اكتشف أسلوبك المميز في التعلم

 

هل عرفت من قبل شخصاً يمتاز بأسلوب فريد في عمله؟ ربما كان شخصاً يقوم بعمله على العكس مما يُفترض أن يكون عليه، ومع ذلك نجح في هذا العمل، ومعظمنا له أصدقاء أو أقارب من هذا النوع. والحقيقة هي أن لكل منا شخصيَّة متفردة عن الآخر وكل منا له أسلوبه الخاص في العمل وهو الأسلوب الذي يناسب كل منا.

 



ذكر (روبرت سميث) أستاذ علم النفس في جامعة نورث وسترن الينوي في كتابه "تعلم كيف تتعلَّم" إنه عندما نتقبل بصعوبة أفكاراً جديدة، فهذا لأننا دائماً ما نلجأ إلى أسلوب التعلُّم الخاطئ، كما وجد أن بعض الناس يحصلون على المعلومات في صمت تام على أفضل ما يكون، وقد يحصل البعض الآخر على المعلومات على النحو الأمثل عندما يعلو الضجيج من حولهم، واختتم البروفيسور (سميث) بحثه في الجامعة بأن لكل منا أسلوباً مُتميِّزاً في اكتساب المعارف الجديدة.

وطبقاً لـ (سميث) فإننا نختلف في الطريقة التي نتعامل بها مع الأنشطة الأساسيَّة المرتبطة بالتعلُّم. وكذا في طريقة التفكير وحل المشكلات، بل إننا نختلف في الأسلوب الذي نتبعه لمتابعة "معالجة المعلومات" (التوصُّل إلى قرار).

وأوضح (سميث) أن العديد منا يُحققون أفضل النتائج عندما يعرفنا شخص ما كيفيَّة التقدُّم خطوة خطوة خلال العمليَّة التعليميَّة، إلا أن هناك أشخاصاً لا يحرزون أي تقدم إلا عندما تزال القيود عنهم، ويمنحوا قدراً أكبر من حرية الاختيار في أمور مثل تحديد المواد الدراسيَّة ومتى تبدأ الدراسة، ويختلف معظمنا في الطريقة التي تؤثر بها عوامل مثل المنافسة ودرجة الحرارة والحجرة والضوضاء الخارجيَّة والمشكلات الشخصيَّة على استيعابنا للمعلومات.

وباختصار، لكل منا أسلوب خاص مميز في اكتساب المعرفة، وهي الطريقة التي يتعلَّم بها الأشخاص بطريقة أسرع وأفضل، ولم يُدرَّس هذا في المدرسة، فنظامنا التعليمي يعتمد على التلقين والحفظ وصمم دون مراعاة لاحتياجات الفرد أو الطرائق الصحيحة الأخرى لاكتساب المعرفة.

ونتيجة ذلك حتمية فمحاولة الحصول على معلومات جديدة باستخدام منهج لا يناسب احتياجاتك وقوتك المُتميِّزة تشبه محاولة السباحة ضد تيار قوي، وهذا صعب بل مستحيل، ولا عجب في أن معظمنا يعود من المدرسة أو الندوات أو المحاضرات مرهقاً في أفضل الأحوال. مُحبطاً ومقتنعاً بأنه يتعلَّم تعليماً هزيلاً بطيئاً لكن عندما تُحدِّد أسلوبك المُميَّز في التعلُّم وتطبقه في حياتك، فإن اكتساب المعرفة يُشبه السباحة مع التيار، وتضاف سرعة التيار إلى سرعة سباحتك مما يُضاعف قوتك العضلية. إن استخدامك لأسلوبك المُميَّز في التعلُّم يُضاعف قوتك العقليَّة ويصبح اكتساب المعرفة أمراً مستمراً وغير مجهد.

 

منهج التعلُّم الأمثل بالنسبة إليك:

يعتمد مدى تعلمك على الغاية أو الهدف الذي تبدأ التعلُّم به من أجله، اكتشف الباحثان دافيد لويس وجيمس جرين عضواً جمعيَّة دراسة الطاقة العقليَّة بلندن أن أحد أوجه أسلوب التعلُّم المُميَّز يتعلَّق بكيفيَّة اكتسابنا للمعرفة على النحو الأمثل.

يُخبرنا لويس وجرين أنّ نصفنا يتعلَّم بأفضل ما يكون عندما نعالج موضوعاً جديداً من العام إلى الخاص فإن النصف الآخر يُحقق أفضل النتائج عند تحليل الموضوع من الخاص إلى العام.

وطبقاً لجرين ولويس، فإن المُتعلِّمين بطريقة الانتقال من العام إلى الخاص هم الأشخاص الذين:

  • يبدؤون بنظرة واسعة.
  • يبحثون عن المبادئ العامة والأفكار الكبيرة والمفاهيم الأساسيَّة والمبادئ المُنظَّمة.
  • يربطون كل شيء يعرفونه بموضوع البحث.
  • يتسمون بالسرعة في عقد مقارنات وملاحظة العلاقات بين الأشياء.
  • يُفضلون المواقف غير المُنظَّمة.
  • يحبون الدخول في الموضوع مباشرة.
  • إذا تم تقديم المعلومات أو المهارات بنظام يتسم بالجمود الشديد أضعف أداءهم.

 

أما المُتعلِّمون الذين يبدؤون من الخاص إلى العام، فهم:

  • يبدؤون بالحقائق.
  • يستخدمون أسلوباً منهجياً منظماً.
  • يعرفون كل التفاصيل الدقيقة عن الموضوع قبل الانتقال إلى غيره.
  • لهم أهداف مُحدَّدة وواضحة.
  • لا يُركِّزون إلا على الأمور ذات العلاقة المباشرة بالموضوع الذي يتناولونه الآن.
  • يضعف أداؤهم في المواقف غير المُنظَّمة.

 

ويتوصل المُتعلِّمون الذين يبدؤون بالمبادئ العامة إلى الحقائق بسرعة مذهلة عندما يبدؤون بالصورة الكبيرة ثم ينتقلون إلى التفاصيل، ويفعل المُتعلِّمون الذين يبدؤون بالتفاصيل الشيء نفسه إذا استطاعوا أن يبدؤوا بالتفاصيل وينتهوا إلى الصورة الكبيرة.

وهذا يُفسِّر إخفاق العديد من طلابنا في دراستهم وانخفاض مستواهم في مادة معينة بل أن بعضهم يقول: لا أفهم من المُعلِّم هذا وأود أن أكون في صف المُعلِّم الآخر، بسبب توافق طريقته الشخصيَّة مع طريقة هذا المُتعلِّم، إننا كوننا مُعلِّمين ومُتعلِّمين في حاجة إلى دراسة هذا الموضوع بإمعان من أجل إعادة صياغة طرائقنا وأساليبنا وأحكامنا في المواقف التعليميَّة المختلفة حتى لا تستمر قاعدة (مصائب قومٍ عند قومٍ فوائد).

من المحتمل أنك كونت فكرة جيدة الآن عما إذا كنت من النوع الذي يبدأ بالفكرة العامة أو بالتفاصيل، لكن قم بالتمرين الآتي على أيَّة حال وسواء قمت به أو لم تقم فسوف يساعدك على أن تُحدِّد إلى أي نوع تنتمي إن لم تكن متأكداً. الأهم من ذلك أن يساعدك على أن تبدأ بالتركيز على أنواع المواقف التي يمكن لمنهجك الشخصي أن يقيدك بها على النحو الأمثل.

           

تمرين:

أقرأ كلاً من الجمل الآتية:

ضع علامة (صح) بجوار العبارة التي تعبر عن أفضل طريقة للاقتراب من فرص التعلُّم (تذكر أنّه ليست هناك إجابات صحيحة أو خاطئة) هذه الأشياء تساعدك على أن تركز أكثر على أفضل المناهج المناسبة لك.

  1. عندما تتعلَّم هل:
    • تحب أن تجمع المعلومات من عدة أماكن في وقت واحد؟
    • تحب أن تركز على جزئية واحدة في الوقت نفسه؟
  2. عندما تتعلَّم هل:
    • تحب أن تكتسب معلومات قليلة عن كل أوجه الموضوع؟
    • تكتسب الخبرة من جانب واحد.
  1. عندما تتعلَّم هل:
    • تحب أن تعرف كل أنواع التفاصيل عن الموضوع سواء أكانت مُتعلِّقة بالموضوع المطروح للنقاش والبحث أم غير مُتعلِّقة به؟
    • تحب أن تقول "الحقائق" ولا شيء إلا الحقائق؟
  1. عندما تتعلَّم هل:
    • تتذكَّر المبادئ العامة على النحو الأمثل؟
    • تتذكَّر الحقائق المُحدَّدة على النحو الأمثل؟
  1. عندما تتعلَّم هل:
    • تحب أن تقفز من نقطة إلى أخرى وتقرأ الموضوعات الشائقة أولاً قبل أن تقرأ باقي الكتاب.
    • تحب أن تقرأ جزءاً واحداً في الوقت نفسه وبالتتابع، وتدرس كل جزئية حتى تتأكد من أنك استوعبتها تماماً قبل الانتقال إلى الجزئية التي تليها بعدها.
  1. عندما تحتاج إلى معلومات من شخص ما هل:
    • تحب أن تسأل عن القضايا الكبيرة التي تعطيك صورة كاملة.
    • تحب أن تسأل أسئلة مُحدَّدة تعطيك لمحة مُفصَّلة عن دقائق الأمور.
  1. عندما تبحث عن شيء في المكتبة أو محل لبيع الكتب هل:
    • تتجول من قسم إلى آخر وتتوقف لكي تلتقط أي كتاب يبدو شائقاً في أثناء تجوالك في المكتبة.
    • تذهب مباشرة إلى القسم المخصص للموضوع الذي تبحث عنه وتختار كتباً من هناك وتغادر المكان.
  1. عندما تتعلَّم هل:
    • تحب أن تعمل بناء على الإرشادات العامة؟
    • تحب أن تحصل على تعليمات مُفصَّلة؟

إذا وضعت خمس علامات (صح) أو أكثر على (أ) فأنت من النوع الذي يحقق أفضل النتائج بإتباع الانتقال من العام إلى الخاص. أما إذا وضعت خمس علامات (صح) أو أكثر على (ب) فأنت من النوع الذي يحقق أفضل النتائج باتباع طريقة الانتقال من الخاص إلى العام.

 

اكتشف أفضل حواس التعلُّم لديك:

كلنا نعرف أناساً قادرين على التعبير بالكلمات أكثر من غيرهم، أو التعبير عما يرونه أو يسمعونه أو التعبير بأجسادهم أو بالمنطق والحكمة للتواصل مع الآخرين. هؤلاء الذين يبدو أنهم يفضلون معرفة العالم من خلال حاسة معينة كالسمع أو الإبصار أو اللمس أو باقي الحواس. لكننا غالباً ما نخفق في ربط تلك المعرفة بأنفسنا.

وتوضح الدراسات التي أجراها هاورد جاردنر عالم النفس من جامعة هارفارد أن استخدام الحاسة الصحيحة ينتج من زيادة ملحوظة في القدرة على التعلُّم. فالشخص الذي يتسم بحاسة سمع قويَّة يستفيد من المحاضرات أكثر من الشخص الذي تعد حاسة الإبصار أقوى الحواس لديه والشخص الذي يتميز بحاسة اجتماعيَّة قويَّة سيكون أقدر على ممارسة الأدوار الاجتماعيَّة أكثر من شخص يتمتَّع بعقل منطقي.

وتوصَّل البروفسور جاردنر في بحثه إلى نتيجة، هي أن هناك سبع حواس تعليميَّة، وهي:

  1. الحاسة اللغويَّة.
  2. الحاسة المنطقيَّة.
  3. الحاسة البصريَّة.
  4. الحاسة الموسيقيَّة (السمعيَّة).
  5. الحاسة الجسديَّة (حركة الجسد).
  6. الحاسة الفرديَّة (معرفة الذات).
  7. الحاسة الجماعيَّة (معرفة الآخرين).

فهل فكرت من قبل في أفضل أو أقوى الحواس التي تتمتَّع بها، أهي الحاسة اللغويَّة أم المنطقيَّة أم السمعيَّة أم الجسديَّة أم الفرديَّة أم الجماعيَّة أم هي خليط من هذا وذاك.

 

تمرين:

اكتشاف أفضل حواس التعلُّم لديك ليس بالأمر العسير، ما عليك إلا أن تضع علامة (صح) أمام المواصفات التي تشعر بأنها تنطبق عليك:

  • هل تجد سهولة في استدعاء صيغ غير عادية وجميلة للجمل أو تذكر استشهاديات لتستخدمها في محادثة الآخرين؟
  • هل تلاحظ على الفور متى يشعر الآخرون بالاستياء أو الوقوع في المشاكل؟
  • هل أنت مغرم بالمسائل العلميَّة والفلسفيَّة مثل "من أين أتى هذا الكون".
  • هل تتعلَّم بسرعة كيفيَّة الوصول إلى مناطق جديدة أو قريبة؟
  • هل تُعَدُّ رشيق المشية؟ وهل شعرت بثقل في حركتك في أثناء المشي؟
  • هل تستطيع الغناء على عزف البيانو؟
  • هل تقرأ كتباً ومقالات عن العلم والتكنولوجيا؟
  • هل تلاحظ الأخطاء الإملائية والنحوية في كلام الآخرين وكتاباتهم؟
  • هل تستطيع عادة أن تكتشف كيفيَّة عمل آلة أو جهاز ما، أو كيفيَّة إصلاح جهاز أو آلة ما فيها عطل دون أن تطلب المساعدة؟
  • هل تجد سهولة في أن تضع نفسك موضع الآخرين وأن تتفهم مغزى سلوكهم؟
  • هل تتذكَّر الأماكن التي زرتها بالتفصيل والطرائق التي مررت بها في أثناء الرحلات خارج بلد إقامتك؟
  • هل تحب أن تستمع إلى النشيد، وهل لديك منشدون مُفضَّلون؟
  • هل تستمتع بالتعبير عن نفسك من خلال الرسم ورسم الاسكتشات أو التلوين؟
  • هل تحب قضاء وقتك في الإنشاد؟
  • هل تميل إلى تنظيم الأشياء في المنزل أو العمل ووضعها في أنماط أو فئات؟
  • هل تجد سهولة في تفسير سلوك الناس من ناحية مشاعرهم؟
  • هل تجد متعة في تسلية الآخرين بالنوادر المسلية والمثيرة للنفوس؟
  • هل تكسر حدة الملل بسماع مجموعة من الأصوات المختلفة في البيئة المحيطة بك؟
  • هل تعقد موازنات أو ترى تشابهاً بين من تقابلهم لأول مرة وبين الناس الذين تعرفهم؟
  • هل لديك حس قوي لما تستطيع إنجازه وما لا تستطيع؟

 

عند فحصك لكل ثلاثة أسئلة في أي من تلك المجموعات، صنف تلك الحاسة بوصفها واحدة من أكثر حواس التعلُّم تطوُّراً لديك:

  • المجموعة أ، ح، ق تعني أنك تتمتَّع بحواس لغويَّة قويَّة.
  • المجموعة و، ل، ع تعني أنك تتمتَّع بحواس موسيقيَّة سمعيَّة قويَّة.
  • المجموعة ج، ز، س تعني أنك تتمتَّع بحواس منطقيَّة ورياضيَّة قويَّة.
  • المجموعة د، ك، م تعني أنك تتمتَّع بحواس مكانيَّة أو فراغيَّة قويَّة.
  • المجموعة هـ، ط، ن تعني أنك تتمتَّع بحواس جسديَّة قويَّة.
  • المجموعة ي، ص، ف تعني أنك تتمتَّع بحواس فرديَّة قويَّة.
  • المجموعة ب، ي، ع تعني أنك تتمتَّع بحواس جماعيَّة قويَّة.

 

الخلاصة: أن لكل منا شخصيَّة متفردة عن الآخر، وكل منّا له أسلوبه الخاص في التعلُّم وحواس تعليميَّة مُفضَّلة لديه، ومعرفة هذا الأسلوب والحواس، هي طريقنا لتحقيق التميُّز والنجاح.

 

المصدر:

الموسوعة العربيَّة لتطوير الذات