أهمية الأسئلة الصفية في التعليم

محمود طافش

عُرف التعليم بالحوار منذ أزمان سحيقة؛ حيث كان "سقراط" يمارس هذا الأسلوب في محاورة تلاميذه حول المبادئ والقيم الروحيَّة كالفضيلة والحكمة والشجاعة والتقوى. وقد عرفت طريقته بالطريقة السقراطية، وما زال المُعلِّمون يوظفونها في تفاعلهم مع تلاميذهم في الموقف الصفي حتى أيامنا هذه.



وتؤدي الأسئلة الصفيَّة دوراً مهماً في تنشيط التعليم، وحفز المُتعلِّمين، وهي الأداة الرئيسة للتفاعل الصفي. وتستخدم في الموقف الصفي لتحقيق مجموعة من الأغراض أهمها:

  • إثارة انتباه التلاميذ لموضوع الدرس.
  • تدريب التلاميذ على ممارسة التفكير.
  • معرفة مدى فهم التلاميذ لموضوع الدرس.
  • تحديد مواضع الضعف ومواضع القوة لدى المُتعلِّمين.
  • التعرُّف على حاجات التلاميذ وعلى الصعوبات التي تواجههم في أثناء تعلمهم.


ويشترط محمد زياد حمدان (1998) تميّز المُعلِّم بمجموعة من الخصائص التي تؤهله للنجاح في توظيف الحوار في التعليم، وأهم هذه الخصائص:

  • تعمق المُعلِّم مادة تخصصه، أو في القضية التي يدور حولها الحوار.
  • مهارة المُعلِّم في صياغة الأسئلة وتوجيهها والتوقيت المناسب لها.
  • معرفة المُعلِّم بقضايا علم النفس التربوي.
  • تحضير المُعلِّم المُسبَق لقضية الحوار أو معلوماته.
  • قدرة المُعلِّم على الانتباه الدائم لأفراد التلاميذ من خلال الصبر المتناهي، والطاقة العقليَّة المثابرة العاملة طيلة الحوار لتقويم تقدمهم الفكري، والتعرُّف على ردودهم النفسيَّة، وميولهم نحو مادة الحوار وأسلوبه، من أجل العمل على تعديل أو تغيير ما يلزم تلقائياً.

 

أنماط الأسئلة الصفيَّة:
تعددت الأسئلة الصفيَّة وتكاملت، ومن أشهر الأسئلة التي يوظفها المُعلِّمون في الموقف الصفي ما يأتي:

  1. الأسئلة التمهيدية، ويستخدمها المُعلِّم مدخلاً لمعالجة موضوع الدرس الجديد، فلو كان الموضوع يدور حول ملك الغابة "الأسد"، مثلاً فإنّ الأسئلة التي تمهّد لهذا الموضوع يمكن أن تكون كالآتي:
    • كم نوعاً الحيوانات؟
    • من يذكر أسماء لحيوانات أليفة؟
    • من يذكر أسماء لحيوانات مفترسة؟

ويظل يتلقى الإجابات من التلاميذ حتى يذكر تلميذ اسم الأسد وهنا يقول المُعلِّم: درسنا اليوم يدور حول الأسد. ويشرع في تنفيذ سائر فقرات الموقف الصفي.

  1. أسئلة توضيحيَّة، وتستخدم لتوضيح وشرح المفاهيم والنصوص، مثل:
    ما المقصود بالمفاهيم الآتية: " القيم"، "المجتمع"... الخ.
  2. أسئلة مفتوحة، وفيها يعطى الطالب المجال ليعبّر عن فكره بحريَّة مثل:
    ما رأيك في الواقع الثقافي العربي؟ وكيف يمكن تحسينه؟
  3. أسئلة مغلقة، وهي أسئلة تكون إجاباتها مُحدَّدة بـ "نعم" أو "لا"
    أو تقتصر على كلمة واحدة أو كلمتين مثل:
    • هل الصدق فضيلة؟
    • ما عاصمة الأردن؟
  4. أسئلة حوارية، وتهدف إلى بحث الموضوع من جميع جوانبه بهدف الوصول إلى الحقيقة الغائبة، وكانت قديماً تسمى الأسئلة السقراطية، نسبة إلى سقراط الذي برع في توظيفها لتعليم طلبته.
  5. أسئلة الإثبات، حيث يقوم المُتعلِّم بإثبات حقيقة راسخة، أو فساد فكرة، كأن يثبت أن المربع متساوي الأضلاع، أو أن الكذب لا ينجي المذنب.
  6. أسئلة قائدة، وفيها يقود المُعلِّم الطالب إلى معرفة الحقيقة المنشودة.
  7. أسئلة سابرة، ومن خصائصها أنها تحفز التفكير من خلال البحث عن إجابة عميقة مثل: ما الأضرار الناشئة عن الأشعة النووية؟
  8. أسئلة حافزة، ومن شأنها أن تثير قابليَّة التلاميذ للتعلُّم، مثل:

هل ترغب في الحصول على درجة كاملة في الاختبار؟

وعندما يخطط المُعلِّم لأسئلة حافزة للتفكير فإنّه يضع نصب عينيه مجالات الأهداف ومستوياتها، فعندما يعد أسئلة حول المجال المعرفي مثلاً، فإنّه يستحضر المستويات المتنامية: المعرفة والتذكر، والفهم أو الاستيعاب، والتطبيق، والتحليل، والتركيب، والتقويم.
ويمكن صياغة أسئلة صفيَّة في المجال المعرفي في مادة اللغة العربية كالآتي:

  • المعرفة: كم نوعاً الجملة؟ ما ركنا الجملة الاسمية؟
  • الفهم: ضع عنواناً ملائماً لهذا النص. ما الأفكار الرئيسة في النص؟
  • التطبيق: ماذا تعرب: "حبذا الصدق"؟

وفي مثل هذا المثال يتوقع المُعلِّم أن يجيب الطالب إجابة واحدة. وهنا يقول المُعلِّم حاثاً المُتعلِّمين على التفكير: هناك أربعة أوجه إعرابية أخرى لهذه الجملة فكّروا فيها.

  • التحليل: ما أثر عاطفة الشاعر في النص؟

والإجابة عن هذا السؤال تتطلَّب تحليل النص للتعرُّف على أثر العاطفة في مختلف العناصر الأدبيَّة الأخرى.

  • التركيب: تحدّث عن عوامل النهضة التربويَّة في الأردن.
  • التقويم: ما رأيك في مدى صدق عاطفة أحمد شوقي في قصيدته "نكبة دمشق" ؟

 

استخداماتها:

يستخدم المُعلِّم الأسئلة في الموقف الصفي لتحقيق الأغراض الآتية:

  • مراجعة المعلومات والخبرات التي مرّ بها التلاميذ في الحصة السابقة.
  • ربط المعلومات والخبرات الجديدة بالمعلومات والخبرات السابقة.
  • تهيئة أذهان التلاميذ لاستقبال موضوع الدرس.
  • إثارة قابليَّة التلاميذ للمشاركة في التفاعل الصفي.
  • شرح المفردات والعبارات الغامضة.
  • استنباط الأفكار الرئيسة.
  • التعرُّف على اهتمامات المُتعلِّمين.
  • تدريب المُتعلِّمين على التفكير الناقد والإبداعي.
  • تقويم تعلُّم المُتعلِّمين وقياس التغيُّر الحاصل في سلوكهم وفي طرائق تفكيرهم.

وتُعَدُّ الأسئلة الصفيَّة الأداة الرئيسة للتفاعل الصفي، غير أنّ الذي يؤسف له هو أنّ معظم الأسئلة التي يطرحها المُعلِّمون تهدف إلى تزويد المُتعلِّمين بالمعلومات المُقرَّرة، في حين أنّ المطلوب هو طرح الأسئلة التي تحفز المُتعلِّمين إلى التفكير، فالمُعلِّم المبدع هو الذي يثير أسئلة تتعلَّق بالمهارات العليا، وتدور حول القدرة على التحليل والتركيب والتقويم لتحسين قدرة المُتعلِّمين على التفكير.

 

أهمية الأسئلة الصفيَّة في التعليم

محمود طافش