أدوار حديثة لمُعلِّم المستقبل في ضوء المدرسة الإلكترونيَّة

لقد كان من آثار استخدام المدرسة الإلكترونيَّة في التدريس عبر الإنترنت، الاهتمام بتطوير دور المُعلِّم في المُؤسَّسات التعليميَّة، أيضاً ظهور أدوار ومسؤوليات جديدة له في عصر يتسم بالتغير المعرفي والتكنولوجي السـريع المتلاحق، فلم يعد دور المُعلِّم كما كان قديماً مقتصراً على تحديد المادة الدراسيَّة، وشرح معلومات الكتاب المدرسي، وانتقاء الوسائل التعليميَّة، واتخاذ القرارات التربويَّة، ووضع اختبارات التقويم، وإنما تحول دوره إلى التخطيط للعمليَّة التعليميَّة، وتصميم مختلف مواقع التعليـم، لذا فإن دوره أصبـح متمثلاً في التخطيـط والتوجيـه والإدارة والإرشاد والتحليل والتنظيم. ولذلك فإن للمُعلِّم دوره الفعَّال في تنظيم المنهج وإدارته، وإثراء الأنشطة من خلال شاشة الكومبيوتر، وتعاونه مع طلابه بطريقة تبادلية.



كذلك الترويج والدعاية لاستخدام الإنترنت في القاعات التدريسيَّة، وتوجيه أي طالب إلى أن مواقع (الويب) التعليميَّة صُممت من أجل جميع الطلاب وليست قاصرة على طالب معين. وعلى هذا الأساس فإن للمُعلِّم دوره في تدريب الطلاب على كيفيَّة الاتصال بالإنترنت والإبحار عبر الفضاء الإلكتروني الكمبيوتري وعلى كيفيَّة استخدام البريد الإلكتروني، والبحث في المكتبات الإلكترونيَّة وذلك لتهيئة الطالب لاستخدام تلك البيئة التعليميَّة المؤثرة. كذلك يضطلع المُعلِّم بدور " تنميَّة دافعيَّة الطلاب للتعلُّم من خلال تلك النوعيَّة من المـدارس، وضبط ومراقبة القاعات التدريسيَّة الإلكترونيَّة عند التعلُّم من خلال المدرسة الإلكترونيَّة، والاهتمام بما يؤديه الطلاب في هذه البيئة المُستحدثة.

لذلك ينبغي أن يتسم مُعلِّم المدرسة الإلكترونيَّة بكفاءته التكنولوجيَّة في عالم يوصف بعصر الإنترنت، وأن تتزايد هذه الكفاءة وتتطور باستمرار لمواكبة كل ما هو جديد في هذا العصر، وأن تسهم كل مهارة يكتسبها المُعلِّم في الوصول إلى مهارات أخرى حديثة، لكي يتعامل مع ثورة المعلومات بكفاءة، ويوظف مهاراته المُتنوِّعة التي اكتسبها في العمليَّة التعليميَّة، ويثير دافعيَّة طلابه لمزيد من التعاون الإلكتروني والاستفادة من شبكة الإنترنت وتوابعها.

ومن هنا فإن دور المُعلِّم تحوَّل من الحديث اللفظي المستمر إلى مسرحة المناهج بما يتفق وطبيعة المدرسة الإلكترونيَّة، ومسؤوليته التامة عن مصادر المعرفة التي يضطلع بنشرها عبر الإنترنت، وتصميمه لبيئات التعلُّم بحيث تجذب انتباه مُتعلِّميه، ويكون عليه الاضطلاع بدور أكبر في إقناع طلابه بطبيعة المدرسة الإلكترونيَّة وأهدافها. ومن الأدوار المنوطة بالمُعلِّم في ضوء المدرسة الإلكترونيَّة والتي تتمثل في:

  • المشاركة مع الأقران في الحوار والمناقشة حول القضايا المُتعلِّقة بالمدرسة الإلكترونيَّة للوصول إلى المبادئ الملائمة لاستخدام تلك المدارس في الرياضيات والعلوم.
  • تعرُّف كيفيَّة ربط المدرسة بالموقع الإلكتروني من خلال الإنترنت.
  • إدراك الطرائق الملائمة للاستخدام الجيد للمدرسة الإلكترونيَّة.
  • إقناع الطلاب المترددين للتعامل مع المدارس الإلكترونيَّة بأهميتها في إكسابهم المعلومات والمعارف وتيسيرها للتعلم.
  • وبناءً على ذلك ينبغي التفكير في إعادة تقويم المهارات التنظيميَّة للمُقرَّرات الدراسيَّة والمهارات التربويَّة المُتعلِّقـة بالمُعلِّم لكـي يواكـب مُتطلَّبات المدرسة الإلكترونيَّة، ومراكز التعلُّم المتضمنة بالإنترنت.

وبذلك يصبح المُعلِّم أحد العوامل المهمة لنجاح العمليَّة التعليميَّة، ولا يزال الشخص الفعَّال الذي يعـاون المُتعلِّم على التعلُّم المستمر والتفـوُّق في دراستـه، أي أن نجاح العمليَّة التعليميَّة قد لا يتم إلا بمعاونة المُعلِّم الـذي يتصـف بكفـاءات خاصـة، ويتمتـع برغبتـه في العلـم وميلـه إليـه.

كما أن المُعلِّم يتيح الفرصة للطالب للمشاركة بحرية أكبر في الموقف التعليمي، بالإضافة إلى اكتسابه مهارات تدريسيَّة أكبر مما ينعكس على تعلُّم الطـالب بشكل فعّال وإكسابه مهارات الاتصال وتفجـير طاقـاته وبنـاء شخصيتـه وإطلاعه على أحدث ما توصل إليه العلم في شتى المجالات.

ومن هنا فإنّ المُعلِّم يؤدي دوراً مهماً في العمليَّة التعليميَّة من خلال المدرسة الإلكترونيَّة، فلقد أصبح أحد المحركات الرئيسة للتعليم من بعد، والمراقب الفعَّال لسير العمليَّة التعليميَّة من خلال تلك التقنيات الحديثة، والمرشد الإيجابي لطلابه للتعامل مع مُتغيِّرات الإنترنت والبحث والتحري عن المعرفة في مختلف مجالات الحصول عليها، والمدير الفاعل للمواقف التعليميَّة وضبط مؤثراتها للوصول بها إلى تحقيق الأهداف المنشودة. وهناك أكثر من (400) موقع جديد لتحقيق هذا الغرض، وإعداد مُعلِّم المدرسة الإلكترونيَّة، وتطوير أداء جميع المُعلِّمين وتهيئتهم لكيفيَّة التعامل ومثل هذه النوعيَّة من المدارس.

ونظراً لأن التعليم في ضوء المدرسة الإلكترونيَّة لم يعد معتمداً على المواجهة المباشرة عن قرب بين المُعلِّم والمُتعلِّم، وإنما يعتمد بدرجة أساسيَّة على اكتساب المعرفة والمهارات المُتنوِّعة من بعد من خلال المواجهة غير المباشرة بينهما، وبوساطة مجموعة تقنيات متطوِّرة ومُتنوِّعة سواءً أكانت مقروءة أم مسموعة أو مرئيَّة تُغني عن وجوده داخل القاعات التدريسيَّة التقليديَّة، لذا فإن المُعلِّم ينبغي أن يؤدِّي أدواراً تختلف عن الأدوار التقليديَّة، بحيث ترتكز على الأساليب التدريسيَّة الحديثة بما يتناسب وطبيعة المدرسة الإلكترونيَّة. ومن ثمَّ أصبح المُعلِّم معيناً للطلاب على الاعتماد على الذات، وتحويلهم إلى عناصر تتسم بالنشاط والابتكار وصانعي مناقشات وقرارات، يتصفون بالتعلُّم الذاتي بدلاً من كونهم مستقبلي معلومات فقط.

هذا، ويُلاحظ أنه يمكن رؤية أدوار المُعلِّم في المدرسة الإلكترونيَّة من خلال إرشاد المُتعلِّمين لتسجيل بياناتهم في الاستمارة المُخصَّصة لذلك، وإرشادهم إلى كيفيَّة التعامل وهذه المدارس. وإذا كان المُعلِّم موجهاً ومرشداً داخل قاعة الدروس الإلكترونيَّة فإن دوره ينحصر في توجيه وإرشاد طلابه لكيفيَّة التفاعل مع المُعلِّم العارض للمعلومات من خلال الخادم (Server). كما أن المُعلِّم يقوم بدور مهم يتجلَّى في تكوين صداقات بينه وبين طلابه داخل القاعة التدريسيَّة الإلكترونيَّة، ويعاونهم على الاعتماد على النفس عند التعلُّم من شاشة المدرسة الإلكترونيَّة بطريقة مباشرة. بالإضافة إلى توفير مناخ في الفصل يشبه المناخ الحقيقي عند التعليم المباشر. وهناك دور آخر لا يقل أهمية عما سبق يتمثَّل في القيادة خلال المدرسة الإلكترونيَّة وإدارة الموقف التعليمي سواءً بطريقة مباشرة عند عرض المعلومات، أم بطريقة غير مباشرة في أثناء التوجيه والإرشاد داخل القاعة الإلكترونيَّة في أثناء العرض.

كذلك فإنّ من أدوار المُعلِّم خلال المدرسة الإلكترونيَّة رسم السيناريو الذي عن طريقه يتم عرض المادة العلميَّة خلال البيئة التعليميَّة، وعقد المؤتمرات لمناقشة بعض المشكلات التي قد تعترض تدريسه للمُقرَّر ووضع حلول علاجيَّة لها ومناقشة طلابه فيها. لذلك فبدلاً من أن يُعطي المُعلِّم طلابه المعلومة جاهزة كما كان حادثاً خلال التعليم التقليدي أصبح دوره معاونة الطالب على الوصول إلى المعلومة بذاته من خلال مجموعة أدوار وجب عليه القيام بها.

ولذلك تقع على كليَّات التربية، والعلوم، ومُؤسَّسات إعداد المُعلِّم مهمة تهيئـة طلابهـا للقيـام بهذه الأدوار، وأداء المهـام المُنوطـة بهـم في عصـر التفجـر المعلومـاتي والاجتيـاح المعـرفي. كذلك تنميَّة مفهوم تقويم المدرسة الإلكترونيَّة تقويماً مستمراً في مختلف خطوات تقديمها لمحتوى التعلُّم من حيث مدى تلبية الفصول الإلكترونيَّة لحاجات المُتعلِّمين، ومدى تحقيقها لأهداف التعليم والتعلم، وطبيعة بناء المناهج الدراسيَّة في بيئة المدرسة الإلكترونيَّة التفاعليَّة، ومدى تقدُّم المُتعلِّم في تعلُّم المادة الدراسيَّة من خلالها.