أنماط الشخصية

إذا نظرنا إلى الناس في أقوالهم وأفعالهم رأينا أن كل شخص منهم فرد يختلف عن غيره من جهة، ويشترك معه في عدد من النواحي من جهة أخرى، وأن الاختلاف يبقى دائمًا رغم وجود عدد من نواحي الاشتراك. لذلك نستطيع القول بأن كل إنسان يشبه كل الناس من جهة، ويشبه بعض الناس من جهة أخرى، وهو متميز من جهة ثالثة حيث إنه ينتمي إلى نوع الإنسان ويحمل خصائصه الإنسانية العامة، ويشبه عددًا من الناس في بعض تصرفاﺗﻬم ومظاهر سلوكهم، ولكنه يبقى متميزًا متفردًا من حيث هو شخص. ثم إننا كذلك نرى أن الفرد في تفاعل مستمر مع الشروط والظروف التي تحيط به: فهو يأخذ منها ويتحمل آثارها من جهة، وهو يحدث فيها نوعًا من الفعل من جهة ثانية. انه كثيرًا ما يواجه ظروفه بنجاح ويتكيف معها تكيفًا مناسبًا، وكثيرًا ما يفشل في مواجهتها بما يلزم، وقد يطول فشله، وقد يصبح تكيفه معها غير مناسب وغير مرض.



معنى الشخصية وخصائصها

احتلت الشخصية مكانة هامة في الدراسات النفسية خلال السنوات الأربعين الأخيرة. ويصدق هذا القول في حال دراسة الشخصية السوية كما يصدق في حال دراسة الشخصية المضطربة. وقد ساعد على تأكيد هذه المكانة عدد من العوامل كان من بينها النظر إلى السلوك على انه يحصل لشخصية تعمل من حيث هي وحدة متكاملة وفيها كل ما تنطوي عليه من عناصر ومركبات ودوافع وقدرات إلا أن هذا الاهتمام العظيم بالشخصية لا يسلم من الاختلاف في المنحى الذي تأخذه الدراسات التي تجعلها موضوعًا وذلك على الرغم من وجود اتفاق حول اعتماد الطريقة العلمية في البحث. ومن الممكن رؤية هذا الاختلاف في أول مسألة نعرض لها وهي تعريف الشخصية أو تحديدها.



تعريف الشخصية

يظهر الشخص ناميًا متطورًا، من جهة، ويظهر من جهة أخرى، ثابتًا نوعًا من الثبات في مواقفه واتجاهاته. يبدو متفرّدًا متميزًا عن غيره، من جهة، ومشاﺑﻬًا غيره، من جهة أخرى. وهو ك ٌ ل موحٌد، أو وحدة متكاملة، من طرف، ولكنه يُرى ويبحث في عدد من الجوانب والجهات المتمايزة من طرف آخر فكيف نعرّف هذا التركيب الذي يبدو من خلال هذه الزوايا المتعددة؟ تعريف الشخصية من حيث المعنى اللغوي للكلمة: الشخص، في اللغة العربية، هو (سواد الإنسان وغيره يظهر من بعد) وقد يُراد به الذات المخصوصة، وتشاخص القوم (اختلفوا وتفاوتوا) أما(الشخصية) فكلمة حديثه الاستعمال لا يجدها الباحث في أمهات معاجم اللغة العربية، فإذا وجدت في بعض الحديث منها فهي تعني (صفات تميز الشخص من غيره)، وكان استعمالها قائمًا على معنى الشخص أي على معنى كل ما في الفرد مما يؤلف شخصه الظاهر الذي يرى من بعد، وعلى مفهوم التفاوت. أما في اللغتين ، (persona) مشتقة من الأصل اللاتيني ( personality) (person alite) الإنكليزية والفرنسية، فكلمة الشخصية وتعني هذه الكلمة القناع الذي كان يلبسه الممثل في العصور القديمة حين كان يقوم بتمثيل دور، أو حين كان يريد الظهور بمظهر معين أمام الناس فيما يتعلق بما يريد أن يقوله أو يفعله. وقد أصبحت الكلمة، على هذا الأساس، تدل على المظهر الذي يظهر فيه الشخص وﺑﻬذا المعنى تكون(الشخصية) ما يظهر عليه الشخص في الوظائف المختلفة التي يقوم ﺑﻬا على مسرح الحياة. تعريف الشخصية من حيث هي مجموعة مكونات: ينظر مورتن برنس إلى الشخصية من حيث هي اجتماع لعدد من العناصر أو لعدد من المكونات الأساسية. وهو يقول عنها في كتابه عن (Mortonprince) اللاشعور: (الشخصية هي كل الاستعدادات والترعات والميول والغرائز والقوى البيولوجية الفطرية والموروثة، وهي كذلك كل الاستعدادات والميول وتعريف مثل هذا نجده عند عدد غير قليل من المشتغلين وبخاصة منهم من بحث الشخصية في Prince المكتسبة من الخبرة 1934).

عبد الحكيم السلوم