أهمية الإصغاء

من مهارات المدرب المهمة هي قدرته على الإنصات، فما الإنصات؟ وما أهميته للمدرب؟ وكيف تقيس قدرتك على الإنصات؟ إليك وصفة ممتازة: إذا كنت تريد أن ينفض الناس من حولك ويسخروا منك فهذه هي الوصفة: لا تعطِ أحداً فرصة للحديث... تكلم بدون انقطاع... وإذا خطرت لك فكرة أثناء حديث صاحبك فلا تنتظر حتى يتم حديثه... فهو ليس ذكياً مثلك فلماذا تضيع وقتك في الاستماع إلى حديثه السخيف؟ اقتحم عليه حديثه، واعترض في منتصف كلامه، واطرح ما لديك؛ فإنك أنت الأصوب!



استنتج الباحثون أن قطاع الأعمال الأميركي يخسر مليارات عدة من الدولارات بسبب الإصغاء غير الفعّال، "حيث تعاد طباعة الكثير من الرسائل، ويتم إعادة جدولة المواعيد، وإعادة شحن البضائع المشحونة، بسبب عدم فهم وتلبية احتياجات الزبون الحقيقة من الأفراد والشركات، ويشعر الموظفون بالغضب والاستياء. ويتم إلغاء أكثر من ثمانين بالمئة من الأفكار عبر قنوات التواصل، كما أن التعارضات والاختلافات غير الضرورية تشتت العمليات الإدارية وتخفض الإنتاج". إن نتائج الإنصات غير الفعّال ليست حكراً على القطاع التجاري، حيث أنك تستطيع التفكير بعدة أمثلة عن الإصغاء غير الفعّال، أو على الأقل ببعض المواقف المحرجة التي حدثت معك بسبب إنصاتك غير الفعّال، كأن تسأل المحاضر أو المعلم سؤالاً تمت الإجابة عنه مسبقاً، أو أن تصل حفلة ما وأنت ترتدي لباساً غير رسمياً مثلاً لتتفاجأ بأن جميع الحضور يلبسون لباساً رسمياً، أو كأن تذهب إلى المبنى الخطأ لإنهاء معاملة ما، أو أن تصل إلى المبنى الصحيح ولكن في التوقيت الخطأ.

 

نحن نقوم يومياً بإرسال واستقبال رسائل صوتية ومكتوبة، وأنت كمتكلم أو كمستمع أو ككاتب أو كقارئ تنفق وقتاً كبيراً في الإنصات أكثر من أية أنشطة أخرى تقوم بها، فعلى سبيل المثال ينفق طلاب الجامعات حوالي 53% من وقت تواصلهم في الإنصات... فأنت تنصت لوالديك، مُعلميك، أصدقائك، التلفاز، الراديو، الأفلام، وكثير من الأصوات من حولك. وبالرغم من أن الإنصات يسيطر على الكثير من وقتك فإنك على الأغلب تعلم القليل عن هذا النشاط مقارنة ببقية أنشطة التواصل، وعلى الأغلب أنك لم تأخذ دروساً عنه بالرغم من أنك حضرت الكثير من الدروس لتتعلم القراءة والكتابة، وباختصار: لقد حصلت على أقل تدريب لأكثر نشاط تقوم فيه، ولا بد أن تعلم أن معظمنا مُستمعين غير فعّالين! ولهذا تقول الإحصائيات بأننا إذا سمعنا محاضرة ما فإننا نتذكر 50% مما سمعناه نفس اليوم، وأننا بالكاد سنتذكر 25% منها بعد يومين.... ولكن الجميل أن تعرف أن هذه المهارة قابلة للتعلم كما قال مونتغمري.... فما هو الإنصات؟


تعريف الإنصات: هو الاستماع المُركّز لمجموعة من المعلومات حول موضوع ما، وذلك لتحقيق التفهم الكامل لذلك الموضوع دون أية مقاطعة من المُرسل إليه. أما الاستماع هو عدم التفرغ التام لآلية الإنصات، مثل الاستماع إلى الراديو أثناء أداء العمل
.

 
أما ميزات الإنصات فهي كثيرة، نذكر منها:

  • يُبعدك عن المشاكل.
  • ينبئك بما يجري حولك.
  • جعلك أكثر تمكناً.
  • يجعلك تبدو ذكياً.
  • يزيد من قوتك.
  • يساعدك على النفاذ إلى نفوس الآخرين.
  • يكسبك الاحترام.
  • يُفوِّض عنك.
  • يمتص غضب الآخرين.
  • يعزز مكانتك عند الآخرين.
  • يجلب محبة الآخرين.

  1. يبعدك عن المشاكل: فالمستمع الجيد ينتبه جيداً للتعليمات والاقتراحات والتحذيرات، والناس نادراً ما يتضايقون من شخص يوليهم عنايته بالإصغاء إليهم.
  2. ينبئك بما يجري حولك: فالحياة مدرسة نتعلم من تجاربها، فهناك أشياء كثيرة تحدث من حولك طوال الوقت، وكلما استمعت إلى هذه الأشياء وفهمتها بصورة أكبر، ازدادت حصيلتك الشخصية والمهنية، وبالتالي إدراكك لما حولك.
  3. يجعلك أكثر تمكناً: فكلما ازدادت معلوماتك عن عملك، أديته بنجاح أكبر. والإصغاء هو الطريقة التي تكتسب بها المعرفة.
  4. يجعلك تبدو ذكياً: هذا صحيح فالإصغاء لا يزيد من فهمك فقط ولكن يجعلك تبدو ذكياً. تأمل الصفات التي ينعت بها شخص يتحدث بما قلَّ ودلَّ! من المؤكد أن الغباء ليس واحداً منها!!
  5. يزيد من قوتك: "المعرفة هي القوة" هكذا يقول المثل، وقوة المعرفة هذه تكتسب من الإصغاء الذي يزودك بمعلومات أكثر تجعل قراراتك أكثر قوة؛ لأنها صادرة عن معرفة.
  6. يساعدك على النفاذ إلى نفوس الآخرين: إن إصغاءك للآخرين يجعلهم يتجاوبون معك؛ لأنك تحقق رغبتهم في وجود من ينصت لهم، لهذا عليك أن تفهم السر الذي يجعل مرؤوسيك ورؤوسائك يتجاوبون مع رغباتك. فليس هناك طريقة أفضل من أن تصغي إلى ما يقولون.
  7. يكسبك الاحترام: كم مرة سمعت فيها شخصاً يقول: "على الأقل أصغِ إلي"؟ ألم يجعلك ذلك تشعر بمدى الاحترام الذي يكتسبه الشخص الذي يصغى؟
  8. يفوض عنك: هناك شيئان مهمان للحصول على ما تريد من الآخرين، هما: أن تعرف ما الذي يرغبون قوله، وما الأسلوب الذي يجعلهم يفصحون عما في أنفسهم فيتحدثون. والطريقة الوحيدة لتحقيق ذلك هو أن تصغي وتصغي.
  9. يمتص غضب الآخرين: إن أول استجابة للانفعال تكون عن طريق الأذن، فعندما نصغي لشخص غاضب فإننا نتعرف على سبب غضبه، فنظهر تعاطفنا معه، ونجعله ينفس عن غضبه ويعود إلى تعقله، ولذلك من الخطأ أن تتجادل مع شخص غضبان دون أن تعرف سبب غضبه، ثم تتعاطف معه، ثم تطفئ غضبه.
  10. عزز مكانتك عند الآخرين: عندما تتوقف عن عملك لتستمع إلى شخص ما فكأنما تقول له: "أنا أحترمك وأقدر ما تقول"، وهذه هي إحدى الطرق المؤكدة لتعزيز مكانتك لدى المرؤوسين والأبناء والأزواج، بل عند أي شخص آخر في حياتك.
  11. جلب محبة الآخرين: الناس لا يحبون من لا يصغي لهم؛ فإن أكبر تعبير عن الحب والاهتمام هو "هدية" الإصغاء. وبالتالي.... فالآخرون سيقابلون إصغاءك لهم بالحب والمودة والتقدير والاحترام. ألا تلاحظ أن الأبناء يُقيِّمون حب والديهم لهم من خلال اهتمامهم بالإنصات لحديثهم!

فإذا كنت مدرباً أو معلماً أو محاضراً أو قائداً أو مديراً وتريد أن تكون مميزاً فلابد لك من تفهم الأهمية البالغة للإنصات في تواصلنا مع الآخرين ومن ثم العمل على اكتساب أو صقل مهارة الإنصات. اقترح عليك الأن أن تقوم مباشرة بخطوة فعلية: رتب على ورقة قائمة بنقاط قوتك وضعفك في الإنصات، ثم ضع استراتيجيات محددة لتحل بواسطتها كل نقطة.

 

1.   Bernard E. Farber, Comp . A Teacher's Treasury Of Quotations (Jefferson, NC: Mcfarland, 1985)186.

2.   Meada Gibbs, Pernell Hewing, Jack E. Hulbert, David Ramsey, And Arthur Smith,'' How To Teach Effective Listening Skills In A Basic Business Communication Class, ''The Bulletin Of The Association For Business Communication 48 .2 (1985):30.