أهمية التعلم الذاتي ودوره في رفع كفاءة المعلم

مما لا شك فيه أننا نحيا في عصرٍ مختلف بكل المقاييس عن العصور الماضية، فهذا العصر هو عصر المعلومات مما يعني أن القوة الحقيقيَّة الآن لمن يمتلك المعلومات ويستطيع استخدامها وتطبيقها عملياً بما يناسب احتياجات ومُتطلَّبات العصر الذي نحياه، ومن هنا جاءت الحاجة إلى التعلُّم الذاتي بأساليبه المختلفة، حتى يمكن إيجاد أفراد بهذه المواصفات والقدرات الخاصة فلم يعد من المجدي أن يتوقف الإنسان عن التعلُّم بمجرد انتهاء سنوات الدراسة.



ومن هنا يأتي مفهومٌ هامٌ جداً أصبح هو شعار العصر الحديث وهو مفهوم "التعلُّم مدى الحياة" بمعنى أن التعلُّم يجب أن يكون عمليَّة مستمرةٍ طوال حياة الإنسان، ومن خلالها يستطيع الإنسان تطوير نفسه وشخصيته ومهاراته وقدراته، وذلك لكي يواكب التطوُّر الحادث من حوله في كل المجالات ومن هنا نشأت فكرة التعلُّم الذاتي بكونه أسلوباً من أساليب التعلُّم المُتطوِّرة التي تمكن الفرد من أن يعلم نفسه بنفسه وفقاً لقدراته ولسرعته في التعلُّم وما يتوافق مع ميوله واهتماماته وأنه يقوم على أساس المُتعلِّم فهو الذي يختار المادة الدراسيَّة التي يريد دراستها وهو الذي يحدد نقطة البداية ونقطة النهاية كما ينمي لديه مهارة التخطيط واتخاذ القرار والقدرة على تحمل مسؤولية هذا القرار، و التي تنشأ من شعور المُتعلِّم بمسؤوليته عن عمليَّة التعلُّم الخاصة به وعن نتائج هذا التعلُّم بالإضافة إلى رفع كفاءة المُعلِّم من خلال تدريبه على أسلوب التعلُّم الذاتي كأسلوب من أساليب التعلُّم، و تدريبه على كيفيَّة تطبيق هذا الأسلوب من خلال الابتعاد عن الطرائق التقليديَّة في التعليم وفي تقويم المُتعلِّم، مما يعني أنه قادر على الحياة، والبقاء، والتميُّز، والإبداع والابتكار. أي أنه قادر على الاستمرار.

مفهوم التعلُّم الذاتي:

  • "التعلُّم الذاتي هو: مقدرة الفرد على استخدام مهاراته في إنجاز عمليَّة التعلُّم".
  • "النشاط الواعي للفرد الذي يستمد حركته ووجهته من الانبعاث الذاتي والاقتناع الداخلي و التنظيم الذاتي بهدف تغييره لشخصيته نحو مستويات أفضل من النماء والارتقاء".
  • "العلم الذي يحدث نتيجةً لتعليم الفرد نفسه بنفسه وهذا هو التعليم الحقيقي ويتم عن طريق تفاعل المُتعلِّم مع بيئته في مواقف مختلفة يجد فيها إشباعاً لدوافعه الذاتيَّة".
  • "ذلك النوع من التعلُّم الذي يوجه إلى كل مُتعلِّم على حدة بحيث يتناسب وحاجاته ورغباته وعاداته وتقاليده واستعداداته وسرعته في التعلُّم".


أهداف التعلُّم الذاتي:

  • اكتساب مهارات وعادات التعلُّم المستمر لمواصلة تعلمه الذاتي بنفسه.
  • يتحمل الفرد مسؤولية تعليم نفسه بنفسه.
  • المساهمة في عمليَّة التجديد الذاتي للمجتمع.
  • بناء مجتمع دائم التعلُّم.
  • تحقيق التربية المستمرة مدى الحياة.

المفاهيم الأساسيَّة التي يرتكز إليها التعلُّم الذاتي:

  • التعلُّم الذاتي هو نوعٌ من أساليب التعلُّم الذي يعتمد في المقام الأول الجهد الذاتي للمُتعلِّم.
  • هو نوعٌ من التعلُّم يحمٌل المُتعلِّم مسؤولية تعلمه والقرارات التي يتخذها.
  • التعلُّم الذاتي يتيح مراعاة الفروق الفرديَّة بين المُتعلِّمين.
  • يقوم المُتعلِّم باختيار ما تعلمه ويسير فيه خطوة خطوة بحيث ينتقل إلى كل خطوةٍ بعد إتقان الخطوة السابقة لها.
  • يوفر التعلُّم الذاتي التغذية الراجعة الفورية (feed-back) حيث يعرف المُتعلِّم مدى صحة إجابته أو خطئها في كل خطوة على حده.

 

سمات التعلُّم الذاتي:

  • التعلُّم الذاتي يأخذ في الحسبان حاجات المُتعلِّم ورغباته وقدراته واهتماماته كأساسٍ يتقرر في ضوء طبيعة المنهج الدراسي والأنشطة المنطوية تحته.
  • إنه يساعد المُتعلِّم على التحصيل إلى أقصى درجةٍ ممكنةٍ عن طريق حاجاته التعليميَّة الفرديَّة.
  • يوفر دافعيَّة قويَّة للمُتعلِّمين من خلال توفير التنويع في المواد التعليميَّة والأنشطة والأهداف.
  • يساعد في التغلُّب على التكرار الممل الذي يلازم التعليم الجماعي.
  • يُقلِّل الفروق الفرديَّة بين المُتعلِّمين.
  • يلائم السرعات المختلفة للتعلُّم.
  • يحدد مستويات التعلُّم لدى المُتعلِّمين.
  • يسهل مهمة التعليم لدى المُعلِّم.
  • يعود المُتعلِّم الاعتماد على النفس مما يقوي شخصيته ويولد لديه الميل إلى الابتكار الذي يكون له تأثير إيجابي في نمو شخصيته.

مصادر التعلُّم الذاتي:

  • المُؤسَّسات التعليميَّة النظاميَّة المنتشرة في المجتمع.
  • دور الكتب والمكتبات العامة والخاصة.
  • وسائل الإعلام المختلفة مثل الإذاعة والتلفاز والأشرطة السمعيَّة والمرئيَّة وخاصة وسائل الإعلام الموجهة.
  • المطبوعات والنشرات والدوريات.
  • المؤتمرات والمحاضرات وما يماثلها من الأنشطة الثقافيَّة المُتنوِّعة.
  • مراكز البحوث العلميَّة الحكوميَّة والخاصة المنتشرة في المجتمع.
  • المُؤسَّسات التعليميَّة غير النظاميَّة مثل الأندية والجمعيات العلميَّة.

 
أهم مُسوِّغات استخدام أسلوب التعلُّم الذاتي:

  • عجز المُؤسَّسات التعليميَّة التقليديَّة عن التلاؤم مع التغيُّرات في المعارف والتكنولوجيا.
  • تباطؤ قدرة التعليم التقليدي في الاستجابة لأهمية تسارع مرور الزمن وصعوبة التوافق مع سرعة التغيُّرات في المعارف والتكنولوجيا.
  • يعد التعلُّم الذاتي من أهم طرائق تعميق ديمقراطيَّة التعليم بشكل خاص والديمقراطيَّة بكونها استراتيجيَّة إنسانيَّة ومذهباً للحياة بشكل عام.
  • إن طرائق التعلُّم الذاتي مُتعدِّدة وغير محدودة لأنه يسمح لكل فرد بالتعلُّم حسب قدرته وفي ضوء احتياجاته ويلبي مجالات اهتماماته من خلال زمنٍ مرنٍ يتحكم فيه المُتعلِّم بنفسه.
  • يعد التعلُّم الذاتي من طرائق تحسين نوعيَّة حياة الإنسان حيث يمنحه الفرصة لإطلاق العنان لقدراته الإبداعيَّة وهو من الطرائق التي يحقق الفرد بها ذاته.
  • يُعَدُّ التعلُّم الذاتي من أهم طرائق علاج الجمود التربوي المتمثل في انفصال التعليم عن المجتمع وذلك بسبب ميل المُتعلِّم إلى التقليد وعدم قدرته على تلبية احتياجات السوق.

 
دور المُعلِّم في التعلُّم الذاتي:
يختلف دور المُعلِّم في ظل استراتيجيَّة التعلُّم الذاتي عن دوره التقليدي في نقل المعرفة وتلقين الطلبة فيضطلع بدور الموجه والمرشد والناصح لتلاميذه ويظهر دور المُعلِّم في التعلُّم الذاتي كما يأتي:

  • التعرُّف على قدرات المُتعلِّمين وميولهم واتجاهاتهم من خلال الملاحظة المباشرة والاختبارات التقويميَّة البنائيَّة والختاميَّة والتشخيصيَّة وتقديم العون إلى المُتعلِّم في تطوير قدراته وتنمية ميوله واتجاهاته.
  • إعداد المواد التعليميَّة اللازمة مثل الرزم التعليميَّة ومصادر التعلُّم وتوظيف التقنيات الحديثة كالتلفاز والأفلام والحاسوب، في التعلُّم الذاتي.
  • تدريب الطلبة على المهارات المكتبية وتشمل مهارة الوصول الى المعلومات والمعارف ومصادر التعلُّم.
  • وضع الخطط العلاجيَّة التي تمكن المُتعلِّم من سد الثغرات واستكمال الخبرات اللازمة.


العوامل المؤثرة في عمليَّة التعلُّم الذاتي:

  1. عوامل أكاديميَّة:
    مثل عدد المُتعلِّمين وخلفياتهم الدراسيَّة والمُعدَّل العام لتحصيلهم ومستويات الذكاء وقدرة المُتعلِّم على التعلُّم الذاتي بمفرده والطموحات الثقافيَّة والمهنيَّة للمُتعلِّمين.
  2. عوامل اجتماعيَّة:
    تتضمَّن العمر والنضج ومدة الانتباه والمواهب أو القدرات الخاصة والمعوقات الجسميَّة أو العاطفيَّة والعلاقة بين المُتعلِّمين وأوضاعهم الاجتماعيَّة والاقتصاديَّة.
  3. ظروف التعلُّم:
    ويقصد بها العوامل التي يمكن أن تؤثر في قدرة الفرد على التركيز والانتباه وتذكر المعلومات وأهمها:
    • البيئة العاطفيَّة (الوجدانيَّة) للمُتعلِّم: وتشتمل على دافعيَّة المُتعلِّم والمثابرة على العمل وتحمل المسؤولية.
    • البيئة الاجتماعيَّة: وتشتمل على تفضيلات المُتعلِّم للعمل سواء بمفرده أم مع مجموعة من الأفراد واستجابة المُتعلِّم للمُعلِّم.
    • العوامل الفسيولوجيَّة: وتشتمل على نواحي القوة ونواحي الضعف في الحواس وسوء التغذية.

أهم الأسس النفسيَّة والتربويَّة التي يقوم عليها نظام التعلُّم الذاتي

  • التعلُّم من أجل الإتقان.
  • تحقيق التفاعل والإيجابيَّة في العمليَّة التعليميَّة.
  • القدرة على التقويم والتوجيه الذاتي للمُتعلِّم.
  • تنمية مهارة القدرة على اتخاذ القرار.
  • تقسيم المادة التعليميَّة إلى خطواتٍ صغيرةٍ هادفة.
  • التسلسل المنطقي للخطوات التعليميَّة وتكاملها.
  • التعزيز الفوري والتغذية الراجعة بعد كل خطوة.
  • الإيجابيَّة والمشاركة من جهة المُتعلِّم في عمليَّة التعلُّم.
  • حرية الحركة في أثناء تنفيذ عملية التعلُّم وحرية اختيار مواد التعلُّم.

المُعلِّم هو المربي الأول في مدرسته، وهو الذي ينمي الفكر ويوجه السلوك ويبني القيم بما يُعزِّز الانتماء الوطني من منطلق انتمائه الوطني كأساس يستشعره المُعلِّم، فهو ينتمي إلى وطنٍ استشعر قيمته ومكانته واستظل برعايته وأمنه.
ومن هنا كان لابد من تطوير المُعلِّم ذاتياً من منطلق أدواره التربويَّة بكونه مربياً يقوم بتطبيق الأساليب التربويَّة التي تنمي حب الوطن في نفوس الطلاب، وتحصن الطلاب من الانحرافات الفكريَّة.

موازنة بين التعليم التقليدي والتعلُّم الذاتي:

مجال الموازنة

التعليم التقليدي

التعليم الذاتي

المُتعلِّم

متلقٍّ سالب

محور فعَّال للتعلُّم

المُعلِّم

ملقن

يشجع الابتكار والإبداع

الطرائق

واحدة لكل المُتعلِّمين

مُتنوِّعة وتناسب الفروق الفرديَّة

الوسائل

سمعيَّة بصريَّة لكل المُتعلِّمين

مُتعدِّدة ومُتنوِّعة

الهدف

مسيل لعمليات ومُتطلَّبات

التفاعل مع مُتطلَّبات العصر الحديثة

التقويم

يقوم به المُعلِّم

يقوم به المُتعلِّم