي، وإن كان مثل هذه الآليات موجودا، إلا أنها تحتاج إلى تطوير وتفعيل، لتؤدي الغرض المنشود منها على أفضل ما يكون.

  1. عقد اللقاءات التربويَّة:
    لكي تتطور عملية الإشراف التربوي، وتتغيَّر إلى الأفضل، لا بد من التواصل المستمر ما بين المشرفين التربويين، ومديري المدارس لمناقشة عملية الإشراف التربوي، وتوضيح دور كل من المشرف التربوي، ومدير المدرسة المشترك بالضرورة في عملية الإشراف، وتطويرها وتحسينها كونه مشرفا تربويا مُقوِّما.

  1. وإلى جانب ما سبق عن تطوير عملية الإشراف التربوي يمكننا رصد بعض الجوانب المُتعلِّقة بتطوير المشرف المتابع ممثلة في الآتي:
  • تكريس الدور فيما يتعلَّق بمتابعة احتياج المدارس وتهيئتها:
    • المسح الميداني المُنظَّم، والمطور ليقدم من خلاله إحصائيات دقيقة إلى المدارس التي يشرف عليها، ويحدد بدقة حاجة تلك المدارس إلى المُعلِّمين، والكتب، والتجهيزات المدرسيَّة، وما إلى ذلك.
    • تفقد المبنى المدرسي، ومرافقه، وصفوفه الدراسيه، وساحاته، ومقصفه، والعمل على تطويرها، وتجديدها، حتى تكون دائما صالحة للاستعمال.
    • متابعة المكتبات المدرسيَّة، والمختبرات العلميَّة، والوسائل التعليميَّة، والعمل على تنظيمها، وتحقيق أغراضها، وتأمين مُتطلَّباتها.
  • في مجال الإدارة المدرسيَّة:
    • الاطلاع على خطة مدير المدرسة، ومتابعة تنفيذها.
    • استعراض سجلات المدرسة، وملفاتها، والعمل على توجيه القائمين عليها، والأخذ بأيديهم إلى الأفضل.
    • متابعة التعاميم التي ترسل إلى المدرسة، ومعرفة مدى اهتمام إداريي المدرسة بتنفيذها، وحتهم على تنفيذها كاملة، والعمل بها.
    • الاطلاع على جداول المدرسة، وخطة النشاط اللامنهجي، ومتابعة جداول المُتدرِّبين، والإشراف على سير الاختبارات في المدارس التي يشرف عليها، وكل ما يتعلَّق بالأسئلة، وأوراق الإجابات، ومراجعة عينات منها.
  • في مجال الإشراف التربوي على المُعلِّمين: تحدثنا عنه آنفا عند حديثنا عن المشرف التربوي بصورة عامة.

تلك رؤى سريعة حول الإشراف التربوي عامة، والمشرف المتابع خاصة لعله تكون فيها الفائدة المرجوة، والله الموفق.

الاشراف التربوي 1