استراتيجيات تدريس القيم والاتجاهات والمهارات الحياتيَّة

تدريس القيم والاتجاهات: كيف نبني نظامنا التعليميّ بحيث يكون أكثر ارتباطاً بالقيم والاتجاهات؟ ويتفرعُ عن هذا السؤال الاسئلة الآتية:

  • هل نحنُ في حاجةٍ إلى تعديل المناهج والكتب المدرسيَّة والسياسات التربويَّة العامة؟
  • كيف نصل الى مُعلِّمينا، بحيث نكسبهم الاتجاهات والقيم، التي تدعو إلى تعليم القيم؟ وكيف نكسبهم مهاراتٍ أساسيَّة في تعليم القيم؟
  • ما البرنامج التدريبي الذي يمكن أن يجعل المُعلِّمين قادرين على تعليم القيم والاتجاهات؟


للإجابة عن هذه الاسئلة، نبدأ بذكر المُسوِّغات لهذا الموضوع:

  1. ركّزت التربية في القرن العشرين وخاصة في النصف الثاني منهُ على قيم العلوم والتكنولوجيا إلى الدرجة التي احتلّت فيه هذه القيم أولويات التعليم في العالم، ولو على حساب القيم الإنسانيَّة والاجتماعيَّة، وهذا ما حدث في مُنظَّمة اليونسكو، في تقريرها عن التعليم في القرن الحادي والعشرين إلى المُناداة بالانتقال ثانية أو بإعادة الاهتمام ثانية الى القيم الإنسانيَّة.
  2. إنّ التغيُّرات الاجتماعيَّة والاقتصاديَّة وتأثيرات العولمة، أفرزتها مجموعةً من الأخلاقيات الجديدة تميّزت في معظمها إلى جانب القيم الماديَّة والاستهلاكية، بعيداً عن القيم الروحية والإنسانيَّة. حيث أصبحت التحوُّلات الاجتماعيَّة والايديولوجية تُقاس بالتغيُّرات الماديَّة الكميَّة، أو بالتغيُّرات التكنولوجيَّة، وهذا يتطلَّب أن تمارس التربية دورها في ضبط هذا التغيُّر، وربطه بالقيم الأساسيَّة للمجتمع.
  3. انتشار ثقافة التغيير، الناتجة من زيادة سرعة التغيير، والمتمثلة بما يأتي:
    • تقلص كميَّة المكان.
    • تقلص قيمة الأشياء.
    • ظهور العلاقات الوقتية على حساب الدائمة والمستمرة.
    • ثقافة الإنذار المُبكِّر.
    • ثقافة العيش في المستقبل.
    • ابتعاد تأثير الماضي في الحاضر والمستقبل.

  فكيف تتصدى المناهج والمُعلِّمون لمثل هذه الثقافة الجديدة؟

  1. ونحن في حاجةٍ إلى نظرةٍ واضحةٍ نحدّد بموجبها نظام القيم الحديث الذي يتصدىلهذه التغيُّرات وهذه الثقافات. فكم يجب أن نأخذ من الماضي؟ وما هذا الكم؟ وكم من الذات والحاضر يجب أن نبدع؟ وما هذا الابداع؟ وكم يمكن أن نأخذ من الآخر؟ وما هذا الكم؟
  2. كما أنّنا مطالبون بالإجابة عن السؤال: ما نوع المواطن الذي نريد إعداده؟ هل نريد إعادة إعداد المواطن السابق؟ القديم؟ بكل ما يحمله من قيمٍ وثقافات؟ أم نريد إعداد مواطنٍ معاصرٍ قادرٍ على العيش في عالمٍ يؤثر فيه بشكل لم يسبق له من قبل؟
  3. ونتصدى الآن لمظاهر مُتنوِّعةً من سلوكيات تأثّر بها شبابنا نتيجة اتصاله بثقافة العصر وأدواتها، أثارت جدلاً واسعاً في صفوف فئات اجتماعيَّة مُتعدِّدة حول مدى الصواب والخطأ في هذه السلوكيات، أو مدى الأمن والخطر فيها. لهذه الأسباب جميعها نحتاج إلى وقفة تأملٍّ للإجابة عن سؤال كيف نحقق كل هذا؟

ولاشكّ في أنّنا ندرك جميعاً، أنّنا إن لم نتحدَّث بوصفنا تربويين إلى أطفالنا وشبابنا، فسيتحدَّث إليهم غيرنا، ولن نعرف من هو هذا الغير؟ ولكنّنا نعرف ماذا يقول لهم، وما نوع نتائجهم التي بدأنا نلاحظ بعضاً منها في صورٍ من التنكُّر أو التطرف أو الانسياب أو الجّموح.

 

من كتاب: استراتيجيات التدريس في القرن الحادي والعشرون