أ- الإنجاز بعَدِّه دافعاً:
يعتقد أصحاب هذا الرأي أن إنجاز الفرد وإتقانه عمله يشكل دافعاً داخلياً يدفعه إلى الاستمرار في النشاط التعلمي، فعلى سبيل المثال فإن التلميذ الذي يتفوق أو ينجح في أداء مهمة تعليمية يؤدي به ذلك ويدفعه إلى متابعة التفوق والنجاح في مهمات أخرى، وهذا يتطلب من المعلم العمل على إشعار التلميذ بالنجاح، وحمايته من الشعور بالخوف من الإخفاق.
ب- القدرة بعَدِّها دافعاً:
يعتقد أصحاب هذا الرأي أن أحد أهم الحوافز الداخلية يكمن في سعي الفرد إلى زيادة قدرته، حيث يستطيع القيام بأعمال، في مجتمعه وبيئته تكسبه فرص النمو والتقدم والازدهار. ويتطلب هذا الدافع من الفرد تفاعلاً مستمراً مع بيئته لتحقيق أهدافه. فعندما يشعر التلميذ أن سلوكه الذي يمارسه في تفاعله مع بيئته يؤدي إلى شعوره بالنجاح، وتزداد ثقته بقدراته وذاته وأن هذه الثقة الذاتية تدفعه وتحفزه إلى ممارسة نشاطات جديدة. فالرضا الذاتي الناتج عن النجاح في الأداء والإنجاز يدعم الثقة بالقدرة الذاتية للتلميذ، ويدفعه إلى بذل جهود جديدة لتحقيق تعلم جديد وهكذا… وهذا يتطلب من المعلم العمل على تحديد مواطن القوة ومواطن الضعف لدى تلاميذه، ومساعدتهم على اختيار أهدافهم الذاتية في ضوء قدراتهم الحقيقية وتحديد النشاطات والأعمال الفعلية التي ينبغي لهم ممارستها لتحقيق أهدافهم ومساعدتهم على اكتساب مهارات التقويم الذاتي.
ج-الحاجة إلى تحقيق الذات بوصفه دافعاً إلى التعلم:
لقد وضع ماسلو الحاجة إلى تحقيق الذات في سلم الحاجات الإنسانية، فهو يرى أن الإنسان يولد ولديه ميل إلى تحقيق ذاته. ويَعُدُّها قوة دافعية إيجابية داخلية توجه سلوك الفرد لتحيق النجاح الذي يؤدي إلى شعور الفرد بتحقيق وتوكيد ذاته. ويستطيع المعلم استثمار هذه الحاجة في إثارة دافعية التلميذ إلى التعلم عن طريق إتاحة الفرصة أمامه لتحقيق ذاته من خلال النشاطات التي يمارسها في الموقف التعليمي، وخاصة تلك النشاطات التي تبعث في نفسه الشعور بالثقة والاحترام والتقدير والإعتزاز. أما أساليب الحفز الخارجي إلى إثارة الدافعية لدى التلاميذ، فإنها تأخذ أشكالاً مختلفة منها: التشجيع، وإستخدام الثواب المادي أو الثواب الاجتماعي أو النفسي، أو تغيير البيئة التعليمية، أو استخدام الأساليب والطرائق التعليمية المختلفة مثل الانتقال من أسلوب المحاضرة إلى النقاش فالحوار فالمحاضرة مرة أخرى، أو عن طريق تنويع وسائل التواصل مع التلاميذ سواء كانت لفظية أم غير لفظية أم باستخدام مواد ووسائل تعليمية متنوعة، أم عن طريق تنويع أنماط الأسئلة الحافزة إلى التفكير والانتباه. بالإضافة إلى أن توفير البيئة النفسية والاجتماعية والمادية المناسبة في الموقف التعليمي تمثل عوامل هامة في إثارة الدافعية. وفيما يأتي اقتراحات يسترشد بها في عملية استخدام الثواب أو العقاب لأهميتها في عملية استثارة الدافعية إلى التعلم:
- إن الثواب له قيمته الإيجابية في إثارة دافعية وانتباه التلاميذ في الموقف التعليمي، ويسهم في تعزيز المشاركة الإيجابية في عملية التعلم وهذا يتطلب من المعلم أن يكون قادراً على استخدام أساليب الثواب بصورة فعالة، وأن يحرص على استخدامه في الوقت المناسب وألّا يشعر التلاميذ بأنه أمر روتيني، فعلى سبيل المثال هناك معلمون يرددون عبارات مثل: حسناً، ممتاز دون مناسبة ومن ثَمَّ فإن هذه الكلمات تفقد معناها وأثرها.
- أهمية توضيح المعلم سبب الإثابة، وأن يربطها بالاستجابة أو السلوك الذي جاءت الإثابة بسببه.
- أهمية تنويع المعلم أساليب الثواب، وربط الثواب بنوعية التعلم.
- أهمية عدم إسراف المعلم في استخدام أساليب الثواب، وأن يحرص على أن تتناسب الإثابة مع نوعية السلوك، فلا يجوز أن يعطي المعلم سلوكاً عادياً إثابة ممتازة، وان يعطي في الوقت ذاته الإثابة نفسها لسلوك متميز.
- أهمية حرص المعلم على استخدام أساليب الحفز الداخلي.
ولكن أهمية استخدام أساليـب الثواب لا تعني عدم لجوء المعلم إلى استخدام أساليب العقاب، فالعقوبة تعد لازمة في بعض المواقف، وتعد أمراً لا مفر منه، لكن ينبغي للمعلم مراعاة المبادئ الآتية في حالة إضطراره إلى استخدامها:
- تعد العقوبة أحد أساليب التعزيز السلبي الذي يستخدم من أجل تعديل سلوك التلاميذ، عن طريق محو أو إزالة أو تثبيط تكرار سلوك غير مستحب لدى التلاميذ، وبعبارة أخرى يستخدم العقاب لتحقيق انطفاء إستجابة غير مرغوب فيها.
- يأخذ العقاب أشكالاً متنوعة، منها العقاب البدني واللفظي واللوم والتأنيب وهناك عقوبات اجتماعية ومعنوية، ومن ثَمَّ فإن العقوبات تتدرج في شدتها.
- يشكل إهمال المعلم لسلوك غير مستحب في بعض الأحيان، تعزيزاً سلبياً لهذا السلوك عند التلميذ، ويمثل هذا نمطاً من أنماط العقوبة.
- يمثل تعزيز المعلم للسلوك الإيجابي لدى تلميذ عقوبة للتلميذ الذي يقوم بسلوك سلبي.
- ينبغي أن يقترن العقاب بالسلوك غير المستحب.
- ينبغي ألاّ تأخذ العقوبة شكل التجريح والإهانة، بل يجب أن يكون الهدف منها تعليمياً وتهذيبياً.
- يجب أن لا يتصف العقاب بالقسوة، وألّا يؤدي إلى الإيذاء الجسمي أو النفسي وألّا يأخذ صفة التشهير بالتلميذ.
- يجب الابتعاد عن العقوبات الجماعية، وينبغي ألّا تؤثر عملية العقوبة في الموقف التعليمي.
- يجب التذكر دائماً أن الأساليب الوقائية التي تؤدي إلى وقاية التلاميذ من الوقوع في الخطأ أو المشكلات أجدى و أنفع من الأساليب العلاجية.
رابعاً : المهمات المتعلقة بتوفير أجواء الانضباط الصفي:
عند الحديث عن الانضباط الصفي يجب التذكر أن الانضباط لا يعني جمود التلاميذ وانعدام الفاعلية والنشاط داخل غرفة الصف، ذلك لأن البعض من المعلمين يفهمون الانضباط أنه التزام التلاميذ الصمت والهدوء وعدم الحركة، والاستجابة لتعليمات المعلم، كما أن البعض من المعلمين ما زالوا يخلطون بين مفهومين هما مفهوم النظام ومفهوم الانضباط، فالنظام يعني توفير الظروف الملائمة لتسهيل حدوث التعلم واستمراره في غرفة الصف. ويمكن الاستدلال من هذا المفهوم على أنّ النظام غالباً ما يكون مصدره خارجياً وليس نابعاً من ذات التلاميذ، بينما يشير مفهوم الانضباط إلى تلك العملية التي ينظم التلميذ سلوكه ذاتياً من خلالها لتحقيق أهدافه وأغراضه، فإن هناك اتفاقاً بين مفهوم النظام والانضباط، بعدّهما وسيلة وشرطاً لازمين لحدوث عملية التعلم واستمرارها في أجواء منظمة، وخالية من المشتتات أو العوامل المنفرة أو المعيقة للتعلم, لكن الفرق يكمن في مصدر الدافع إلى تحقيق النظام أو الانضباط، فالنظام مصدره خارجي أما الانضباط فمصدره داخلي من ذات الفرد، ولاشك أن الانضباط الذاتي في غرفة الصف على الرغم من أهميته وضرورته للمحافظة على استمرارية دافعية التلاميذ إلى التعلم يعد هدفاً يسعى المربون إلى مساعدة التلميذ على اكتسابه، ليصبح قادراً على ضبط نفسه بنفسه. ولعل من أبرز الممارسات التي يتوقع من المعلم القيام بها لتحقيق الانضباط الصفي الفعال بغية إتاحة فرصة التعلم الجيد للتلاميذ ما يأتي:
- أن يعمل المعلم على توضيح أهداف الموقف التعليمي للتلاميذ.
- أن يحدد الأدوار التي يجب على التلاميذ تأديتها في سبيل بلوغ الأهداف التعليمية المرغوب فيها.
- أن يوزع مسؤوليات إدارة الصف على التلاميذ جميعاً، حيث يحرص على مشاركة التلاميذ في تحمل المسؤوليات كل على ضوء قدراته وإمكاناته.
- أن يتعرف حاجات التلاميذ ومشكلاتهم, ويسعى إلى مساعدتهم على التعامل معها.
- أن ينظم العلاقات الاجتماعية بين التلاميذ، وأن ينمي بينهم العلاقات التي تقوم على الثقة والاحترام المتبادل، ويزيل من بينهم العوامل التي تؤدي إلى سوء التفاهم.
- أن يوضح للتلاميذ النتائج المباشرة والبعيدة من وراء تحقيق الأهداف التعليمية للموقف التعليمي.
- أن يعمل على إثارة دهشة التلاميذ واستطلاعهم، وذلك من خلال طرح أسئلة مثل: ماذا يحدث لو أن الشمس لم تظهر طوال العام؟ أو ماذا يحدث لو أن الكرة الأرضية توقفت عن الدوران ؟ مثل هذا النمط من الأسئلة يخلق عند التلاميذ الدهشة وحب الاستطلاع، ويدفعهم إلى الانتباه والهدوء.
- أن يستخدم ما يمكن تسميته بأسلوب الاستثارة الصادمة ويقصد بهذا الأسلوب وضع التلميذ في موقف الحائر المتسائل، وذلك بأن يطرح المعلم سؤالاً على تلاميذه مثل: لماذا لا تطير الدجاجة مثل العصفور؟ علماً بأن للدجاجة جناحين أكبر من جناحي العصفور. وقد يتبادر إلى الذهن أن هذا الأسلوب يتشابه مع أسلوب إثارة الدهشة لكن خلق الصدمة يعطي استجابة أقوى من الأسلوب الأول.
- أن يستخدم أساليب التعزيز الإيجابي بأشكالها المختلفة.
- أن يلجأ إلى تقسيم التلاميذ إلى مجموعات وفرق صغيرة وفق متطلبات الموقف التعليمي.
- أن يستخدم استراتيجيات تعليمية متنوعة، فيغير وينوع في أساليبه التعليمية ولا يعتمد أسلوباً أو نمطاً تعليمياً محدداً يتّصف بالرتابة.
- أن يستخدم أساليب التفاعل الصفي التي تشجع التلاميذ على المشاركة، وأن يغير وينوع في وسائل الاتصال والتفاعل، سواء في الوسائل اللغوية أم في الوسائل غير اللغوية، وعليه أن يغير نغمات صوته تبعاً لطبيعة الوقف التعليمي.
- أن يعتمد في تعامله مع تلاميذه أساليب الإدارة الديمقراطية مثل العدل والتسامح والتشاور، وتشجيع أساليب النقد البناء واحترام الآراء.
- أن ينوع في الوسائط الحسية للإدراك فيما يختص بالسمع واللمس والبصر.
- أن يجنب التلاميذ العوامل التي تؤدي إلى السلوك الفوضوي.
- أن يعالج حالات الفوضى وانعدام النظام بسرعة وبحزم، شريطة أن يحافظ المعلم على اتزانه الانفعالي.
- أن يوفّر أجواء صفية تسودها الجدية والحماسة واتجاهات العمل المنتج.
- أن يعمل على مساعدة التلاميذ على اكتساب إتجاهات أخلاقية مناسبة مثل احترام المواعيد واحترام آراء الآخرين، وعدم مقاطعة كلام الآخرين، والمواظبة، والاجتهاد، والثقة بالنفس، والضبط الذاتي.
- أن يفسح المجال أمام التلاميذ لتقويم سلوكهم وتصرفاتهم على نحو ذاتي.
- أن يوضح القواعد الأخلاقية للسلوك المرغوب فيه، ومواصفات هذا السلوك ومعاييره، وأن يناقش تلاميذه في أهمية وضرورة السلوك المرغوب فيه ونتائج إهماله.
وتجدر الإشارة هنا إلى الحديث عن التغذية الراجعة وأهميتها في التعليم الصفي إذ أن من بين المهمات التعليمية التي يقوم بها المعلم مهمة إجراء التغذية الراجعة، ويرتبط مفهوم التغذية الراجعة بالمفهوم الشامل لعملية التقويم، بعدِّها إحدى الوسائل التي تستخدم من أجل ضمان أقصى ما يمكن من الغايات والأهداف التي تسعى العملية التعليمية إلى بلوغها.
والتغذية الراجعة تمثل جزءاً متكاملاً من عملية التقويم، فهي تهدف إلى تزويد المعلم بمعلومات تدور حول نتائج عملية التقويم، بغية تطوير وتعزيز العملية التعليمية التعلمية. وفي ضوء أهداف التغذية الراجعة يمكن التوصل إلى مفهوم لها، فهي تمثل أي نوع من المعلومات التي ترد من أي مصدر يتعلق بالعملية التربوية. ويمكن أن تغذي المعلم بمعلومات يستفيد منها في تحسين وتطوير عملية التعليم, فآراء الآباء في سلوك أبنائهم أو آراء المعلمين الآخرين أو نتائج الامتحانات، أو ملاحظة سلوك التلاميذ في المدرسة أو آراء وملاحظات أهل المجتمع المحلي أو أصحاب العمل أو آراء وأقوال التلاميذ أنفسهم، كل هذه وأمثالها تشكل مصادر للتغذية الراجعة ينبغي للمعلم الإستفادة منها في عمليات التحسين والتطوير التي يجب إحداثها في العملية التعليمية التعلمية، وهناك شروط ينبغي لنا مراعاتها لتحقيق الأهداف المرجوة من التغذية الراجعة وهذه الشروط هي:
- يجب أن تتصف عملية التغذية الراجعة بالاستمرارية.
- يجب أن تتم عملية التغذية الراجعة بشكل مستمر.
- يتطلب تفسير نتائج عمليات التغذية الراجعة فهماً عميقاً وتحليلاً علمياً دقيقاً.
- يجب أن تتصف عملية التغذية الراجعة بالشمول، وتشمل جميع عناصر العملية التعليمية التعلمية.
ينبغي أن يستخدم في عمليات التغذية الراجعة أدوات معدة ومختارة بصورة دقيقة، يمكن اعتماد نتائجها بصورة دقيقة وصادقة.
أضف تعليقاً